عرض مصدر آيسلندا في الحرب الباردة

[[ملف:NAS Keflavik aerial of hangars 1982.JPEG|تصغير|200بك|يسار]]
طوال [[الحرب الباردة]]، كانت دولة [[آيسلندا]] عضوًا في منظمة [[حلف شمال الأطلسي]] (ناتو) وحليفة [[الولايات المتحدة|للولايات المتحدة]]، مستضيفة وجودًا عسكريًا أمريكيًا في قاعدة كيفلافيك الجوية من عام 1951 حتى عام 2006.

في عام 1986، استضافت آيسلندا قمةً في [[ريكيافيك]] بين [[رئيس الولايات المتحدة]] [[رونالد ريغان]] [[السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفييتي|والسكرتير العام للحزب الشيوعي السوفييتي]] [[ميخائيل غورباتشوف]]، اتخذا فيها خطوات هامة في نزع السلاح النووي.

بعد خمس سنوات، في عام 1991، صارت آيسلندا أولى الدول التي اعترفت باستقلال [[إستونيا]]، [[لاتفيا|ولاتفيا]]، [[ليتوانيا|وليتوانيا]] المتجدد وقتما انفصلت عن الاتحاد السوفييتي.

== خلفية ==
في أوائل [[الحرب العالمية الثانية]]، رفضت مملكة آيسلندا المحايدة عرض حماية قدمته بريطانيا لها. بعد شهر من [[الدنمارك في الحرب العالمية الثانية|احتلال ألمانيا النازية للدنمارك]] في عام 1940، [[غزو آيسلندا|غزت القوات البريطانية آيسلندا]]، منتهكين حيادية البلاد، بسبب الاحتجاج الرسمي للوصي على عرش آيسلندا، سفين بيورنسون. في عام 1941، رتب البريطانيون لتسليم احتلال البلاد للولايات المتحدة بغية استخدام القوات البريطانية في ميادين حربية أخرى. بعد ضغط بريطاني، وافقت الحكومة الآيسلندية في نهاية المطاف على الاحتلال الأمريكي، وفي السابع من يونيو من عام 1941، وصل خمسة آلاف جندي أمريكي إلى آيسلندا. دعمت الولايات المتحدة إنشاء جمهورية آيسلندا في عام 1944 ووعدت بسحب قواتها بمجرد انتهاء الحرب، لكنها فشلت في الإيفاء بوعدها وقتما هُزمت ألمانيا النازية في عام 1945. مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية، حاوت الولايات المتحدة إقناع رجال الدولة الآيسلنديين بالموافقة على تمركز عسكري أمريكي دائم في آيسلندا. اعتبر رئيس الوزراء الآيسلندي الموالي للغرب أولافور ثورز أن اتفاقًا كهذا كان مستحيلًا في وقتها بسبب المعارضة الشعبية.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Í eldlínu kalda stríðsins|الأخير=Ingimundarson|الأول=Valur|ناشر=|سنة=1996|isbn=|مكان=|صفحات=35–36, 41}}</ref> وقتما قدم الأمريكيون طلب تمركز رسمي في أكتوبر من عام 1945، رفضه أولافور ثورز.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Í eldlínu kalda stríðsins|الأخير=Ingimundarson|الأول=Valur|ناشر=|سنة=|isbn=|مكان=|صفحات=35–68}}</ref>

== الحرب الباردة ==

=== اتفاقية كيفلافيك ===
في سبتمبر من عام 1946، تفاوضت الولايات المتحدة وآيسلندا على اتفاقية تمركز أكثر اعتدالًا. اختُتمت هذه المفاوضة في السابع من أكتوبر من عام 1946 بتوقيع ما سُمي ''باتفاقية كيفلافيك''. نصت هذه الاتفاقية المؤقتة على أن جيش الولايات المتحدة سيغادر البلاد في غضون ستة أشهر وأن مطار كيفلافيك الذي بنته الولايات المتحدة سيصبح ملكًا للحكومة الآيسلندية. سُمح للولايات المتحدة بإبقاء طاقم مدني في البلاد للإشراف على النقل البحري العسكري إلى بر أوروبا. أقر [[ألثينغي|الألثينغي]] (البرلمان الوطني في آيسلندا) الاتفاقية بأغلبية أصوات من 32 صوت مقابل 19. أيّد نواب حزب الاستقلال العشرين كلهم الاتفاقية إلى جانب ستة آخرين من الحزب التقدمي والحزب الديمقراطي الاجتماعي.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Í eldlínu kalda stríðsins|الأخير=Ingimundarson|الأول=Valur|ناشر=|سنة=1996|isbn=|مكان=|صفحات=68–72}}</ref> أنهى هذا الحكومة الائتلافية وقت الحرب، وأُصدر نتيجة ذلك إعلان الاستقلال الجمهوري في آيسلندا في عام 1944؛ إذ شعر العديد في الأحزاب الوسطية واليسارية أن اتفاقية كيفلافيك كانت انتهاكًا لسياسة آيسلندا الحيادية. تظاهر 500 شخص ضد الاتفاقية. هاجم المتظاهرون مقرات حزب الاستقلال بالحجارة وحاولوا اقتحام البناء في وقت عقد حزب الاستقلال اجتماعًا داخله.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Í eldlínu kalda stríðsins|الأخير=Ingimundarson|الأول=Valur|ناشر=|سنة=1996|isbn=|مكان=|صفحات=72}}</ref> في أعقاب هذا الشقاق، رسمت الحرب الباردة شكل السياسات الآيسلندية للعقود التالية.<ref>Gunnar Karlsson og Sigurður Ragnarsson (2006): 271.</ref><ref name="auto">Gunnar Karlsson (2000): 62.</ref><ref>Árni Daníel Júlíusson og Jón Ólafur Ísberg (2005): 376.</ref>

=== انضمام آيسلندا لحلف الناتو ===
قاد شعور بالاضطراب العالمي والتهديد الداخلي رجال الدولة الآيسلنديين إلى إعادة النظر في ترتيبات آيسلندا الأمنية. جعل [[انقلاب 1948 في سلوفاكيا|الانقلاب التشيكوسلوفاكي]] في فبراير من عام 1948 العالم يبدو أقل سلامًا والانقلاب الشيوعي في آيسلندا يبدو منطقيًا.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Óvinir ríkisins|الأخير=Jóhannesson|الأول=Guðni Th.|ناشر=|سنة=2006|isbn=|مكان=|صفحات=59–66}}</ref> بدأت كل من الحكومة الائتلافية الآيسلندية لحزب الاستقلال، والحزب التقدمي الوسطي والديمقراطيين الاجتماعيين البحث عن ضمانات أمنية لآيسلندا.<ref name=":6">{{استشهاد بكتاب|عنوان=Í eldlínu kalda stríðsins|الأخير=Ingimundarson|الأول=Valur|ناشر=|سنة=1996|isbn=|مكان=|صفحات=77}}</ref> اعتُبرت مَركزة قوات الولايات المتحدة العسكرية على الأراضي الآيسلندية أمرًا غير ممكنًا محليًا في ذلك الوقت، لذا كانت الخيارات إما اتحاد الدفاع الاسكندنافي أو الناتو.<ref name=":6" /> وقتما فشلت المفاوضات على [[الاتحاد الدفاعي الإسكندنافي|اتحاد الدفاع الاسكندنافي]]، تبعت آيسلندا الدنمارك والنرويج في الانضمام إلى الناتو.<ref name=":6" />

أقر الألثينغي عضوية آيسلندا في الناتو في يوم 30 مارس من عام 1949 بأغلبية أصوات من 37 صوت مقابل 13. كان الحزب الاشتراكي الحزب السياسي الآيسلندي الوحيد الذي عارض عضوية آيسلندا في الناتو. قامت احتجاجات ضخمة أمام البرلمان في ساحتي لايكجارتورغ وأويستورفوتلور وسط ريكيافيك. اندلع الاقتتال وسرعان ما تحول إلى أعمال شغب؛ إذ أن الشرطة هاجمتهم بالغاز المسيل للدموع لقمعهم.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Í eldlínu kalda stríðsins|الأخير=Ingimundarson|الأول=Valur|ناشر=|سنة=1996|isbn=|مكان=|صفحات=137–139}}</ref> احتاج 12 شخصًا لعناية طبية من بينهم ستة رجال شرطة ومتظاهر واحد أصيبوا إصابة خطرة.<ref name="Jóhannesson 2006 90">{{استشهاد بكتاب|عنوان=Óvinir ríkisins|الأخير=Jóhannesson|الأول=Guðni Th.|ناشر=|سنة=2006|isbn=|مكان=|صفحات=90}}</ref> أُدين 20 شخصًا لضلوعهم في أعمال الشغب لكن لم يحكم على أي منهم بالسجن. صرحت المحكمة العليا الآيسلندية في مايو من عام 1952 بعدم وجود أي دليل يشير إلى كون أعمال الشغب والهجوم على الألثينغي مخطط لها مسبقًا.<ref name="Jóhannesson 2006 95">{{استشهاد بكتاب|عنوان=Óvinir ríkisins|الأخير=Jóhannesson|الأول=Guðni Th.|ناشر=|سنة=2006|isbn=|مكان=|صفحات=95}}</ref>

انضمت آيسلندا إلى الناتو، وكان حلفاؤها في الناتو مدركين أن آيسلندا لا تمتلك جيشًا وأنه لن يكون هناك قواعد عسكرية في البلاد وقت السلم.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Í eldlínu kalda stríðsins|الأخير=Ingimundarson|الأول=Valur|ناشر=|سنة=1996|isbn=|مكان=|صفحات=132, 134–135}}</ref> مع ذلك، كان هذا الشرط غير رسمي، ولم يرد صراحة في الاتفاقية إطلاقًا.

ازدهرت آيسلندا خلال الحرب، وأعقب فترة بعد الحرب المباشرة نماء اقتصادي كبير، دفعه تصنيع صناعة الصيد وبرنامج مشروع مارشال، الذي تلقى الآيسلنديون بموجبه قدرًا أكبر من المساعدة من الولايات المتحدة للفرد الواحد من أي دولة أوروبية بفارق كبير (وبلغ 209 دولار أمريكي، في حين كانت [[هولندا]] التي مزقتها الحرب الثانية بفارق كبير فيها 109 دولار أمريكي).<ref>[https://www.visindavefur.is/svar.php?id=3411 Vísindavefurinn: '&#x27;Hversu há var Marshallaðstoðin sem Ísland fékk eftir seinni heimsstyrjöld?'&#x27;]. Visindavefur.hi.is (2003-05-13). Retrieved on 2012-04-28. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20130525113749/http://visindavefur.hi.is/svar.asp?id=3411|date=2013-05-25}}</ref><ref>[https://books.google.com/books?id=zdXTV8xO3xQC&pg=PA385&lpg=PA385&dq=most+marshall+aid+per+capita+iceland&source=bl&ots=jPCI6m1gI4&sig=3meabMX49S9Q-1WiDSinYB-SOOU&hl=en&sa=X&ei=30deT_OVGcbA0QWQsbmVDQ&redir_esc=y#v=onepage&q=most%20marshall%20aid%20per%20capita%20iceland&f=false Margrit Müller, ''Pathbreakers: Small European Countries Responding to Globalisation and Deglobalisation''], p. 385. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200815023902/https://books.google.com/books?id=zdXTV8xO3xQC&pg=PA385&lpg=PA385&dq=most+marshall+aid+per+capita+iceland&source=bl&ots=jPCI6m1gI4&sig=3meabMX49S9Q-1WiDSinYB-SOOU&hl=en&sa=X&ei=30deT_OVGcbA0QWQsbmVDQ&redir_esc=y|date=2020-08-15}}</ref> قد يكون لما سبق أثر في استعداد الآيسلنديين للتعاون مع الولايات المتحدة.<ref name="auto" /><ref>Árni Daníel Júlíusson og Jón Ólafur Ísberg (2005): 380.</ref>

كانت آيسلندا عضوًا مزعجًا في الناتو لمعظم وقت الحرب الباردة، واكتسبت صفة «الحليف المعارض»، و «الحليف المتمرد»، و «شبه الحليف».<ref name=":0">{{استشهاد بكتاب|عنوان=The Rebellious Ally|الأخير=Ingimundarson|الأول=Valur|ناشر=|سنة=2011|isbn=|مكان=|صفحات=}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Iceland, Reluctant Ally|مسار=https://archive.org/details/icelandreluctant0000nuec|الأخير=Nuechterlein|الأول=Donald|ناشر=Cornell University Press|سنة=1961|isbn=|مكان=|صفحات=}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مسار=https://archive.org/details/scandinaviaunite00hanh|التسجيل=registration|عنوان=Scandinavia and the United States: An Insecure Friendship|الأخير=Hanhimäki|الأول=Jussi M.|تاريخ=1997-01-01|ناشر=Twayne Publishers|isbn=9780805779356| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200815004847/https://archive.org/details/scandinaviaunite00hanh | تاريخ أرشيف = 15 أغسطس 2020 }}</ref> في كل واحدة من الحروب الباردة، هدد المسؤولون الآيسلنديون صراحةً أو ضمنًا بالانسحاب من الناتو وطرد القوات الأمريكية ما لم تُحل النزاعات المتعلقة بمصائد الأسماك بصيغة إيجابية.<ref name=":1">{{استشهاد بدورية محكمة|عنوان=The Cod and the Cold War|صحيفة=Scandinavian Journal of History|تاريخ=2006-06-01|issn=0346-8755|صفحات=97–118|المجلد=31|العدد=2|doi=10.1080/03468750600604184|الأول=GuÐmundur J.|الأخير=GuÐmundsson}}</ref> لاسترضاء الآيسلنديين، قدمت الولايات المتحدة وأعضاء الناتو الآخرين مساعدة اقتصادية واسعة لآيسلندا في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وضغطوا على المملكة المتحدة لتتنازل عن مطالب آيسلندا في حروب القد.<ref name=":0" />

باستثناء فترات في حروب القد الثانية والثالثة، تزايد دعم الآيسلنديين تدريجيًا لعضوية آيسلندا في الناتو في سبعينيات القرن الماضي.<ref name=":0" /> أظهرت الاستطلاعات في السبعينيات والثمانينيات دعم الأغلبية لعضوية الناتو ونسبة تكاد لا تتجاوز العشرة بالمئة من معارضي العضوية.<ref>{{استشهاد بدورية محكمة|عنوان=Sign In|صحيفة=Cooperation and Conflict|المجلد=20|العدد=4|صفحات=297–316|مسار= http://cac.sagepub.com/content/20/4/297|تاريخ الوصول=2015-10-12|doi=10.1177/001083678502000404|سنة=1985|مؤلف1-الأخير=Hardarson|مؤلف1-الأول=Ólafur Th.|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20160810164756/http://cac.sagepub.com:80/content/20/4/297|تاريخ أرشيف=2016-08-10}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Uppgjör við umheiminn|الأخير=Ingimundarson|الأول=Valur|ناشر=|سنة=2002|isbn=|مكان=|صفحات=187}}</ref> على نقيض استطلاع جرى في عام 1955 لم يظهر دعم الأغلبية لعضوية الناتو.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Í eldlínu kalda stríðsins|الأخير=Ingimundarson|الأول=Valur|ناشر=|سنة=1996|isbn=|مكان=|صفحات=296}}</ref> عدا عن الموقع الاستراتيجي، لم تسهم آيسلندا بالكثير في الناتو. ما لم يتعلق الأمر بحروب القد أو التجارة مع دول الاتحاد السوفييتي، كانت آيسلندا تحافظ على صمتها في اجتماعات الناتو.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Uppgjör við umheiminn|الأخير=Ingimundarson|الأول=Valur|ناشر=|سنة=2002|isbn=|مكان=|صفحات=38}}</ref> قاد الانزواء الآيسلندي الواضح في اجتماعات الناتو المسؤولين الأمريكيين إلى حث الآيسلنديين على المشاركة أكثر في هذه الاجتماعات.<ref name=":0" />

من الصعب قياس ما إذا كانت العامة الآيسلندية ستصوت لعضوية الناتو في استفتاء. جادل المؤرخ غوني ث. يوهانيسون أن الناخبين كانوا على الأرجح سيدعمون عضوية الناتو، على الأقل بالنظر للدعم الشعبي للحكومة الائتلافية الحالية.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=Óvinir ríkisins|الأخير=Jóhannesson|الأول=Guðni Th.|ناشر=|سنة=2006|isbn=|مكان=|صفحات=97}}</ref>

== مراجع ==
{{مراجع|2}}

{{مواضيع آيسلندا|state=collapsed}}
{{شريط بوابات|آيسلندا|الحرب الباردة|القرن 20}}
{{روابط شقيقة|commons=Iceland during the Cold War}}

[[تصنيف:تاريخ الحرب الباردة حسب البلد]]
[[تصنيف:آيسلندا في القرن 20]]