تضامنًا مع حق الشعب الفلسطيني |
تاريخ المطبخ الهندي
يتألف تاريخ المطبخ الهندي من المأكولات الغنية والمتنوعة من شبه القارة الهندية. وقد ساعد المناخ المتنوع في المنطقة، الممتد من المناطق الاستوائية العميقة إلى جبال الألب، بشكل كبير في توسيع مجموعة المكونات المتاحة بسهولة للعديد من مدارس الطبخ في الهند. في كثير من الحالات، أصبح الطعام علامة على الهوية الدينية والاجتماعية في الهند مع اختلاف المحظورات والتفضيلات (على سبيل المثال، لا يتناول بعض سكان جاين الجذور أو الخضروات الجوفية) ما دفع هذه المجموعات أيضًا إلى الابتكار على نطاق واسع مع مصادر الغذاء التي تعد مقبولة. وإن أحد التأثيرات القوية على الأطعمة الهندية هو النظام النباتي طويل الأمد داخل مجموعات من مجتمعات الهندوسية والجاينية في الهند.[1]
التطورات التاريخية
ما قبل التاريخ والاتصالات مع سومر وبلاد ما بين النهرين
يبدو أن الفترة الأولى من الاتصالات غير المباشرة بين الهلال الخصيب ووادي السند قد حدثت كنتيجة لثورة العصر الحجري الحديث وانتشار الزراعة وذلك بعد عام 9000 قبل الميلاد.
وبحدود سنة 7000 قبل الميلاد، انتشرت الزراعة من الهلال الخصيب إلى وادي السند، وبدأت زراعة القمح والشعير. إذ جرت زراعة السمسم وتدجين المواشي ذات الأسنمة في المجتمعات الزراعية المحلية. تعد مهرجاره أحد أقدم المواقع التي ظهرت فيها أدلة[2] على الزراعة والرعي في جنوب آسيا.[3][4]
يعتقد جان فرانسوا جارج أن لمهرجارة أصل مستقل، وعن ذلك يقول: «أفترض أن الاقتصاد الزراعي قد أُدخل بالكامل من الشرق الأدنى إلى جنوب آسيا، وبالنظر إلى أوجه التشابه بين مواقع العصر الحجري الحديث من شرق بلاد ما بين النهرين وغرب وادي السند، نرى ما يدل على «تواصل ثقافي» بين تلك المواقع. ولكن بالنظر إلى أصالة مهرجاره، خلص جارج إلى أن مهرجاره لديها خلفية محلية سابقة لا مياهًا راكدة -على حد وصفه- لثقافة العصر الحجري الحديث في الشرق الأدنى».[5] من فترة 4500 إلى 1900 قبل الميلاد، كان حكام بلاد ما بين النهرين السفلى من السومريين يتحدثون بلغة غير هندو أوروبية وغير سامية، وربما جاؤوا في البداية من الهند وربما كانوا مرتبطين بالسكان الدرافيديين الأصليين في الهند.[6][7][8]
بدا هذا للمؤرخ هنري هول على أنه الاستنتاج الأكثر ترجيحًا، لا سيما استنادًا إلى تصوير السومريين في فنهم و«كيف كان السومريون يحذون حذو الهنود».[6] يميل التحليل الجيني الأخير للحمض النووي للهيكل العظمي في بلاد ما بين النهرين إلى تأكيد ارتباط مهم وهو أن بعض السومريين ربما أتوا من وادي السند، ولا يمكن استبعاد أن من بينهم أشخاصًا شاركوا في تأسيس حضارات بلاد ما بين النهرين.[8]
بحلول عام 3000 قبل الميلاد، بدأ حصاد الكركم والهيل والفلفل الأسود والخردل في الهند.[9][10] وبحلول عام 2350 قبل الميلاد، عُثر على أدلة على الواردات من نهر السند إلى أور في بلاد ما بين النهرين، وكذلك رؤوس القرنفل التي يعتقد أنها نشأت من جزر الملوك في البحر جنوب شرق آسيا في موقع الألفية الثانية قبل الميلاد في تيرقا.[11] إذ تذكر سجلات الإمبراطورية الأكادية أن الأخشاب والعقيق والعاج يجري استيرادها من ميلوها بواسطة سفن تلك الحضارة، وتعد الأخيرة بشكل عام اسم بلاد ما بين النهرين لحضارة وادي السند.[12][13][14]
التبادلات البوذية الفيدية والنباتية مع الإمبراطورية الرومانية والتأثير على جنوب شرق آسيا
يذكر النص الهندوسي القديم ماهابهاراتا الأرز واللحوم المطبوخين معًا، وتستخدم كلمة «بولاو» أو «بالاو» للإشارة إلى الطبق في الأعمال السنسكريتية القديمة، مثل Yājñavalkya Smṛti .[15]
يتعامل الأيورفيدا، النظام الصحي الهندي القديم، مع نهج شامل للصحة، ويشمل الطعام والتأمل واليوغا. لقد تأثر المطبخ التايلاندي بالمطبخ الهندي، هذا كما دونه الراهب التايلاندي بوذاداسا بيكخو في كتابته «إحسان الهند إلى تايلاند». إذ كتب أن التايلانديين تعلموا كيفية استخدام التوابل في طعامهم بطرق مختلفة من الهنود. وقد حصل التايلانديون أيضًا على طرق لصنع الأدوية العشبية (الأيورفيدا) من الهنود. وقد جُلبت بعض النباتات مثل سارابهي من عائلة جوتيفيرا أو كانيكا أو هارسينغار أو فيكون أو ميمسيس إيلينغي أو بوناك أو كستناء الورد... إلخ من الهند.[16]
وأيضاً، تأثر المطبخ الفلبيني، الموجود في جميع أنحاء أرخبيل الفلبين، تاريخيًا بالمطبخ الهندي.[17] نشأت أتشارا من الفلبين من الأشار الهندي، الذي نُقل إلى الفلبين عبر أكار إندونيسيا وماليزيا وبروناي.[18][19] يمكن أيضًا ملاحظة التأثيرات الهندية في الأطباق الشهية القائمة على الأرز مثل bibingka (على غرار البنجكا الإندونيسية)، وبوتو، وبوتو بومبونغ، يتم اشتقاق النوعين الأخيرين بشكل معقول من البوتو الهندي الجنوبي، والذي يحتوي أيضًا على متغيرات في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا البحرية. يُقال إن هذا يفسر الاسم وصلصة أناتو التي يتراوح لونها من الأصفر إلى البرتقالي وصلصة الفول السوداني، والتي تشير إلى نوع من الكاري.
تبادل المأكولات مع آسيا الوسطى والعالم الإسلامي
في وقت لاحق، أدى الوافدون من شبه الجزيرة العربية وآسيا الوسطى،[20] وقرون من العلاقات التجارية والتبادل الثقافي إلى تأثير كبير على مطابخ كل منطقة، مثل اعتماد التندور (أو التنور) في الشرق الأوسط الذي نشأ في شمال غرب الهند.[21]
تبادل المأكولات خلال فترة الاستعمار الأوروبي
قدم البرتغاليون والبريطانيون في أثناء حكمهم تقنيات الطبخ مثل الخبز والأطعمة من العالم الجديد وأوروبا. شمل هذا خضراوات العالم الجديد المشهورة في المطبخ من شبه القارة الهندية الطماطم والبطاطا والبطاطا الحلوة والفول السوداني والقرع والفلفل الحار. ويُسمح بتناول معظم خضراوات العالم الجديد مثل البطاطا الحلوة والبطاطا والقطيفة والفول السوداني والساغو القائمة على الكسافا في أيام الصيام الهندوسية. وقد قدم البريطانيون القرنبيط عام 1822.[22] في أواخر القرن الثامن عشر/ أوائل القرن التاسع عشر، ذكرت سيرة ذاتية لروبرت ليندسي الإسكتلندي رجلًا سيلهتيًا يُدعى سعيد الله يطبخ الكاري لعائلة ليندسي. وقد يكون هذا أقدم سجل للمطبخ الهندي في المملكة المتحدة.[23][24]
العوامل التي أدت إلى عولمة المطبخ الهندي
الطلب العالمي
أكدت ورقة بحثية صدرت عام 2019 عن الاقتصادي الأمريكي جويل والدفوغل، على القوة الناعمة للهند التي صنفت المطبخ الهندي في المرتبة الرابعة من حيث الشعبية. ويحتل الطعام الإيطالي والياباني والصيني المرتبة الثالثة. ويعد المطبخ الهندي الأكثر شعبية بشكل خاص في المملكة المتحدة وكوريا الجنوبية وتايلاند واليابان وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.[25]
في دراسة استقصائية أخرى أجريت عام 2019 على 25000 شخص عبر 34 دولة، كان أكبر المعجبين بالمطبخ الهندي الذين جربوه هم الهنود (93٪)، المملكة المتحدة (84٪)، السنغافوريون (77٪)، النرويجيون (75٪)، الأستراليون (74٪)، الفرنسيون (71٪)، الفنلنديون (71٪)، الماليزيون (70٪)، الإندونيسيون (49%)، الفيتناميون (44٪)، التايلانديون (27٪)، الصينيون (26٪).[26]
الطعم الفريد والغني بالبهارات
نشرت صحيفة واشنطن بوست نتائج دراسة عام 2019 أجراها الباحثون في المعهد الهندي للتكنولوجيا جودبور، والتي حللت أكثر من 2000 وصفة شهيرة عبر الإنترنت من بوابة تارلا دلال التي تحتوي على 200 مكون من 381 مكونًا معروفًا عالميًا. يحتوي كل طبق هندي في المتوسط على 7 مكونات على الأقل. كل مكون يحتوي في المتوسط على أكثر من 50 مركب نكهة جزيئية. درس علماء البيانات أعداد وكمية مركبات النكهة الجزيئية المشتركة بين كل عدة مكونات مجتمعة في طبق. ووجد أن المطبخ الغربي يميل إلى الجمع بين مركبات النكهة الجزيئية المتشابهة، وهذا هو سبب مذاقه اللطيف. من ناحية أخرى، يكمن سر الجاذبية الفريدة واللذيذة للمطبخ الهندي في أنه على المستوى الجزيئي، تشترك المكونات المستخدمة في الطبق الهندي في مركبات نكهة جزيئية أقل، ما يوفر طعمًا متباينًا ومتوازنًا بشكل فريد. ولا يستخدم المطبخ الهندي مكونات تتداخل في مركبات النكهة الجزيئية، «وجدنا أن متوسط تضمين النكهة في المطبخ الهندي كان أقل بكثير مما كان متوقعًا.. يجري وضع كل نوع من التوابل بشكل فريد في وصفته لتشكيل نمط مشاركة النكهة مع باقي المكونات». كلما زاد تداخل مكونين من حيث مركبات النكهة الجزيئية المشتركة، قل احتمال استخدامهما في نفس الطبق الهندي.[27]
انظر أيضًا
مراجع
- ^ Thakrar، Raju (22 أبريل 2007). "Japanese warm to real curries and more". اليابان تايمز. مؤرشف من الأصل في 2011-08-05. اطلع عليه بتاريخ 2007-04-23.
- ^ Diamond، Jared (2013)، Guns, Germs And Steel، Random House، ص. 101، ISBN:978-1-4481-8020-2، مؤرشف من الأصل في 2020-12-12
- ^ UNESCO World Heritage. 2004. ". Archaeological Site of Mehrgarh نسخة محفوظة 3 نوفمبر 2020 على موقع واي باك مشين.
- ^ Hirst, K. Kris. 2005. "Mehrgarh". Guide to Archaeology نسخة محفوظة 29 أكتوبر 2020 على موقع واي باك مشين.
- ^ Jean-Francois Jarrige Mehrgarh Neolithic نسخة محفوظة 3 March 2016 على موقع واي باك مشين., Paper presented in the International Seminar on the "First Farmers in Global Perspective," Lucknow, India, 18–20 January 2006
- ^ أ ب Hall، H. R. (Harry Reginald) (1913). The ancient history of the Near East, from the earliest times to the battle of Salamis. London : Methuen & Co. ص. 173–174. مؤرشف من الأصل في 2017-06-07.
- ^ Daniélou, Alain (2003). A Brief History of India (بEnglish). Simon and Schuster. p. 22. ISBN:9781594777943. Archived from the original on 2020-09-01.
- ^ أ ب Material was adapted from this source, which is available under a Creative Commons Attribution 4.0 International License: Płoszaj, Tomasz; Chaubey, Gyaneshwer; Jędrychowska-Dańska, Krystyna; Tomczyk, Jacek; Witas, Henryk W. (11 Sep 2013). "mtDNA from the Early Bronze Age to the Roman Period Suggests a Genetic Link between the Indian Subcontinent and Mesopotamian Cradle of Civilization". PLOS ONE (بEnglish). 8 (9): e73682. Bibcode:2013PLoSO...873682W. DOI:10.1371/journal.pone.0073682. ISSN:1932-6203. PMC:3770703. PMID:24040024.
- ^ "Curry, Spice & All Things Nice: Dawn of History". مؤرشف من الأصل في 2011-07-20. اطلع عليه بتاريخ 2008-06-08.
- ^ Lawler، Andrew (29 يناير 2013). "Where Did Curry Come From?". Slate Magazine. مؤرشف من الأصل في 2020-11-15.
- ^ Reade, Julian E. (2008). The Indus-Mesopotamia relationship reconsidered (Gs Elisabeth During Caspers) (بEnglish). Archaeopress. pp. 14–17. ISBN:978-1-4073-0312-3. Archived from the original on 2021-03-08.
- ^ McIntosh, Jane (2008). The Ancient Indus Valley: New Perspectives (بEnglish). ABC-CLIO. pp. 182–190. ISBN:9781576079072. Archived from the original on 2020-09-15.
- ^ Burton, James H.; Price, T. Douglas; Kenoyer, J. Mark. "A new approach to tracking connections between the Indus Valley and Mesopotamia: initial results of strontium isotope analyses from Harappa and Ur". Journal of Archaeological Science (بEnglish). 40 (5): 2286–2297. ISSN:0305-4403. Archived from the original on 2021-02-08.
- ^ "The wide distribution of lower Indus Valley seals and other artifacts from the Persian Gulf to Shortughaï in the Amu Darya/ Oxus River valley in Badakhshan (northeastern Afghanistan) demonstrates long-distance maritime and overland trade connections until ca. 1800 BCE." in Neelis, Jason (2011). Early Buddhist Transmission and Trade Networks: Mobility and Exchange within and beyond the Northwestern Borderlands of South Asia (بEnglish). Brill. pp. 94–95. ISBN:9789004194588. Archived from the original on 2020-08-15.
- ^ K. T. Achaya (1994). Indian food: a historical companion. Oxford University Press. ص. 11. مؤرشف من الأصل في 2020-08-07.
- ^ "Historical Ties India and Thailand". www.esamskriti.com. مؤرشف من الأصل في 2020-08-07.
- ^ Alejandro، Reynaldo (1985). The Philippine cookbook. New York, New York: Penguin. ص. 12–14. ISBN:978-0-399-51144-8. مؤرشف من الأصل في 2022-12-02. اطلع عليه بتاريخ 2011-06-30.Philippines Country Study Guide. Int'l Business Publications. 2007. ص. 111. ISBN:978-1-4330-3970-6. مؤرشف من الأصل في 2022-12-02. اطلع عليه بتاريخ 2011-06-30.
Throughout the centuries, the islands have incorporated the cuisine of the early Malay settlers, Arab and Chinese traders, and Spanish and American colonizers along with other Oriental and Occidental accent and flavours.
"Philippine Cuisine." Balitapinoy.net . Accessed July 2011. Morgolis، Jason (6 فبراير 2014). "Why is it so hard to find a good Filipino restaurant?". Public Radio International. مؤرشف من الأصل في 2020-08-01. اطلع عليه بتاريخ 2014-12-17.Philippine food has Chinese, Malaysian, Spanish and American influences — all cultures that have shaped the Philippines.
- ^ "Pickles Throughout History". مؤرشف من الأصل في 2018-02-06. اطلع عليه بتاريخ 2018-02-15.
- ^ "A Brief History Of The Humble Indian Pickle". theculturetrip.com. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27. اطلع عليه بتاريخ 2016-11-28.
- ^ The Cuisine of North India, about.com نسخة محفوظة 27 نوفمبر 2020 على موقع واي باك مشين.
- ^ Civitello، Linda (29 مارس 2011). Cuisine and Culture: A History of Food and People. John Wiley & Sons. ص. 267. ISBN:978-0-470-40371-6. مؤرشف من الأصل في 2017-02-22. اطلع عليه بتاريخ 2012-06-04.
- ^ T. R. Gopalakrishnan (2007). Vegetable Crops. New India Publishing. ص. 209–. ISBN:978-81-89422-41-7. مؤرشف من الأصل في 2020-05-19.
- ^ Syed Zain Al-Mahmood (19 Dec 2008). "Down the Surma - Origins of the Diaspora". Daily Star (بEnglish). Vol. 7, no. 49. Archived from the original on 2020-08-24. Retrieved 2019-05-01.
- ^ Robert Lindsay. "Anecdotes of an Indian life: Chapter VII". Lives of the Lindsays, or, A memoir of the House of Crawford and Balcarres. ص. 99. مؤرشف من الأصل في 2020-08-20.
{{استشهاد بكتاب}}
:|موقع=
تُجوهل (مساعدة) - ^ Indian food fourth most popular in the world, a study of cuisine trade finds, ThePrint, 29 August 2019. نسخة محفوظة 28 نوفمبر 2020 على موقع واي باك مشين.
- ^ Indian cuisine ranks among world’s Top 10, العصر الآسيوي, 14 March 2019. نسخة محفوظة 3 أغسطس 2020 على موقع واي باك مشين.
- ^ Scientists have figured out what makes Indian food so delicious, واشنطن بوست, 3 March 2015. نسخة محفوظة 17 يونيو 2020 على موقع واي باك مشين.