فولوغدا

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
فولوغدا

فولوغدا (بالروسية: Вологда) هي إحدى مدن روسيا في الكيان الفدرالي الروسي فولوغدا أوبلاست.

مدينة فولوغدا إحدى مدن روسيا التاريخية تقع على ضفاف نهر بنفس الاسم وتبعد عن العاصمة موسكو حوالي 500 كم. وتبلغ مساحتها 116 كيلومترا مربعا وتعداد نفوسها حوالي 300 الف نسمة. المدينة مركز إداري وثقافي وعلمي لمقاطعة فولوغدا، ومحور مهم للنقل في شمال – غرب روسيا. المدينة مدرجة بقائمة المدن ذات الاهمية التاريخية الخاصة.

تأسست المدينة عام 1147 على ضفاف نهر فولوغدا في موقع جغرافي استراتيجي على تقاطع الطرق المائية مما جعلها موضع صراع بين امراء موسكو ونوفغورود وتفير. في عام 1368 تمكن الأمير دميتري دونسكوي من السيطرة على المدينة مرغما امراء نوفغورود الموافقة على قيام ادارتين في المدينة. استمرت الامور على حالها إلى ان ضمها الأمير فاسيلي الأول إلى امارة موسكو عام 1397 منهيا بذلك ازدواج السلطة في المدينة.

أصبحت المدينة خلال القرنين الـ 15 والـ 17 مركزا تجاريا وللصناعات الحرفية في روسيا. حيث زارها القيصر ايفان الرهيب مرات عديدة ساعيا لتحويلها إلى قلعة متينة، وبامر منه بوشر ببناء كرملين حجري فيها. وفي عام 1555 افتتح فيها الإنجليز مركزا تجاريا وكانت للمدينة في هذا الوقت علاقات تجارية واسعة مع هولندا وغيرها من الدول الغربية.

في بداية حكم الإمبراطور بطرس الأكبر تحولت المدينة إلى قاعدة عسكرية كبيرة في روسيا، حيث خزنت فيها المعدات واللوازم العسكرية والاليات التقنية لبناء القلعة والسفن الحربية. لقد زارها الإمبراطور أكثر من 10 مرات وكان في أكثر الأحيان يقيم خلال زيارته في منزل تاجر هولندي. حول هذا المنزل منذ عام 1885 إلى متحف بطرس الأكبر ليكون أول متحف في المدينة وما زال قائما حتى يومنا هذا. بعد تأسيس مدينة بطرسبورغ التي أصبحت نافذة روسيا على أوروبا فقدت فولوغدا أهميتها التجارية ولم تتحسن أوضاعها الا في عهد الامبراطورة كاترينا الثانية.

أول مصنع لإنتاج الزبدة افتتح في المدينة عام 1871 وكان الأول من نوعه في عموم روسيا. منذ ذلك الحين أصبحت المدينة مركزا أساسيا لإنتاج الزبدة في روسيا وحصلت على شهرة عالمية. في عام 1911 افتتحت أكاديمية صناعة الالبان وأصبح المصنع قاعدتها التطبيقية.

ويجب الإشارة إلى ان المدينة منذ القرن الـ 15 أصبحت مكانا لنفي المعارضين. ومن بين المنفيين إلى المدينة جوزيف ستالين وماريا اوليانوفا (شقيقة فلاديمير لينين) وفيتشيسلاف مولوتوف وغيرهم. وحول البيت الذي كان يعيش فيه ستالين خلال اقامته في المدينة إلى متحف باسمه عام 1937 وفي عام 1956 أصبح متحف النشاط الثوري للبلشفيك وفي عام 2007 افتتح في نفس المبنى متحف المنفيين إلى فولوغدا.

بعد قيام ثورة أكتوبر عام 1917 واقامة السلطة السوفيتية استمر توسع المدينة واقيمت فيها مؤسسات صناعية وتعليمية وثقافية جديدة. ومن بين المؤسسات الصناعية مصنع لإنتاج الاقمشة الكتانية ومصنع صيانة عربات القاطرات ومصنع للاخشاب وغيرها.

خلال سنوات الحرب الوطنية العظمى (1941 – 1945) حولت كافة المؤسسات الصناعية إلى إنتاج المستلزمات الحربية. أصبحت المدينة قريبة من جبهة القتال واضطر اهلها إلى حفر الخنادق واقامة المتاريس وانشئت الملاجئ ونشرت المدافع المضادة للجو في كافة أنحاء المدينة وضواحيها وخاصة في محيط محطة القطار والمصانع. لقد حالت هذه الاجراءات دون سقوط حتى قنبلة واحدة على المدينة بالرغم من المحاولات العديدة التي قامت بها القوات الجوية الألمانية المعتدية. وكانت المدينة تزود جبهة لينينغراد بالمؤن والمستلزمات الأخرى واستقبلت المعدات والناس المهجرين من هناك، كما تحولت المدينة خلال سنوات الحرب إلى مستشفى كبير لاستقبال الجرحى وعلاجهم.

بعد نهاية الحرب شهدت المدينة تطورا كبيرا في القطاع الصناعي خاصة خلال الفترة بين اعوام 1950 – 1980، كما تطورت ونمت المؤسسات التجارية وازدهرت المدينة في مختلف المجالات وافتتحت فيها مؤسسات تعليمية وعلمية وثقافية جديدة.

ان مدينة فولوغدا اليوم من المراكز التعليمية والثقافية في الدائرة الفيدرالية الشمالية الغربية، حيث تتمركز فيها مجموعة كبيرة من المؤسسات التعليمية المختلفة المستويات مثل جامعة فولوغدا للعلوم التربوية وجامعة فولوغدا للعلوم التقنية وأكاديمية صناعة الالبان وغيرها، كما فيها فروع لجامعات أخرى ومعاهد مهنية متوسطة وثانويات مهنية ومدارس الموسيقى إضافة إلى المدارس العامة ورياض الأطفال.

وتوجد في المدينة مجموعة من المتاحف، حيث افتتح أول متحف في المدينة عام 1885. ومن المتاحف العاملة في المدينة متحف الاجناس والفن المعماري ومتحف تاريخ المنطقة ومتحف تاريخ صناعة الزبدة وغيرها. كما هناك قاعات عديدة لعرض اللوحات الفنية واقامة الحفلات إضافة إلى النوادي الثقافية والاجتماعية والرياضية.

وتعمل في المدينة مجموعة من المسارح، حيث افتتح فيها أول مسرح عام 1849. ومن المسارح العاملة في المدينة، مسرح الدراما ومسرح الأطفال والشباب ومسرح الدمى وغيرها.

تقام في المدينة مهرجانات ثقافية وفنية دولية ومحلية مثل المهرجان المسرحي «صوت التاريخ» ومهرجان الموسيقى الدولي وغيرها. كما تقام في المدينة أسواق ومعارض تجارية سنوية.

ان مدينة فولوغدا عبارة عن بناء اثري ومعماري تستحق أن تولى اهتماما خاصا. المدينة مدرجة ضمن قائمة المدن التاريخية في روسيا ولها قيمة تاريخية كبيرة. يوجد في المدينة 193 معلما اثريا يقع جميعها تحت حماية السلطة الفيدرالية، وأقدم المعالم الأثرية في المدينة تعود إلى القرن الـ 16، ومن هذه المعالم كاتدرائية صوفيا وكاتدرائية المخلص ودير المخلص وغيرها. لقد شيدت أكثر المباني الحجرية في المدينة خلال القرنين الـ 17 والـ 18. وتحتل المباني الخشبية في المدينة مكانا خاصا، فبالإضافة إلى كونها تعكس فنا معماريا فريدا من القرنين الـ 18 والـ 19 فأنه لايوجد مثيل لها في المدن الأخرى، حيث انها مبنية على طرز مختلفة مثل الكلاسيكي وامبير ومودرن وغيرها. لقد حولت أغلب المباني التاريخية في المدينة إلى متاحف. ومن هذه المباني:

- مبنى كاتدرائية صوفيا – هو مبنى حجري شيد بين اعوام 1568 – 1570 بأمر من القيصر ايفان الرهيب ليكون ضمن كرملين المدينة. وشيد المبنى على غرار كاتدرائية صعود العذراء في موسكو. اغلق المبنى عام 1923 وحول إلى متحف تاريخ المنطقة حيث تعرض فيه وثائق عن تاريخ الدين والالحاد ومن بينها بندول فوكو منذ عام 1929. في عام 1935 ادرج المبنى ضمن قائمة الاثار التاريخية التي تقع تحت حماية السلطة الفيدرالية. عام 1966 اجريت على المبنى الترميمات واعمال الصيانة اللازمة. وتقام في المبنى الطقوس الدينية في بعض المناسبات الدينية الكبيرة.

- الجسر الحجري – انشيء هذا الجسر خلال سنوات 1789 – 1791. واقيمت بجانبه أربعة ابراج دائرية كل منها يتكون من ثلاثة طوابق (برجان في الجنوب وبرجان في الشمال) وربطت بالمحال التجارية ذات الواجهة المتدرجة. في نهاية القرن الـ 19 وارتباطا ببناء فندقي «ارميتاج» و«باساج» ازيل كلا البرجان الجنوبيان. حاليا تحتل المبنى إدارة المدينة.

- دير صعود العذراء – دير للراهبات انشئ هذا الدير عام 1590 ويقع في المركز التاريخي للمدينة. اجريت على مباني الدير الترميمات والصيانة اللازمة. الدير من المباني الحجرية الأولى في المدينة. خلال الفترة من 1692 – 1699 شيدت ضمن حدوده كاتدرائية صعود العذراء وخلال الفترة من 1709 – 1714 شيدت كنيسة اليكسي. الدير محاط بسور حجري فيه أربعة ابراج. اضيف إلى المبنى عام 1890 دار الايتام ومدرسة الراهبات. كان الدير حتى نهاية القرن الـ 19 يستقبل المنفيات من النساء العاهرات والمجرمات بهدف إصلاحهن وتقويم سلوكهن. اغلق الدير عام 1918 ولكن بقيت مجموعة من الراهبات تقيم فيه لغاية عام 1924 حيث أصبح ثكنة عسكرية للجيش الأحمر. بعد ذلك أصبح معتقلا مؤقتا. في عام 1995 اعيد الديرالى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية واجريت على مبانيه الترميمات اللازمة. بدأت الكاتدرائية تستقبل المصلين، اما دار الايتام ومنزل رئيس الدير فحولا إلى متجر ومستودع.

- دير المخلص للرهبان - اسس هذا الدير عام 1371 على نهر فولوغدا القديس دميتري بريلوتسكي أحد تلاميذ القديس سيرغي رادونيجسكي. الدير أحد أقدم وأكبر اديرة المنطقة الشمالية لروسيا. اغلق الدير عام 1924 وحول عام 1930 إلى معتقل مؤقت، ومن 1950 لغاية 1970 كان مستودعا للأسلحة والذخائر، ومنذ عام 1979 أصبح فرعا لمتحف محمية فولوغدا. اعيد إلى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية عام 1992 ومنذ ذلك الحين عاد يمارس نشاطه الاعتيادي كدير للرهبان. الدير مجمع تذكاري ومعلم معماري يتضمن كاتدرائية المخلص (1537 – 1542) وكنيسة صعود العذراء.

- متحف فن العمارة والاجناس لمقاطعة فولوغدا – افتتح هذا المتحف في الهواء الطلق عام 1992. كان الهدف من إنشاء المتحف هو إعادة بناء القرية الروسية في هذه المنطقة خلال الفترة من نهاية القرن الـ 19 وبداية القرن الـ 20، بحيث تشمل كل جوانب الحياة الاجتماعية التي كانت حاضرة انذاك. يتضمن المتحف منازل خشبية لبعض الذين عاشوا في تلك الفترة بكل محتوياتها من اثاث وادوات واواني منزلية كانت تستخدم في المطبخ والزراعة ومعالجة المحاصيل وفي الورشات والصيد وغير ذلك. ان زائر هذا المتحف سيحصل على معلومات واسعة عن حياة الإنسان الروسي في تلك الفترة.

وهناك العديد والعديد من المعالم المعمارية والاثار التاريخية في المدينة وضواحيها التي هي قبلة السياح المحليين والاجانب.

المصادر