تضامنًا مع حق الشعب الفلسطيني |
أرابيكا:مقالة الصفحة الرئيسية المختارة/423
تنتشرُ في آسيا الوسطى لهجات عِدّة مشتقّة عن اللغة العربية، رغم ما طرأ عليها من تغيّرات كثيرةٍ وامتزاجٍ بلغاتٍ أخرى، فهي تختلف عن بعضها إلى درجة أن تكون لغاتٍ مستقلّة، ويُعرِّفها الباحثون على أنها اللهجة البخارية والقشقدارية المحكيَّتان في أوزبكستان وطاجيكستان، واللهجة الخراسانية المحكيَّة في شرق إيران، واللهجة الأفغانية في أفغانستان. وتواجه كل اللهجات العربية في آسيا الوسطى خطر الانقراض اللغوي حالياً، وذلك بسبب انصهار الناطقين بها بمن حولهم من مجتمعات تتحدث باللغات الأتراكية والإيرانية (وهي اللغات الرئيسية في بلدانهم حالياً)، وقد أصبح مُعظم مَن يتقنون هذه اللهجات مِن كبار السنِّ، وعددهم في تناقصٍ مستمرّ. يُظَنُّ أن أصول اللهجات العربية في آسيا الوسطى ترجعُ -في سماتها اللغوية- إلى جنوب العراق، إذ يُعتقدُ أنها تفرَّعت من بعض اللهجات العراقية في بداية فترة الفتوحات الإسلامية أو أثناء العصر العباسي. ويشيرُ المؤرّخون إلى أن أول المهاجرين العرب وفدوا إلى تلك المناطق في القرن الثاني للهجرة (الموافق للثامن الميلادي) أثناء الفتوحات الإسلامية وفي عهد الدولة العباسية بعدها. وقد استقرَّ بعضُ هؤلاء العرب في المدن الكبرى بآسيا الوسطى، مثل بلخ في أفغانستان ونيسابور في إيران وغير ذلك، على أن كثيراً منهم وجدوا في صحارى وأرياف هذه البلدان بيئةً مألوفة لبلاد العرب، فعاشوا حياةً بدوية أو قروية في مجتمعات منعزلة ولم يختلطوا كثيراً بمن حولهم من الأعاجم، وهذا ما ساعد لهجتهم على البقاء بشكلها الأصلي حتى الوقت الحاضر، على أنه أدى -أيضاً- لانعزالها عن سائر اللهجات العربية الأخرى ولاختلافها عن تلك اللهجات -بمرور الوقت- اختلافاً عظيماً. هاجر كثيرٌ من هؤلاء العرب الرُّحل من قراهم في أوزبكستان وطاجيكستان إلى شمال أفغانستان في القرن الثامن عشر، وذلك نزوحاً من اجتياح الاتحاد السوفيتي لآسيا الوسطى وما ترتَّب عليه من تبعات، وانصهر معظم هؤلاء بالمجتمع الأفغاني فأخذوا اللسان الفارسي، على أن قليلاً منهم (في ضواحي مدينة مزار شريف) حفظوا تراثهم ولهجتهم العربية.
مقالات مختارة أخرى: كتاب كيلز – ببر – مي زيادة
ما هي المقالات المختارة؟ – بوابة اللغة العربية