عرض مصدر تطبيق أحكام الشرائع الدينية غير الإسلامية في مصر

{{مصدر وحيد|date=يوليو 2018}}
'''تطبيق أحكام الشرائع الدينية غير الإسلامية في مصر''' يتم في [[مسائل الأحوال الشخصية في مصر|مسائل الأحوال الشخصية]] المتعلقة بالزواج والمسائل المتفرعة عنه (كالطلاق)؛ لأنها مسائل لا توجد لها قوانين موحدة تطبق على جميع [[مصريون|المصريين]] (بعكس مسائل المواريث والوصايا)؛ وذلك لوجود تقاليد راسخة في [[مصر]] تقوم على تطبيق أحكام [[الطوائف الدينية غير الإسلامية المعترف بها في مصر|الطوائف الدينية المعترف بها]] على هذه المسائل.<ref name="سليم 7">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 7</ref> وهذا التطبيق يعد استثناءً على الأصل العام في مصر، الذي يعتبر [[الشريعة الإسلامية]] هي الشريعة صاحبة الولاية العامة في مسائل الأحوال الشخصية.<ref name="سليم 112">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 112</ref>

ويشترط لتطبيق أحكام الديانة [[المسيحية]] أو [[اليهودية]]، على غير المسلمين من المصريين، في مسائل الأحوال الشخصية، ما يلي: اتحاد طرفي العلاقة في الديانة والملة والطائفة، وأن تكون لطرفي العلاقة جهة قضائية منظمة حتى 31 ديسمبر 1955، وعدم تعارض القاعدة المراد تطبيقها مع النظام العام.<ref name="سليم 113">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 113</ref>

== شروط التطبيق ==
=== اتحاد طرفي العلاقة في الديانة والملة والطائفة ===
المقصود بالديانة هو المسيحية أو اليهودية؛ لأن القانون المصري لا يعترف إلا بهما بجانب الشريعة الإسلامية.<ref name="سليم 114">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 114</ref> أما الملة، فهي طريقة فهم الديانة (مثال: الملة الأرثوذكسية التابعة للديانة المسيحية)، وقد تنقسم إلى عدة طوائف.<ref name="سليم 114" /> والطائفة (أو المذهب) هي مجموعة من الناس تؤمن بنفس الديانة والملة، وتجمعهم روابط مشتركة كالجنس أو النوع أو اللغة أو التقاليد (مثال: [[الكنيسة القبطية الأرثوذكسية|الطائفة القبطية الأرثوذكسية]]، التابعة [[الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية|للملة الأرثوذكسية]]، التابعة بدورها للديانة المسيحية)،<ref name="سليم 114" /> والفارف بينها وبين الملة هو: أن الملة هي وحدة دينية، والطائفة هي وحدة اجتماعية.<ref name="سليم 115">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 115</ref>

وقد اشترط القانون المصري اتحاد طرفي العلاقة في الديانة والملة والطائفة؛ حتى يتم التطبيق الاستثنائي لأحكام الشريعة التي يعتنقها الطرفان على العلاقة؛ كأن يكون كل من الزوجين مسيحي قبطي أرثوذكسي.<ref name="سليم 123">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 123</ref> فإذا كان المتنازعان ينتميان لديانتين مختلفتين، أو كانا من ديانة واحدة ولكنهما من ملتين مختلفتين (كأن يكونا مسيحيين، أحدهما أرثوذكسي والآخر [[كاثوليكية|كاثوليكي]])، أو كانا من ديانة واحدة وملة واحدة ولكنهما من طائفتين مختلفتين (كأن يكونا مسيحيين أرثوذكسيين، أحدهما قبطي والآخر [[آشوريون/سريان/كلدان|سرياني]]): فإنه لا تطبق شريعة أي منهما، وإنما سيتم تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها الشريعة العامة في منازعات الأحوال الشخصية للمصريين.<ref name="سليم 124">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 124</ref>

وبالنسبة لمعنى «طرفي العلاقة»، اللذان يشترط القانون اتحادهما في الديانة والملة والطائفة، فإنه لا يُشترَط أن يكونا هما الخصوم في دعوى متعلقة بالأحوال الشخصية؛ فعلى سبيل المثال: قد يكون طرفا العلاقة هما الزوجين (وهما من يعتد القانون باتحادهما في الديانة والملة والطائفة)، ثم ترفع الزوجة دعوى تطالب فيها بما لها من النفقة، قبل أن تتوفى، فهنا يكون ورثة الزوجة هما الطرف الثاني في الخصومة مع الزوج.<ref name="سليم 128">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 128</ref>

==== أثر تغيير الديانة أو الملة أو الطائفة ====
كانت المادة السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955، تنظّم أثر تغيير أحد الزوجين لدينة أو ملته أو طائفته على تحديد الشريعة واجبة التطبيق على العلاقة؛ حيث نصّت المادة على أنه لا يُعتَدّ بالتغيير في الديانة أو في الملة أو في الطائفة بعد رفع الدعوى ما لم يكن هذا التغيير إلى الإسلام، لكن يُعتَدّ بأي تغيير في الديانة أو في الملة أو في الطائفة إذا كان قبل رفع الدعوى.<ref name="سليم 129">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 129</ref> والحكمة من معيار وقت رفع الدعوى هي أن التغيير قبل رفع الدعوى غالباً ما يخلو من شبهة التحايل على القانون، أما التغيير الذي يتم أثناء سير الدعوى إلى غير الإسلام، فإن القانون يعتبره تغييراً مشوباً بالتحايل على القانون.<ref name="سليم 142">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 142</ref>

ولكن صدر القانون رقم 1 لسنة 2000، الذي ألغى القانون رقم 462 لسنة 1955؛ فتم إلغاء المادة السابعة من القانون الأخير، وذلك دون أن يحتوى القانون الجديد على نص بديل لنص المادة السابعة؛<ref name="سليم 145">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 145</ref> أي أن القانون الحالي لا يعالج مشكلة هذه التغيير.<ref name="سليم 146">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 146</ref> لهذا ظهرت العديد من الآراء الفقهية التي تحاول وضع حل للمسألة، ومن هذه الآراء، الرأي القائل بأنه صحيح أن المادة السابعة من القانون القديم قد أُلغيت ولم تعد ملزمة باعتبارها تشريعاً، إلا أنها ما تزال ملزمة باعتبارها قاعدة عرفية؛ وذلك على أساس أن المحاكم قد استمرت في تطبيقها لمدة أربعة وأربعين سنة.<ref name="سليم 152">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 152</ref>

=== وجود جهات قضائية ملية حتى 31 ديسمبر 1955 ===
يشترط القانون وجود جهة قضائية منظمة للملة أو للطائفة التي ينتمي إليها طرفا العلاقة محل النزاع، إذا كانا متحدين في الديانة والملة والطائفة؛ حتى يتم تطبيق أحكام ملتهم وطائفتهم على هذا النزاع.<ref name="سليم 176">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 176</ref>

=== عدم تعارض القاعدة المراد تطبيقها مع النظام العام ===
لا يجوز تطبيق قاعدة، تخص الديانة المسيحية أو اليهودية، تخالف «النظام العام» في مصر.<ref name="سليم 177">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 177</ref> لا يوجد في القانون مفهوم محدد لفكرة «النظام العام» الذي يجب ألا تخالفه الشرائع غير الإسلامية، كما لا يوجد اتفاق حول مصدر النظام العام: من حيث كونه مفهوماً [[علمانية|علمانياً]] غير مستمد من الدين ويقوم على أعراف وتقاليد المجتمع المصري وحدها، أم أن مصدره هو أحكام الشريعة الإسلامية وحدها.<ref name="سليم 180">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 180</ref> لكن الراجح في الفقه القانوني المصري أن مفهوم فكرة النظام العام هو مفهوم مختلط بين المفهوم الديني والمفهوم العلماني: فهو يقوم على المبادئ العامة الموجودة في الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى أعراف وتقاليد المجتمع المصري.<ref name="سليم 184">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 184</ref> ومن أمثلة القواعد غير الإسلامية التي اعتبرها [[القضاء في مصر|القضاء المصري]] مخالفة للنظام العام: قاعدة تزويج الأرملة لشقيق زوجها المتوفى، والموجودة عند اليهود الربانيين.<ref name="سليم 178">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 178</ref>

== حالة عدم التطبيق ==

يترتب على تخلف شرط من شروط تطبيق شريعة غير إسلامية في مصر، استبعاد أحكام تلك الشريعة من التطبيق، مع تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها الشريعة العامة للبلاد.<ref name="سليم 192">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 192</ref> وفي هذه الحالة، يحق للزوج غير المسلم [[الطلاق في الإسلام|طلاق زوجته]] بإرادته المنفردة كما يفعل الزوج المسلم تماماً،<ref name="سليم 211">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 211</ref> وقد استقر قضاء [[محكمة النقض (مصر)|محكمة النقض]] على أنه يحق للزوج المسيحي إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة إذا كانت الشريعة الإسلامية تحكم العلاقة بينه وبين زوجته.<ref name="سليم 213">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 213</ref>

كما اتّجهت بعض الأحكام القضائية في مصر إلى أنه مثلما يحق للزوج غير المسلم أن يطلق زوجته بالإرادة المنفردة (إذا كانت الشريعة الإسلامية هي الشريعة واجبة التطبيق على علاقتهما)، فإنه يحق للزوجة غير المسلمة، في المقابل، أن تلجأ للقضاء لطلب [[الخلع في القانون المصري|الخُلع]]، إلا أن هذا الاتجاه القضائي لم يَحُز موافقة بعض المحاكم المصرية.<ref name="سليم 219">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 219</ref>

لكن لا يحق للزوج المسيحي أن يجمع بين أكثر من زوجة، كما يفعل الزوج المسلم، في حالة خضوعه للشريعة الإسلامية (نتيجة تخلف شرط من شروط تطبيق شريعته)؛ وذلك احتراماً لمبدأ حظر تعدد الزوجات، وهو أحد المبادئ المتعلقة بجوهر الديانة المسيحية، والتي يعد المسيحي مارقاً من دينه لو خالفها.<ref name="سليم 223">عصام أنور سليم، مرجع سابق، ص 223</ref>

== مصادر ==

د. عصام أنور سليم، مبادئ النظرية العامة للأحوال الشخصية لغير المسلمين من المصريين، مطبعة نور الإسلام، الإسكندرية، 2009.

== إشارات مرجعية ==

{{مراجع}}
{{مسائل الأحوال الشخصية في مصر}}
{{شريط بوابات|القانون المصري}}

[[تصنيف:مسائل الأحوال الشخصية في مصر]]