تضامنًا مع حق الشعب الفلسطيني |
خربة اسكندر
خربة اسكندر (بالإنجليزية: Khirbat Iskandar) تعد خربة اسكندر موقعًا أثريًا في وسط الأردن.
الموقع والخصائص الجغرافية[1]
تقع خربة إسكندر في منطقة وادي الوالة بلواء ذيبان، وهي تعد من أهم المعالم الأثرية الواقعة على الطريق التجاري القديم التي تؤرخ إلى العصر البرونزي المبكر 3500 - 2000 قبل الميلاد والتي تشكل فترة نشوء المدن الحضارية[2]، وتؤرخ إلى أن الأردن موطن لأهم الحضارات في العالم والتي يعود تاريخ هذه القرية القديمة إلى نحو 5500 عام .[3]
خربة اسكندر هو اسم عربي ويعني "خراب الإسكندر (الأكبر)". هذا الاسم مأخوذ من قرية حديثة مجاورة؛ الاسم الأصلي للموقع غير معروف. الاسم هو ما قد يسميه علماء الآثار مفارقة تاريخية، حيث أن خربة اسكندر هي موقع من العصر البرونزي المبكر وعاش الإسكندر الأكبر وغزا المنطقة بعد آلاف السنين[4]، ولذلك هناك من يرى انها سميت بهذا الاسم نسبة إلى القائد اليوناني الإسكندر المقدوني، ونسبة الى جسر روماني قريب من الخربة، يعتقد السكان المحليون أنها بنيت زمن الإسكندر المقدوني. على الرغم من عدم معرفة الاسم الأصلي للموقع، إلا أنه مشهور باستيطانه في العصر البرونزي المبكر.[5][6] وتعود" خربة اسكندر" الى العصر البرونزي القديم, وقد اصبحت فيما بعد مركزا هاما لصناعة السيوف في الدولة المؤابية, وعاصمتها ذيبان, القريبة منها, والتي ولد فيها وحكمها وحررها الملك "ميشع الذيباني" الذي طرد العبرانيين منها واتخذها عاصمة له.[7]
تبلغ مساحة خربة إسكندر 29 دونمًا[2] (أي ما يعادل 29000 متر مربع) ، وهي تقع جنوب مادبا وشرق البحر الميت، على ضفاف سد وادي الوالة. كما تقع على طريق التجارة القديمة المعروفة بـ "طريق الملوك".
وتتميز خربة إسكندر بأنها قرية زراعية لاعتماد السكان المحليين على الزراعة لقربها من وادي الوالة الذي تتوفر فيه المياه شبه الدائمة، وما يدل على ذلك اكتشاف المناجل التي صنعت من حجر الصوان وأحجار الرحى وكذلك العثور على مخازن لتخزين الحبوب.كما اعتمد سكان الخربة على صيد الحيوانات البرية التي توجد في المناطق المحيطة بالموقع حيث عثر على عظام كثير من الحيوانات البرية في الخربة من خلال التنقيبات ومن خلال دراسة للمكتشفات الأثرية تبين أن سكان خربة إسكندر عاشوا على تربية الحيوانات الأليفة كالأغنام والأبقار.,وتبين نتائج الحفريات التي تم اكتشافها أن هناك استمرارا للحياة الزراعية المستقرة بهذا الموقع، واستمرارا للمدينة في ضوء التراجع الواضح للمدن الأخرى في جنوبي بلاد الشام.[2]
التنقيب والخلفية التاريخية
ظل التنقيب والترميم بخربة الإسكندر مواسم متعددة ، وكان المدير العام للمشروع منذ عام 1981م هو الأستاذة بجامعة غانون Gannon university سوزان ريتشارد، الحاصلة على دكتوراه. فقد كان هناك أكثر نت (13) موسمًا من أعمال التنقيب والبحث والترميم الميدانية : جرت الحفريات الميدانية الكاملة في الأعوام 1982، 1984، 1987، 1997، 2000، 2004، 2010، 2013، و2016؛ 2019 . كما كان هناك أيضًا موسمان تجريبيان: موسم المسح والسبر عام 1981، وموسم الدراسة والتنقيب عام 1994، ومواسم الترميم والحفظ في أعوام 1998 و2006 و2008. ويعد الترميم والحفظ من المكونات الرئيسية لكل موسم تنقيب.[4]
وأثبتت الدكتورة ريتشارد ذلك بتنقيباتها من خلال اكتشاف معالم التحضر والتمدن في تلك المدينة من بوابات وتحصينات دفاعية والكثير من الأدوات الفخارية وتسلسل طبقي يوضح مدى استمرارية الاستيطان وهذه الأدلة الأثرية تدل على وجود مدينة مستقرة منتظمة كثيرة السكان في المرحلة الرابعة من العصر البرونزي المبكر 2300 ق. م. ومثل هذا الاكتشاف يدحض مصطلح (الرعوية الرحل) كنموذج لهذه الفترة حسب دراسة المواقع الأخرى. كما أن خربة إسكندر تعد البلدة الوحيدة المسورة من المرحلة الرابعة والمباني السكنية في الموقع تتكون من غرف تحيط بساحة.[2]
يُعتبر موقع الخربة نموذجًا للاكتشافات الأثرية لأولى المدن البشرية المعروفة، ونموها، وانهيارها. كانت معروفة كمستوطنة كنعانية خلال فترة اكتشاف الكتابة البشرية لأول مرة.[5][8] كما يعتبر موقع الخربة نموذجًا أيضًا لتطور المجتمعات البشرية من مجموعات صغيرة من الصيادين، وجامعي الطعام إلى مجتمعات أكثر تعقيدًا، وتشريحًا.[6][9]
يعمل في الموقع بشكل وثيق المركز الأمريكي للبحوث الشرقية في عمان، الأردن، بالإضافة إلى وزارة الآثار الأردنية. تمت عمليات الحفر في الموقع تسع مرات منذ عام 2016، بالإضافة إلى عمليات الحفر التي جرت في عام 1982 و1984 و1987 و1997 و2000 و2004 و2010 و2013.[10]
التصميم والاكتشافات
يُعتبر عالم الآثار نيلسون غلوك أول من درس الموقع بشكل موثوق، وقد سجل ذلك في عمله الضخم استكشافات في شرق فلسطين 1939[5]
وفقًا لعلماء الآثار في حفرية خربة اسكندر، حدثت تحولات تشمل المجتمعات غير الحضرية، على الأرجح في فترة العصر البرونزي الثالثة/الرابعة، حيث تعايشت داخل، وخارج مدينة محصنة محاطة بسور يوجد في المدينة بوابة، وممر، وسلالم، بالإضافة إلى مقاعد حجرية كما يتضمن الموقع أيضًا فناءًا وغرفة تخزين.[5]
هناك أدلة على وجود غرف مشتركة، وغرف نوم، ومطابخ. جزء من المدينة يتضمن فرن بدائي، وغرف مجاورة لطحن الحبوب، وللطهي، والتي ربما استُخدمت كمحطة لطحن الطعام.[5]
في المدينة كان هناك مكان لتصنيع سكاكين، وأدوات أخرى مصنوعة من البرونز. تم تصنيع شفرة محددة مصنوعة من الحجر الصواني، والتي يعتقد أنها استُخدمت جنبًا إلى جنب مع الفأس لقطع، وحصاد الحبوب. يشار إليها أحيانًا بـ "شفرة كنعانية".[5]
تتميز الخربة بسبب تحصيناتها التي تم إعادة بناؤها بشكل دوري، مما جعله مدينة طويلة الأمد ومأهولة بشكل مستمر. ومع ذلك، أشار علماء الآثار في جامعة غانون إلى أن خربة اسكندر خلال العصر البرونزي المبكر الرابع هي مثال على التفاعل بين السكان الشبه الرُحّل (بالإنجليزية: semi-nomadic populations) والمجتمعات الزراعية الثابتة.[5]
كان يُعتقد سابقًا أن سكان المدينة أصبحوا شبه رُحّل بسبب غزوها وتدميرها من قبل قبائل رحّالة أخرى. ومع ذلك، فإن هذا غالبًا ليس صحيحًا. تصف عالمة الآثار سوزان ريتشارد، الزميلة في المركز الأمريكي للبحوث الشرقية فترة العصر البرونزي المبكر الرابع كفترة معقدة تتألف من مزيج من الحياة الريفية ما بعد الحضرية وأيضًا الرحالة. ترى أن قراءة جديدة لاستيطانات فترة العصر البرونزي المبكر الرابع تعقد السرد حول سقوط المدن، وتحديدًا استمرارية الحضرية في سوريا وعلاقتها بالتجارة البحرية في مصر في مرحلة ما بعد فترة العصر البرونزي الثالث.[11]
وفقًا للمركز الأمريكي للبحوث الشرقية، فإن الاكتشافات الأخيرة ما زالت في مراحلها الأولى ولم تكتمل، ولكنها توجه علماء الآثار على تاريخ معقد للحياة شبه الحضرية، وشبه الريفية في فترتي العصور البرونزية الثالثة، والرابعة.[12]
تزعم مدونتهم أن تصميم الموقع "يثير أسئلة جدية" حول استخدام المصطلح "البداوة الرعوية"(بالإنجليزية: pastoral-nomadism) بشكل مبسط لوصف فترة العصر البرونزي المبكرة النهائية. تشير المدونة أيضًا إلى أن "تقنيات نمذجة الكربون المشع" للموقع تثير تساؤلات حول كيفية تأريخ، وتنقيح علماء الآثار للانتقال من العصر البرونزي المبكر الثالث إلى الرابع، وعن أسس الاقتصاد البشري المعقدة في هذه الفترتين.[11] كان يُعتقد أن السهول الطينية للموقع قد تعرضت للتدمير، مما يفسر تراجعها في نهاية فترة العصر البرونزي المبكر الرابعة.[10]
وما تبقى من هذه القرية من جدران وآبار لحفظ الحبوب يؤكد أن هذه المنطقة كانت ذات أهمية تاريخية منذ نشأتها وما زالت.هذه الحجارة وما تبقى من جدران كانت شاهدا قبل نحو خمسة آلاف عام على تحول الإنسان الصياد المنتقل الى متجر متحضر.[13]
كما أن أعمال التنقيبات التي نظمتها جامعة غانون الأميركية برئاسة الدكتورة سوزان ريتشارد في خربة إسكندر وبالتعاون مع دائرة الآثار العامة منذ عام 1981، عرضت أدلة جديدة لدعم وجهة نظر استمرت بطرحها لسنوات عديدة، وهي أن هناك درجة عالية من الغموض والتراجع الحضاري في المرحلة الرابعة من العصر البرونزي المبكر "2300 قبل الميلاد".[2]
وهناك من يرى أن دائرة الآثار العامة وبالتعاون مع البعثة الأجنبية العاملة هناك ستقوم بتأهيل الموقع سياحيا بعد إجراء أعمال الترميم والصيانة والحماية اللازمة. ووفقًا لخطط دائرة الآثار العامة لتطوير الموقع، فأن مديرية آثار محافظة مادبا تسعى بالتعاون مع مجلس محافظة مادبا الى رصد المخصصات اللازمة لتطوير هذا الموقع، ووضعه على الخريطة السياحية خاصة أنه يقع بالقرب من سيل وادي الوالة دائم الجريان.[2]
المراجع
- ^ "خربة اسكندر.. موقع أثري تؤرخ للعصر البرونزي - فيديو Dailymotion". Dailymotion (بEnglish). 8 Apr 2022. Archived from the original on 2023-10-03. Retrieved 2023-09-01.
- ^ أ ب ت ث ج ح الأردنية (بترا)، وكالة الأنباء. "موقع خربة اسكندر بالوالة معلم حضاري يؤرخ للعصر البرونزي". بترا -وكالة الأنباء الأردنية. مؤرشف من الأصل في 2023-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-01.
- ^ "خربة اسكندر.. موقع أثري تؤرخ للعصر البرونزي - فيديو". رؤيا الأخباري (بar-AR). Archived from the original on 2023-10-03. Retrieved 2023-09-01.
{{استشهاد بخبر}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ أ ب "Gannon University | Khirbat Iskandar Dig". www.gannon.edu (بEnglish). Archived from the original on 2023-10-03. Retrieved 2023-09-01.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ "Gannon University | Khirbat Iskandar Dig". www.gannon.edu (بEnglish). Archived from the original on 2023-06-02. Retrieved 2023-06-01.
- ^ أ ب الإخباري، رؤيا (8 أبريل 2022). "خربة اسكندر.. موقع أثري تؤرخ للعصر البرونزي - فيديو". صحافة العرب. مؤرشف من الأصل في 2023-06-02. اطلع عليه بتاريخ 2023-06-02.
- ^ "خربة اسكندر في وادي الوالة مركز صناعة السيوف في الدولة المؤابية". Alghad. 25 يوليو 2011. مؤرشف من الأصل في 2023-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-01.
- ^ الأردنية (بترا)، وكالة الأنباء. "موقع خربة اسكندر بالوالة معلم حضاري يؤرخ للعصر البرونزي". بترا -وكالة الأنباء الأردنية. مؤرشف من الأصل في 2022-04-21. اطلع عليه بتاريخ 2023-06-01.
- ^ "Khirbat Iskandar reveals 'crucial time span in history of Jordan' — Italian archaeologist". Jordan Times (بEnglish). 15 May 2017. Archived from the original on 2023-03-25. Retrieved 2023-06-02.
- ^ أ ب "EXPEDITION TO KHIRBAT ISKANDAR AND ITS ENVIRONS" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2022-08-09.
- ^ أ ب acorjordan (12 Jan 2017). "Khirbat Iskandar—A New View of Urbanism in Early Bronze Age Jordan". Acor Jordan (بen-US). Archived from the original on 2022-12-06. Retrieved 2023-06-02.
{{استشهاد ويب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ "Khirbat Iskandar" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2023-03-24.
- ^ "خربة اسكندر.. موقع أثري تؤرخ للعصر البرونزي - فيديو". رؤيا الأخباري. مؤرشف من الأصل في 2023-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-01.