عرض مصدر محمد

{{محمية|4}}
{{تفضيلات مقالة
|قرآن:الرسم=عثماني}}
{{شخصية دينية
| الاسم = محمّد بن عبد الله
| صورة =Calligraphic representation of Muhammad's name.jpg
| حجم_الصورة =
| alt =
| تعليق = اسم النَّبي مُحمَّد [[خط الثلث|بخطِ الثُّلث]] مُلحَق [[الصلاة على النبي|بالصَّلاةِ والسَّلام عليه]]
| ألقاب = «أَحْمَدُ، نَبِيُّ التَّوْبة، نَبِيُّ الرَّحْمَة، نَبِيُّ المَرْحَمَة، نَبِيُّ المَلْحَمَة، الرَّحْمَة المهداة، سَيِّدُ وَلدِ آدَمَ، حَبِيبُ الرَّحْمَن، المُخْتَار، المُصْطَفَى، المُجْتَبَى، الصَّادِق، المَصْدوق، الأمِين، صَاحِبُ الشَّفَاعَة والمَقَامُ المَحْمُود، صَاحِبُ الوَسِيلَة والفَضِيلَة والدَّرَجَةُ الرَّفِيعَة، صَاحِبُ التَّاج والمِعْرَاج، إِمَامُ المُتَّقِين، سَيِّدُ المُرْسَلِين، قَائِدُ الغُرِّ المُحَجَّلِين، النَّبِيُّ الأُمِّي، رَسُولُ اللَّه، خَاتَمُ الأنْبِيَاء، الرَّسُولُ الأعْظَم، السِرَاجُ المُنِير، النُّور،<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=0&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=48&ayano=15&surano=5&bookhad=0 تفسير آية (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)]، من تفسير القرطبي، الجزء السادس صفحة 77، موقع إسلام ويب {{استشهاد ويب |مسار=https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=0&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=48&ayano=15&surano=5&bookhad=0 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=7 أكتوبر 2014 |تاريخ أرشيف=10 أكتوبر 2014 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20141010175303/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=48&surano=5&ayano=15 |حالة المسار=bot: unknown}}</ref><ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=0&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=51&ayano=15&surano=5&bookhad=0#docu تفسير آية (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)]، من تفسير البغوي، الجزء الثالث صفحة 33، موقع إسلام ويب {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160404110138/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=51&surano=5&ayano=15 |date=04 أبريل 2016}}</ref> الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ بالمُؤمِنِين، العُرْوَةُ الْوُثْقَى، ٱلنَّبِيُّ ٱلأُمِّيّ»
| كنية = أبو القاسم، أبو الطّيّب.
| تاريخ_الولادة = [[الاثنين]]، [[ربيع الأول]]  [[53 ق هـ]] / [[أبريل]] [[571]]م
| مكان_الولادة = [[مكة|مكة المكرمة]]
| تاريخ_الوفاة = [[الاثنين]]، [[ربيع الأول]] [[11 هـ]] / [[يونيو]] [[632|632 م]]
| مكان_الوفاة = [[المدينة المنورة]]
|المهنة = [[رعي الغنم]]، ال[[تجارة]]
| مبجل(ة)_في = [[الإسلام]]، [[السيخية]]، و[[البابية]]، و[[البهائية]]، و[[الجماعة الأحمدية|القاديانية]] و[[كاو دائية|الكاودائية]]، و[[ثيليما|الثيليما]]
| تاريخ_البعث = [[الاثنين]]، [[رمضان]] [[13 ق هـ]] / [[أغسطس]] [[610|610 م]]
| مكان_البعث = [[غار حراء]] في [[مكة|مكة المكرمة]]
| المقام_الرئيسي = [[الحجرة النبوية (المسجد النبوي)|حجرة عائشة]] في [[المسجد النبوي]] في [[المدينة المنورة]]
| تاريخ_الذكرى = [[12 ربيع الأول]] من كل عام
| رموز = [[القرآن]]
| شفيع(ة) = [[العالمين]]
| النسب = من [[عرب|العرب]] من [[قريش]] من ولد [[إسماعيل في الإسلام|إسماعيل]] بن [[إبراهيم في الإسلام|إبراهيم]] <br /> '''أمّه''' [[آمنة بنت وهب]] <br /> '''أبوه''' [[عبد الله بن عبد المطلب]] <br /> '''أمّهاته بالرضاعة''' [[حليمة السعدية]]، و[[ثويبة]]<br /> '''أبوه بالرضاعة''' (أي زوج مرضعته حليمة السعديّة) [[الحارث بن عبد العزى]] <br /> '''أخوانه بالرضاعة''' [[حمزة بن عبد المطلب|حمزة]] (عمّه)، و[[أبو سلمة بن عبد الأسد]]، و[[أبو سفيان بن الحارث]] (ابن عمّه)، و[[عبد الله بن الحارث السعدي|عبد الله بن الحارث]]، و[[الشيماء بنت الحارث]]، و[[أنيسة بنت الحارث]] <br /> '''أولاده البنون''' [[القاسم بن محمد|القاسم]]، و[[عبد الله بن محمد|عبد الله]]، و[[إبراهيم بن محمد|إبراهيم]] <br /> '''أولاده البنات''' [[زينب بنت محمد|زينب]]، و[[رقية بنت محمد|رقية]]، و[[أم كلثوم بنت محمد|أم كلثوم]]، و[[فاطمة الزهراء]]
| ختم = Seal of Muhammad.png
| تاريخ_الحرم =
| المحرم =
|الزوج(ة)=[[خديجة بنت خويلد]]، و[[سودة بنت زمعة]]، و[[عائشة بنت أبي بكر]]، و[[حفصة بنت عمر|حفصة بنت عمر بن الخطاب]]، و[[زينب بنت خزيمة]]، و[[أم سلمة]]، و[[زينب بنت جحش]]، و[[جويرية بنت الحارث]]، و[[أم حبيبة]]، و[[صفية بنت حيي بن أخطب|صفية بنت حيي]]، و[[ميمونة بنت الحارث]].}}
'''النَّبي أَبُو القَاسِم مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ ٱللَّهِ بْنِ عَبْدِ ٱلْمُطَّلِبِ''' ([[ربيع الأول]] [[53 ق هـ]] - [[ربيع الأول]] [[11 هـ]]) ([[أبريل]] [[571|571 م]] - [[يونيو]] [[632|632 م]])؛ هو [[رسول]] [[الله]] إلى [[إنسان|الإنس]] و[[جن|الجن]] في [[الإسلام]]؛<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=0&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=209&ayano=29&surano=46&bookhad=0 الكتب<!-- عنوان مولد بالبوت -->] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20180801034514/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=209&surano=46&ayano=29 |date=01 أغسطس 2018}}</ref> أُرسِل ليُعيد العالَمين إلى [[التوحيد في الإسلام|توحيد]] [[الله]] وعبادته شأنه شأن كل [[نبي|الأنبياء]] والمُرسَلين، وهو خاتمهم، وأُرسِل للنَّاس كافَّة،<ref>في [[القرآن]] {{قرآن|الأحزاب|40}}.</ref> ويؤمن [[مسلم|المسلمون]] بأنّه أشرف المخلوقات وسيّد البشر،<ref name="الفتاوى الحديثية1"/> ويعتقدون فيه [[عصمة|العِصمة]].<ref name="الإنسان الكامل"/> عند ذكر اسمه، يُلحِق [[مسلم|المسلمون]] عبارة «{{فصع}}[[الصلاة على النبي|صلى الله عليه وسلم]]» مع إضافة «وآله» و«وصحبه» في بعض الأحيان، لِمَا جاء في [[القرآن]] و[[الحديث النبوي|السنة النبوية]] مما يحثهم على [[الصلاة على النبي|الصلاة عليه]].<ref name="صلوات الثناء">صلوات الثناء على سيد الأنبياء، [[يوسف النبهاني]]، ص30-38، المقطم للنشر والتوزيع، ط2006.</ref> ترك النبي محمد أثرًا كبيرًا في نفوس [[مسلم|المسلمين]]، وكثرت مظاهر محبّتهم وتعظيمهم له باتباعهم لأمره وأسلوب حياته وتعبده لله، وقيامهم بحفظ أقواله وأفعاله وصفاته وجمع ذلك في كتب عُرفت بكتب السّيرة و[[الحديث النبوي]]، واحتفالهم [[المولد النبوي|بمولده]] في شهر [[ربيع الأول]] في كل عام. وحد محمد [[شبه الجزيرة العربية|الجزيرة العربية]] في نظام إسلامي واحد، حيث شكل [[القرآن]] وتعاليمه وممارساته أساس نظامها.

وُلد في [[مكة]] في شهر [[ربيع الأول]] من [[عام الفيل]]، قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة (هجرته من [[مكة]] إلى [[المدينة المنورة|المدينة]])، ما يوافق سنة [[570]] أو [[571]] ميلادياً و[[52 ق هـ]].<ref name="الصحيحة-مولده">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص96-98، مكتبة العلوم والحكم، ط1993.</ref> ولد يتيم الأب، وفقد أمه في سنّ مبكرة فتربى في كنف جده [[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]]، ثم من بعده عمه [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبي طالب]] حيث ترعرع، وكان في تلك الفترة يعمل بالرعي ثم بالتجارة. تزوج في سنِّ الخامسة والعشرين من [[خديجة بنت خويلد]] وأنجب منها كل أولاده باستثناء [[إبراهيم بن محمد|إبراهيم]]. كان قبل [[الإسلام]] يرفض عبادة [[صنم|الأوثان]] والممارسات الوثنية التي كانت منتشرة في [[مكة]]، وكان ينعزل ويتعبد في [[غار حراء]] لعدة ليالٍ.<ref name="العمري-قبل البعثة"/> وعندما كان محمد في الأربعين من عمره، حوالي عام [[610]]م، ذكر أنه تم زيارته من قبل [[جبريل]] في الغار،<ref>Conrad 1987.</ref> وتلقى أول وحي من [[الله]]. وفي عام [[613]]م، نزل عليه [[جبريل]] وكُلّف بالرسالة وهو ذو أربعين سنة، أمر بالدعوة سرًا لثلاث سنوات، قضى بعدهنّ عشر سنوات أُخَر في [[مكة]] مجاهرًا بدعوة أهلها،<ref>Howarth, Stephen. Knights Templar. 1985. p.199.</ref> وكل من يرد إليها من التجار والحجيج وغيرهم، مُعلنًا أن "الله واحد"، وأن "الخضوع" الكامل ([[الإسلام]]) لله هو الطريق الصحيح، وأنه كان نبيًا ورسولًا لله على غرار [[النبوة في الإسلام|الأنبياء الآخرين في الإسلام]].<ref>[http://Buhl,%20F.;%20Welch,%20A.T.%20(1993).%20"Muḥammad".%20Encyclopaedia%20of%20Islam.%20Vol.%207%20(2nd%20ed.).%20Brill.%20pp.%20360–376. Buhl & Welch 1993.]</ref><ref>Esposito 2002, pp. 4–5.</ref><ref>Peters 2003, p. 9.</ref> هاجر إلى [[المدينة المنورة]] والمسماة [[يثرب]] آنذاك عام [[622]]م وهو في الثالثة والخمسين من عمره بعد أن تآمر عليه سادات [[قريش]] ممن عارضوا دعوته وسعوا إلى قتله، فعاش فيها عشر سنين أُخَر داعيًا إلى [[الإسلام]]، وأسس بها نواة [[العصر الذهبي للإسلام|الحضارة الإسلامية]]، التي توسعت لاحقًا وشملت [[مكة]] وكل المدن و[[قبيلة|القبائل العربية]]، حيث وحَّد [[عرب|العرب]] لأول مرة على [[ديانات توحيدية|ديانة توحيدية]] و[[الدولة الإسلامية|دولة موحدة]]، ودعا لنبذ [[عنصرية|العنصرية]] و[[عصبية قبلية|العصبية القبلية]].<ref>"Muhmmad," Encyclopedia of Islam and the Muslim world</ref><ref name="Lapidus 2002 pp 0">انظر المراجع:
* Holt (1977a), p.57
* Lapidus (2002), pp 0.31 and 32</ref>

== مصادر سيرته ==
كان لشخصية النَّبي محمد تأثير كبير في التاريخ، ولذلك فإنّ حياته وأعماله وأفكاره قد نُوقشت على نطاق واسع من جانب أنصاره وخصومه على مر القرون. كما اهتم [[الإسلام|المسلمون]] قديمًا وحديثًا بسيرة النبي محمد باعتبارها المنهج العملي [[الإسلام|للإسلام]]، فألف علماء الإسلام مؤلفات عديدة وجامعة في سيرته، ودوّنوا كل ما يتعلق بذلك.<ref name="العمري1">[https://www.islamweb.net/ar/article/14184/ '''الشبكة الإسلامية''': أهم مصادر السيرة النبوية، أكرم ضياء العمري] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20111104011551/http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=14184 |date=04 نوفمبر 2011}}</ref>

=== القرآن ===
{{مفصلة|القرآن}}
[[ملف:Opened Qur'an.jpg|تصغير|يسار|[[القرآن]] والذي يُعتبر أهمّ المصادر لمعرفة سيرة النبي محمد وأوثقها.]]
يُعد [[القرآن]] مصدرًا أساسيًا لمعرفة سيرة النبي محمد،<ref name="محمد أنور-القرآن">مصادر تلقي السيرة النبوية، محمد أنور البكري، ص1-31، مجمع الملك فهد.</ref> كونه أقدم وأوثق مصادر [[السيرة النبوية]]، لأنه يرجع إلى عصر النبي محمد نفسه. كما يتفق المسلمون كافة على مدى العصور على نسخة واحدة منه رغم اختلاف [[فرقة (إسلام)|الفرق الإسلامية]].<ref name="السباعي1">السيرة النبوية دروس وعبر، [[مصطفى السباعي]]، ص22-29، المكتب الإسلامي.</ref><ref name="مسائل"/><ref name="دراسة مصادر السيرة">[http://www.albadri.info/books/madkhal/index.htm دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170304062422/http://albadri.info/books/madkhal/index.htm |date=04 مارس 2017}}</ref> وإن كان القرآن لم يتناول كل سيرة النبي محمد باستفاضة،<ref name="مسائل">[http://uqu.edu.sa/majalat/shariaramag/mag24/f11.htm مسائل في منهج دراسة السيرة النبوية، محمد بن صامل السلمي] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20121006071034/http://uqu.edu.sa:80/majalat/shariaramag/mag24/f11.htm |date=06 أكتوبر 2012}}</ref> إلا أنه ذكر فيه إشارات كثيرة إلى سيرته إما بصريح العبارة، أو بالإشارة، أو بالتضمين،<ref name="الغماري">دلالة القرآن المبين على أن النبي أفضل العالمين، [[عبد الله بن الصديق الغماري]]، ص1-13.</ref> فذُكر فيه بعضُ شمائلِه، ودلائل نبوته، وأخلاقه وخصائصه، وعن حالته النفسية، وذُكر فيه أيضًا شيئًا عن غزواته.<ref name="ضيف">مصادر السيرة النبوية، ضيف الله بن يحي الزهراني، ص1-64، مجمع الملك فهد.</ref> فقد ورد في القرآن ما يقارب 280 آية في الغزوات (وهي تساوي نسبة 4,65% من القرآن)<ref name="محمد أنور2">علم المغازي بين الرواية والتدوين بين القرنين الأول والثاني الهجري، محمد أنور البكري، ج1، ص34-40.</ref> جاء بعضها بالإشارة، وبعضها تصريحًا، كغزوات [[غزوة بدر|بدر]]، و[[غزوة أحد|أحد]]، و[[غزوة الخندق|الخندق]]، و[[صلح الحديبية|الحديبية]]، و[[غزوة خيبر|خيبر]]، و[[فتح مكة]].<ref name="دروزة1">سيرة الرسول {{صلى الله عليه وسلم}}، محمد عزة دروزة، ج2، ص269، المكتبة العصرية.</ref> فمثلاً اشتملت [[سورة الأحزاب]] على تفاصيل من سيرة محمد مع [[أمهات المؤمنين|أزواجه]] و[[الصحابة|أصحابه]] كما تضمنت تفاصيل كثيرة عن [[غزوة الخندق|غزوة الأحزاب]].<ref name="وزارة الأوقاف المغربية">[http://web.archive.org/20110912063107/www.habous.gov.ma/ar/detail.aspx?id=911&z=279&s=271 السيرة النبوية] - موقع وزارة الأوقاف المغربية.</ref>

=== كتب الحديث ===
{{مفصلة|حديث نبوي}}
[[ملف:Sbukhari.jpg|تصغير|يسار|[[صحيح البخاري]] والذي يُعتبر أصحّ كتب الحديث عند المسلمين [[أهل السنة والجماعة|السنة]].]]
قد شغلت [[السيرة النبوية]] حيزًا كبيرًا من كتب [[الحديث النبوي|الحديث]]، وكلّ من ألّف في الحديث كان يُخصص أقسامًا وأبوابًا وكتبًا خاصة بما يتعلق بحياة النبي محمد، ودعوته، ومغازيه، وحتى عن [[الصحابة|صحابته]]،<ref name="شهبة">السيرة النبوية في ضوء [[القرآن]] والسنة، محمد بن محمد أبو شهبة، ج1، ص27-28، دار القلم، ط1988.</ref> غير أن تلك الأقسام لم تكن مرتبة ترتيبًا زمنيًا.<ref name="البوطي-مقدمات">فقه السيرة، [[محمد سعيد رمضان البوطي]]، ص21، دار الفكر، ط1978.</ref> ثم إن مقصد مؤلفي هذه الكتب كان منصَبًّا على جمع أقوال النبي محمد وأفعاله وتقريراته وأحكامه،<ref name="البوطي-مقدمات"/><ref name="فاروق"/> وكانت مشاهد السيرة تأتي في ثناياها ليستدلوا بها على الحكم الشرعي،<ref name="فاروق">مصادر السيرة النبوية وتقويمها، فاروق حمادة، ص36-43، دار الثقافة، ط1980.</ref> لذا جاءت بدون تفصيل بل كانت تقتصر على بعض تلك الأخبار وفق منهج أهل الحديث في الرواية.<ref name="محمد أنور-القرآن"/>

اتفق علماء المسلمين على أن أشهر وأقدم كتب الحديث التي زخرت بأخبار [[السيرة النبوية]] هو [[موطأ الإمام مالك|موطأ مالك]]، حيث أورد جملة من الأحاديث تتعلق بسيرة النبي محمد وأوصافه وذكر ما يتعلق [[جهاد|بالجهاد]].<ref name="شهبة"/> وكذلك فعل [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، حيث ذكر جوانب من حياة النبي محمد قبل البعثة وبعدها، وخصص كتابًا في المغازي وآخر في الجهاد،<ref>[[صحيح البخاري]]، [[محمد بن إسماعيل البخاري]]، ج4، ص1453، تحقيق: [[مصطفى ديب البغا|مصطفى البغا]]، دار القلم، ط1981.</ref> كما ذكر كثيرًا من خصائصه، ودلائل معجزاته، بما يوازي عُشْر [[صحيح البخاري|صحيحه]].<ref name="شهبة"/> وهكذا فعل [[مسلم بن الحجاج]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، حيث اشتمل على جزء كبير من سيرته وفضائله، وجهاده.<ref name="شهبة"/> وكان كلّ من جاء بعدهم اتبع نفس النهج مع اختلاف في التبويب والترتيب، كأصحاب السنن [[أبو داود|أبي داود]]، و[[أبو عيسى محمد الترمذي|الترمذي]]، و[[ابن ماجه|محمد بن ماجه]]، و[[الدارمي السمرقندي|الدارمي]]، و[[أحمد بن حنبل]].<ref name="البوطي-مقدمات"/>

=== كتب السيرة ===
{{مفصلة|كتب السيرة}}
بدأت كتابة السيرة النبوية والمغازي في مرحلة متأخرة عن كتابة [[الحديث النبوي|الأحاديث النبوية]]، وإن كان [[الصحابة]] يهتمون بنقل سيرته شفاهًا،<ref name="مولد تلقائيا2">فقه السيرة النبوية، [[محمد سعيد رمضان البوطي]]، ص19-65، دار الفكر المعاصر، ط1991.</ref> فكان أول من اهتم بكتابة السيرة عمومًا هو [[عروة بن الزبير]] (توفي [[92 هـ]]) ثم [[أبان بن عثمان بن عفان|أبان بن عثمان]] (توفي [[105 هـ]]) ثم [[وهب بن منبه]] (توفي [[110 هـ]]) ثم [[شرحبيل بن سعد]] (توفي [[123 هـ]]) ثم [[ابن شهاب الزهري]] (توفي [[124 هـ]])، غير أن جميع ما كتبه هؤلاء قد باد وتلف، فلم يصل إلينا منه شيء، إلا بقايا متناثرة روى بعضها [[محمد بن جرير الطبري|الطبري]].<ref name="دراسة تحليلية">{{استشهاد ويب|مسار=http://www.islamicfeqh.com/books/SIREH/Hp-sireh-a.htm|عنوان=دراسة تحليلية للسيرة النبوية، عباس زرياب خوئي|ناشر=| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20101216172028/http://islamicfeqh.com/books/SIREH/Hp-sireh-a.htm | تاريخ أرشيف = 16 ديسمبر 2010| تاريخ الوصول =  أكتوبر 2020|حالة المسار=dead}}</ref><ref name="حول مصادر السيرة">[https://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20061114/Con2006111462504.htm حول مصادر السيرة النبوية، محمد بن علي الحبشي] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160305072828/http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20061114/Con2006111462504.htm |date=05 مارس 2016}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-10-13|bot=JarBot}}</ref> وفي الطبقة التي تلي هؤلاء، يأتي [[ابن إسحاق|محمد بن إسحاق]] (توفي [[152 هـ]]) والذي اتفق الباحثون على أنّ ما كتبه يُعدّ أوثق ما كُتب في [[السيرة النبوية]] في ذلك العهد،<ref name="البوطي-مقدمات"/> ولكن كتابه «المغازي» لم يصل إلينا، فقام [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]] (توفي [[218 هـ]]) فروى كتاب [[ابن إسحاق]] مهذبًا ملخصًا وهو المعروف بكتاب «[[السيرة النبوية لابن هشام|سيرة ابن هشام]]».<ref name="وفيات الأعيان-مقدمات">وفيات الأعيان، [[ابن خلكان]]، ج1، ص290.</ref> كما اعتمد [[محمد بن جرير الطبري|الطبري]] (توفي [[310 هـ]]) بشكل أساسي على أخبار رُويت عن [[ابن إسحاق]] في الجزء الخاص بالسيرة النبوية من كتابه [[تاريخ الطبري]].<ref name="S. A. Nigosian(2004)">S. A. Nigosian(2004), p. 6</ref> مصدر آخر ظهر في وقت مبكر هو «المغازي» [[الواقدي|للواقدي]] (توفي [[207 هـ]])، والذي استفاد منه تلميذه [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]] (توفي [[230 هـ]]) في كتابه المسمى بـ «الطبقات الكبرى». الكثير من الباحثين تعاملوا مع هذه المصادر كمصدر صحيح، مع أن دقتها غير مؤكدة.<ref name="S. A. Nigosian(2004)"/> لاحقًا عمل الباحثون على التمييز بين الأساطير والروايات الدسيسة والمكذوبة من جهة والروايات التاريخية البحتة من جهة أخرى.<ref>Watt (1953), p.xv</ref>

=== كتب الشمائل والدلائل ===
{{مفصلة|علم الشمائل المحمدية}}

تعدّ '''كتب الشمائل''' من المصادر الأساسية لمعرفة سيرة النبي محمد،<ref name="محمد أنور-الشمائل">مصادر تلقي السيرة النبوية، محمد أنور البكري، ص31-39، مجمع الملك فهد.</ref> وهي الكتب التي قصد أصحابها العناية بذكر أخلاق محمد، وعاداته وفضائله، وسلوكه في الليل والنهار،<ref name="فاروق"/> كما تناولت آدابه وصفاته الخَلْقية والخُلُقية.<ref name="الصحيحة-الهجرة">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص21-52، مكتبة العلوم والحكم، ط1993.</ref> وموضوع [[علم الشمائل المحمدية|الشمائل المحمدية]] اهتم به علماء المسلمين منذ القدم، وكان أحد أغراض كتب الحديث، ثم أفرده المحدّثون في كتب مستقلة، كان في مقدمتهم أبو البختري وهب بن وهب الأسدي (توفي [[200 هـ]]) في مؤلفه "صفة النبي {{صلى الله عليه وسلم}}" ثم أبو الحسن علي بن محمد المدائني (توفي [[224 هـ]]) في كتابه «صفة النبي»، ثم كتاب «[[الشمائل المحمدية (كتاب)|الشمائل المحمدية]]» [[أبو عيسى محمد الترمذي|للترمذي]] (توفي [[279 هـ]])، ثم داود بن علي الأصبهاني (توفي [[270 هـ]]) في كتابه «الشمائل المحمدية»،<ref name="الصحيحة-الهجرة"/> ثم إسماعيل القاضي المالكي (توفي [[282 هـ]]) في كتابه «الأخلاق النبوية»، كذلك أبو الحسن أحمد بن فارس اللغوي (توفي [[295 هـ]]) في كتابه «أخلاق النبي».<ref name="فاروق"/> ثم جاء بعدهم في القرون التالية خلق كثيرٌ، منهم [[القاضي عياض]] (توفي [[544 هـ]]) في كتاب «[[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]».

أما '''كتب الدلائل''' فهي تلك الكتب التي حوت بحسب ما يراه المسلمون من الحجج والبراهين الدّآلة على صدق وصحّة نبوة محمد، وعلى شمول وعموم رسالته، بدلالات واضحة لا جدل فيها،<ref name="منتهى السول">منتهى السول على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول {{صلى الله عليه وسلم}}، عبد الله بن سعيد محمد عبادي اللحجي، ج1، ص31-32، دار طوق النجاة، ط1998.</ref> وفيها الأدلة على [[معجزات الرسول محمد|معجزاته]] وظهور آياته، والردّ على من أنكرها من وجهة نظر المسلمين.<ref name="تثبيت">تثبيت دلائل النبوة، عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، ج1، ص5، دار الفكر العربية.</ref> وفي كتب السنة النبوية أبواب خُصصت لعلامات النبوة، كما فعل [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] و[[مسلم بن الحجاج|مسلم]] وغيرهما. أما الكتب المخصصة لهذا الشأن فهي كثيرة جدًا أشهرها «دلائل النبوة» [[أبو بكر البيهقي|للبيهقي]].

=== مصادر أخرى ===
هناك كذلك أنواع أخرى من المصادر، مثل [[علم التفسير|كتب تفسير القرآن]] و[[أسباب النزول (علم)|أسباب النزول]]، ذلك أن علماء المسلمين يعتمدون بشرح [[القرآن]] بشكل أساسي على تفسيرات القرون الإسلامية الأولى، بما في ذلك الآيات التي تتناول حياة محمد. ومن أمثلتها [[تفسير ابن كثير]] و[[تفسير الطبري]] و[[تفسير القرطبي]].<ref name="المجلس الأعلى">[http://www.islamic-council.com/mafaheemux/13/24.asp السيرة] من موقع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف المصرية{{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20090108014317/http://www.islamic-council.com/mafaheemux/13/24.asp |date=08 يناير 2009}}</ref> إضافة إلى كتب التاريخ التي تتناول التاريخ بشكل عام وتتطرق إلى السيرة النبوية كتاريخ الطبري وتاريخ [[ابن خلدون]] وغيرها.<ref name="المجلس الأعلى"/> كذلك هناك مصادر غير عربية، منها [[اليونان]]ية، ومن أقدمهم الكاتب [[ثيوفان المعترف|ثيوفانس]] في [[القرن 9|القرن التاسع]] الميلادي. وهناك [[اللغة السريانية|السريانية]] ومن أقدمهم كاتب [[القرن 7|القرن السابع]] [[يوحنا ابن الفنكي|جون بار بينكاي]]<ref>Philip K. Hitti, History of the Arabs, 10th edition (1970), p.112.</ref> مع وجود خمسة كتبة آخرين لا تزيد فترة ذكرهم للنبي عن ثلاثين عام من وفاته.<ref>Seeing Islam as others saw it: a survey and evaluation of Christian, Jewish, Robert G. Hoyland p.22</ref>

== خلفية تاريخية ==
{{شريط جانبي محمد}}
{{مفصلة|العرب قبل الإسلام|تجارة عربية|آلهة العرب القدماء}}
[[ملف:Map of Arabia 600 AD-ar.svg|تصغير|يمين|أهم القبائل العربية في [[شبه الجزيرة العربية]] قبل [[الإسلام]].]]
من '''النّاحية السياسية'''، كانت [[شبه الجزيرة العربية]] مفككة، لا توحّدها دولة ولا تديرها حكومة،<ref name="الرحيق-قبل-سياسيا">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص19.</ref> وكانت الدول القديمة التي قامت في [[اليمن]] و[[نجد]] وأطراف [[العراق]] و[[بلاد الشام|الشام]] قد اندثرت، وطغت البداوة على المدن في [[تهامة]] و[[الحجاز]]،<ref name="قبل الإسلام-سياسيا"/> فكانت [[قبيلة|القبيلة]] هي الوحدة السياسية والاجتماعية. فكانت [[مكة]] تُدار من قبل الملأ في [[دار الندوة]].<ref name="العمري-قبل-اقتصاديا"/> و[[المدينة المنورة]] في حالة نزاع دائم بين [[الأنصار|الأوس]] و[[الأنصار|الخزرج]]. أما دولة [[مناذرة|المناذرة]] في [[الحيرة]] ودولة [[غساسنة|الغساسنة]] في [[بلاد الشام|الشام]] فقد سمح [[الإمبراطورية الفارسية|الفرس]] و[[الإمبراطورية الرومانية|الروم]] للدولتين بالنشوء لتكونا حاجزتين تصدان عنهما غزو [[قبيلة|القبائل العربية]]، وتتوليان حماية القوافل التجارية. وقد أسقط [[الإمبراطورية الفارسية|الفرس]] دولة المناذرة سنة [[602]]م قبل البعثة المحمدية بثمانِ سنوات.<ref name="قبل الإسلام-سياسيا"/>

ومن '''النّاحية الاقتصادية'''، فقد كان [[بدو]] [[عرب|العرب]] يعتمدون على الرعي والتنقل لأماكن الماء، مما يجعلها في حروب مع بعضها للحصول على الموارد.<ref name="قبل الإسلام-سياسيا"/> أما في المدن، فكان يقوم فيها النشاط التجاري والزراعي والصناعي، [[مكة|فمكة]] كان يغلب عليها النشاط التجاري، وتتحكم بطرق التجارة بين [[اليمن]] و[[بلاد الشام|الشام]]، وقد استفادت [[مكة]] من مكانة [[الكعبة]] الدينية عند [[عرب|العرب]] في حماية قوافلها التجارية.<ref name="العمري-قبل-اقتصاديا">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص77-82، مكتبة العبيكان، ط2005.</ref> أما [[المدينة المنورة|المدينة]] فكان يغلب عليها الزراعة حيث بساتين [[نخلة|النخيل]] و[[عنب|الأعناب]] و[[فاكهة|الفواكه]]. واستعمل [[عرب|العرب]] [[دينار|الدينار]] البيزنطي والدرهم [[الإمبراطورية الفارسية|الفارسي]] في التبادل التجاري.<ref name="قبل الإسلام-سياسيا"/> أما الصناعة فقد عُرفت [[المدينة المنورة|المدينة]] بصياغة الحلي الذهبية والفضية، وصناعة السيوف والرماح والنبال والدروع، كما قامت في المدن العربية حرف الحدادة والصياغة والدباغة، والغزل والنسيج. وكان العرب يعرفون أنواعًا من المعاملات المالية كالقراض والمضاربة والرهن.<ref name="قبل الإسلام-سياسيا">[https://www.islamweb.net/ar/article/14942/ '''الشبكة الإسلامية:''' الجزيرة العربية "الحالة السياسية والاقتصادية" عند ظهور الإسلام - أكرم ضياء العمري] تاريخ الوصول [[28 يونيو]] [[2011]]. {{استشهاد ويب |مسار=http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=14942 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=28 يونيو 2011 |تاريخ أرشيف=4 نوفمبر 2011 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20111104020544/http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=14942 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref>

من '''النّاحية الدينية''' كانت [[وثنية|الوثنية]] تسود شبه جزيرة العرب بشكل غالب،<ref name="الرحيق-قبل-دينيا"/> حيث كانوا يعبدون آلهة يمثلونها في [[صنم|أصنام]] مصنوعة من الحجر والخشب بلغ عددها 360 صنمًا حول [[الكعبة]] تعبدها القبائل التي تؤم البيت للحج وتقدم لها القرابين والنذر.<ref name="قبل الإسلام-دينيا"/> كان من أقدمها وأكبرها «هٌبل» ([[كنانة|لكنانة]] و[[قريش]])، و«مَناة» ([[هذيل|لهُذَيْل]] و[[خزاعة (توضيح)|خزاعة]])، و«الّلات» ([[ثقيف|لثقيف]])، و«العُزَّى» ([[قريش|لقريش]] و[[كنانة]]).<ref name="الرحيق-قبل-دينيا">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص20-25.</ref><ref>(11/253) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام</ref> ومع ذلك بقي لديهم شعائر من بقايا دين [[إبراهيم]] مثل تعظيم [[الكعبة]]، والطواف بها، و[[الحج في الإسلام|الحج]]، و[[عمرة|العمرة]].<ref name="الرحيق-قبل-دينيا"/> وكان هناك أفراد من الموحدين على ملة [[إبراهيم]] و[[إسماعيل]] كانوا موجودين في [[مكة]] عرفوا [[حنيفية|بالأحناف]].<ref name="قبل الإسلام-دينيا"/> تواجدت أيضًا ديانات بشكل محدود مثل [[اليهودية]] في [[اليمن]] و[[المدينة المنورة|المدينة]]، و[[المسيحية|النصرانية]] في [[منطقة نجران|نجران]] و[[الحيرة]] ودومة الجندل وأطراف [[بلاد الشام|الشام]]. كذلك وُجد انتشار محدود [[الزرادشتية|للمجوسية]] قادمًا من [[الإمبراطورية الفارسية|بلاد الفرس]].<ref name="قبل الإسلام-دينيا">[https://www.islamweb.net/ar/article/16539/ '''الشبكة الإسلامية:''' الجزيرة العربية "الحالة الدينية" عند ظهور الإسلام - أكرم ضياء العمري] تاريخ الوصول [[28 يونيو]] [[2011]]. {{استشهاد ويب |مسار=http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=16539 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=28 يونيو 2011 |تاريخ أرشيف=3 نوفمبر 2011 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20111103104158/http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=16539 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref>

== نسبه ==
{{مفصلة|نسب محمد بن عبد الله}}
هو {{اقتباس مضمن|'''أبو القاسم محمد بن عبد الله بن [[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]] (واسمه شيبة) بن [[هاشم بن عبد مناف|هاشم]] (واسمه عمرو) بن [[عبد مناف بن قصي|عبد مناف]] (واسمه المغيرة) بن [[قصي بن كلاب|قصي]] (واسمه زيد) بن [[كلاب (توضيح)|كلاب]] بن [[مرة بن كعب|مرة]] بن [[كعب بن لؤي|كعب]] بن [[لؤي بن غالب|لؤي]] بن [[غالب بن فهر|غالب]] بن [[فهر بن مالك|فهر]] بن [[مالك (توضيح)|مالك]] بن [[النضر بن كنانة|النضر]] (واسمه قيس) وهو [[قريش]] بن [[كنانة]] بن [[خزيمة بن مدركة|خزيمة]] بن [[مدركة]] (واسمه عامر) بن [[إلياس بن مضر|إلياس]] بن [[مضر]] بن [[نزار بن معد|نزار]] بن [[معد بن عدنان|معد]] بن [[عدنان]]'''}}. هذا هو المتفق عليه من نسبه، أما ما فوقه ففيه اختلاف كثير، غير أنه ثبت أن نسب عدنان ينتهي إلى [[إسماعيل]] بن [[إبراهيم]].<ref name="الرحيق-قبل البعثة"/><ref name="العاملي-مولده">الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص63-68، دار السيرة، بيروت، ط1995.</ref>

ولم يكن فرعٌ من [[قريش]] إلا كان لمحمد فيهم قرابة.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]]، رقم:4818.</ref> ويعتقد المسلمون بأن الله قد اصطفى نبيَّهم محمدًا واختاره من أزكى القبائل وأفضل البطون وأطهر الأصلاب،<ref name="البوطي-قبل البعثة">فقه السيرة النبوية، [[محمد سعيد رمضان البوطي]]، ص69-102، دار الفكر المعاصر، ط1991.</ref> حيث قال {{اقتباس مضمن|خرجتُ من نكاح ولم أخرج من [[زنى|سفاح]] من لدن [[آدم]] إلى أن ولدني أبي وأمّي}}،<ref>رواه الهيثمي في مجمع الزوائد، عن [[علي بن أبي طالب]]، ج8، ص217.</ref> وقال أيضًا {{اقتباس مضمن|إنَّ الله اصطفى [[كنانة]] من ولد [[إسماعيل]]، واصطفى [[قريش]]ًا من [[كنانة]]، واصطفى من [[قريش]] [[بنو هاشم|بني هاشم]]، واصطفاني من [[بنو هاشم|بني هاشم]]}}،<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، عن [[واثلة بن الأسقع الليثي|واثلة بن الأسقع]]، رقم: 2276.</ref> وقال أيضا {{اقتباس مضمن|نحن بنو [[النضر بن كنانة|النضر]] بن [[كنانة]] لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا}}،<ref>رواه ابن ماجه في صحيحه، عن [[الأشعث بن قيس]]، 2132.</ref> وقال {{اقتباس مضمن|إنَّ الله {{تعالى}} خلق الخلق، فجعلني في خير فِرَقِهم، وخير الفرقتين، ثم تخيَّر القبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم تخيَّر البيوت فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرُهم نفسًا، وخيرُهم بيتًا}}.<ref>رواه [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]] في الجامع الصغير، عن [[العباس بن عبد المطلب]]، رقم: 1735.</ref>
[[ملف:آباء وأمهات النبي.png|تصغير|يسار|أسماء آباء وأمهات النبي محمد.]]
* '''أبوه:''' هو [[عبد الله بن عبد المطلب]]، أمّه «[[فاطمة بنت عمرو|فاطمة]] بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن [[مرة بن كعب|مرة]] بن [[كعب بن لؤي|كعب]] بن [[لؤي بن غالب|لؤي]] بن [[غالب بن فهر|غالب]]».<ref name="جامع الأحاديث">جامع الأحاديث، [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، رقم:44432.</ref><ref name="الروض الأنف-نسبه">الروض الأنف، السهيلي، ج1، ص22-34.</ref> كان عبد الله أحسن أولاد [[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]] وأعفّهم وأحبّهم إليه،<ref name="الرحيق-قبل البعثة">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص1-48.</ref> وأصغرهم من بين أولاده،<ref name="جمهرة">جمهرة أنساب أمهات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الحسين بن حيدر الهاشمي، ص1-58.</ref> وهو الذبيح، الذي فداه أبوه بمئة من [[جمل|الإبل]].
* '''أمّه:''' هي [[آمنة بنت وهب]] بن عبد مناف بن زهرة بن [[كلاب (توضيح)|كلاب]]، أمّها «برّة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن [[قصي بن كلاب|قصي]] بن [[كلاب بن مرة|كلاب]]».<ref name="جامع الأحاديث"/> كانت آمنة تُعد يومئذٍ أفضل امرأة في [[قريش]] نسبًا وموضعًا،<ref>أم النبي عليه الصلاة والسلام، عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطيء)، ص67، دار الهلال، ط1999.</ref> وكان أبوها سيّد [[بنو زهرة|بني زهرة]] نسبًا وشرفًا.<ref name="الرحيق-قبل البعثة"/>
* '''أعمامه وعمّاته:''' هم [[العباس بن عبد المطلب|العباس]]، و[[حمزة بن عبد المطلب|حمزة]]، و[[الزبير بن عبد المطلب|الزبير]]، والمقوَّم، و[[الحارث بن عبد المطلب|الحارث]]، والغيداق، و[[قثم بن عبد المطلب|قُثم]]، وعبد الكعبة، وجَحْل (واسمه المغيرة)، و[[أبو لهب]] (واسمه عبد العزَّى)، و[[أبو طالب بن عبد المطلب|أبو طالب]] (واسمه عبد مناف)، و[[ضرار بن عبد المطلب|ضرار]].<ref name="ألفية-أشخاص">[[ألفية السيرة النبوية]]، [[عبد الرحيم العراقي]]، تحقيق: [[محمد علوي المالكي]]، ص130-139، دار المنهاج، ط2005.</ref> وأما عمّاته، فهنّ [[عاتكة بنت عبد المطلب|عاتكة]]، و[[أميمة بنت عبد المطلب|أميمة]]، و[[أروى بنت عبد المطلب|أروى]]، و[[البيضاء بنت عبد المطلب|أم حكيم]] (وهي البيضاء)، و[[برة بنت عبد المطلب|برّة]]، و[[صفية بنت عبد المطلب|صفيّة]].<ref name="ابن حبان-قبل البعثة"/> وأسلم منهم حمزة والعباس وصفية، واختُلف في عاتكة وأروى.<ref name="الأنوار-نسبه">الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص159-163، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref>
* '''أخواله وخالاته:''' لم يكن لمحمد أخوال وخالات إلا «عبد يغوث بن وهب»،<ref name="ابن حبان-قبل البعثة"/> وكان محمد يقول عن [[سعد بن أبي وقاص]] {{اقتباس مضمن|هذا خالي فليرني امرؤ خاله}}،<ref>رواه [[أبو عيسى محمد الترمذي|الترمذي]] في [[سنن الترمذي|سننه]]، رقم: 3752، وقال عنه: حسن غريب.</ref> وذلك لأجل أن سعدًا كان من [[بنو زهرة|بني زهرة]] وكانت أم النبي أيضًا منهم.<ref name="ابن حبان-قبل البعثة">السيرة النبوية، [[ابن حبان]]، ص1-63.</ref>
<br />
{{شجرة نسب محمد}}

== حياته قبل البعثة ==
=== ولادته ===
{{أيضا|المولد النبوي}}
لما بلغ [[عبد الله بن عبد المطلب]] ثماني عشرة أو خمساً وعشرين سنة،<ref name="مختصر الجامع-مولده">مختصر الجامع في السيرة النبوية، سميرة زايد، ج1، ص103-110، المطبعة العلمية، ط1995.</ref> زوّجه أبوه [[آمنة بنت وهب]] من عمّها «وهيب بن عبد مناف» وقد كانت تعيش عنده.<ref name="ابن سعد-ولادته">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص94-108، دار صادر، [[بيروت]].</ref> فبنى بها عبد الله في [[مكة]] فحملت بمحمد، وكانت آمنة تحدّث أنّها حين حملت به أُتِيَت فقيل لها {{اقتباس مضمن|إنّك قد حملت بسيّد هذه الأمّة، فإذا وقعَ على الأرض فقولي "أعيذه بالواحد من شرِّ كل حاسد"، ثم سمّيه "محمدًا"}}.<ref name="أعلام النبوة-قبل البعثة">أعلام النبوة، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، ص240، دار الكتاب العربي، ط1987.</ref> ثم لم يلبث أبوه [[عبد الله بن عبد المطلب|عبد الله]] حتى خرج إلى [[بلاد الشام|الشام]] للتجارة، فمرّ [[المدينة المنورة|بالمدينة]] فأقام عندهم مريضًا شهرًا ثم تُوفي عن عمر خمسة وعشرين عامًا،<ref>في [[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج2، ص323: «قال [[الواقدي]]: هذا هو أثبت الأقاويل في وفاة [[عبد الله بن عبد المطلب|عبد الله]] وسنّه عندنا».</ref> ودُفن في «دار النابغة» (وهو رجل من بني عدي بن النجار)،<ref name="ابن سعد-ولادته"/> وكانت [[آمنة بنت وهب|آمنة]] يومئذٍ حامل بمحمد لشهرين (رأي الجمهور)،<ref name="البوطي-قبل البعثة"/> تاركًا وراءه خمسة جمال، وقطعة غنم، وجارية حبشية اسمها «بركة» وكنيتها [[أم أيمن]].<ref name="ابن سعد-ولادته"/> وبعد أن بقي محمد في بطن أمه تسعة أشهر كملّاً،<ref name="الحلبية-مولده">السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج1، ص78، دار المعرفة.</ref> وُلد في [[مكة]] في [[شعب أبي طالب]]،{{ملا|في [http://www.lesanarab.com/kalima/شعب لسان العرب]: «الشِّعب (بكسر الشين): ما انفرج بين جبلين، وقيل هو الطريق في الجبل». {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180930093621/http://www.lesanarab.com/kalima/شعب |date=30 سبتمبر 2018}}}} في الدار التي صارت تُعرف بدار «ابن يوسف».<ref name="العاملي-مولده"/><ref name="تاريخ الرسل-قبل البعثة">تاريخ الرسل والملوك، [[محمد بن جرير الطبري|الطبري]]، ج1، ص327-328.</ref> وتولّت ولادته «الشِّفاء» أم [[عبد الرحمن بن عوف]].<ref name="الخضري-قبل البعثة">نور اليقين في سيرة سيّد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص7-21، دار المعرفة، ط2004.</ref>
[[ملف:مكتبة مكة المكرمة.jpg|تصغير|يمين|مكان ولادة النبي محمد في [[شعب أبي طالب]]،<ref>[http://wikimapia.org/7578409/ar/مكتبة-الحرم-ومكان-ولادة-الرسول-صلى-الله-عليه-وسلم '''ويكيمابيا:''' مكتبة الحرم ومكان ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم]<span> (مكة المكرمة)</span> خريطة المكان. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20181006223229/http://wikimapia.org/7578409/ar/مكتبة-الحرم-ومكان-ولادة-الرسول-صلى-الله-عليه-وسلم |date=6 أكتوبر 2018}}</ref> وهي الدار التي اشتراها محمد بن يوسف، أخو [[الحجاج بن يوسف الثقفي|الحجاج]] من ورثة [[عقيل بن أبي طالب]] الذي كان أخذها حين هاجر محمد إلى [[المدينة المنورة]]. ثم جُعلت الدار مسجدًا هُدِم لاحقًا، ثم بُني على أنقاضه «[[مكتبة مكة المكرمة]]» عام [[1951]]م.<ref name="صحيفة مكة">[https://www.makkahnews.net/articles/5092.html '''صحيفة مكة الإلكترونية:''' شعب بني هاشم، محمد بن حسين الحارثي] {{webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160305005709/http://makkahnews.net/articles-action-show-id-509.htm |date=5 مارس 2016 }} تاريخ الوصول: [[16 يونيو]] [[2011]]م. {{استشهاد ويب |مسار=http://makkahnews.net/articles-action-show-id-509.htm |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=6 سبتمبر 2018 |تاريخ أرشيف=5 مارس 2016 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20160305005709/http://makkahnews.net/articles-action-show-id-509.htm |حالة المسار=bot: unknown }}</ref>]]
وقد كان مولده يوم الإثنين،<ref>روى [[محمد بن جرير الطبري|الطبري]] في تاريخه، ج2، ص293: «أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} سُئل عن يوم الإثنين، فقال "ذلك يوم ولدتُ فيه ويوم بُعثتُ فيه وأُنزل عليّ فيه"».</ref> [[8 ربيع الأول]]،<ref>في [[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج2، ص320: «حكاه الحميدي، عن [[ابن حزم (توضيح)|ابن حزم]]، ورواه مالك، وعقيل، ويونس بن يزيد، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، ونقل [[ابن عبد البر]] عن أصحاب التاريخ أنهم صححوه، وقطع به الحافظ الكبير محمد بن موسى الخوارزمي، ورجحه الحافظ أبو الخطاب [[ابن دحية الكلبي|ابن دحية]]».</ref> أو [[9 ربيع الأول]]<ref name="المباركفوري">{{استشهاد بكتاب |مؤلف1= صفي الرحمن المباركفوري |عنوان= الرحيق المختوم |صفحة= 54 |سنة= 1428 هـ/2007 م |ناشر= وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إدارة الشؤون الإسلامية |مكان= [[قطر]]}}</ref> أو [[12 ربيع الأول]] (المشهور عند [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]])،<ref name="حدائق-نشأته">حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار، [[بحرق اليمني|محمد بن عمر بحرق الحضرمي]]، ص105-122، دار الحاوي، ط1998.</ref><ref>قال [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]] في [[البداية والنهاية]]، ج2، ص320: «وهذا هو المشهور عند الجمهور».</ref> أو [[17 ربيع الأول]] (المشهور عند [[الشيعة]])،<ref name="العاملي-مولده"/> من [[عام الفيل]]، بعدما حاول [[أبرهة الحبشي|أبرهة الأشرم]] غزو [[مكة]] وهدم [[الكعبة]]، قيل بعده بشهر، وقيل بأربعين يومًا، وقيل بخمسين يومًا (وهو المشهور)،<ref name="البداية والنهاية-مولده">[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج2، ص319-332.</ref><ref name="الاستيعاب"/> ويوافق ذلك [[20 أبريل]]<ref name="البداية والنهاية-مولده"/> أو [[22 أبريل]] سنة [[571]] م على الأصحّ<ref name="الرحيق-قبل البعثة"/> (أو 570 وحتى 568 أو 569 حسب بعض الدراسات).<ref name="Watt7">Watt (1974)، p. 7.</ref>

ويُروى بأن محمدًا قد وُلد [[ختان|مختونًا]] مسرورًا (مقطوع السرّة)،<ref name="الاستيعاب"/> بينما هناك روايات أخرى تؤيد أن [[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]] ختنه يوم سابعه وجعل له مأدبة.<ref name="المباركفوري"/><ref name="الاستيعاب">الاستيعاب في معرفة الأصحاب، [[ابن عبد البر]]، ج1، ص10-17.</ref> وكانت أمّه تحدّث أنّها لم تجد حين حملت به ما تجده الحوامل من ثقل ولا [[شهوة الغرائب|وحم]]، ولمّا وضعته وقع إلى الأرض مستقبل [[قبلة|القبلة]] رافعًا رأسه إلى السماء،<ref name="حدائق-نشأته"/> مقبوضة أصابع يديه مشيرًا بالسبابة كالمسبّح بها.<ref name="الروض الأنف-نشأته">[[الروض الأنف]]، [[أبو القاسم السهيلي|السهيلي]]، ج1، ص278-296.</ref> {{صندوق اقتباس|اقتباس=
{{أبيات|مِن قَبلها طِبتَ في الظِّلال وفي\\مستودِع حيث يُخصَف الوَرَق
ثُم هبطتَ البلاَد لا بشرٌ\\أنت ولا مضغةٌ ولا علق
بل نُطفةٌ تركب السَّفينَ وقد\\ألجَم نسرًا وأهله الغرق
تُنقَل من صالب إلى رَحم\\إذا مضى عالم بدا طَبَق
ثم احتوى بيتك المهيمن من\\خندف علياء تحتها النطق
وأنتَ لمَّا وُلدتَ أشرقت الـ\\أرضُ وضاءت بنورك الأفُق
فنحن في ذلك الضِّياء وفي\\النُّور وسبل الرشاد نخترق}}
|المصدر='' [[العباس بن عبد المطلب]]''<ref>[[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]، [[القاضي عياض]]، ج1، ص167-168، دار الفكر، [[بيروت]]، ط1988.</ref><ref>دلائل النبوة، [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]]، ج5، ص354، رقم: 2022.</ref><ref>مستدرك الحاكم ج3 ص327.</ref>}}
وأنّها رأت حين ولدته كأنّه خرج منها نور أضاءت له قصور [[بلاد الشام|الشام]].<ref>رواه [[ابن تيمية]] في الردّ على البكري، عن [[العرباض بن سارية]]، رقم:61.</ref> قالت أمّ عثمان بن أبي العاص {{اقتباس مضمن|حضرتُ ولادة رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، فرأيت البيتَ حين وضع قد امتلأ نورًا، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننتُ أنها ستقعَ عليّ}}.<ref name="الروض الأنف-نشأته"/> وبعدما ولدته أرسلت إلى [[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]] تبشّره بحفيده، ففرح به فرحًا شديدًا، ودخل به [[الكعبة]] شاكرًا الله،<ref name="الرحيق-قبل البعثة"/> وقال {{اقتباس مضمن|ليكوننّ لابني هذا شأن}}،<ref name="ابن سعد-ولادته"/> واختار له اسم «محمّد» ولم تكن العرب تسمي به آنذاك، إلا ثلاثة طمع آباؤهم حين سمعوا بذكر محمد وبقرب زمانه وأنه يُبعث في [[تهامة]] فيكون ولدًا لهم.<ref name="الروض الأنف-نشأته"/> وقد علمت [[يهود|اليهود]] آنذاك بولادة محمد، يقول [[حسان بن ثابت]] {{اقتباس مضمن|والله إني لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت [[يهود]]يًا يصرخ بأعلى صوته على أطمة [[المدينة المنورة|بيثرب]]: يا معشر [[يهود]]، حتى إذا اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به}}.<ref name="ابن هشام-نشأته">السيرة النبوية، ابن هشام، ج2، ص295-298، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، [[بيروت]]، ط1990.</ref>

=== نشأته ===
{{أيضا|حادث شق الصدر}}
كان أوّل من أرضعته بعد رضاعه من أمّه بأسبوع [[ثويبة]] مولاة [[أبو لهب|أبي لهب]]،<ref name="الرحيق-قبل البعثة"/> كان قد أعتقها، فأرضعت محمدًا لأيام بلبن ابن لها يُقال له «[[ثويبة|مسروح]]»، وكانت قد أرضعت قبله [[حمزة بن عبد المطلب]] و[[أبو سلمة بن عبد الأسد|أبا سلمة المخزومي]]،<ref name="تاريخ الرسل-قبل البعثة"/> وقيل بل أرضعتهما معه.<ref name="الألفية-قبل البعثة"/> ويروي [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] أنه {{اقتباس مضمن|لما مات [[أبو لهب]] رآه بعض أهله بمنامه، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألقَ بعدكم (أي لم ألقَ بعدكم خيرًا) غير أني سُقيت في هذه بعتاقتي [[ثويبة]]}}.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، وهو قول [[عروة بن الزبير]]، رقم:5101.</ref> وكانت [[أم أيمن]] تحضنه حتى كبر،<ref name="الصلابي-قبل البعثة">السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، [[علي الصلابي]]، ص14-96.</ref> وكان يقول لها {{اقتباس مضمن|يا أُمّه}}، وكان إذا نظر إليها قال {{اقتباس مضمن|هذه بقية أهل بيتي}}.<ref>الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج8، ص224، دار صادر، [[بيروت]].</ref>
كان من عادة العرب أن يلتمسوا المراضع لمواليدهم في البوادي،<ref name="الخضري-قبل البعثة"/> فجاءت نسوة من [[هوازن|بني سعد بن بكر]] يطلبنَ أطفالًا يرضعنهم فكان محمد من نصيب [[حليمة السعدية|حليمة بنت أبي ذؤيب]] لتُرضعه مع ابنها «[[عبد الله بن الحارث السعدي|عبد الله]]» في [[بادية بني سعد]]، وزوجها هو «[[الحارث بن عبد العزى]]»، وكان لهما ابنتان «[[أنيسة بنت الحارث|أنيسة]]» و«حذافة» ولقبها [[الشيماء بنت الحارث|الشيماء]] والتي كانت تحضن محمدًا مع أمّها إذا كان عندهم.<ref name="ابن هشام-نشأته"/> وأجمع رواة السِّير أنَّ [[بادية بني سعد]] كانت تعاني إذ ذاك سنةً مجدبةً، فلما جاء محمد إلى باديتهم عادت منازل حليمة مخضرّة وأغنامها ممتلئة الضرع.<ref name="البوطي-قبل البعثة"/> عاش محمد معها سنتين حتى [[فطام|الفطام]] وقد كانت حليمة تذهب به لأمه كل بضعة أشهر لزيارتها، فلما انتهت السنتين عادت به [[حليمة السعدية|حليمة]] إلى أمّه لتقنعها بتمديد حضانته خوفًا من وباء [[مكة|بمكة]] وقتها ولبركة رأتها من محمد، فوافقت [[آمنة بنت وهب|آمنة]].<ref name="الرحيق-قبل البعثة"/> وعندما بلغ سن الرابعة،<ref name="السباعي-قبل البعثة">السيرة النبوية سير وعبر، [[مصطفى السباعي]]، ص13-29، المكتب الإسلامي.</ref> وقيل الخامسة،<ref name="حدائق-نشأته"/> حدثت له [[حادثة شق الصدر]] والتي قد ورد في كتب السير تكرار مثيلها أكثر من مرة،<ref name="البوطي-قبل البعثة"/> والتي أنكرها [[الشيعة]]،<ref name="العاملي-نشأته">الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص83-98، دار السيرة، بيروت، ط1995.</ref> وبعض [[استشراق|المستشرقين]] أمثال نيكلسون،{{ملا|في [http://archive.is/n60R <!--http://encyc.reefnet.gov.sy/?page=entry&id=153628--> موسوعة الشبكة المعرفية الريفية]: «نيكلسون: [[استشراق|مستشرق]] إنجليزي يُعدّ، بعد [[لويس ماسينيون|ماسينيون]]، أكبر الباحثين في [[صوفية|التصوف]] [[الإسلام]]ي». {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200830150331/http://archive.is/n60R |date=30 أغسطس 2020}}}}<ref name="الصلابي-قبل البعثة"/> فأعادته [[حليمة السعدية|حليمة]] إلى أمه. رَوى [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] تلك الحادثة فقال:<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، عن [[أنس بن مالك]]، ج1، ص101، رقم:162.</ref>
{{اقتباس خاص|أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} أتاه [[جبريل]] وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ [[شيطان|الشيطان]] منك. ثم غسله في طست من ذهب بماء [[زمزم]]، ثم لأمه (جمعه وضم بعضه إلى بعض) ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه (مرضعته) فقالوا: إن محمدًا قد قُتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال [[أنس بن مالك|أنس]]: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.}}

تُوفيت أمّه، وهو ابن ست سنوات<ref name="الألفية-قبل البعثة">[[ألفية السيرة النبوية]]، [[عبد الرحيم العراقي]]، ص1-3.</ref><ref name="العاملي-نشأته"/> أثناء عودتهم من زيارة لأخواله من بني عدي بن النجار، بمكان يسمى [[الأبواء]]،<ref name="الخضري-قبل البعثة"/> فحضنته [[أم أيمن]]، وحملته إلى جدّه [[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]] ليكفله بعد ذلك ليعيش معه بين أولاده.<ref name="الألفية-قبل البعثة"/> وفي السنة الثامنة من عمره،<ref>السيرة النبوية، أبو فارس، ص101.</ref> توفي جده عبد المطلب، بعد أن اختار له [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبا طالب]] ليكفله، ويقوم بشؤونه.<ref name="العاملي-نشأته"/>

=== شبابه ===
[[ملف:Bahira.jpg|تصغير|يسار|[[دير]] الراهب [[بحيرى]] في [[بصرى]] في [[بلاد الشام|الشام]].]]
لم يكن عمّه [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبو طالب]] ذا مال وفير، فاشتغل محمد برعي [[ضأن (جنس)|الغنم]] وكان يأخذ عليه أجرًا<ref name="السباعي-قبل البعثة"/> مساعدةً منه لعمّه،<ref name="الصلابي-قبل البعثة"/> قال {{اقتباس مضمن|ما بعث الله نبيًا إلا رعى [[ضأن (جنس)|الغنم]]. فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط (أجزاء من الدراهم والدنانير) لأهل [[مكة]]}}.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]] عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]]، رقم: 2262.</ref> بينما أنكر [[الشيعة]] خبر رعيه الغنم.<ref name="العاملي-نشأته"/> وفي الثانية عشر من عمره،<ref name="ابن جماعة-قبل البعثة">المختصر الكبير في سيرة الرسول، عز الدين بن جماعة الكتاني، ص1-13.</ref> سافر مع عمه [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبي طالب]] إلى [[بلاد الشام|الشام]] للتجارة، فلما نزلوا «[[بصرى]]» في [[بلاد الشام|الشام]] مرّوا على راهب اسمه «[[بحيرى]]»،<ref name="الألفية-قبل البعثة"/> وكان عالمًا [[إنجيل|بالإنجيل]]، فجعل ينظر إلى محمد ويتأمّله، ثم قال [[أبو طالب بن عبد المطلب|لأبي طالب]] {{اقتباس مضمن|ارجع بابن أخيك إلى بلدك واحذر عليه [[يهود|اليهود]] فوالله إن رأوه أو عرفوا منه الذي أعرف ليبغنه عنتًا، فإنه كائن لابن أخيك شأن عظيم نجده في كتبنا وما ورثنا من آبائنا}}.<ref name="الطبري-قبل البعثة">تاريخ الطبري، الطبري، ج2، ص287.</ref><ref name="الأصبهاني-قبل البعثة">دلائل النبوة، أبو نعيم الأصبهاني، ج1، ص125.</ref>

لُقّب محمد في [[مكة]] «[[الصادق الأمين|بالأمين]]»،<ref name="الخضري-قبل البعثة"/> فكان الناس يودعون أماناتهم عنده. كما عُرف عنه أنه لم يسجد [[صنم|لصنم]] قطّ، رغم أنتشار ذلك في [[قريش]]،<ref name="العمري-قبل البعثة">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص104.</ref><ref name="الصلابي-قبل البعثة"/> ولم يشارك شبابهم في لهوهم ولعبهم،<ref name="السباعي-قبل البعثة"/> وإنما كان يشارك كبرائهم في حربهم ومساعدتهم بعضًا بعضًا، ففي الرابعة عشر من عمره، وقيل في العشرين من عمره،<ref name="البداية والنهاية-مولده"/> حدثت [[حرب الفجار]] بين [[كنانة]] و[[قيس عيلان]]، وشارك محمد مع قريش ضمن بني كنانة لأن [[قريش]] من [[كنانة]]، وأما خصومهم قيس وعيلان فكان منهم قبائل [[هوازن]] و[[بنو غطفان|غطفان]] و[[سليم (توضيح)|سليم]] و[[عدوان]] و[[فهم (قبيلة)|فهم]] وغيرهم من القبائل القيسية،<ref name="الحلبية-قبل البعثة"/> فشارك محمد فيها.<ref name="الحلبية-قبل البعثة">السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج1، ص127-129، دار المعرفة.</ref> وقال النبي محمد عن حرب الفجار:{{اقتباس مضمن|قد حضرته مع عمومتي، ورميت فيه بأسهم، وما أحب أني لم أكن فعلت}}، <ref>الطبقات الكبرى - محمد بن سعد - ج 1 - الصفحة 128</ref> وقال عن حرب الفجار كذلك:{{اقتباس مضمن|كنت أنبل على أعمامي}}، <ref>البداية والنهاية – الجزء الثاني</ref> وقال عنها أيضا:{{اقتباس مضمن| ما سرني أني لم أشهده إنهم تعدوا على قومي عرضوا عليهم أن يدفعوا إليهم البراض صاحبهم فأبوا}}.<ref>الأغاني للأصفهاني (22/78)</ref> كما شارك [[قريش]]ًا في «[[حلف الفضول]]» وهو ميثاق عقدته [[قريش]] في دار [[عبد الله بن جدعان]] [[مكة|بمكة]]، وتعاهدت فيه أن تحمي الضعفاء والمظلومين، قال محمد {{اقتباس مضمن|لقد شهدتُ في دار [[عبد الله بن جدعان]] حِلفًا، لو دُعيت به في [[الإسلام]] لأجبتُ}}.<ref>رواه [[ابن الملقن]] في البدر المنير، عن [[عبد الرحمن بن أبي بكر]]، ج7، ص325.</ref> ولمّا أصاب [[الكعبة]] سيل أدّى إلى تصدّع جدرانها، قرر أهل [[مكة]] تجديد بنائها،<ref name="السباعي-قبل البعثة"/> وفي أثناء ذلك اختلفوا فيمن يضع [[الحجر الأسود]] في موضعه، فاتفقوا على أن يضعه أول شخص يدخل عليهم، فلما دخل عليهم محمد وكان عمره خمسًا وثلاثين سنة،<ref name="ابن جماعة-قبل البعثة"/> قالوا {{اقتباس مضمن|هذا [[الصادق الأمين|الأمينُ]]، قد رَضينا بما يقضي بيننا}}،<ref name="ابن جماعة-قبل البعثة"/> فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه.<ref name="الفصول">[http://www.almeshkat.net/books/archive/books/alfsolseert.zip الفصول في اختصار سيرة الرسول]، [[ابن كثير الدمشقي|إسماعيل بن كثير]] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160906090759/http://www.almeshkat.net/books/archive/books/alfsolseert.zip |date=06 سبتمبر 2016}}</ref>

=== زواجه بخديجة ===
{{مفصلة|خديجة بنت خويلد}}
{{أنبياء وردت أسماؤهم في القرآن}}
[[ملف:Khadija tomb.jpg|تصغير|يمين|القبة التي كانت مبنية على قبر خديجة في [[مقبرة المعلاة]].]]
كانت [[خديجة بنت خويلد]] امرأةً تاجرةً ذات شرف ومال،<ref name="الخضري-قبل البعثة"/> فبلغها عن محمد ما بلغها من أمانته، فعرضت عليه أن يخرج بمالها إلى [[بلاد الشام|الشام]] متاجرًا وتعطيه أفضلَ ما كانت تعطي غيره من التجّار،<ref name="أسد الغابة-قبل البعثة">أسد الغابة في معرفة الصحابة، [[ابن الأثير الجزري]]، ج1، ص1337-1338.</ref> فقبل وخرج ومعه غلامها «ميسرة»، فقدما [[بلاد الشام|الشام]] فنزلا في سوق بصرى في ظل شجرة قريبة من صومعة راهب يُقال له «نسطور»،<ref name="ابن سيد الناس-قبل البعثة">عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، [[ابن سيد الناس]]، ج1، ص71، مؤسسة عز الدين، [[بيروت]]، ط1986.</ref> فاطلع الراهب إلى ميسرة وقال له «ما نزل تحت هذه الشجرة قطّ إلا نبيّ»،<ref name="ثقات ابن حبان">ثقات ابن حبان، [[ابن حبان]]، ج1، 47.</ref> وكان ميسرة إذا اشتد الحرّ يرى [[الملائكة في الإسلام|ملكين]] يظلانه من الشمس وهو على بعيره.<ref name="البداية والنهاية-زواجه">[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج2، ص358-274.</ref> فلما أقبل عائدًا إلى [[مكة]] قدم على خديجة بمالها وقد ربحت ضعف ما كانت تربح.<ref name="أسد الغابة-قبل البعثة"/> بعد ذلك عرضت خديجة عليه الزواج بواسطة صديقتها «نفيسة بنت منيّة»،<ref name="الاكتفاء-زواجه">الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء، سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي، ج1، ص114، عالم الكتب، [[بيروت]]، ط1996.</ref> فرضى بذلك، وعرض ذلك على أعمامه، فخرج معه عمّه [[حمزة بن عبد المطلب]] حتى خطبها من عمّها «عمرو بن أسد»،<ref>[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج2، ص361.</ref><ref>في عيون الأثر، [[ابن سيد الناس]]، ج1، 72: «قال [[الواقدي]]: الثبت عندنا المحفوظ من أهل العلم ان أباها "خويلد بن أسد" مات قبل [[حرب الفجار|الفِجَار]] وأن عمها "عمرو بن أسد" زوّجها رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}».</ref> وقيل بل خطبها له [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبو طالب]].<ref>[[الكافي (كتاب)|أصول الكافي]]، [[محمد بن يعقوب الكليني|الكليني]]، ج5، ص374.</ref> ثم تزوجها بعد أن [[مهر (توضيح)|أصدقها]] عشرين بكرة، وكان سنّه خمسًا وعشرين سنة وهي أربعين سنة،<ref name="الطبقات-خديجة">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص132، دار صادر، [[بيروت]].</ref> وقيل بل كانت خمسًا وعشرين سنة،<ref>دلائل النبوة للبيهقي ج 2 ص 71، حيث صحح البيهقي أنه خديجة توفيت وعمرها خمسون سنة يرجح الروايات القائلة أنها تزوجت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمرها خمس وعشرون سنة، أي خمس عشرة سنة قبل البعثة وعشر سنوات بعد البعثة.</ref> أو ثمانية وعشرين سنة.<ref>[[المستدرك على الصحيحين (كتاب)|المستدرك على الصحيحين]]، [[أبو عبد الله الحاكم النيسابوري|الحاكم النيسابوري]]، ج11، ص157.</ref> وكانت [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] أول امرأة تزوجها محمد ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت<ref name="البداية والنهاية-زواجه"/> بعد ما بقيت معه خمسًا وعشرين سنة، عشرًا بعد المبعث وخمس عشرة قبله.<ref name="حدائق-نشأته"/> وبحسب [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] فإنه قد تزوج خديجة قبل محمد وهي بِكر «عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم» (وولدت له هند) ثم مات عنها فتزوجها «أبو هالة النباش بن زرارة» (وولدت له هند وهالة).<ref name="أسد الغابة-قبل البعثة"/> بينما رفض [[الشيعة]] ذلك، وقالوا إنَّ محمدًا تزوجها بكرًا.<ref name="العاملي-خديجة">الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص105-125، دار السيرة، بيروت، ط1995.</ref>

أنجب محمد من خديجة كل أولاده إلا [[إبراهيم بن محمد|إبراهيم]]. وحين تزوج خديجة، أعتق حاضنته [[أم أيمن]] فتزوجها «عبيد بن زيد من بني الحارث»، فولدت له أيمن،<ref name="الإصابة-أم أيمن">الإصابة في تمييز الصحابة، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج8، ص78، دار الجيل، [[بيروت]].</ref> فصحب محمدًا حين بُعث وتوفي شهيدًا [[غزوة حنين|يوم حنين]]،<ref>الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج8، ص223، دار صادر، [[بيروت]].</ref> وقيل [[غزوة خيبر|يوم خيبر]].<ref name="الإصابة-أم أيمن"/> وكان [[زيد بن حارثة]] لخديجة فوهبته لمحمد، فأعتقه وزوجه [[أم أيمن]] بعد النبوة فولدت له [[أسامة بن زيد|أسامة]]،<ref>زاد المعاد في هَدْي خير العباد، [[ابن قيم الجوزية|ابن القيم]]، ج1، ص82.</ref> وتوفيت بعدما توفي محمّد بخمسة أشهر.<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، رقم: 1771.</ref>

=== مبشرات على قرب مبعثه ===
{{مفصلة|البشارات ببعثة الرسول محمد}}
[[ملف:Balami - Tarikhnama - The miraculous rescue of the Ka'ba from Abraha's attack (cropped).jpg|تصغير|[[الطير الأبابيل]] تهاجم [[أبرهة الحبشي]] والفيلة بحجارة نارية من جهنم عند سعيه لهدم [[الكعبة]] كما ورد في [[سورة الفيل]]، وهي إحدي المبشرات بمولد محمد.]]
يؤمن المسلمون بأن الله لم يبعث نبيًا إلا وأخذ عليه الميثاق لئن بُعث محمدًا وهو حيّ ليؤمننّ به وينصرنّه، ويأمر قومه بذلك،<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=265&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=49&ayano=0&surano=0&bookhad=0 في تفسير ابن كثير، سورة الأنعام]: «قال [[علي بن أبي طالب]] وابن عمه [[عبد الله بن عباس]]، رضي الله عنهما: "ما بعث الله نبيًا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بعث محمّد وهو حيّ ليؤمننّ به ولينصرنّه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمّته لئن بعث محمّد {{صلى الله عليه وسلم}} وهم أحياء ليؤمننّ به ولينصرنّه» {{استشهاد ويب |مسار=https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=265&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=49&ayano=0&surano=0&bookhad=0 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=20 مايو 2011 |تاريخ أرشيف=4 نوفمبر 2011 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20111104021124/http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&ID=265 |حالة المسار=dead }}</ref> وكان محمدٌ يقول {{اقتباس مضمن|أنا دعوة [[إبراهيم]]، وكان آخر من بشّر بي [[عيسى بن مريم]]}}.<ref>رواه [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]] في الجامع الصغير، عن [[عبادة بن الصامت]]، رقم:2703، وقال عنه: حسن.</ref> وقد ورد في كتب السير بأن الأحبار من [[يهود|اليهود]] و[[كاهن|الكهّان]] من [[المسيحية|النصارى]] ومن [[عرب|العرب]] كانوا قد تحدّثوا بأمر النبي محمد قبل مبعثه لمّا تقارب زمانه،<ref name="البداية والنهاية-مبشرات">[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج2، ص374-386.</ref> فأمّا الكهّان من [[عرب|العرب]] فأتتهم به [[الشياطين (فيلم)|الشياطين]] من [[جن|الجن]] مما تسترق من السمع في السماء قبل أن تُحجَب عن ذلك برمي النجوم والشهب بمبعث النبي محمد،<ref name="البداية والنهاية-مبشرات"/> وأما الأحبار من [[يهود|اليهود]] والرهبان من [[المسيحية|المسيحيين]] فلِما وجدوا في كتبهم من صفته وصفة زمانه، وما كان من عهد أنبيائهم إليهم أن يتبعوه وينصروه إذا بعث فيهم.

قال [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]] {{اقتباس مضمن|كانت [[يهود]] [[خيبر]] تقاتل [[بنو غطفان|غطفان]] فلمّا التقوا هُزمت [[يهود]] [[خيبر]] فعاذت [[يهود|اليهود]] بهذا الدعاء فقالت {{اقتباس مضمن|اللهم إنا نسألك بحقّ محمد النبيّ الأميّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم}}، فكانوا إذا التَقَوا، دعوا بهذا الدعاء فهزموا [[بنو غطفان|غطفان]]، فلما بُعث النبي {{صلى الله عليه وسلم}} كفروا به فأنزل الله {{قرآن|البقرة|89|من كلمة=وكانوا|إلى كلمة=كفروا}}}}.<ref name="الخصائص الكبرى-مبشرات">الخصائص الكبرى، [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، ص40، دار الكتب العلمية، [[بيروت]].</ref> ومما ورد في قصة إسلام [[سلمان الفارسي]] أنه قال له أحد الرهبان «قد أظلّ زمان نبي، مبعوث بدين [[إبراهيم]] يخرج بأرض [[عرب|العرب]]، مهاجره إلى الأرض بين حرّتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى، يأكل الهديّة ولا يأكل الصّدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل».<ref name="البداية والنهاية-مبشرات"/> وعن [[عامر بن ربيعة]] أنه قال: «سمعت [[زيد بن عمرو بن نفيل]] يقول أنا أنتظر نبيًا من ولد [[إسماعيل]] ثم من بني [[عبد المطلب بن هاشم]] ولا أراني أدركه، وأنا أؤمن به وأصدّقه وأشهد أنه نبيّ، فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السّلام، وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفى عليك. قلت: هلمّ. قال: هو رجل ليس بالقصير ولا بالطويل ولا بكثير الشعر ولا بقليله وليست تفارق عينيه حمرة وخاتم النبوة بين كتفيه، واسمه أحمد، وهذا البلد مولده ومبعثه، ثم يخرجه قومه منها، ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى [[يثرب]] فيظهر أمره، فإيّاك أن تخدع عنه فإني طفت البلاد كلها أطلب دين [[إبراهيم]]، فكل من أسأل من [[يهود|اليهود]] و[[المسيحية|النصارى]] و[[الزرادشتية|المجوس]] يقولون «هذا الدين وراءك» وينعتونه مثل ما نعته لك ويقولون «لم يبق نبي غيره»».<ref name="الطبري-الوحي">تاريخ الأمم والملوك، [[محمد بن جرير الطبري|الطبري]]، ج1، ص526-535، [[دار الكتب العلمية]]، ط1987.</ref>

وقد كان محمد يرى قبل بعثته أمورًا، من ذلك ما قاله {{اقتباس مضمن|إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلّم علي قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن}}،<ref>[[صحيح مسلم]]، عن [[جابر بن سمرة]]، رقم:2277.</ref> وكان إذا خرج لحاجة أبعد حتى تحسر عنه البيوت ويفضي إلى شعاب [[مكة]] وبطون أوديتها، فلا يمرّ بحجر ولا شجر إلا قال «السلام عليك يا رسول الله» يمينه وعن شماله وخلفه فلا يرى إلا الشجر والحجارة. فمكث كذلك يرى ويسمع، حتى جاءه [[جبريل]] في [[غار حراء]].<ref name="البداية والنهاية-الوحي"/>

== حياته بعد البعثة إلى الهجرة ==
=== نزول الوحي ===
[[ملف:Cave Hira.jpg|تصغير|يسار|[[غار حراء]]، حيث نزل [[وحي|الوحيُ]] من الله على محمد.]]
[[ملف:Jabal Nur.JPG|تصغير|يسار|[[جبل النور]] في [[مكة]].]]
لما بلغ محمد سنَّ الأربعين، اعتاد أن يخرج إلى [[غار حراء]] (طوله 2.16 م، وعرضه 0.945 م)<ref name="الرحيق المختوم-الوحي"/> في [[جبل النور]] على بعد نحو ميلين من [[مكة]]،<ref name="السباعي-قبل البعثة"/> وذلك في كل عام،<ref name="البداية والنهاية-الوحي">[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج3، ص5-33.</ref> فيأخذ معه الطعام والماء ليقيم فيه شهرًا بأكمله ليتعبد ويتأمّل.<ref name="ابن سيد الناس-الوحي">عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، [[ابن سيد الناس]]، ج1، ص109-120، مؤسسة عز الدين، بيروت، ط1986.</ref> ويعتقد المسلمون بأنه في يوم الاثنين،<ref>في [[صحيح مسلم]]، عن [[أبو قتادة الأنصاري|أبي قتادي الأنصاري]]، رقم:1162: «سُئل النبي {{صلى الله عليه وسلم}} عن صوم الإثنين؟ قال "ذاك يومٌ ولدت فيه، ويومٌ بُعثت (أو أنزل عليّ) فيه"».</ref> [[17 رمضان]]<ref name="ابن سعد-مبعثه">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص190-198، دار صادر، بيروت.</ref> أو [[24 رمضان]]،<ref name="البداية والنهاية-الوحي"/><ref>في [[مسند أحمد]]، ج4، ص107، والجامع الصغير، [[جلال الدين السيوطي|للسيوطي]]، رقم:2734، وحسّنه: «أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: "أُنزل [[القرآن]] لأربع وعشرين خلت من [[رمضان]]"».</ref> أو [[21 رمضان]]، الموافق [[10 أغسطس]] سنة [[610]]م،<ref name="الرحيق المختوم-الوحي">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، دار المؤيد، ص65.</ref> أو [[27 رجب]] (المشهور عند [[الشيعة]])،<ref name="العاملي-الوحي">الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص243-252، دار السيرة، بيروت، ط1995.</ref> نزل الوحي لأول مرّة على محمد وهو في [[غار حراء]]، تروي [[عائشة بنت أبي بكر]] قصة بدء الوحي، والتي أنكر [[الشيعة]] معظمَ ما جاء فيها:<ref>الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص296، دار السيرة، بيروت، ط1995.</ref><ref name="البخاري بدأ الوحي">[https://www.dorar.net/enc/hadith/زملوني/+d1,2+p صحيح البخاري، ص3.] {{وصلة مكسورة|تاريخ= مايو 2019 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20110911053906/http://www.dorar.net/enc/hadith/زملوني/+d1,2+p |date=11 سبتمبر 2011}}</ref>
{{اقتباس خاص|أول ما بدأ به رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنّث فيه الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحقّ وهو في غار حراء، فجاءه [[جبريل|المَلك]] فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقاريء. قال: فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقاريء، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقاريء، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {{قرآن|العلق|1|إلى آية=5}} فرجع بها رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يرجف فؤاده، فدخل على [[خديجة بنت خويلد]] رضي الله عنها فقال: زمّلوني زملّوني، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرّحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتُقرِي الضيف، وتُعين على نوائب الحقّ. فانطلقت به خديجة حتى أتت به [[ورقة بن نوفل]] بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان امرءًا [[المسيحية|تنصّر]] في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من [[إنجيل|الإنجيل]] [[اللغة العبرية|بالعبرانية]] ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عمّ، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله به على [[موسى]]، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيًا إذ يُخرجك قومك، فقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: أوَمخرجيّ هم؟ قال: نعم، لم يأتِ رجل قطّ بمثل ما جئتَ به إلا عُودِي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا}}

كما يفسر علماء [[مسلم|المسلمين]] ما ورد في [[سفر التثنية]] ب<nowiki/>[[التوراة]] بأنه نبوءة عن قصة نزول الوحي علي محمد:<ref>{{استشهاد ويب|موقع=Bible Hub|عنوان     =Isaiah 29:12 - Woe to the City of David|تاريخ الوصول=2023-09-25|تاريخ أرشيف=20 أكتوبر 2023|مسار      =https://biblehub.com/isaiah/29-12.htm|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20231020144427/https://biblehub.com/isaiah/29-12.htm}}</ref>

{{اقتباس مع مصدر|ثم يُعطى الكتاب للأمي قائلاً: "الآن اقرأ هذا". فيقول: "لا أستطيع القراءة.|[[سفر إشعياء]] 29: 12}}
وبعد تلك الحادثة، فَتَر عنه [[وحي|الوحي]] مدة، قيل أنها أربعون ليلة وقيل أقلّ من ذلك، ورجّح [[محمد سعيد رمضان البوطي|البوطي]] ما رواه [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]] من أن المدة كانت ستةَ أشهر،<ref name="البوطي-قبل البعثة"/><ref>[[فتح الباري]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج1، ص31.</ref> حتى انتهت بنزول أوائل [[سورة المدثر]]. ثم بدأ الوحي ينزل ويتتابع مدة ثلاثة وعشرين عامًا حتى وفاته.<ref name="الدرر-أول ما نزل من القرآن">{{استشهاد ويب|مسار=http://islamport.com/d/3/tkh/1/24/447.html?zoom_highlightsub%3D%D2%E3%E1%E6%E4%ED|عنوان=الموسوعة الشاملة - الدرر في اختصار المغازي والسير|موقع=islamport.com| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20160304193822/http://islamport.com/d/3/tkh/1/24/447.html?zoom_highlightsub%3D%D2%E3%E1%E6%E4%ED | تاريخ أرشيف = 4 مارس 2016}}</ref> فكان أول ما نزل من القرآن بعد أول [[سورة العلق]]، أول [[سورة القلم]]، و[[سورة المدثر|المدثر]] و[[سورة المزمل|المزمل]] و[[سورة الضحى|الضحى]] و[[سورة الليل|الليل]].<ref name="الطبري-الوحي"/> وعن كيفية نزول الوحي عليه، كان يقول {{اقتباس مضمن|أحيانًا في مثل صلصلة الجرس، فهو أشده عليّ فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول}}، قالت [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]]: {{اقتباس مضمن|ولقد رأيتُه ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصِم عنه، وإنَّ جبينه ليتفصَّد عرقًا}}.<ref>رواه [[ابن خزيمة]] في التوحيد، ج1، ص358، عن [[عائشة بنت أبي بكر]]، وأشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح.</ref> وفي نفس تلك الفترة حدثت له [[حادثة شق الصدر]] للمرّة الثانية.<ref name="شق الصدر الشريف">في [[فتح الباري]]، [[ابن حجر العسقلاني|لابن حجر العسقلاني]]، ج7، ص204-205، دار المعرفة، بيروت، ط1959: «وقد استنكر بعضهم وقوع شق الصدر [[الإسراء والمعراج|ليلة الإسراء]] وقال إنما كان ذلك وهو صغير في بني سعد، ولا إنكار في ذلك، فقد تواردت الروايات به وثبت شق الصدر أيضًا عند البعثة كما أخرجه أبو نعيم في الدلائل، وجميع ما ورد من شق الصدر واستخراج القلب وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة مما يجب التسليم له دون التعرض لصرفه عن حقيقته لصلاحية القدرة فلا يستحيل شيء».</ref><ref>[http://www.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=629&hid=168&pid=138945 دلائل النبوة]، أبو نعيم الأصبهاني، في ذكر بدء الوحي. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20140406213905/http://www.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=629&hid=168&pid=138945 |date=06 أبريل 2014}}</ref>

=== بداية الدعوة ===
{{مفصلة|بداية الدعوة المحمدية}}
[[ملف:Prayer in Cairo 1865.jpg|تصغير|يمين|[[الصلاة في الإسلام|الصلاة]] كانت أول ما نزل من الأحكام على المسلمين في بداية الدعوة.]]
[[ملف:أبو بكر الصديق.gif|تصغير|يسار|قال النبي محمد {{اقتباس مضمن|ما دعوتُ أحدًا إلى [[الإسلام]] إلا كانت فيه عنده كبوة ونظر وتردد، إلا ما كان من [[أبو بكر الصديق|أبي بكر بن أبي قحافة]] ما عَكَم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه}}.<ref name="ابن سيد الناس-السرية"/>]]
يعتقد المسلمون بأن محمدًا بُعث للناس كافة، فقد قال عن نفسه {{اقتباس مضمن|أنا رسولُ من أدركتُ حيًا، ومن يولد بعدي}}،<ref>رواه [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، في الجامع الصغير، عن [[الحسن البصري]]، رقم: 2697، وقال عنه: مرسل حسن.</ref> فبعد نزول آيات [[سورة المدثر]]،<ref name="الرحيق المختوم-السرية">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص55-58.</ref> بدأ يدعو إلى [[الإسلام]] الكبيرَ والصغيرَ، والحر والعبد، والرجال والنساء، فكان أوّل النّاس إيمانًا به بحسب الرواية [[أهل السنة والجماعة|السنية]] زوجته [[خديجة بنت خويلد]]،<ref>في عيون الأثر، [[ابن سيد الناس|لابن سيد الناس]]، ج1، ص123: «قال ابن إسحق: "كانت [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] أول من آمنت بالله ورسوله وصدّقت ما جاء من عند الله عز وجل وآزرته على أمره، فخفف الله بذلك عن رسوله"».</ref> ثمّ ابن عمّه [[علي بن أبي طالب]]،<ref>في تهذيب التهذيب، [[ابن حجر العسقلاني|لابن حجر العسقلاني]]، ج7، ص195: «قال ابن إسحاق: أول من آمن بالله ورسوله من الرجال [[علي بن أبي طالب]]، وهو قول ابن شهاب، إلا أنه قال: من الرجال بعد خديجة، وهو قول الجميع في [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] وهو قول عبد الله بن محمد بن عقيل وقتادة ومحمد بن كعب القرظى وروى أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]] قال "كان عليّ أول من آمن بالله من الناس بعد [[خديجة بنت خويلد|خديجة]]"».</ref> (وهو أول الناس إيمانًا بحسب [[الشيعة]])<ref>الغدير في الكتاب والسنّة والأدب، [[عبد الحسين الأميني]]، ج3، ص95.</ref> وكان صبيًا يعيش في كفالة محمد معاونةً [[أبو طالب بن عبد المطلب|لأبي طالب]]،<ref name="الصحيحة-السرية">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص132-141، مكتبة العبيكان، ط2005.</ref> وهو يومئذٍ ابن عشر سنين<ref>[[فتح الباري]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج7، ص174.</ref><ref name="الروض الأنف-السرية">الروض الأنف، السهيلي، ج1، ص414-437.</ref>، وقيل ثمان سنين، وقيل غير ذلك.<ref name="الألفية-بعد البعثة">[[ألفية السيرة النبوية]]، [[عبد الرحيم العراقي]]، ص4-11.</ref> ثم أسلم [[زيد بن حارثة]] مولى محمد ومتبنّاه قبل تحريم ذلك في [[الإسلام]]، فكان أول ذكر أسلم وصلّى بعد [[علي بن أبي طالب]]،<ref name="ابن سيد الناس-السرية">عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، [[ابن سيد الناس]]، ج1، ص123-130، مؤسسة عز الدين، بيروت، ط1986.</ref> وفي رواية الزهري أن [[زيد بن حارثة]] كان أول الرجال إسلامًا.<ref name="الصحيحة-السرية"/> ثم أسلم صديقه المقرّب [[أبو بكر الصديق|أبو بكر بن أبي قحافة]]،<ref name="ابن سيد الناس-السرية"/> وقيل بل أسلم قبل [[علي بن أبي طالب]]،<ref name="الفصول-قبل الهجرة"/> قال [[أبو حنيفة النعمان|أبو حنيفة]] «بل هو أول من أسلم من الرجال، و[[علي بن أبي طالب|عليًا]] أول من أسلم من الصبيان».<ref>في [[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|لابن كثير]]، ج3، ص39: «وقد أجاب [[أبو حنيفة النعمان|أبو حنيفة]] رضي الله عنه بالجمع بين هذه الأقوال بأن أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الموالي [[زيد بن حارثة]]، ومن الغلمان [[علي بن أبي طالب]] رضي الله عنهم أجمعين».</ref><ref>في تاريخ الأمم والملوك، [[محمد بن جرير الطبري|للطبري]]، ج1، ص541: «قال [[الواقدي]]: اجتمع أصحابنا على أن أول أهل [[قبلة|القبلة]] استجاب لرسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} [[خديجة بنت خويلد]] ثم اختلف عندنا في ثلاثة نفر في [[أبو بكر الصديق|أبي بكر]] و[[علي بن أبي طالب|علي]] و[[زيد بن حارثة]] أيّهم أسلم أوّل».</ref> ولمّا أسلم [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] أظهر إسلامه فكان أول من أظهر [[الإسلام]] في [[مكة]]،<ref name="علي وأبو بكر">تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، [[شمس الدين الذهبي|الذهبي]]، ج1، ص136، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1987.</ref> وجعل يدعو إلى [[الإسلام]] من وثِقَ به من قومه ممن يجلس إليه، فأسلم بدعائه [[عثمان بن عفان]]، و[[عبد الرحمن بن عوف]]، و[[طلحة بن عبيد الله]]، و[[الزبير بن العوام]]، و[[سعد بن أبي وقاص]].<ref name="الرحيق المختوم-السرية"/><ref name="الفصول-قبل الهجرة">الفصول في سيرة الرسول {{صلى الله عليه وسلم}}، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج1، ص9-20.</ref> ويُروى أنّ أبا بكر رأى رؤيا قبل إسلامه، ذلك أنه رأى القمر ينزل إلى [[مكة]]، ثم رآه قد تفرّق على جميع منازل مكة وبيوتها، فدخل في كل بيت منه شعبة، ثم كأنه جمع في حجره، فقصّها على بعض الكتابيين فعبرها له بأن «النبي المنتظر الذي قد أظل زمانه تتبعه وتكون أسعد الناس به».<ref name="الروض الأنف-السرية"/>

وكان محمد في بداية أمره يدعو إلى [[الإسلام]] مستخفيًا حذرًا من [[قريش]] مدة ثلاث سنين.<ref name="البوطي-بعد البعثة">فقه السيرة النبوية، [[محمد سعيد رمضان البوطي]]، ص62-85، دار الفكر المعاصر، ط2006.</ref> وكان من أوائل ما نزل من الأحكام الأمر [[الصلاة في الإسلام|بالصلاة]]، وكانت الصلاة ركعتين بالصباح وركعتين بالعشيّ،<ref name="الروض الأنف-السرية"/> فكان محمد وأصحابه إذا حضرت [[الصلاة في الإسلام|الصّلاة]] ذهبوا في الشِّعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم.<ref name="مولد تلقائيا3">أسد الغابة في معرفة الصحابة، [[ابن الأثير الجزري]]، ج1، ص439.</ref> وكان المسلمون الأوائل يلتقون بمحمد سرًا، ولما بلغوا ثلاثين رجلاً وامرأةً، اختار لهم محمد «[[دار الأرقم|دار الأرقم بن أبي الأرقم]]» عند جبل الصفا ليلتقي بهم فيها لحاجات الإرشاد والتعليم.<ref name="البوطي-بعد البعثة"/> وبقوا فيها شهرًا،<ref>السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج1، ص457، دار المعرفة.</ref> لحين ما بلغوا ما يقارب أربعين رجلاً وامرأةً، فنزل الوحي يكلف الرسول بإعلان الدعوة والجهر بها.<ref name="ابن سعد-السرية">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص199، دار صادر، بيروت.</ref>

=== الجهر بالدعوة ===
[[ملف:جبل الصفا في مكة.jpg|تصغير|يمين|جبل الصَّفا من داخل [[المسجد الحرام]] في [[مكة]]، والذي جهر عنده محمد لأول مرّة بدعوته.]]
بعد مرور ثلاث سنوات من الدعوة سرًا، بدأ محمد بالدعوة جهرًا بعدما تلقّى أمرًا من الله بإظهار دينه، عن [[علي بن أبي طالب]] أنه قال: {{اقتباس مضمن|لما نزلت «'''وأنذر عشيرتك الأقربين'''» جمع رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قرابته، فاجتمع له ثلاثون رجلاً، فأكلوا وشربوا، فقال لهم: من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي؟ فقال علي: أنا}}.<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن [[علي بن أبي طالب]]، ج2، ص165، وصححه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]].</ref><ref>رواه [[محمد الشوكاني|الشوكاني]] في در السحابة في مناقب القرابة والصحابة، عن [[علي بن أبي طالب]]، رقم أو صفحة:149، وقال عنه: إسناده جيد.</ref><ref name="شيعة-الإمامة وأهل البيت">[http://www.shiaweb.org/shia/imama_2/pa7.html '''شبكة الشيعة العالمية:''' الإمامة وأهل البيت] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170722173352/http://shiaweb.org:80/shia/imama_2/pa7.html |date=22 يوليو 2017}}</ref> ويروي [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]] فيقول:<ref name="ابن سعد-الجهرية">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص199-206، دار صادر، بيروت.</ref>
{{اقتباس خاص|لمّا أنزلت «'''وأنذر عشيرتك الأقربين'''» صعد رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} على الصّفا فقال: يا معشر [[قريش]]! فقالت [[قريش]]: مالك يا محمد؟ قال: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل أكنتم تصدقونني؟ قالوا: نعم، أنت عندنا غير متَّهم، وما جربنا عليك كذبًا قطّ. قال: فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ، يا بني عبد المطلب! يا بني عبد مناف! يا [[بنو زهرة|بني زهرة]]! إنّ الله أمرني أن أُنذر عشيرتي الأقربين، وإنّي لا أملك لكم من الدنيا منفعة ولا من الآخرة نصيبًا، إلا أن تقولوا لا إله إلا الله. فقال [[أبو لهب]]: تبًا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله {{تبارك وتعالى}} «'''تبت يدا أبي لهب وتب'''»}}
[[ملف:Sahadah-Topkapi-Palace.jpg|تصغير|يسار|[[الشهادتان]] «'''لا إله إلا الله محمد رسول الله'''» التي كان يدعو لهما النبي محمد.]]

[[ملف:Folio from a Koran (8th-9th century).jpg|تصغير|ورقة من مصحف قديم ب[[خط كوفي|الخط الكوفي]] ( [[الدولة العباسية|العصر العباسي]]، القرنان الثامن والتاسع)]]
وبحسب رواية عن الزهري فإن [[قريش]]ًا لم تعاد محمدًا ودعوتَه إلا بعد أن نزلت آيات في ذم [[صنم|الأصنام]] وعبادتها،<ref name="ابن سعد-الجهرية"/> في حين يتمسك مفسرو [[القرآن]] وأغلب كتاب السيرة بأن المعارضة تزامنت مع بدء الدعوة الجهرية للإسلام.<ref name="ابن هشام-الجهرية"/> فاشتدت [[قريش]] في معاداتها لمحمد وأصحابه، وتصدّوا لمن يدخل في الإسلام بالتعذيب والضرب والجلد والكيّ، حتى مات منهم من مات تحت التعذيب،<ref name="البوطي-بعد البعثة"/> قال [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]] {{اقتباس مضمن|أول من أظهر الإسلام [[مكة|بمكة]] سبعة: رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، و[[أبو بكر الصديق|أبو بكر]]، و[[بلال بن رباح|بلال]] و[[خباب بن الأرت|خباب]] و[[صهيب بن سنان|صهيب]] و[[عمار بن ياسر|عمار]] و[[سمية بنت خباط|سمية]]. فأما رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} وأبو بكر فمنعهما قومهما، وأما الآخرون فأُلبسوا أدرع الحديد ثم صُهروا في الشمس وجاء [[أبو جهل]] إلى [[سمية بنت خباط|سمية]] فطعنها بحربة فقتلها}}.<ref>الإصابة في تمييز الصحابة، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج4، ص335.</ref> حتى محمدًا قد ناله نصيب من عداوة [[قريش]]، من ذلك ما رواه [[عبد الله بن عمرو بن العاص]] {{اقتباس مضمن|بينما رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يصلي بفناء [[الكعبة]] إذ أقبل [[عقبة بن أبي معيط]] فأخذ بمنكب رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبل [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} وقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم}}.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]] عن [[عبد الله بن عمرو بن العاص]]، رقم: 4815.</ref> وقد كان من أشدّهم معاداة لمحمد وأصحابه [[أبو جهل]]، و[[أبو لهب]]، والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن قيس بن عدي، و[[الوليد بن المغيرة]] و[[أمية بن خلف]]، و[[عقبة بن أبي معيط]]،<ref name="ابن سعد-الجهرية"/> حتى دعا على بعضهم قائلاً: {{اقتباس مضمن|اللهم عليك بعمرو بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، و[[أمية بن خلف]]، و[[عقبة بن أبي معيط]]، وعمارة بن الوليد}}.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]] عن [[عبد الله بن مسعود]]، رقم: 520.</ref>

سلكت [[قريش]] طريق المفاوضات لثني محمد عن دعوته، فأرسلت [[عتبة بن ربيعة]] أحد ساداتهم يفاوضه، فلما سمع [[القرآن]] عاد لقريش وقال {{اقتباس مضمن|أطيعوني وخلّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فوالله ليكوننّ لقوله الذي سمعت منه بنبأ عظيم، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزّه عزّكم}}. ثم حاولوا مرات كثيرة بعرض المال عليه والزعامة، لكن محمدًا كان يرفض في كل مرة.<ref name="البوطي-بعد البعثة"/> ولما كان محمد في حصانة عمّه [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبي طالب]]، أرسلوا وفودًا لعمّه يعاتبونه مرات عديدة،<ref name="ابن هشام-الجهرية">سيرة ابن هشام، ابن هشام، ج2، ص92-163.</ref> حتى صعُب على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم له، فقال لمحمد {{اقتباس مضمن|يا ابن أخي، إنّ قومك قد جاؤوني وقالوا كذا كذا، فأبق عليَّ وعلى نفسك، ولا تحمِّلني من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك}}، فظنّ محمد أن قد بَدَا لعمّه فيه، وأنه خاذله ومُسْلمه، وضعف عن القيام معه. فقال محمد كلمته المشهورة {{اقتباس مضمن|يا عمّ، لو وُضعت الشمس في يميني، والقمر في يساري، ما تركتُ هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه}}. ثم بكى محمد، فقال له [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبو طالب]] {{اقتباس مضمن|يا ابن أخي، إمضِ على أمرك وافعل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدًا}}.<ref name="دلائل النبوة-الجهرية">دلائل النبوة، [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]]، ج2، ص63.</ref><ref name="الاكتفاء-الجهرية">الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء، سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي، ج1، ص163، عالم الكتب، بيروت، ط1996.</ref>

=== الهجرة إلى الحبشة ===
[[ملف:LocationAksumiteEmpire-ar.png|تصغير|يمين|موقع [[مملكة أكسوم|مملكة أكسوم الحبشية]]، وجهة أصحاب محمد للهجرة هربًا من الاضطهاد.]]
لما اشتد البلاء على المسلمين، أذن لهم محمد بالهجرة إلى [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]] عند الملك [[أصحمة النجاشي]]، قائلاً لهم {{اقتباس مضمن|إنّ بأرض [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]] ملكًا لا يُظلَم أحدٌ عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجًا ومخرجًا مما أنتم فيه}}، فخرج 11 رجلاً و4 نسوة،<ref name="فتح الباري-الحبشة">[[فتح الباري]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج7، ص188-189.</ref> على رأسهم [[عثمان بن عفان]] وزوجته [[رقية بنت محمد]]،<ref name="ابن هشام-الحبشة">سيرة ابن هشام، ج1، ص321-340.</ref> في شهر [[رجب]] من سنة خمس من البعثة (8 ق هـ)،<ref name="الصحيحة-الحبشة"/> وكان رحيل هؤلاء تسللًا في الليل، خرجوا إلى البحر وقصدوا «ميناء شعيبة»، وكانت هناك سفينتان تجاريتان أبحرتا بهم إلى [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]]،<ref name="الرحيق المختوم-الحبشة">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص74-78.</ref> فكانت أول هجرة في [[الإسلام]].
[[ملف:Surat An-Najm.jpg|تصغير|يسار|موضع [[سجود|السجود]] في آخر [[سورة النجم]] والذي سجد عند تلاوته كل من سمعه من النبي محمد.]]
وفي أعقاب الهجرة إلى [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]]، وتحديدًا في شهر [[رمضان]]، خرج النبي محمد إلى [[المسجد الحرام|الحرم]]، وفيه جمع كبير من [[قريش]]، فقام فيهم، وفاجأهم بتلاوة [[سورة النجم]]، ولم يكن أولئك قد سمعوا [[القرآن]] من قبل، لأنهم كانوا مستمرين على ما تواصوا به من قولهم {{قرآن|فصلت|26|من كلمة=لا تسمعوا|إلى كلمة=تغلبون}}،<ref name="الرحيق المختوم-الحبشة"/> حتى إذا تلا في خواتيم هذه السورة آية {{قرآن|النجم|62}} ثم سجد، فسجد معه كل من كان حاضرًا من [[قريش]]،<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عبد الله بن مسعود]]، رقم: 1070.</ref> إلا شيخًا أخذ كفًا من حصى فرفعه إلى جبهته وقال: «يكفيني هذا»،<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن [[عبد الله بن مسعود]]، ج5، ص307، وصححه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]].</ref> فشاع أن [[قريش]]ًا قد أسلمت.<ref name="الصحيحة-الحبشة">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص168-181، مكتبة العبيكان، ط2005.</ref>

ولما بلغ المسلمين في [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]] أن أهل [[مكة]] قد أسلموا، رجع ناس منهم إلى [[مكة]]، فلم يجدوا ما أُخبروا به صحيحًا، فلم يدخل أحدٌ [[مكة]] إلا مستخفيًا، أو في جوار رجل من [[قريش]]،<ref name="الرحيق المختوم-الحبشة"/> ثم رجعوا وسار معهم جماعة إلى [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]]، وهي الهجرة الثانية،<ref name="الصحيحة-الحبشة"/> فكان جميع من لحق بأرض الحبشة وهاجر إليها من المسلمين، سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم صغارًا أو ولدوا بها، 83 رجلاً.<ref name="ابن هشام-الحبشة"/> ولما رأت [[قريش]] أنّ أصحاب محمد قد أمنوا في [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]]، بعثوا عبد الله بن أبي ربيعة و[[عمرو بن العاص]] محمّلين بالهدايا [[أصحمة النجاشي|للنجاشي]] وبطارقته علّه يخرج المسلمين من دياره، فدعى [[نجاشي|النجاشي]] المسلمين، وقام [[جعفر بن أبي طالب]] مدافعًا عن المسلمين، فقرأ على النجاشي بعضًا من [[سورة مريم]]، فبكى النجاشي، وبكت أساقفته حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال لهم النجاشي {{اقتباس مضمن|إن هذا والذي جاء به [[عيسى بن مريم|عيسى]] ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يُكادون - يخاطب عمرو بن العاص وصاحبه}}.<ref name="تاريخ الإسلام-الحبشة">تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، [[شمس الدين الذهبي|الذهبي]]، ج1، ص193، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1987.</ref><ref>البدء والتاريخ، ابن المطهر، ج1، ص231.</ref> وقد هاجر معظم الذين هاجروا إلى [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]] إلى [[المدينة المنورة]]، بعد أن استقر [[الإسلام]] فيها، وتأخر [[جعفر بن أبي طالب|جعفر]] ومن معه إلى [[غزوة خيبر|فتح خيبر]] سنة [[7 هـ]].<ref name="الصحيحة-الحبشة"/>

=== حصار بني هاشم ===
{{إسلام}}
[[ملف:صورة للكعبة من الداخل.jpg|تصغير|يمين|[[الكعبة]] من الداخل، حيث عُلقت صحيفة المقاطعة [[بنو هاشم|لبني هاشم]].]]
لما بلغ [[قريش]]ًا فعل [[أصحمة النجاشي|النجاشي]] بالمسلمين، وأن [[عمر بن الخطاب]] و[[حمزة بن عبد المطلب]] قد أسلما، وعندما رأوا [[الإسلام]] يفشوا في القبائل،<ref name="ابن هشام-الحصار">السيرة النبوية، [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]، ج2، ص195-199، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> كبُر ذلك عليهم، وأجمعوا على قتل محمد، فكلّموا [[بنو هاشم|بني هاشم]] في ذلك فرفضوا تسليمه إليهم، وأجمع [[بنو هاشم]] أمرهم على أن يُدخلوا محمدًا شِعبَهم ويمنعوه ممن أراد قتله،<ref name="الأنوار-الحصار">الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، [[يوسف النبهاني]]، ص47-49، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> فانحازت بنو المطلب بن عبد مناف إلى [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبي طالب]] في شعبه مع [[بنو هاشم|بني هاشم]] مسلمهم وغير مسلمهم،<ref name="البوطي-الحصار"/> إلا [[أبو لهب]] فإنه فارقهم وكان مع [[قريش]].<ref name="ابن هشام-الحصار"/> ولمّا عرفت [[قريش]] ذلك، أجمعوا على حصار [[بنو هاشم|بني هاشم]]، بألا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم ولا يجالسوهم، حتى يسلموا محمدًا للقتل، وكتبوا بذلك كتابًا وعلّقوه في جوف [[الكعبة]] وحالفوا بني [[كنانة]] على هذا الأمر ودخلت [[كنانة]] معهم فيه.<ref name="ابن هشام-الحصار"/><ref>البداية والنهاية ص 660</ref> وكان الذي كتب الصحيفة «منصور بن عكرمة العبدري»، والذي قد رُوي أن النبي محمد قد دعى عليه [[شلل|فشُلّت]] يده.<ref name="ابن سعد-الحصار">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص208-210، دار صادر، بيروت.</ref> وحصروا [[بنو هاشم|بني هاشم]] في [[شعب أبي طالب]] ليلة هلال [[المحرم (شهر)|المحرم]] سنة سبع من البعثة (6 ق هـ)،<ref name="الأنوار-الحصار"/> وقطعوا عنهم الميرة والمادة، فكانوا لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم حتى اشتد عليهم الحصار وباتوا يأكلون أوراق الشجر، وسُمع أصوات صبيانهم من وراء [[شعب أبي طالب|الشعب]]،<ref name="الألفية-الحبشة والحصار والحزن"/> فأقاموا في الشعب ثلاث سنين، وقيل سنتين.<ref name="البوطي-الحصار">فقه السيرة النبوية، [[محمد سعيد رمضان البوطي]]، ص86-99، دار الفكر المعاصر، ط2006.</ref>

سعى خمسة من رؤساء [[قريش]] في نقض الصحيفة وإنهاء الحصار، فكان أول من بدأ في ذلك الأمر هشام بن عمرو والذي كان يأتي [[بنو هاشم|بني هاشم]] وبني المطلب بالطعام إلى [[شعب أبي طالب|الشعب]] ليلاً،<ref name="الروض-الحصار">[[الروض الأنف]]، [[أبو القاسم السهيلي|السهيلي]]، ج2، ص159-167.</ref> وآزره [[زهير بن أبي أمية|زهير بن أمية]] (أمه [[عاتكة بنت عبد المطلب]])، و[[المطعم بن عدي]]، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود.<ref name="الروض-الحصار"/> ثم قد علم محمد أمر صحيفتهم وأن [[أرضة|الأرضة]]{{ملا|في [[المعجم الوسيط]]، ج1، ص14: «الأرضة: دويبة تأكل [[خشب|الخشب]] ونحوه».}} قد أكلت ما كان فيها إلا ذكر الله، وهي كلمة «باسمك اللهم»،<ref name="الروض-الحصار"/> فذكر ذلك لأبي طالب، ليخرج [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبو طالب]] قائلاً [[قريش|لقريش]] {{اقتباس مضمن|إنّ ابن أخي قد أخبرني ولم يكذبني قطّ أنّ الله قد سلّط على صحيفتكم [[أرضة|الأرضة]] فلحست كل ما كان فيها من جور أو ظلم أو قطيعة رحم، وبقي فيها كل ما ذكر به الله، فإن كان ابن أخي صادقًا نزعتم عن سوء رأيكم، وان كان كاذبًا دفعته إليكم فقتلتموه أو استحييتموه}}، قالوا {{اقتباس مضمن|قد أنصفتنا}}، فأرسلوا إلى الصحيفة، ففتحوها فإذا هي كما قال النبي محمد. فقال [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبو طالب]]: {{اقتباس مضمن|علام نحبس ونحصر وقد بان الأمر؟ ثم دخل هو وأصحابه بين أستار [[الكعبة]] و[[الكعبة]] فقال: "اللهم انصرنا ممن ظلمنا وقطع أرحامنا واستحل ما يحرم عليه منا"}}.<ref name="ابن سعد-الحصار"/> وعند ذلك قام [[المطعم بن عدي]] إلى الصحيفة فمزقها، ثم مشى مع من أجمعوا على نقض الصحيفة، فلبسوا السلاح ثم خرجوا إلى [[بنو هاشم|بني هاشم]] وبني المطلب فأمروهم بالخروج إلى مساكنهم ففعلوا.<ref name="سميرة-الإسراء">مختصر الجامع في السيرة النبوية، سميرة زايد، ج1، ص195-208، المطبعة العلمية، ط1995.</ref> وكان خروجهم من [[شعب أبي طالب|الشعب]] في السنة العاشرة للبعثة (3 ق هـ).<ref name="ابن سعد-الحصار"/>

ولم يلبث [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبو طالب]] حتى توفي في [[رمضان]] أو [[شوال]] من السنة العاشرة للبعثة (3 ق هـ)، وهو يومئذٍ ابن بضع وثمانين سنة،<ref name="ابن سعد-الحصار"/> وقيل: كانت وفاته في [[رجب]] بعد ستة أشهر من خروجهم من الشعب، وذلك قبل الهجرة إلى [[المدينة المنورة]] بثلاث سنين.<ref name="ابن هشام-الحزن">السيرة النبوية، [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]، ج2، ص263-266، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> وقد أجمع [[الشيعة]] على أنّه تُوفي مسلمًا مؤمنًا،<ref>الغدير في الكتاب والسنّة والأدب، عبد الحسين الأميني، ج7، ص384.</ref> وقد جاء ذلك أيضًا في رواية عند [[ابن إسحاق]] ما يفيد أنّه [[الإسلام|أسلم]] عند موته،<ref name="ابن هشام-الحزن"/> ولكن [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] يثبتون الرواية الأصحّ عندهم بأنه تُوفي ولم يُسلم.<ref name="سميرة-الإسراء"/> ولم تكن [[قريش]] تستطيع النيل من محمد أو أذيته حتى توفي أبو طالب، فرُوي عنه أنه قال: «ما نالت مني [[قريش]] شيئًا أكرهه حتى مات أبو طالب».<ref name="ابن هشام-الحزن"/> وبعد وفاة [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبو طالب]] بشهر وخمسة أيام،<ref name="البوطي-الحصار"/> وقيل بشهرين، وقيل بثلاثة أيام،<ref name="الألفية-الحبشة والحصار والحزن">[[ألفية السيرة النبوية]]، [[عبد الرحيم العراقي]]، ص60-63، دار المنهاج، ط2005.</ref> توفيت زوجته [[خديجة بنت خويلد]] في [[رمضان]] من السنة العاشرة للبعثة، ودفنت في [[مكة]] ولها من العمر65 سنة، وقيل: 50، والنبي محمد إذ ذاك في الخمسين من عمره،<ref>[[صحيح البخاري]] ج5، ص71.</ref> فحزن النبي محمد على فقدان عمه وزوجته حتى سمّى ذلك العام بـ [[عام الحزن]].<ref name="الأنوار-الحصار"/> وبعد أيام من وفاتها، تزوج محمد من [[سودة بنت زمعة]]<ref name="الأنوار-الحصار"/> في [[رمضان]] وقيل في [[شوال]].<ref name="سميرة-الإسراء"/>

[[ملف:Taifroad.jpg|تصغير|يسار|جبال مدينة [[الطائف]].]]

=== الخروج إلى الطائف ===
بعدما اشتد الأذى من [[قريش]] على محمد وأصحابه بعد موت [[أبو طالب بن عبد المطلب|أبي طالب]]، قرر محمد الخروج إلى [[الطائف]] حيث تسكن قبيلة [[ثقيف]] يلتمس النصرة والمنعة بهم من قومه ورجاء أن [[الإسلام|يسلموا]]،<ref name="ابن هشام-الطائف">السيرة النبوية، [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]، ج2، ص266-269، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فخرج مشيًا على الأقدام<ref name="الرحيق-الطائف"/> ومعه [[زيد بن حارثة]]، وقيل بل خرج وحده،<ref name="سميرة-الطائف">مختصر الجامع في السيرة النبوية، سميرة زايد، ج1، ص209-212، المطبعة العلمية، ط1995.</ref> وذلك في ثلاث ليال بَقَيْن من [[شوال]] سنة عشر من البعثة (3 ق هـ)،<ref name="ابن سعد-الطائف">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص210-212، دار صادر، بيروت.</ref> الموافق أواخر [[مايو]] سنة [[619]]م،<ref name="الرحيق-الطائف">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص100-101.</ref> فأقام بالطائف عشرة أيام<ref name="الأنوار-الطائف">الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، [[يوسف النبهاني]]، ص49-51، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فلم يجيبوه، وردّوا عليه ردًا شديدًا،<ref name="البوطي-الطائف">فقه السيرة النبوية، [[محمد سعيد رمضان البوطي]]، ص100-101، دار الفكر المعاصر، ط2006.</ref> وأغروا به سفهاءهم فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى أن رجلي محمد لتدميان و[[زيد بن حارثة]] يقيه بنفسه حتى جُرح في رأسه.<ref name="ابن سعد-الطائف"/> وألجؤوه إلى حائط{{ملا|في معجم النهاية في غريب الأثر، ج1، ص462: «الحائط هنا: البستان من [[نخلة|النخيل]] إذا كان عليه حائط وهو الجدار».}} [[عتبة بن ربيعة|لعتبة بن ربيعة]] و[[شيبة بن ربيعة]]، على ثلاثة أميال من [[الطائف]]،<ref name="الرحيق-الطائف"/> ورجع عنه سفهاء [[ثقيف]] من كان يتبعه، فلما اطمأن محمد قال:<ref name="ابن هشام-الطائف"/>
{{اقتباس خاص|اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني (يلقاني بالغلظة)، أم إلى عدوّ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا و[[يوم القيامة في الإسلام|الآخرة]]، من أن تنزل بي غضبك أو يحلّ عليّ سخطك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك}}
فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة وما لقي، بعثوا له [[عنب|بعنب]] مع غلام لهما [[المسيحية|نصرانيّ]] يقال له [[عداس]]،<ref name="الأنوار-الطائف"/> ففعل [[عداس]]، فلما سمع محمد يقول {{اقتباس مضمن|باسم الله}} ثم أكل، فنظر عداس في وجهه ثم قال {{اقتباس مضمن|والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد}} فقال له محمد {{اقتباس مضمن|ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟}} قال {{اقتباس مضمن|نصراني، وأنا رجل من أهل [[نينوى]]}} فقال {{اقتباس مضمن|من قرية الرجل الصالح [[يونس|يونس بن متى]]؟}} فقال له عداس {{اقتباس مضمن|وما يدريك ما [[يونس|يونس بن متى]]؟}} فقال {{اقتباس مضمن|ذاك أخي كان نبيًا وأنا نبي}}، فأسلم عداس،<ref name="الصحيحة-الطائف">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص185-187، مكتبة العبيكان، ط2005.</ref> وأكبّ على محمد يقبل رأسه ويديه وقدميه.<ref name="ابن هشام-الطائف"/> وقد أنكر [[الشيعة]] قصة عداس في كتبهم.<ref>الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج4، ص35، المركز الإسلامي للدراسات، ط2005.</ref>

فانصرف محمد من [[الطائف]] راجعًا إلى [[مكة]] وهو محزون لم يستجب له أحد من أهل البلد،<ref>[[مسند أحمد]]، [[أحمد بن حنبل]]، ج4، ص235.</ref> فلما بلغ «قرن الثعالب» بعث الله إليه [[جبريل]] ومعه [[الملائكة في الإسلام|ملك]] الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة، وهما الأخشبين، وهما جبلا مكة يحيطان بها، فرفض ذلك قائلاً: {{اقتباس مضمن|بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيءًا}}.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عائشة بنت أبي بكر]]، رقم: 3231.</ref> ثم تقدم في طريق [[مكة]] حتى بلغ «وادي نخلة»، وأقام فيه أيامًا،<ref name="الرحيق-الطائف"/> وخلال إقامته هناك استمع نفر من [[جن|الجن]] إليه وهو يقرأ القرآن وهو يصلي بالليل،<ref name="ابن هشام-الطائف"/> فنزلت {{قرآن|الأحقاف|29|إلى كلمة=يستمعون}}.<ref name="ابن سعد-الطائف"/> ثم تابع مسيره، فدخل [[مكة]] في جوار [[المطعم بن عدي]]، وهو ينادي {{اقتباس مضمن|يا معشر [[قريش]] إني قد أجرت محمدًا، فلا يهجه أحد منكم}}، حتى وصل محمد للكعبة وصلى ركعتين وانصرف إلى بيته و[[المطعم بن عدي]] وولده محيطون به.<ref name="ابن سعد-الطائف"/>

=== الإسراء والمعراج ===
{{مفصلة|الإسراء والمعراج}}
[[ملف:Jerusalem Al-Aqsa Mosque BW 1.JPG|تصغير|200بك|يمين|[[المسجد الأقصى]] مسرى النبي محمد.]]
[[ملف:The rock of the Dome of the Rock PD-OLD.jpg.JPG|تصغير|يسار|200بك|صورة من الأعلى للصخرة الموجودة في [[قبة الصخرة]] في [[المسجد الأقصى]]، والتي يؤمن المسلمون أن محمدًا قد عُرِج به منها إلى السماوات العُلى.]]
بعد رحلة [[الطائف]]،<ref name="سميرة-الإسراء"/> حدثت للنبي محمد رحلة [[الإسراء والمعراج]] بحسب التراث الإسلامي،{{ملا|في فقه السيرة النبوية، [[محمد سعيد رمضان البوطي|للبوطي]]، ص108، دار الفكر، ط2005.: «الإسراء: الرحلة التي قام بها النبي محمد من [[المسجد الحرام]] إلى [[المسجد الأقصى]]، والمعراج: ما أعقب هذه الرحلة من العروج إلى السماوات العلا حتى الوصول إلى [[سدرة المنتهى]]، كل ذلك في ليلة واحدة».}} وقد اختُلف في تحديدها على عشرة أقوال،<ref name="فتح الباري-الإسراء والمعراج">[[فتح الباري]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج7، ص196-218.</ref> فقيل أنها كانت ليلة [[27 رجب]] بعد البعثة بعشر سنين (3 ق هـ)، وقيل بل كانت ليلة السبت [[17 رمضان]] قبل الهجرة بثمانية عشر شهرًا (2 ق هـ)،<ref name="ابن سعد-الإسراء">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص213-215، دار صادر، بيروت.</ref> وقيل في [[17 ربيع الأول]] قبل الهجرة بسنة (1 ق هـ)،<ref name="الخصائص-الإسراء"/><ref name="الأنوار-الإسراء">الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، [[يوسف النبهاني]]، ص51، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> وقيل غير ذلك. وجمهور المسلمين من [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] و[[الشيعة]] يؤمنون بأن هذه الرحلة كانت بالروح والجسد معًا يقظةً من [[المسجد الحرام]] إلى [[المسجد الأقصى]]،<ref name="الأنوار-الإسراء"/> وكانت قد حدثت له [[حادثة شق الصدر]] للمرة الثالثة<ref name="الصحيحة-الإسراء">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص188-192، مكتبة العبيكان، ط2005.</ref> قبل أن يركب [[البراق (دابة)|البراق]]،{{ملا|في [[صحيح البخاري]]، رقم: 162: «البراق: هو دابة أبيض طويل فوق [[حمار|الحمار]] ودون [[بغل|البغل]] يضع حافره عند منتهى طرفه».}} بصحبة [[جبريل]]. فنزل في [[المسجد الأقصى]] وربط البراق بحلقة باب المسجد، وصلّى بجميع الأنبياء إمامًا،<ref name="السيوطي-الإسراء">الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء، [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، دار الحديث، [[القاهرة]]، ط1988.</ref> ثم عُرج به إلى فوق سبع سماوات مارًا بالأنبياء [[آدم]]، و[[يحيى بن زكريا]] و[[عيسى بن مريم]]، و[[يوسف]]، و[[إدريس]]، و[[هارون]] و[[موسى]] و[[إبراهيم]].<ref name="فتح الباري-الإسراء والمعراج"/> وانتهى إلى [[سدرة المنتهى]] ورأى [[جنة|الجنة]] و[[جحيم|النار]].<ref name="ابن سعد-الإسراء"/> ورأى ربّه بعيني رأسه (بحسب جمهور علماء [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]])،<ref>في السيرة الحلبية، لعلي بن برهان الدين الحلبي، ج1، ص138-139، دار المعرفة: «اختُلف في رؤيته {{صلى الله عليه وسلم}} لربه تبارك وتعالى تلك الليلة، فأكثر العلماء على وقوع ذلك، أي أنه {{صلى الله عليه وسلم}} رآه عز وجل بعين رأسه. وأنكرتها [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] رضي الله تعالى عنها وقالت "من زعم أن محمد رأى ربه أى بعين رأسه فقد أعظم الفرية على الله عز وجل"».</ref> وفُرض عليه [[الصلاة في الإسلام|الصلوات الخمس]] بعد أن كانت خمسين صلاة.<ref name="السيوطي-الإسراء"/> يقول [[البوصيري]] في [[قصيدة البردة (البوصيري)|قصيدة البردة]]:
{{أبيات|
'''سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِ'''\\'''كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ'''
''' وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَةً'''\\'''من قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم ترمِ'''
'''وقدَّمتكَ جميعُ الأنبياءِ بها'''\\'''والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَم'''
'''وأنتَ تخترق السبعَ الطِّباقَ بهمْ'''\\'''في مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ'''}}
ثم انصرف في ليلته عائدًا راكبًا البراق بصحبة [[جبريل]]، فوصل [[مكة]] قبل الصبح،<ref>دلائل النبوة، البيهقي، ج2، ص356.</ref> فلما أصبح أخبر قومه برحلته فاشتد تكذيبهم له وأذاهم، وسألوه أن يصف لهم [[القدس|بيت المقدس]]، فتمثّل له بيت المقدس حتى عاينه، فبدأ يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئًا، وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها، وكان الأمر كما قال. وصدّقه بكل ما قاله [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] فسُمي يومئذ بالصّدّيق.<ref name="الخصائص-الإسراء">الخصائص الكبرى، [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، ج1، ص303-306، دار الكتب العلمية، ط1985.</ref>

=== بيعة العقبة الأولى والثانية ===
{{مفصلة|بيعة العقبة}}
[[ملف:Mina Overview.JPG|تصغير|منطقة [[منى]]، والتي التقى عندها محمد بستة من [[الأنصار|الخزرج]] فكانت بداية لسلسلة لقاءات انتهت بالهجرة إلى [[المدينة المنورة]].]]
بدأ محمد يعرض نفسه في مواسم [[الحج في الإسلام|الحج]] على قبائل [[عرب|العرب]] يدعوهم إلى الله ويسألهم أن ينصروه ويمنعوه حتى يبلغ [[الإسلام]] للناس.<ref name="ابن هشام-قبل الهجرة">السيرة النبوية، ابن هشام، ج2، ص270-313، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> ولما كانت السنة الحادي عشر من النبوة (2 ق هـ)، وبينما هو عند «العقبة» في [[منى]]، لقي ستة أشخاص{{ملا|في السيرة النبوية، [[ابن هشام (توضيح)|لابن هشام]]، ج2، ص277-278: «وهم: [[أسعد بن زرارة]]، و[[عوف بن الحارث]]، و[[رافع بن مالك]]، وقُطبَة بن عامر بن حديدة، وعُقبة بن عامر بن نابي، و[[جابر بن عبد الله الأنصاري|جابر بن عبد الله]]».}} من [[الأنصار|الخزرج]] من [[يثرب]]، فدعاهم إلى [[الإسلام]]، فقال بعضهم لبعض {{اقتباس مضمن|يا قوم، تعلموا والله إنه للنبي توعدكم به [[يهود]]، فلا تسبقنّكم إليه}} وقد كان [[يهود|اليهود]] يتوعدون [[الأنصار|الخزرج]] بقتلهم بنبي آخر الزمان. فأسلم أولئك النفر، ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم.<ref name="البداية والنهاية-قبل الهجرة">[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج3، ص179-206.</ref> فلما قدموا [[المدينة المنورة|المدينة]] ذكروا لقومهم خبر النبي محمد، ودعوهم إلى [[الإسلام]]، حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور [[الأنصار]] إلا وفيها ذكرٌ من النبي محمد.<ref name="ابن هشام-قبل الهجرة"/> حتى إذا كان العام المقبل، وافى الموسم من [[الأنصار]] اثنا عشر رجلاً، فلقوه بالعقبة في [[منى]]، فبايعوا{{ملا|في [[مقدمة ابن خلدون]]، ص108: «البيعة: هي العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أنه يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين، لا ينازغه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره».}} محمدًا على «بيعة النساء»،{{ملا|في خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى، للسمهودي، ج1، ص84: «بيعة النساء: أي على وفق بيعة النساء التي نزلت بعد [[فتح مكة|الفتح]] {{قرآن|الممتحنة|12|من كلمة=على أن|إلى كلمة=معروف}} ولم يكن أمرٌ بالقتال».}} فكانت '''بيعة العقبة الأولى'''.<ref name="ابن هشام-قبل الهجرة"/>

ولما انصرف القوم، بعث معهم [[مصعب بن عمير]] يقرئهم [[القرآن]] ويعلمهم [[الإسلام]]، فكان يُسمّى بالمقرئ، فأقام في بيت [[أسعد بن زرارة]] يدعو الناس إلى [[الإسلام]]، و[[الصلاة في الإسلام|يصلي]] بهم، فأسلم على يديه [[سعد بن عبادة]] و[[أسيد بن حضير]] وهما يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل، فأسلم جميع قومهما بإسلامهما،<ref name="البداية والنهاية-قبل الهجرة"/> ولم تبق دار من دور [[الأنصار]] إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخَطْمَة ووائل، كان فيهم قيس بن الأسلت (وكان قائدًا لهم يطيعونه) فوقف بهم عن [[الإسلام]] حتى كان سنة [[5 هـ]].<ref name="الرحيق المختوم-قبل الهجرة">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص106-123.</ref> وقبل حلول موسم الحج التالي عاد [[مصعب بن عمير]] إلى [[مكة]].

وفي موسم [[الحج في الإسلام|الحج]] للسنة الثالثة عشرة من البعثة ([[يونيو]] سنة [[622]]م) اتفق عدد من [[الإسلام|المسلمين]] من أهل [[يثرب]] أن يأتوا [[مكة]] مع قومهم للحج قائلين {{اقتباس مضمن|حتى متى نذر رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يطرد في جبال [[مكة]] ويخاف؟}}،<ref name="حديث العقبة الثانية">رواه الوادعي في الصحيح والمسند، عن جابر بن عبد الله، رقم: 222.</ref> فقدم [[مكة]] منهم سبعون رجلاً وامرأتان،<ref name="تاريخ الإسلام-قبل الهجرة"/> جرت بينهم وبين محمد اتصالات سريّة أدت إلى اتفاق الفريقين على أن يجتمعوا ليلاً في أوسط [[أيام التشريق]] في الشعب الذي عند العقبة حيث [[جمرة العقبة|الجمرة]] الأولى من [[منى]]،<ref name="الرحيق المختوم-قبل الهجرة"/> فلما التقوا به وكان بصحبة عمّه [[العباس بن عبد المطلب|العباس]]، قالوا له {{اقتباس مضمن|يا رسول الله نبايعك؟}} فقال لهم: {{اقتباس مضمن|تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم [[جنة|الجنة]]}}،<ref name="حديث العقبة الثانية"/> فبايعوه رجلاً رجلاً بدءًا من [[أسعد بن زرارة]] وهو أصغرهم سنًا.<ref name="تاريخ الإسلام-قبل الهجرة">[[تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام]]، [[شمس الدين الذهبي|الذهبي]]، ج1، ص297-309، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1987.</ref> وعُرف ذلك الاتفاق بـ '''بيعة العقبة الثانية''' وقد كانت في شهر [[ذو الحجة|ذي الحجة]] قبل الهجرة إلى [[المدينة المنورة|المدينة]] بثلاثة أشهر.<ref>السيرة النبوية، [[ابن حبان]]، ص118.</ref> وبعد أن تمت البيعة طلب محمد أن يختاروا اثني عشر زعيمًا يكونون نقباء على قومهم، يكفلون المسؤولية عنهم في تنفيذ بنود هذه البيعة، فتم اختيارهم في الحال، ثم عاد المبايعون إلى قومهم في [[مكة]]، وقد فشا في [[قريش]] أمر البيعة عندما صاح [[شيطان]] اسمه «أزب العقبة» بذلك، فلم يتأكدوا من الأمر حتى غادر الأوس والخزرج عائدين إلى ديارهم، فلحقت بهم [[قريش]] فلم يدركوا إلا [[سعد بن عبادة]]، فمسكوه وضربوه فجاء [[المطعم بن عدي]] والحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من أيديهم.<ref name="البداية والنهاية-قبل الهجرة"/>

=== الهجرة إلى المدينة ===
{{مفصلة|هجرة نبوية|تقويم هجري}}
[[ملف:Mecca 9.jpg|تصغير|يمين|[[غار ثور]] الذي اختبأ به محمد و[[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] في رحلة الهجرة، ماكثين فيه ثلاث ليال.]]
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}<br /> [[المدينة المنورة|المدينة]] أضاء منها كل شيء، فلما كان<br /> اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء»<ref>رواه الترمذي في [[سنن الترمذي|سننه]]، رقم: 3618.</ref>|المصدر='' [[أنس بن مالك]]''}}
[[ملف:Al-Masjid_Al-Nabawi_Example_5.JPG|تصغير|يمين|نسخة طبق الأصل من بيت النبي محمد {{صلى الله عليه وسلم}} و[[المسجد النبوي]] وبيوت [[الصحابة]] الذين هاجروا معه إلى [[المدينة المنورة]].]]
[[ملف:Thaniat Al-Wadaa.jpg|تصغير|يسار|«ثنيات الوداع» في [[المدينة المنورة]]، ويظهر أثر لمبنى قديم بُني في المكان الذي استقبل [[الأنصار]] فيه النبي محمد في هجرته.]]
[[ملف:Mosque_of_the_Prophet_Muhammad_at_night.jpg|تصغير|يمين|[[المسجد النبوي]] في [[المدينة المنورة]] ليلًا.]]
[[ملف:Masjid khuba.JPG|تصغير|يسار|من داخل [[مسجد قباء]]، أول مسجد أسس بعد بعثة النبي محمد، قال فيه «من [[وضوء|توضأ]] وأسبغ الوضوء ثم جاء [[مسجد قباء]] [[الصلاة في الإسلام|فصلى]] فيه كان له أجر [[عمرة]]».<ref>السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص237، دار المعرفة.</ref>]]
لما اشتد البلاء على [[الإسلام|المسلمين]] بعد بيعة العقبة الثانية، أذن محمد لأصحابه بالهجرة إلى [[المدينة المنورة]]، فجعلوا يخرجون ويخفون ذلك، فكان أول من قدم [[المدينة المنورة]] [[أبو سلمة بن عبد الأسد]]، ثم قدم المسلمون أرسالاً فنزلوا على [[الأنصار]] في دورهم فآووهم ونصروهم. ولم يبقَ [[مكة|بمكة]] منهم إلا النبي محمد و[[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] و[[علي بن أبي طالب]] أو مفتون محبوس أو ضعيف عن الخروج.<ref name="ابن سعد-الهجرة">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص224-238، دار صادر، بيروت.</ref>

ولما رأت [[قريش]] خروج المسلمين، خافوا خروج محمد، فاجتمعوا في [[دار الندوة]]،{{ملا|في سيرة ابن هشام، ج3، ص5: «دارالندوة:هي دار [[قصي بن كلاب]] التي كانت [[قريش]] لا تقضي أمرًا إلا فيها».}} واتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة من [[قريش]] شابًا فيقتلون محمد فيتفرّق دمه في القبائل.<ref name="ابن سعد-الهجرة"/> فأخبر [[جبريل]] محمد بالخبر وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فأمر محمد [[علي بن أبي طالب|عليًا]] أن ينام مكانه ليؤدي الأَمانات التي عنده ثم يلحق به. واجتمع أولئك النفر عِند بابه، لكنه خرج من بين أيديهم لم يره منهم أحد، وهو يحثوا على رؤوسهم التراب تاليًا آيات من [[سورة يس]].<ref name="الروض-الهجرة"/> فجاء إلى [[أبو بكر الصديق|أبي بكر]]، وقد كان أبو بكر قد جهز راحلتين للسفر، فأعطاها محمد لعبد الله بن أرَيْقِط، على أن يوافيهما في [[غار ثور]] بعد ثلاث ليالٍ، ويكون دليلاً لهما، فخرجا ليلة [[27 صفر]] سنة 14 من النبوة، الموافق [[12 سبتمبر]] سنة [[622]]م،<ref name="الرحيق-الهجرة"/> وحمل أبو بكر ماله كلّه ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف،<ref>السيرة النبوية، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج2، ص236.</ref> فمضيا إلى [[غار ثور]] فدخلاه وضربت العنكبوت على بابه بعش، وجعلت [[قريش]] فيه حين فقدوه 100 [[جمل|ناقة]] لمن يردّه عليهم،<ref name="ابن هشام-الهجرة">السيرة النبوية، [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]، ج3، ص5-24، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فخرجت [[قريش]] في طلبه حتى وصلوا باب الغار، فقال بعضهم {{اقتباس مضمن|إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد}} فانصرفوا. ومكث محمد و[[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما [[عبد الله بن أبي بكر]]، حتى خرجا من الغار [[1 ربيع الأول]]،<ref name="الرحيق-الهجرة"/> أو [[4 ربيع الأول]].<ref name="ابن سعد-الهجرة"/> وبينما هما في الطريق، إذ عرض لهما [[سراقة بن مالك المدلجي|سراقة بن مالك]] وهو على فرس له فدعا عليه محمد فرسخت قوائم فرسه، فقال {{اقتباس مضمن|يا محمد أدع الله أن يطلق فرسي وأرجع عنك وأرد من ورائي}}، ففعل فأطلق ورجع فوجد الناس يلتمسون محمد فقال {{اقتباس مضمن|ارجعوا فقد استبرأت لكم ما ههنا}} فرجعوا عنه.<ref name="ابن هشام-الهجرة"/>

وصل محمد [[قباء]] يوم الإثنين [[8 ربيع الأول]]،<ref name="الرحيق-الهجرة"/> أو [[12 ربيع الأول]]،<ref name="الروض-الهجرة">[[الروض الأنف]]، [[أبو القاسم السهيلي|السهيلي]]، ج2، ص312-332.</ref> فنزل على كلثوم بن الهدم، وجاءه المسلمون يسلمون عليه، ونزل [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] على خبيب بن إساف.<ref name="ابن هشام-الهجرة"/> وأقام [[علي بن أبي طالب]] بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدّى الودائع التي كانت عند محمد للناس، حتى إذا فرغ منها لحق بمحمد فنزل معه على كلثوم بن هدم.<ref name="ابن هشام-الهجرة"/> وبقي محمد وأصحابه في قباء عند بني عمرو بن عوف 4 أيام، وقد أسس [[مسجد قباء]] لهم، ثم انتقل إلى [[المدينة المنورة]] فدخلها يوم الجمعة [[12 ربيع الأول]]،<ref>في الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص6: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حين هاجر من مكة يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، '''وهو المجتمع عليه'''».</ref><ref>السيرة النبوية، [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]، ج3، ص135، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> سنة [[1 هـ]] الموافق [[27 سبتمبر]] سنة [[622]]م،<ref name="الروض-الهجرة"/> وعمره يومئذ 53 سنة. ومن ذلك اليوم سُميت بمدينة الرسول {{صلى الله عليه وسلم}}، بعدما كانت [[يثرب]]، ويعبّر عنها بالمدينة مختصرًا أو [[المدينة المنورة]].<ref name="الرحيق-الهجرة"/>

واعترضه [[الأنصار]] يكلمونه بالنزول عليهم، فيقول لهم {{اقتباس مضمن|إنّها مأمورة فخلّوا سبيلها}}، حتى انتهت فبركت في مربد{{ملا|في السيرة الحلبية، ج2، ص236: «المربد: المحل الذي يجفف فيه [[تمر|التمر]]»}} لغلامين يتيمين من بني النجار، فأمر ببناء مسجد عليه، وهو [[المسجد النبوي]] الآن، ثم جاء [[أبو أيوب الأنصاري]] فحطّ رحله فأدخله منزله فقال محمد {{اقتباس مضمن|المرء مع رحله}}، وجاء [[أسعد بن زرارة]] فأخذ بزمام راحلته، فكانت عنده،<ref name="ابن سعد-الهجرة"/> وخرجت جوارٍ من بني النجّار فرحات بقدومه وهنّ يضربن بالدف ينشدن: {{اقتباس مضمن|نحن جوار من بني النجار، يا حبّذا محمد من جار}}.<ref>مجمع الزوائد، الهيثمي، عن [[أنس بن مالك]]، ج10، ص45.</ref> وكان أول شيء يتكلم به في المدينة أن قال {{اقتباس مضمن|يا أيّها الناس، أفشوا السّلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلّوا والناس نيام تدخلوا [[جنة|الجنة]] بسلام}}.<ref name="ابن سعد-الهجرة"/> وبعد أيام وصلت إليه زوجته [[سودة بنت زمعة]]، وبنتاه [[فاطمة الزهراء|فاطمة]] و[[أم كلثوم بنت محمد|أم كلثوم]]، و[[أسامة بن زيد]]، و[[أم أيمن]]، وخرج معهم [[عبد الله بن أبي بكر]] بعيال أبي بكر، ومنهم [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]]، وبقيت [[زينب بنت محمد|زينب]] عند [[أبو العاص بن الربيع|أبي العاص]]، لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد [[غزوة بدر]]،<ref name="الرحيق-الهجرة">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص127-136.</ref> بعد أن وقع زوجها أسيرًا لدى المسلمين، ثم أُطلق سراحه شرط أن يترك [[زينب بنت محمد|زينب]] تهاجر للمدينة.<ref>نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص91، دار المعرفة، بيروت، ط2004.</ref>

وقد اتّخذ [[عمر بن الخطاب]] من مناسبة الهجرة بداية التاريخ الإسلامي، لكنهم أخّروا ذلك من [[ربيع الأول]] إلى [[المحرم (شهر)|محرم]] لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في [[المحرم (شهر)|محرم]]، إذ كانت بيعة العقبة الثانية في أثناء [[ذو الحجة|ذي الحجة]]، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال [[المحرم (شهر)|محرم]]، فكان بداية التاريخ الإسلامي والمسمى بالتقويم الهجري.<ref name="الصحيحة-الهجرة"/> بينما يرى [[الشيعة]] أن التاريخ الهجري قد وُضع في زمن محمد، وقد أرّخ به محمد نفسه أكثر من مرة.<ref>الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج4، ص178، دار السيرة، بيروت، ط1995.</ref>

== حياته في المدينة ==
=== تأسيس الدولة الإسلامية ===
{{أيضا|المسجد النبوي|دستور المدينة}}
[[ملف:Prophet Mohammed houses in Madina.jpg|تصغير|يسار|مجسم لما كان عليه بيوت النبي محمد و[[المسجد النبوي]].]]
[[ملف:Al-Masjid al-Nabawi 03.jpg|تصغير|يمين|[[المسجد النبوي]] حديثًا.]]
[[ملف:Masjid al-Qiblatain.jpg|تصغير|يسار|[[مسجد القبلتين]] والذي كان يصلي فيه محمد بأصحابه [[صلاة الظهر]]، لما نزل الأمر بتحويل [[قبلة|القبلة]] من [[المسجد الأقصى]] إلى [[الكعبة]] بعد الركعة الثانية وذلك في سنة [[2 هـ]].<ref>السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص353-354، دار المعرفة، بيروت.</ref>]]
كان أول أمر بدأ به النبي محمد '''بناء المسجد'''، فاختار له المكان الذي بركت فيه ناقته، فاشتراه من غلامين كانا يملكانه بعشرة دنانير أدّاها من مال [[أبو بكر الصديق|أبي بكر]] بحسب [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]]،<ref name="الأنوار-المدينة">الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، [[يوسف النبهاني]]، ص60-61، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> فبُني المسجد وسُقف بجريد النخل، وجُعلت أعمدته خشب [[نخل (توضيح)|النخل]]، وفرشت أرضه بالرمال والحصباء،<ref name="الرحيق-المدينة">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص143-148.</ref> وكان محمد ينقل معهم [[طوب|اللبن]] في بناءه، وجُعل له ثلاثة أبواب، وجُعل طوله من القبلة للمؤخرة 100 ذراع، وفي الجانبين مثل ذلك أو دونه، وجُعلت [[قبلة|قبلته]] [[المسجد الأقصى|للمسجد الأقصى]] حتى نزل الأمر بتحويل [[قبلة|القبلة]] إلى [[الكعبة]] بعد ستة عشر شهرًا من الهجرة ([[2 هـ]])، برغبة من محمد.<ref name="ابن سعد-المدينة">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص238-257، دار صادر، بيروت.</ref> وقد بنى بيوتًا إلى جانبه، وهي حجرات [[أمهات المؤمنين|أزواجه]]، حيث انتقل إليها بعد تكامل البناء من بيت [[أبو أيوب الأنصاري|أبي أيوب الأنصاري]] بعد أن مكث عنده من شهر [[ربيع الأول]] إلى شهر [[صفر (شهر)|صفر]] [[2 هـ]].<ref name="الروض-المدينة">[[الروض الأنف]]، [[أبو القاسم السهيلي|السهيلي]]، ج2، ص338-369.</ref> وبعدما صرفت القبلة إلى [[الكعبة]] بشهر نزل فرض شهر [[رمضان]] في [[شعبان]] على رأس ثمانية عشر شهًرا من الهجرة، وأمر محمد في هذه السنة [[زكاة الفطر|بزكاة الفطر]] وذلك قبل أن تفرض الزكاة في الأموال.<ref name="ابن سعد-المدينة"/>

وبعد قدومه بخمسة أشهر،<ref name="الأنوار-المدينة"/> '''آخى بين [[المهاجرون|المهاجرين]] و[[الأنصار]]''' في دار [[أنس بن مالك]]، وكانوا 90 رجلًا، نصفهم من [[المهاجرون|المهاجرين]]، ونصفهم من [[الأنصار]]، حتى لم يبقَ من [[المهاجرون|المهاجرين]] أحد إلا آخي بينه وبين [[الأنصار|أنصاري]].<ref>أنساب الأشراف، [[البلاذري]]، ج1، ص270.</ref> قال محمد لهم {{اقتباس مضمن|تآخوا في الله أخوين أخوين}}، ثم أخذ بيد [[علي بن أبي طالب]] وقال {{اقتباس مضمن|هذا أخي}}،<ref name="ابن هشام-المؤاخاة">السيرة النبوية، ابن هشام، ج3، ص31-39، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فكان الأنصار يقتسمون أموالهم وبيوتهم مع المهاجرين، وكانوا يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين [[غزوة بدر]]، فرد التوارث إلى ذوي الرحم وبقيت الأخوّة.<ref name="الرحيق-المدينة"/> وذكر [[البلاذري]] أن محمد قد آخى بين [[المهاجرون|المهاجرين]] أنفسهم في [[مكة]] قبل الهجرة، وأيّد حدوثها [[الشيعة]]،<ref>الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج3، ص345، دار السيرة، بيروت، ط1995.</ref> بينما رجح [[ابن قيم الجوزية|ابن القيم]] و[[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]] من [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] عدم وقوعها.<ref name="الصحيحة-المدينة">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص240-298، مكتبة العبيكان، ط2005.</ref>

ثم نظّم محمد العلاقات بين سكان [[المدينة المنورة]]، وكتب في ذلك كتابًا اصطلح عليه باسم '''[[صحيفة المدينة|دستور المدينة]]''' أو '''الصحيفة'''، واستهدف هذا الكتاب توضيح التزامات جميع الأطراف داخل المدينة من مهاجرين وأنصار و[[يهود]]، وتحديد الحقوق والواجبات،<ref name="الصحيحة-المدينة"/> كما نص على تحالف القبائل المختلفة في حال حدوث هجوم على المدينة.<ref name="دستور المدينة">{{استشهاد ويب|مسار= https://www.rasoulallah.net/subject2.asp?parent_id=199&sub_id=2145|عنوان=موقع نصرة محمد رسول الله - الرئيسية|الأول=|الأخير=Rasoulallah.net|موقع=www.rasoulallah.net|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20191209134609/http://www.rasoulallah.net/subject2.asp?parent_id=199&sub_id=2145|تاريخ أرشيف=2019-12-09}}</ref> وعاهد فيها [[يهود|اليهود]] ووادعهم وأقرّهم على دينهم وأموالهم.<ref name="ابن هشام-المؤاخاة"/> وقد احتوت الوثيقة 52 بندًا، 25 منها خاصة بأمور المسلمين و27 مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولا سيما [[يهود|اليهود]] وعبدة الأوثان، لذلك رجح بعض المؤرخين أن تكون في الأصل وثيقتان وليست وثيقة واحدة، كُتبت الأولى (معاهدة اليهود) في سنة [[1 هـ]] قبل [[غزوة بدر]]، والثانية (بين المهاجرين والأنصار خاصة) بعد [[غزوة بدر|بدر]] سنة [[2 هـ]].<ref name="الصحيحة-المدينة"/>

=== بدء الغزوات والقتال العسكري ===
{{مفصلة|غزوات الرسول محمد|سرايا الرسول محمد}}
منذ بداية وجود المسلمين في [[المدينة المنورة]] نصبت أحبار [[يهود|اليهود]] من [[بنو قريظة|بني قريظة]] و[[بنو قينقاع|بني قينقاع]] و[[بنو النضير|بني النضير]] لمحمد العداوة، وانضاف إليهم رجال من [[الأنصار|الأوس والخزرج]] ممن كانوا يُظهرون إسلامهم ويُخفون عكس ذلك، فسُمّوا بالمنافقين،<ref name="الروض-المدينة"/> كان على رأسهم [[عبد الله بن أبي ابن سلول]]. وبعد أن استقر المقام بالمسلمين في [[المدينة المنورة]]، أُذن لمحمد بالقتال لأول مرة، فكانت آية {{قرآن|الحج|39}} أول ما نزل في الإذن بالقتال.<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن [[عبد الله بن عباس]]، ج3، ص262، وصححه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]].</ref> فبدأ محمد بإرسال البُعوث و[[سرية (وحدة عسكرية)|السرايا]]، وغزا وقاتل هو و[[الصحابة|أصحابه]]، فكان عدد [[غزوات الرسول محمد|مغازيه]] التي خرج فيها بنفسه 27 غزوة، قاتل في 9 منها بنفسه،<ref name="ابن سعد-المعارك قبل بدر">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص5-10، دار صادر، بيروت.</ref> وعدد [[عسكرية محمد|سراياه]] 47 سريّة،<ref name="ابن سعد-المعارك قبل بدر"/><ref name="الأنوار-بداية الصراع"/>{{ملا|في السيرة الحلبية، ج3، ص134: «ما كان فيه رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يُقال له غزوة، وما خلا عنه {{صلى الله عليه وسلم}} يُقال له سريّة، وربما سمّوا بعض السرايا "غزوة" كما في مؤتة حيث قالوا [[غزوة مؤتة]]. وظاهر كلامهم أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون إرسال ذلك لقتال أو لغير قتال كتجسس الأخبار أو لتعليمهم الشرائع أو للتجارة».}} وفي تلك الغزوات كلّها لم يقتل محمدٌ بيده قطّ أحدًا إلا [[أبي بن خلف]].<ref>السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص413، دار المعرفة.</ref>
[[ملف:Battle of Badr2.jpg|تصغير|يمين|رسم [[الإمبراطورية الفارسية|فارسي]] يصوّر [[غزوة بدر|غزوة بدر الكبرى]] أبرز الغزوات في العصر النبوي.]]
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله،<br /> اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليدًا»<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، عن [[بريدة بن الحصيب]]، رقم: 1731.</ref>|المصدر='' محمد بن عبد الله''}}
كانت أوّل السّرايا، [[سرية حمزة بن عبد المطلب]]،<ref name="السرايا1">السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة، بريك بن محمد العمري، ص78-191، دار ابن الجوزي، ط1996.</ref> في شهر [[رمضان]] على رأس سبعة أشهر من الهجرة، في 30 رجلاً من [[المهاجرون|المهاجرين]]، خرجوا يعترضون عيرًا [[قريش|لقريش]] فلم تقع حرب،<ref name="البداية-المعارك قبل بدر">[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج3، ص286-308.</ref> ثم [[سرية عبيدة بن الحارث]]، ثم [[سرية سعد بن أبي وقاص]].<ref name="الأنوار-بداية الصراع">[[الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية]]، [[يوسف النبهاني]]، ص61-82، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> ثم في [[صفر (شهر)|صفر]] سنة [[2 هـ]] وعلى رأس اثني عشر شهرًا من الهجرة، خرج النبي محمد في أول غزوة يغزوها بنفسه<ref name="الأنوار-بداية الصراع"/> وهي [[غزوة الأبواء]] أو غزوة ودّان، وحمل لواءه [[حمزة بن عبد المطلب]]، واستخلف على المدينة [[سعد بن عبادة]].<ref name="ابن سعد-المعارك قبل بدر"/> تلتها [[غزوة بواط]]، و[[غزوة العشيرة]] و[[غزوة سفوان|غزوة بدر الأولى]].
{{شريط جانبي غزوات الرسول}}
{{شريط جانبي سرايا الرسول}}
وفي [[17 رمضان]] سنة [[2 هـ]] الموافق [[مارس]] عام [[624]]م، حدثت '''[[غزوة بدر|غزوة بدر الكبرى]]'''، إذ عزم المسلمون بقيادة محمد، على اعتراض قافلة تجارية قوامها 1000 بعير لقريش يقودها [[أبو سفيان بن حرب|أبو سفيان]] بعد أن أفلتت منهم في طريق ذهابها إلى [[بلاد الشام|الشام]].<ref name="الرحيق-بدر">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص156-195.</ref> ففي [[8 رمضان]] أو [[12 رمضان]] خرج محمد ومعه 305 رجل،<ref name="المغازي-بدر"/><ref name="عيون الأثر-بدر">عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، [[ابن سيد الناس]]، ج1، ص321-380، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت، ط1986.</ref> بالإضافة إلى 8 رجال تخلفوا لعذر، فحُسبوا ضمن المشاركين، فكان مجموعهم 313 رجلاً.<ref name="المغازي-بدر"/> وقد خرجوا غير مستعدين لحرب،<ref name="الرحيق-بدر"/> فلم يكن معهم إلا [[فرس]] أو فرسان، وسبعون من [[جمل|الإبل]].<ref name="عيون الأثر-بدر"/> فلمَّا علم بهم أبو سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل وأرسل إلى أهل [[مكة]] يستنفرهم، فخرج 1000 مقاتل،<ref>شرح [[يحيى بن شرف النووي|النووي]] على [[صحيح مسلم]]، ج12، ص443.</ref> بقيادة [[أبو جهل|أبي جهل]]، ومعهم 100 من [[فرس|الفرس]]، و[[جمل|جمال]] كثيرة.<ref name="الرحيق-بدر"/> والتقى الجمعان عند ماء بدر يوم الجمعة صبيحة [[17 رمضان]] سنة [[2 هـ]]،<ref name="المغازي-بدر">المغازي، [[الواقدي]]، ج1، ص19-172، عالم الكتب، بيروت.</ref> وكان محمد يحضّ المسلمين على القتال قائلاً {{اقتباس مضمن|والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل فيُقتَل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله [[جنة|الجنة]]، ومن قتَل قتيلًا فله سَلَبُهُ}}،<ref name="نور اليقين-بدر">نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص82-94، دار المعرفة، بيروت، ط2004.</ref> وقد ورد في [[القرآن]] ما يؤكّد مشاركة [[الملائكة في الإسلام|الملائكة]] في المعركة لصالح المسلمين في آية {{قرآن|الأنفال|9}}. ولم يمض وقت طويل حتى انتصر جيش المسلمين، وكانت حصيلة المعركة أن قُتل من المسلمين 14 شخصًا، وقُتل من المشركين 70 منهم [[أبو جهل]] و[[أمية بن خلف]]، وأُسِر 70 شخصًا،<ref name="نور اليقين-بدر"/> وأسلم من الأسرى 16، وكان يُفادي بهم على قدر أموالهم، ومن لم يكن عنده فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة يعلمهم جزاء حرّيته.<ref name="عيون الأثر-بدر"/>
لاحقًا قام محمد بطرد يهود [[بنو قينقاع|بني قينقاع]] في '''[[غزوة بني قينقاع]]'''، إثر قيام أحدهم بكشف عورة إحدى المسلمات في أحد الأسواق، فقام أحد المسلمين فقتله، فتكالب عليه يهود بني قينقاع حتى قتلوه وتحصنوا في حصنهم، فحاصرهم المسلمون يوم السبت [[15 شوال]] سنة [[2 هـ]]، مدة 15 ليلة،<ref>[http://www.al-eman.com/الكتب/سيرة+ابن+هشام+المسمى+بـ+«السيرة+النبوية»+**/i109&p1 السيرة النبوية]، تأليف: [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]] {{استشهاد ويب |مسار=http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=249&CID=59 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=18 نوفمبر 2022 |تاريخ أرشيف=12 يناير 2005 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20050112190256/http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=249&CID=59 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref> ثم تركهم محمد بدون أن يقتلهم وأمر بهم أن يخرجوا من [[المدينة المنورة|المدينة]].<ref name="المغازي-قينقاع">المغازي، [[الواقدي]]، ج1، ص176-180، عالم الكتب، بيروت.</ref>
[[ملف:Gabal Uhud.jpg|تصغير|يمين|[[الشق (سيرة نبوية)|الشِّق]] في [[جبل أحد]] الذي احتمى فيه محمد وبعض أصحابه بعد أن أصيبوا في [[غزوة أحد]].]]
سعت قريش للانتقام إثر هزيمتها في [[غزوة بدر]]، فخرجت مع عدد من القبائل في 3000 مقاتل و200 [[فرس]] و3000 بعير،<ref name="ابن سعد-أحد"/> وقائدهم يومئذٍ [[أبو سفيان بن حرب]]. ولما بلغ خبرهم لمحمد اجتمع بأتباعه واقترح عليهم أن يبقوا بالمدينة ويتحصنوا بها، لكنه سرعان ما قرر الخروج للقتال نزولاً على رأي الشباب. فخرج في 1000 من أصحابه، ثم في الطريق انسحب [[عبد الله بن أبي ابن سلول]] بثلث الجيش (وهم ممن يُسمَّون بـ «[[نفاق|المنافقين]]»).<ref name="ابن هشام-أحد"/> ثم تابع المسلمون سيرهم ونزلوا في موقع بين [[جبل أحد]] و[[جبل الرماة|جبل عينين]]، وجعل على [[جبل الرماة|جبل عينين]] (وهو [[جبل الرماة]]) 50 من الرماة بقيادة [[عبد الله بن جبير]] موصيًا لهم أن {{اقتباس مضمن|قوموا على مصافّكم هذه فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، وإن رأيتمونا نُقتَل فلا تنصرونا}}.<ref name="ابن سعد-أحد"/> وبدأت '''[[غزوة أحد]]''' يوم السبت [[7 شوال]] سنة [[3 هـ]]،<ref name="ابن سعد-أحد">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص36-49، دار صادر، بيروت.</ref><ref name="الرحيق-أحد">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص208-263.</ref> واقتتل الفريقان حتى بدت المعركة لصالح المسلمين بهروب [[قريش]]، فظنّ الرماة انتهاء المعركة فترك معظمهم مواقعهم مخالفين أمر محمد، واستغل [[خالد بن الوليد]] هذه الحال، فالتف على الجيش، وتغيّرت موازين المعركة لصالح [[قريش]]، وأوجعوا في المسلمين قتلاً شديدًا، وولّى من وّلى منهم يومئذ، وثبت مع محمد 14 رجلاً من أصحابه فيهم [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]]،<ref name="ابن سعد-أحد"/> بينما يرى [[الشيعة]] أنه لم يثبت معه أحد إلا [[علي بن أبي طالب|عليّ]].<ref>دلائل الصدق لنهج الحق، محمد حسن المظفر، ج2، ص357.</ref> وقد أصيب محمد وقتئذٍ، فكُسرت رباعيته اليمنى السفلى وجُرحت شفته السفلى، وجرح في وجهه فجعل الدم يسيل على وجهه، وجعل يمسح الدم وهو يقول {{اقتباس مضمن|كيف يُفلح قومٌ خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربّهم}}<ref>صحيح [[ابن ماجه|محمد بن ماجه]]، [[محمد ناصر الدين الألباني|الألباني]]، رقم: 3269.</ref>، ودخلت حلقتان من حِلَق [[خوذة|المغفر]] في وجنته ووقع في حفرة، وضربه «ابن قمئة» [[سيف|بالسيف]] على عاتقه الأيمن، فأُشيع أن محمدًا قد قتل،<ref name="الرحيق-أحد"/> فلما عرف المسلمون بأنه ما زال حيًا نهضوا به نحو [[الشق (سيرة نبوية)|شِقّ]] في [[جبل أحد]] للاحتماء فيه، وحاول أعداؤهم الوصول إليه ففشلوا فأوقفوا القتال مكتفين بانتصارهم هذا. كان من نتيجة المعركة أن قُتل [[حمزة بن عبد المطلب]] على يد [[وحشي بن حرب]]، ومثّلت به [[هند بنت عتبة]] فشقت بطنه عن كبده وجدعت أنفه وأذناه، فسُمي حينها بأسد الله وأسد رسوله.<ref name="ابن هشام-أحد">السيرة النبوية، ابن هشام، ج4، ص5-120، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref>
[[ملف:At Sayyed Al Shouhadaa - Hamza - Madina.jpg|تصغير|يسار|[[جبل أحد]] والذي حدثت عنده [[غزوة أحد]] في سنة [[3 هـ]].]]
ولما كان يوم غد الأحد [[8 شوال]]، أمر محمد أصحابه ممن شارك في [[غزوة أحد]] بالخروج في طلب [[قريش]] في '''[[غزوة حمراء الأسد]]'''، مرهبًا [[قريش]] ليظنّوا به قوة،<ref name="تاريخ الإسلام-حمراء الأسد">تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، [[شمس الدين الذهبي|الذهبي]]، ج2، ص223-228، دار الكتاب العربي، ط1987.</ref> فخرجوا حتى عسكروا في منطقة «حمراء الأسد» وأوقدوا فيها 500 نارًا، وكان [[أبو سفيان بن حرب|أبو سفيان]] يوم الأحد أراد الرجوع إلى المدينة ليستأصل بقية المسلمين، فنصحهم [[صفوان بن أمية بن خلف]] بالرجوع إلى [[مكة]] عندما سمع نبأ خروج محمد وأصحابه، فرجعوا، فعاد محمد وأصحابه إلى المدينة يوم الأربعاء بلا قتال.<ref name="ابن هشام-أحد"/>

ثم في وقت لاحق في شهر [[ربيع الأول]] سنة [[4 هـ]]،<ref name="المغازي-النضير"/> حدثت '''[[غزوة بني النضير]]''' بعد أن همّ [[يهود]] [[بنو النضير]] بالغدر وقتل محمد، فنقضوا بذلك [[صحيفة المدينة|الصحيفة]]، فأمهلهم محمد 10 أيام ليغادروا المدينة،<ref name="المغازي-النضير">المغازي، [[الواقدي]]، ج1، ص363-380، عالم الكتب، بيروت.</ref> فرفضوا وتحصنوا بحصن لهم، فحاصرهم محمد 15 يومًا،<ref name="المغازي-النضير"/> وقيل 6 ليال،<ref name="الرحيق-النضير">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص269-270.</ref> ثم أجلاهم عن المدينة وحملوا النساء والصبيان وتحملوا على 600 بعير، فلحقوا [[خيبر|بخيبر]]، وغنم من أموالهم ما تركوه وراءهم.<ref name="ابن سعد-النضير">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص57-58، دار صادر، بيروت.</ref>

=== حصار المدينة ===
{{مفصلة|غزوة الخندق}}
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب،<br /> اللهم اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم»<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عبد الله بن أبي أوفى]]، رقم: 2933.</ref>|المصدر='' محمد بن عبد الله''}}
[[ملف:Al-Ahzab Battle map.jpg|تصغير|يمين|خريطة توضّح [[غزوة الخندق]] ومكان تمركز الفريقين في [[المدينة المنورة]].]]
لما أُجلي [[بنو النضير]]، وساروا إلى [[خيبر]]، خرج نفر من وجهائهم فحرّضوا [[قريش]]ًا و[[بنو غطفان|غطفان]] ودعوهم إلى حرب محمد وعاهدوهم على قتاله، فوافقوهم.<ref name="الروض-الأحزاب"/> وتجهزت [[قريش]] فجمعوا 4000 شخص، ومعهم 300 [[فرس]]. وانضم إليهم أعدادًا من [[بنو سليم|بني سليم]] و[[بنو أسد|بني أسد]]، وفزارة، و[[بنو غطفان|غطفان]]، وبني مرة. فكان جميعهم 10,000 سُمّوا بـ '''الأحزاب'''، وكان قائدهم [[أبو سفيان بن حرب|أبو سفيان]]، فكانت ما عُرف بـ '''[[غزوة الخندق]]''' أو '''[[غزوة الخندق|غزوة الأحزاب]]'''،<ref name="تاريخ الإسلام-الأحزاب">تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، الذهبي، ج2، ص283-305، دار الكتاب العربي، ط1987.</ref> وكانت في [[شوال]] سنة [[5 هـ]]<ref name="الصحيحة-الأحزاب">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج2، ص418-433، مكتبة العلوم والحكم، ط1993.</ref> وقيل في [[ذو القعدة|ذي القعدة]].<ref name="ابن سعد-الأحزاب">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص65-77، دار صادر، بيروت.</ref> فلما سمع بهم محمد، عسكر بثلاثة آلاف من المسلمين إلى سفح [[جبل سلع]]، وكان شعارهم {{اقتباس مضمن|حَم، لَا يُنْصَرُونَ}}،<ref name="ابن هشام-الأحزاب"/> وجعل النساء والأطفال في [[أطم|آطام]] (حصون)، ثم حفر الخندق على المدينة بمشورة [[سلمان الفارسي]]، وكان يعمل فيه بيده، فانتهوا منه بعد 6 أيام.<ref name="ابن سعد-الأحزاب"/>

ولما انتهوا من الخندق، أقبلت [[قريش]] ومن معهم من الأحزاب وحاصروا المدينة حصارًا شديدًا،<ref name="ابن هشام-الأحزاب">السيرة النبوية، ابن هشام، ج4، ص170-215، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> وفي أثناء ذلك وافق [[يهود]] [[بنو قريظة|بني قريظة]] على أن يسمحوا للأحزاب بدخول المدينة من الجزء الخاص بهم بعد أن فاوضهم [[حيي بن أخطب|حيي بن الأخطب]] القادم مع الأحزاب، لكن ذلك لم يتم بسبب حيلة استخدمها [[الصحابة|الصحابي]] «نعيم بن مسعود الغطفاني» للإيقاء من [[بنو قريظة|بني قريظة]] والأحزاب.<ref name="تاريخ الإسلام-الأحزاب"/> واشتد الحصار على المسلمين ودبّ فيهم الخوف والرعب، فنزلت آيات من [[سورة الأحزاب]] تصف ما حدث {{قرآن|الأحزاب|9|إلى آية=10}}. وأقام المسلمون والأحزاب 24 ليلة لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل والحصار.<ref name="ابن سعد-الأحزاب"/> حتى جاءت ريح شديدة لمعسكر الأحزاب، فارتحلوا على إثراها. كان من نتيجة هذا الحصار أن قُتل 8 من المسلمين، و4 من الأحزاب.<ref name="الصحيحة-الأحزاب"/> ولما انصرف الأحزاب عن [[المدينة المنورة|المدينة]]، قال محمد لأصحابه: {{اقتباس مضمن|لن تغزوكم [[قريش]] بعد عامكم هذا، ولكنكم تغزونهم}}،<ref>[[تفسير ابن كثير|تفسير القرآن العظيم]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج6، ص396.</ref> فلم تغزهم [[قريش]] بعد ذلك، وكان هو الذي يغزوها، وذلك حتى [[فتح مكة]].<ref name="الروض-الأحزاب">[[الروض الأنف]]، [[أبو القاسم السهيلي|السهيلي]]، ج3، ص415-458.</ref>

بعد انتهاء المعركة، رجعت [[بنو قريظة]] فتحصنوا بحصونهم، ووضع محمد السلاح. فجاءه [[جبريل]] في صورة [[دحية الكلبي]] فقال: {{اقتباس مضمن|أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟}} قال {{اقتباس مضمن|نعم}} فقال [[جبريل]] {{اقتباس مضمن|فما وضعت [[الملائكة في الإسلام|الملائكة]] السلاح بعد وما رجعت الآن إلا من طلب القوم. إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى [[بنو قريظة|بني قريظة]] فإنّي عامد إليهم فمزلزل بهم}} فأمر محمد أصحابه بالرحيل إليهم [[7 ذو القعدة]] [[5 هـ]]،<ref name="المغازي-قريظة">المغازي، [[الواقدي]]، ج2، ص496-521، عالم الكتب، بيروت.</ref> فكانت '''[[غزوة بني قريظة]]'''، فحاصرهم المسلمون وهم يومئذ 3000،<ref name="الرحيق-قريظة">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص279-281.</ref> 25 ليلة حتى أتعبهم الحصار. فأعلن بنو قريظة استسلامهم، فقام محمد بتحكيم [[سعد بن معاذ]] فيهم فحكم بقتلهم وتفريق نسائهم وأبنائهم عبيدًا بين المسلمين، فقال محمد {{اقتباس مضمن|لقد حكمتَ فيهم بحكم الله}}.<ref>[[فتح الباري|فتح الباري شرح صحيح البخاري]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج7، ص476.</ref> فأمر محمد بتنفيذ الحكم وفِي الراجح تم إعدام ما بين 40 إلى 400 شخص ، بينما بحسب مرسل [[ابن إسحاق]] تم اعدام ما بين 700 إلى 900 شخص.<ref>الأموال لابن زنجويه رقم الحديث 359 وإسناده صحيح</ref><ref>صحيح الترمذي رقم الحديث 1582 ، و صححه الألباني و ابن حجر العسقلاني</ref><ref>السيرة النبوية لابن هشام ، طبعة دار الصحابة للتراث ، الجزء 3 صـــ230</ref>

=== صلح الحديبية ===
{{مفصلة|صلح الحديبية|غزوة خيبر|غزوة مؤتة|رسائل النبي محمد}}
{{صندوق اقتباس|اقتباس=لما كتبوا الكتاب (الصلح)، كتبوا: «هذا ما قاضى عليه<br /> محمد رسول الله»، فقال سهيل: «لا نقرّ لك بهذا، لو<br /> نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئًا، ولكن أنت محمد<br /> بن عبد الله». فقال: «أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد<br /> الله». ثم قال [[علي بن أبي طالب|لعلي بن أبي طالب]]: «امحُ رسول الله».<br /> قال علي: «لا والله لا أمحوك أبدًا»، فأخذ رسول الله<br /> {{صلى الله عليه وسلم}} الكتاب، وليس يحسن يكتب، فكتب: «هذا ما<br /> قاضى عليه محمد بن عبد الله».<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]]، في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[البراء بن عازب]]، رقم: 4251.</ref><br /><br />وقد استنبط علماء [[شافعية|الشافعية]] و[[حنفية|الحنفية]] وبعض [[مالكية|المالكية]]<br /> من قول [[علي بن أبي طالب|علي]] أنّ '''الأدب مقدّم على الاتباع'''،<ref>[http://www.dar-alifta.org/ViewFatwa.aspx?ID=3689&LangID=1 '''دار الإفتاء المصرية:''' السيادة لرسول الله في الأذان والتشهد في الصلاة] تاريخ الوصول [[1 يوليو]] [[2011]]. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150409073106/http://www.dar-alifta.org/ViewFatwa.aspx?ID=3689&LangID=1 |date=09 أبريل 2015}}</ref> قال<br /> [[محمد الشوكاني|الشوكاني]] «فتقريره {{صلى الله عليه وسلم}} له على الامتناع من امتثال الأمر<br /> تأدبًا مُشعِر بأولويته».|المصدر='' [http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=665&idto=666&bk_no=47&ID=287 نيل الأوطار - الشوكاني]''}}
[[ملف:Muhammad letter muqawqis.jpg|تصغير|يمين|قطعة أثرية لرسالة النبي محمد إلى [[المقوقس]] حاكم [[مصر]] يدعوه إلى [[الإسلام]]، أحد نتائج [[صلح الحديبية]]، وهي محفوظة في متحف [[قصر طوب قابي|الباب العالي]] في [[إسطنبول]].]]
في شهر [[ذو القعدة|ذي القعدة]] سنة [[6 هـ]] الموافق [[628]] م، أمر محمد أتباعه باتخاذ الاستعدادات لأداء مناسك [[عمرة|العمرة]] في [[مكة]]، بعد أن رأى في منامه أنه دخل هو وأصحابه [[المسجد الحرام]]، وطافوا واعتمروا. واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه، فخرج منها يوم الإثنين غرّة [[ذو القعدة|ذي القعدة]] سنة [[6 هـ]]، في 1400 أو 1500،<ref name="ابن سعد-الحديبية">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص95-105، دار صادر، بيروت.</ref> ولم يخرج بسلاح، إلا سلاح المسافر ([[سيف|السيوف]] في القُرُب)، وساق معه [[الفدي والهدي|الهدي]] 70 بدنة{{ملا|في «لسان العرب»: «البَدْنةُ: ناقة أو بقرة تُنْحَرُ بمكة، سُميت بذلك لأَنهم كانوا يُسمِّنونها».}}.<ref name="ابن هشام-الحديبية">السيرة النبوية، [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]، ج4، ص275-296، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> ولمّا علمت [[قريش]] بذلك، قررت منعه عن [[الكعبة]]، فأرسلوا 200 فارس بقيادة [[خالد بن الوليد]] للطريق الرئيسي إلى [[مكة]]. لكنَّ محمدًا اتخذ طريقًا أكثر صعوبة لتفادي مواجهتهم،<ref name="ابن حزم-الحديبية"/> حتى وصل إلى [[صلح الحديبية|الحديبية]] على بعد 9 أميال من [[مكة]]،<ref name="ابن سعد-الحديبية"/> فجاءه نفر من [[خزاعة (توضيح)|خزاعة]] ناصحين له، فقال لهم محمد {{اقتباس مضمن|إنّا لم نجيء لقتال أحد، ولكنا جئنا [[عمرة|معتمرين]]، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب وأضرّت بهم، فإن شاءوا ماددتهم، ويخلّوا بيني وبين الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جَمُّوا، وإن هم أبَوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذنّ الله أمره}}.<ref name="البخاري-الحديبية">[[صحيح البخاري]]، [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]]، عن [[المسور بن مخرمة]]، رقم: 2731.</ref> فعادوا إلى [[قريش]] موصلين تلك الرسالة، فبعثت قريش [[قائمة الصحابة|الحليس بن علقمة الكناني]] سيد [[حلف الأحابيش|الأحابيش]] بني الحارث بن عبد مناة بن [[كنانة]] وحلفاء [[قريش]] فلما رآه الرسول محمد قال: {{اقتباس مضمن|إن هذا من قومٍ يتألّهون، فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه}}، فلما رأى الحليس بن علقمة الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده، وقد أكل أوباره من طول الحبس عن محله، رجع إلى [[قريش]] ولم يصل إلى الرسولِ محمدٍ إعظاماً لما رأى، فقال لهم ذلك، فقالوا له: «اجلس، فإنَّما أنت أعرابيٌّ لا علمَ لك»، فغضب عند ذلك الحليس وقال: «يا معشر [[قريش]]، والله ما على هذا حالفناكم، ولا على هذا عاقدناكم، أيُصَدُّ عن بيت الله من جاء معظِّماً له؟ والذي نفس الحليس بيده، لَتَخلنَّ بين محمد وبين ما جاء له، أو لأنفرنَّ [[حلف الأحابيش|بالأحابيش]] نفرة رجلٍ واحد»، فقالوا له: «مه، كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به».<ref>السيرة النبوية لابن هشام ص 313</ref>

ثم بعثت [[قريش]] [[عروة بن مسعود الثقفي]]، ليفاوض المسلمين، فأعاد محمد عليه نفس العرض، فعاد لمكة قائلاً:<ref name="البخاري-الحديبية"/>
{{اقتباس خاص|والله ما رأيتُ ملكًا يعظّمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدًا، والله ما تَنَخَّمَ نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيمًا له، وقد عرض عليكم خطة رُشْدٍ فاقبلوها}}
[[ملف:ختم النبي محمد.gif|تصغير|يسار|الختم الذي كان يختم به النبي محمد رسائله للملوك، لما قيل له «يا رسول الله، إن الملوك لا يقرأون كتابًا إلا مختومًا» فاتخذ من يومئذ خاتمًا من [[فضة]]، نقشه ثلاثة أسطر «محمد رسول الله».<ref name="ابن سعد-كتب">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص258-290، دار صادر، بيروت.</ref>|139x139بك]]
ثم أرسل محمد [[عثمان بن عفان]] إلى [[قريش]] ليفاوضهم، فتأخر في [[مكة]] حتى سرت إشاعة أنه قد قُتل.<ref name="ابن حزم-الحديبية"/> فقرر محمد أخذ البيعة من المسلمين على أن لا يفرّوا، فيما عرف [[بيعة الرضوان|ببيعة الرضوان]]، فلم يتخلّف عن هذه البيعة أحد إلا [[الجد بن قيس|جد بن قيس]]،<ref name="ابن هشام-الحديبية"/> ونزلت آيات من [[القرآن]] {{قرآن|الفتح|18}}. خلال هذا وصلت أنباء عن سلامة عثمان، وأرسلت [[قريش]] [[سهيل بن عمرو]] لتوقيع اتفاق مصالحة عرف [[صلح الحديبية|بصلح الحديبية]]، ونصّت بنوده على عدم أداء المسلمين للعمرة ذلك العام على أن يعودوا لأدائها العام التالي، كما نصّت على أن يرد المسلمون أي شخص يذهب إليهم من [[مكة]] بدون إذن، في حين لا ترد [[قريش]] من يذهب إليهم من المدينة. واتفقوا أن تسري هذه المعاهدة لمدة 10 سنوات، وبإمكان أي قبيلة أخرى الدخول في حلف أحد الطرفين لتسري عليهم المعاهدة.<ref name="ابن سعد-الحديبية"/> فلما فرغوا من الكتاب انطلق سهيل وأصحابه، عمّ المسلمين الحزن الشديد بسبب بنود الصلح، وعدم تمكنهم من أداء العمرة، فقال لهم محمد {{اقتباس مضمن|قوموا فانحروا}} ثلاثًا فما قام منهم أحد، ثم قام محمد ولم يكلّم أحدًا منهم حتى نحر بُدْنَه، ودعا [[خراش بن أمية]] فحلق له رأسه،<ref name="ابن حزم-الحديبية">جوامع السيرة، [[ابن حزم (توضيح)|ابن حزم]]، ص207-211، دار المعارف، [[مصر]]، ط1900.</ref> فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا.<ref name="البخاري-الحديبية"/> وأقاموا بالحديبية بضعة عشر يومًا ويقال عشرين يومًا، ثم انصرفوا.

كان من نتائج الصلح أن بعث محمد رسائل إلى العديد من الملوك في العالم، داعيًا إياهم إلى اعتناق [[الإسلام]]، واختار من أصحابه رسلاً لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك في شهر [[ذو الحجة|ذي الحجة]] سنة [[6 هـ]]،<ref name="ابن سعد-كتب"/> وقيل بل في بداية شهر [[المحرم (شهر)|المحرم]] سنة [[7 هـ]] قبل [[غزوة خيبر]] بأيام.<ref name="الرحيق-كتب">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص313-324.</ref> فكان أول رسول أرسله محمد هو [[عمرو بن أمية الضمري]] الكناني إلى [[أصحمة النجاشي|النجاشي]] ملك [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]]، فلما وصله الكتاب، وضعه على عينيه ونزل من سريره فجلس على الأرض تواضعًا، [[الإسلام|فأسلم]] على يد [[جعفر بن أبي طالب]] وقال {{اقتباس مضمن|لو كنت أستطيع أن آتيه لأتيته}}.<ref name="تاريخ دمشق-كتب">تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل، أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله، ج45، ص45، دار الفكر، بيروت، ط1995.</ref> وأرسل [[دحية الكلبي]] إلى [[قيصر (توضيح)|قيصر]] ([[هرقل]]) ملك [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]]، و[[عبد الله بن حذافة السهمي|عبد الله بن حذافة]] إلى كسرى ملك [[الإمبراطورية الفارسية|فارس]]، فلما وصله الكتاب مزّقه، فقال في ذلك محمد {{اقتباس مضمن|اللهم مزّق مُلكَه}}. وأرسل [[حاطب بن أبي بلتعة]] إلى [[المقوقس]] ملك [[مصر]]، فلما وصله الكتاب بعث لمحمد كهدية جاريتين هما '''[[مارية القبطية]]''' (والتي أخذها لنفسه فولدت له [[إبراهيم بن محمد|إبراهيم]])، وأختها [[سيرين بنت شمعون]] (والتي أعطاها [[حسان بن ثابت|لحسان بن ثابت]]) و[[بغلة (سفينة)|بغلة]] (دُلدُل)، ولكن [[المقوقس]] لم [[الإسلام|يُسلِم]]. وأرسل شجاع بن وهب الأسدي إلى [[الحارث بن أبي شمر]] الغساني، وأرسل سليط بن عمرو العامري إلى [[هوذة الحنفي|هوذة بن علي الحنفي]] ملك [[اليمامة (إقليم)|اليمامة]]. وبعث آخرين إلى ملوك عدة غيرهم.<ref name="ابن سعد-كتب"/>

=== غزوتا خيبر ومؤتة ===
{{مفصلة|غزوة خيبر|غزوة مؤتة}}
[[ملف:Jafar grave.jpg|تصغير|يسار|مرقد [[جعفر بن أبي طالب]] في [[الكرك]] جنوب [[الأردن]]، كان آخر كلامه قبل موته في [[غزوة مؤتة]] {{اقتباس مضمن|يا حبّذا [[جنة|الجنّة]] واقترابها ** طيّبة وبارد شرابها ** و[[الإمبراطورية الرومانية|الروم]] روم قد دنا عذابها ** كافرة بعيدة أنسابها ** عليّ إن لاقيتها ضرابها}}.<ref name="ابن كثير-مؤتة">السيرة النبوية، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج3، ص455-480.</ref>]]
[[ملف:Muta-battle-place.jpg|تصغير|يمين|بقايا لآثار بُنيت على الأرض التي حدثت عليها [[غزوة مؤتة]]، موجودة حاليًا في [[الكرك]] جنوب [[الأردن]].]]
بعدما أمن محمد قريشًا بعد [[صلح الحديبية|الحديبية]]، أراد أن يحاسب [[يهود|اليهود]] لتحريضهم القبائل في [[غزوة الخندق|غزوة الأحزاب]]،<ref name="الرحيق-خيبر">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص325-354.</ref> فخرج في شهر [[المحرم (شهر)|محرم]] [[7 هـ]]<ref name="ابن حبان-خيبر">السيرة النبوية، ابن حبان، ص300.</ref> في '''[[غزوة خيبر]]'''، بشكل سريّ مباغتةً لليهود، وكان معه 1500 مقاتل هم أصحاب [[بيعة الرضوان]]، وأعطى الراية إلى [[علي بن أبي طالب]]،<ref name="ابن حزم-خيبر">جوامع السيرة، [[ابن حزم (توضيح)|ابن حزم]]، ص211-218، دار المعارف، ط1900.</ref> وشعارهم يومئذ {{اقتباس مضمن|يا منصُور أمِت أمِت}}.<ref name="ابن هشام-خيبر"/> فلما علم أهل [[خيبر]]، أرسلوا إلى [[بنو غطفان|غطفان]] يستمدونهم مقابل نصف ثمار [[خيبر]] إن هم غلبوا المسلمين.<ref name="الرحيق-خيبر"/> فلما وصل المسلمون قريبًا من [[خيبر]] ليلاً باتوا ليلتهم ولا تشعر بهم [[يهود|اليهود]]، حتى إذا أصبحوا وركبوا رأوهم عمال خيبر، فهربوا وتحصنوا [[حصن|بحصون]] لهم، فقال محمد {{اقتباس مضمن|الله أكبر، خربت [[خيبر]]، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم، فسَاء صباح المنذَرين}}.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 371.</ref> وبدأ المسلمون يفتحون [[حصن|حصونهم]] حصنًا حصنًا، يأخدون منهم سبايا، فكان منهنّ [[صفية بنت حيي بن أخطب]] والتي أسلمت وتزوجها محمد فيما بعد.<ref name="ابن هشام-خيبر">السيرة النبوية، [[ابن هشام (توضيح)|ابن هشام]]، ج4، ص297-331، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> وكان آخر الحصون فتحًا «الوطيح» و«السلالم»، فحاصرها المسلمون بضع عشرة ليلة، حتى انتصروا. وكان محمد يريد أن يجلي [[يهود|اليهود]] من [[خيبر]]، لكن محمد اتفق معهم على أن يعطوه نصف محصولهم كل عام على أن يبقيهم في أراضيهم.<ref name="الرحيق-خيبر"/> ولما رجع محمد من [[خيبر]]، قدم [[جعفر بن أبي طالب]] ومن معه من أرض [[الإمبراطورية الإثيوبية|الحبشة]] وهم آخر من كانوا هناك، فتلقّاه محمد فرحًا وقال {{اقتباس مضمن|ما أدري أنا بفتح خيبر أفرح أم بقدوم [[جعفر بن أبي طالب|جعفر]]}}.<ref>[[تخريج مشكاة المصابيح]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، عن [[جعفر بن أبي طالب]]، ج4، ص331.</ref> بعد ذلك أقام محمد بالمدينة 8 أشهر، ثم خرج في [[ذو القعدة|ذي القعدة]] [[7 هـ]]، قاصدًا للعمرة، فكانت «[[عمرة القضاء]]»، على ما اتفق عليه مع قريشًا في [[صلح الحديبية]]. فأتم عمرته، وتزوج هنالك [[ميمونة بنت الحارث]]، خالة [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]] و[[خالد بن الوليد]].<ref name="مولد تلقائيا5">جوامع السيرة، [[ابن حزم (توضيح)|ابن حزم]]، ص219، دار المعارف، ط1900.</ref>

ثم في [[جمادى الأولى|جمادي الأولى]] سنة [[8 هـ]]، كانت '''[[غزوة مؤتة]]''' في جنوب [[الأردن]]، كان سببها قتل [[غساسنة|الغساسنة]] لرسول النبي محمد [[الحارث بن عمير الأزدي]] الذي أرسله بكتاب إلى ملك [[بصرى]] يدعوه إلى [[الإسلام]]،<ref name="ابن كثير-مؤتة"/> فأرسل محمد جيشًا قوامه 3000 مقاتل قائلاً بقيادة [[زيد بن حارثة]] يليه [[جعفر بن أبي طالب]] إن قُتل، ثم [[عبد الله بن رواحة]] إن قُتل الأوّلان،<ref>رواه الهيثمي في محمع الزوائد، عن عبد الله بن جعفر، ج6، ص159.</ref> وكان في مقابلهم جيش [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]] بقيادة [[هرقل]] قوامه 100,000 مقاتل. فالتقى الجيشان، فقُتل قادة المسلمين الثلاثة، ثم استلم القيادة [[خالد بن الوليد]]، واستطاع بحيلة منه أن ينسحب بجيش المسلمين عائدًا إلى [[المدينة المنورة]]، فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين جعلوا يحثون في وجوههم التراب ويقولون {{اقتباس مضمن|يا فُرّار، أفَرَرتم في سبيل الله؟}} فيقول محمد {{اقتباس مضمن|ليسوا بُفرّار، ولكنهم كُرّار إن شاء الله}}.<ref name="ابن سعد-مؤتة">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص128-130، دار صادر، بيروت.</ref>

=== فتح مكة ===
{{مفصلة|فتح مكة}}
كان من نتائج [[صلح الحديبية]] أن دخلت قبيلة [[خزاعة (توضيح)|خزاعة]] في حلف محمد، و[[بكر بن عبد مناة|بنو بكر بن عبد مناة]] بن [[كنانة]]<ref>{{استشهاد ويب|مسار=https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=644&idfrom=1368&idto=1372&flag=0&bk_no=58&ayano=0&surano=0&bookhad=0|عنوان=الكتب  - السيرة النبوية لابن هشام - ذكر الأسباب الموجبة المسير إلى مكة وذكر فتح مكة في شهر رمضان سنة ثمان - القتال بين بكر وخزاعة- الجزء رقم1|موقع=www.islamweb.net| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180929203031/http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1368&idto=1372&bk_no=58&ID=644 | تاريخ أرشيف = 29 سبتمبر 2018}}</ref> في حلف [[قريش]]،<ref name="ابن سعد-الحديبية"/> وكان بين بني الدئل بن بكر و[[خزاعة (توضيح)|خزاعة]] حروب وقتلى في الجاهلية، فتشاغلوا عن ذلك لما ظهر [[الإسلام]]،<ref name="فتح الباري-فتح مكة"/> فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرًا،<ref name="الخصائص الكبرى-فتح مكة"/> ثم أغارت بنو الدئل بن بكر على [[خزاعة (توضيح)|خزاعة]] على ماء لهم يقال له «الوتير» ليلاً، فقتلوا منهم أناس، وأمدت [[قريش]] بني الديل بن بكر بالسّلاح وقاتل بعضهم معهم.<ref name="الخصائص الكبرى-فتح مكة">الخصائص الكبرى، [[جلال الدين السيوطي]]، ج1، ص439-447، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1985.</ref> فلما انقضت الحرب خرج [[عمرو بن سالم الخزاعي]] حتى قدم على محمد وهو جالس في [[المسجد النبوي|المسجد]] فقال:<ref name="فتح الباري-فتح مكة"/>
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«إنّ [[مكة]] حرّمها الله ولم يحرّمها الناس، لا يحلّ لامرئ<br />يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد<br /> بها شجرًا، فإن أحد ترخّص لقتال رسول الله فيها،<br /> فقولوا له: إنّ الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي<br /> فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها<br /> بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب»<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن أبي شريح العدوي، رقم: 4295.</ref>|المصدر='' محمد بن عبد الله''}}
{{أبيات|
'''يَـا رَبّ إنّي نَاشِدٌ مُحَمّدًا'''\\'''حِلفَ أبِينَا وأبِيهِ الأتْلَدَا'''
'''قَدْ كُنْتُمْ وُلْدًا وَكُنّا وَالِدًا'''{{ملا|في [[الروض الأنف]]، [[أبو القاسم السهيلي|للسهيلي]]، ج4، ص146: «يريد أن بني [[عبد مناف بن قصي]] أمّهم من [[خزاعة (توضيح)|خزاعة]]، وكذلك [[قصي بن كلاب]] أمّه "فاطمة بنت سعد الخزاعية" و"الوُلْد" بمعنى الوَلَد».}}\\'''ثُمّتَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا'''
'''فَانْصُرْ هَدَاك اللّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا'''\\'''وَادْعُ عِبَادَ اللّهِ يَأْتُوا مَدَدَا'''
'''إنّ [[قريش|قُرَيْشًا]] أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا'''\\'''وَنَقَضُوا [[صلح الحديبية|مِيثَاقَك الْمُوَكّدَا]]'''
'''هُمْ بَيّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجّدًا'''\\'''وَقَتَلُونَا رُكّعًا وَسُجّدَا'''
'''وزَعَمُوا أنْ لَستُ أَدعُو أَحَدًا'''\\'''وَهُـم أَذَلُّ وَأَقَـلُّ عَـدَدًا'''}}
فقال له محمد {{اقتباس مضمن|نُصِرتَ يا عمرو}}،<ref name="فتح الباري-فتح مكة">[[فتح الباري|فتح الباري شرح صحيح البخاري]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج7، ص592.</ref> ثم جاء [[أبو سفيان بن حرب]] قادمًا من [[مكة]] يريد تجديد [[صلح الحديبية|الصلح]]، فُقوبل بالرفض. ثم أمر محمد بتجهيز الجيش والتحرك نحو [[مكة]] وهو يكتم ذلك حتى يبغت قريشًا،<ref name="الروض-فتح مكة">[[الروض الأنف]]، [[أبو القاسم السهيلي|السهيلي]]، ج4، ص140-203.</ref> واستنفر الأعراب والقبائل المسلمة، فخرج في 10,000 مقاتل يوم [[10 رمضان]] [[9 هـ]]،<ref name="الرحيق-فتح مكة"/> والناس يومئذ [[الصوم في الإسلام|صائمون]]. ولما كان [[الجحفة|بالجحفة]] لقيه عمه [[العباس بن عبد المطلب]]، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلمًا مهاجرًا، ثم لما كان [[الأبواء|بالأبواء]] لقيه ابن عمه [[أبو سفيان بن الحارث]] وابن عمته عبد الله بن أبي أمية فأسلما، ثم عسكر بالجيش في [[وادي فاطمة|مر الظهران]] وأُوقدت 10,000 نار، فجاء [[أبو سفيان بن حرب]] يتحسس، فلقيه [[العباس بن عبد المطلب]] وجاء به إلى محمد فأسلم أبو سفيان.<ref name="الروض-فتح مكة"/> وفي يوم الثلاثاء [[17 رمضان]] سنة [[8 هـ]]،<ref name="الرحيق-فتح مكة">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص372-394.</ref> تابع الجيش مسيره إلى [[مكة]]. في أثناء ذلك مرّ [[سعد بن عبادة]] <ref name="سعد بن عبادة">[http://islamport.com/w/ser/Web/2899/984.htm سعد بن عبادة قائل عبارة] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160816131045/http://islamport.com/w/ser/Web/2899/984.htm |date=16 أغسطس 2016}}</ref> [[أبو سفيان بن حرب|بأبي سفيان]] قائلاً: {{اقتباس مضمن|اليوم يوم الملحمة، اليوم تُسْتَحَلُّ [[الكعبة]]}} فلما بلغ ذلك القول محمدًا قال {{اقتباس مضمن|كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه [[الكعبة]]، يوم تُكسَى فيه [[الكعبة]]}}.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عروة بن الزبير]]، رقم: 4280.</ref>
[[ملف:Kaaba (1910)-2.jpg|تصغير|200بك|يسار|[[الكعبة]] في عام [[1910]]م، والتي كان حولها 360 [[صنم]]ًا هدمها محمد في [[فتح مكة]] وهو يتلو آيات من [[القرآن]] {{قرآن|الإسراء|81|من كلمة=جاء}}.]]
[[ملف:Bilal.jpg|تصغير|يمين|200بك|رسم [[الإمبراطورية الفارسية|فارسي]] [[بلال بن رباح|لبلال بن رباح]] وهو [[أذان|يؤذن]] فوق سطح [[الكعبة]] بعد [[فتح مكة]] عام [[8 هـ]].]]
ثم رجع [[أبو سفيان بن حرب|أبو سفيان]] إلى [[مكة]] وجعل ينادي بكلمات أعطاها له محمد {{اقتباس مضمن|من دخل دار أبي سفيان فهو آمن! ومن أغلق عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو آمن}}.<ref>السيرة النبوية، [[ابن حبان]]، ص315.</ref> ثم دخل الجيش [[مكة]] موزعين، فدخلها [[خالد بن الوليد]] ومن معه من أسفلها، ودخلها [[الزبير بن العوام]] ومن معه من أعلاها، ودخلها [[أبو عبيدة بن الجراح]] من بطن الوادي.<ref name="الرحيق-فتح مكة"/> وأمرهم أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم،<ref name="عيون الأثر-فتح مكة">عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، ابن سيد الناس، ج2، ص194، مؤسسة عز الدين، بيروت، ط1986.</ref> وأهدر يومئذ دماء تسعة نفر، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار [[الكعبة]]،{{ملا|في زاد المعاد، [[ابن قيم الجوزية|لابن القيم]]، ج3، ص361: «وهم عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، و[[عكرمة بن أبي جهل]]، والحارث بن نفيل بن وهب، ومقيس بن صبابة، وهبار بن الأسود، وقينتان كانتا لابن الأخطل، كانت تغنيان بهجو النبي {{صلى الله عليه وسلم}}، وسارة مولاة لبعض بني [[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]]».}}<ref>دلائل النبوة، [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]]، ج5، ص84، رقم: 1792.</ref> فلم يحصل قتال إلا ما كان من [[خالد بن الوليد]] ومن معه فقد قتلوا 12 رجلاً.<ref name="الرحيق-فتح مكة"/> ثم وصل الجيش [[الكعبة]]، فدخلوا [[المسجد الحرام|المسجد]]، فأقبل محمد إلى [[الحجر الأسود]]، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحول البيت 360 [[صنم]]ًا، فجعل يطعنها بالقوس ويقول {{قرآن|الإسراء|81|من كلمة=جاء}}<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عبد الله بن مسعود]]، رقم: 4720.</ref> و[[صنم|الأصنام]] تتساقط على وجوهها.<ref name="الخصائص الكبرى-فتح مكة"/> ثم خاطب [[قريش]]ًا فقال {{اقتباس مضمن| يا معشر [[قريش]] ما ترون أني فاعل بكم؟}} قالوا {{اقتباس مضمن|خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم}}، فقال {{اقتباس مضمن|فإني أقول كما قال أخي [[يوسف]]: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطُلَقَاء}}.<ref name="الحلبية-فتح مكة">السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج3، ص49، دار المعرفة.</ref>
ثم أتى جبل الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه، و[[الأنصار]] تحته يقول بعضهم لبعض {{اقتباس مضمن|أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته}}. فجاءه [[وحي|الوحي]] بما يقولون، فقال {{اقتباس مضمن|يا معشر [[الأنصار]]، قلتم "أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته"؟}} قالوا: {{اقتباس مضمن|قلنا ذلك يا رسول الله}} قال {{اقتباس مضمن|فما اسمى إذن، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم}} فأقبل إليه [[الأنصار]] يبكون.<ref name="عيون الأثر-فتح مكة"/>

=== ردود فعل القبائل العربية على فتح مكة ===
{{مفصلة|غزوة حنين|غزوة الطائف|غزوة تبوك|عام الوفود}}
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«كُنّا إذا حمي البَأس، ولقي القوم القوم،<br /> اتّقينا برسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، فما يكون أحد<br /> أقرب إلى العدوّ منه»<ref>[[إحياء علوم الدين]]، [[أبو حامد الغزالي]]، ج4، ص476، وصححه [[عبد الرحيم العراقي]].</ref>|المصدر='' [[علي بن أبي طالب]]''}}
بعد وقت قصير من [[فتح مكة]]، تحالفت قبائل [[هوازن|هوزان]] و[[ثقيف]] وبعضٌ من [[بنو هلال (قبيلة)|بني هلال]]،<ref name="المغازي-حنين">المغازي، [[الواقدي]]، ج3، ص885-921، عالم الكتب، بيروت.</ref> وعزموا أمرهم على حرب المسلمين، فخرجوا ومعهم أموالهم وعيالهم ونساؤهم، ما يجعلهم يقاتلون حتى الموت.<ref name="عيون الأثر-حنين">عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، [[ابن سيد الناس]]، ج2، ص213-228، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت، ط1986.</ref> فلما سمع بهم محمد وهو في [[مكة]] خرج في '''[[غزوة حنين]]''' يوم السبت [[6 شوال]] سنة [[8 هـ]]،<ref name="المغازي-حنين"/> وكان ذلك اليوم التاسع عشر من يوم دخوله [[مكة]]،<ref name="الرحيق-حنين">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص397-407.</ref> وخرج معه 12,000 مقاتل،<ref name="ابن هشام-حنين">السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص104-129، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فأصاب بعضهم العُجب لكثرة الجيش فقالوا {{اقتباس مضمن|لن نُغلَب اليوم من قِلّة}}.<ref>مختصر البزار، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج2، ص45.</ref> ولما وصل المسلمون «وادي حُنين» بغتتهم [[هوازن|هوزان]] وهاجموهم بفخّ كانوا قد نصبوه لهم،<ref name="عيون الأثر-حنين"/> فهرب المسلمون وثبت محمد ونفر من [[المهاجرون|المهاجرين]] وأهل بيته،<ref name="ابن هشام-حنين"/>{{ملا|في سيرة ابن هشام، ج5، ص111: «فيمن لبث معه من [[المهاجرون|المهاجرين]]: [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] و[[عمر بن الخطاب|عمر]]. ومن أهل بيته: [[علي بن أبي طالب]] و[[العباس بن عبد المطلب|العباس]] و[[أبو سفيان بن الحارث]] وابنه و[[الفضل بن العباس]] وربيعة بن الحارث و[[أسامة بن زيد]] وأيمن ابن [[أم أيمن]] وقُتل يومئذ».}} فجعل محمد ينادي {{اقتباس مضمن|'''أنا النَّبيُّ لا كذب، أنا ابنُ عبدِ المُطَّلب'''}}،<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]]، في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[البراء بن عازب]]، رقم: 2874.</ref> فعطف المسلمون عليه راجعين بسيوفهم ورماحهم، ثم أخذ حصيات فرمى بهن وجوه [[هوازن|هوزان]]، ثم قال {{اقتباس مضمن|انهزموا وربَّ مُحمّد!}}،<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]]، في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[العباس بن عبد المطلب]]، رقم: 1775.</ref> ثم انهزمت [[هوازن|هوزان]] و[[ثقيف]] وهرب معظمهم إلى [[الطائف]].<ref name="الرحيق-حنين"/> وأُنزل من [[القرآن]] {{قرآن|التوبة|25|إلى آية=26}}.
[[ملف:اسم-عثمان-بن-عفان.gif|تصغير|يمين|أنفق [[عثمان بن عفان]] في تجهيز «جيش العسرة» نفقة لم ينفق أحد مثلها،<ref name="ابن هشام-تبوك"/> بلغت 900 بعير و100 فرس و1000 دينار،<ref name="الرحيق-تبوك"/> حتى قال عنه محمد {{اقتباس مضمن|اللهم ارضَ عن عثمان، فإنّي عنه راض}}.<ref>رواه [[أبو عيسى محمد الترمذي|الترمذي]] في [[سنن الترمذي|سننه]] عن [[عبد الرحمن بن سمرة]]، رقم: 3701.</ref>]]
بعد أن فرغ محمد من [[غزوة حنين]]، وفي الشهر نفسه،<ref name="الروض-الطائف"/> توجّه إلى [[الطائف]] مطاردًا [[هوازن|هوزان]] و[[ثقيف]] بعد أن تحصنوا فيها، فكانت '''[[غزوة الطائف]]'''، فحاصرتهم الجيوش الإسلامية 40 يومًا،<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]]، في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 1059.</ref> فاستعصوا وتمنعوا، وقتلوا جماعة من المسلمين بالنبل وغيره. فلما طال الحصار قال محمد {{اقتباس مضمن|لم يُؤذَن لنا حتى الآن فيهم، وما أظن أن نفتحها الآن}}،<ref name="الخصائص-الطائف">الخصائص الكبرى، [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، ص453-454، دار الكتب العلمية، بيروت.</ref> وأمر الناس بالرجوع وفكّ الحصار،<ref name="الفصول-الطائف">الفصول في سيرة الرسول {{صلى الله عليه وسلم}}، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ص84-85.</ref> حتى وصلوا «الجعرانة»، فأتاه وفد [[هوازن]] هنالك مسلمين.<ref name="الروض-الطائف">[[الروض الأنف]]، [[أبو القاسم السهيلي|السهيلي]]، ج4، ص248-276.</ref>

في [[رجب]] سنة [[9 هـ]]،<ref name="المغازي-تبوك"/> حدثت '''[[غزوة تبوك]]''' آخر غزوات محمد،<ref>دلائل النبوة، [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]]، ج5، ص362، رقم: 2028.</ref> بعد أن وصلت أخبار من بلاد [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]] تفيد أنَّ ملك الروم وحلفاءه من [[عرب|العرب]] من [[بنو لخم|لخم]] و[[جذام (قبيلة)|جذام]] و[[غساسنة|غسان]] وعاملة،<ref name="ابن سعد-تبوك">الطبقات الكبرى، [[محمد بن سعد البغدادي|ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص165-167، دار صادر، بيروت.</ref> قد هيؤوا جيشًا لمهاجمة [[الدولة الإسلامية]].<ref name="ابن هشام-تبوك">السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص195-221، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref>، فحثّ الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا بسبب الحرّ الشديد والسفر البعيد،<ref name="المغازي-تبوك">المغازي، [[الواقدي]]، ج3، ص989-1075، عالم الكتب، بيروت.</ref> وأرسل إلى [[قبيلة|القبائل العربية]] يستنفرهم على قتال [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]]، فخرج في 30,000 مقاتل،<ref name="السيوطي-تبوك">الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء، [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، ص46، دار الحديث، [[القاهرة]]، ط1988.</ref> تصحبهم 10,000 فرس، واستخلف [[محمد بن مسلمة]] على [[المدينة المنورة]]،<ref name="ابن سعد-تبوك"/> وتخلف عدد من المسلمين بلا عذر منهم [[كعب بن مالك]] وهلال بن ربيع ومرارة بن الربيع وأبو خيثمة السالمي و[[أبو ذر الغفاري]] (وقد لحق به أبو ذر وأبو خيثمة لاحقًا)،<ref name="غزوات الرسول-تبوك"/> وقطعوا آلاف الأميال عانوا خلالها العطش والجوع والحرّ وقلّة وسائل الركوب،<ref name="غزوات الرسول-تبوك"/> فسُميت لذلك «غزوة العُسرة»، والجيش بـ «جيش العُسرة».<ref name="ابن هشام-تبوك"/> فلما وصل [[تبوك]]، أقام فيها 20 ليلةً،<ref name="غزوات الرسول-تبوك">غزوات الرسول وسراياه، ابن سعد، ص80-82.</ref> فلما سمع [[الإمبراطورية الرومانية|الرومان]] وحلفاؤهم بزحف الجيوش الإسلامية أخذهم الرعب، وتفرقوا في البلاد في داخل حدودهم،<ref name="الرحيق-تبوك">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص417-430.</ref> ثم انصرف جيش المسلمين من تبوك بلا قتال، وقدم [[المدينة المنورة]] في شهر [[رمضان]] سنة [[9 هـ]]،<ref name="المغازي-تبوك"/> وجعل المسلمون يبيعون أسلحتهم ويقولون {{اقتباس مضمن|قد انقطع [[جهاد|الجهاد]]}}، فبلغ ذلك محمد فنهاهم وقال {{اقتباس مضمن|لا تزال عصابةٌ من أمّتي يجاهدون على الحقّ حتى يخرج [[المسيح الدجال|الدجال]]}}.<ref name="ابن سعد-تبوك"/> وقد نزلت آيات كثيرة من [[سورة التوبة]] حول تلك الغزوة وظروفها.<ref name="الرحيق-تبوك"/> ويشكك العديد من المؤرخين بحدوث هذه الغزوة مستندين على عدم وجود ذكر لها في أي مصادر غير إسلامية.<ref>See, for example, Bowersock, Glen Warren, Peter Robert Lamont Brown and Oleg Grabar Late Antiquity: A Guide to the Postclassical World (1999, Harvard University Press) p. 597, which notes that many of the details surrounding Muhammad's life as given in the biographies, are "problematic in certain respects, the most important of which is that they represent a tradition of living narrative that is likely to have developed orally for a considerable period before it was given even a relatively fixed written form. Ideally, one would like to be able to check such accounts against contemporary evidence... however, there is no relevant archaeological, epigraphic, or numismatic evidence dating from the time of Muhammad, nor are there any references to him in non-Muslim sources dating from the period before 632." Also cf. El-Cheikh, Nadia Maria Byzantium Viewed by the Arabs (2004, Harvard University Press) p. 5, "One major challenge to examining initial contacts between Byzantium and the early Muslim umma arises from the controversy surrounding the traditional Islamic account......sources are not contemporaneous with the events they purport to relate and sometimes were written many centuries later. These sources contain internal complexities, anachronisms, discrepancies, and contradictions. Moreover, many of them provide evidence of embellishment and invention that were introduced to serve the purposes of political or religious apologetic."</ref>
[[ملف:Black Stone.png|تصغير|يسار|رسم يدوي مطابق لما تبقى من [[الحجر الأسود]].|285x285بك]]
وفي نفس شهر [[رمضان]]، قدم وفد من [[ثقيف]] [[المدينة المنورة]] مسلمين.<ref name="ابن هشام-ثقيف">السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص222-228، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> ثم في [[ذو القعدة|ذي القعدة]] أو [[ذو الحجة|ذي الحجة]] من سنة [[9 هـ]] بعث محمد [[أبو بكر الصديق|أبا بكر]] أميرًا على [[الحج في الإسلام|الحج]]، ليقيم بالمسلمين المناسك. فخرج في 300 رجل من المدينة وبعث معه محمد 20 بَدَنة.<ref name="ابن سعد-أبو بكر">الطبقات الكبرى، ابن سعد، ج2، ص168، دار صادر، بيروت.</ref> وفي تلك الفترة بدأت مختلف قبائل [[عرب|العرب]] بالوفود على محمد في [[المدينة المنورة|المدينة]] وإعلان إسلامها،<ref name="الرحيق-تبوك"/> والتي كان [[غزوة تبوك|لغزوة تبوك]] وإسلام [[ثقيف]] ومن قبل [[فتح مكة]] السبب الأكبر في تلك الوفود.<ref name="ابن هشام-الوفود"/> فجاء ما يقارب السبعين وفدًا بين عامي [[9 هـ]] و[[10 هـ]] للمدينة لإعلان إسلامهم،<ref name="الرحيق-الوفود">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص436-452.</ref> حتى سُمّي عام [[9 هـ]] '''[[عام الوفود|بعام الوفود]]'''.<ref name="ابن هشام-الوفود">السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص248، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فكان ممن جاءوا وفد قبيلة [[عبد القيس]]، ووفد [[كنانة]] (منهم وفد بني عبد بن عدي ووفد بني ليث)، ووفد دوس، ووفد [[همدان (قبيلة)|همدان]]، ووفد بني [[بنو الحارث بن كعب (قبيلة)|الحارث بن كعب]]، و[[عذرة (قبيلة)|بنو عذرة]]، ووفد [[بلي (قبيلة)|بلي]]، ووفد [[بنو حنيفة|بني حنيفة]]، ووفد [[بنو شيبان|بني شيبان]] ووفد [[جهينة (توضيح)|جهينة]]، ووفد [[أزد|الأزد]]، ووفد [[طيء]]، ووفد [[بنو عامر بن صعصعة|بني عامر بن صعصعة]]، ووفد [[جرم (توضيح)|جرم]]، ووفد [[بنو تجيب]]، ووفد [[خولان]]، ووفد [[سليم (توضيح)|سليم]]، ووفد بني [[بكر بن وائل]]، ووفد [[تغلب]]، ووفد [[مزينة]]، ووفد [[جذام]]، ووفد [[الأشاعرة (قبيلة)|الأشعريين]]، ووفد [[مهرة (قبيلة)|مهرة]]، ووفد [[بارق]]، ووفد [[مملكة حمير|حمير]]، ووفد [[بجيلة]]، ووفد [[النخع]]، ووفد [[صدفة بحرية|الصدف]]، ووفد [[غساسنة|غسان]]، ووفد [[قبيلة عنس|عنس]]، ووفد [[مملكة كندة|كندة]]، ووفد [[زبيد (توضيح)|زبيد]]، ووفد [[مراد (قبيلة)|مراد]]، ووفد [[بنو تميم|تميم]]، ووفد [[بنو أسد|بني أسد]]، ووفد [[بنو غطفان|فزارة]]، ووفد [[سعد بن بكر]]، ووفد بني كلاب، ووفد بني عقيل بن كعب، ووفد بني قشير بن كعب، ووفد [[باهلة]]، ووفد [[بني هلال (توضيح)|بني هلال]] وغيرهم.<ref name="الرحيق-الوفود"/>

=== حجة الوداع ===
{{مفصلة|حجة الوداع}}
[[ملف:اسم-علي-بن-أبي-طالب.gif|تصغير|يمين|200بك|ورد في [[عيد الغدير|يوم غدير خم]] عن النبي محمد أنه قال {{اقتباس مضمن|من كنتُ مولاه [[علي بن أبي طالب|فعليّ]] مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه}}.<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ج2، ص199، وصححه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]].</ref>]]
[[ملف:Pilgrims cover Arafat's roads, plains and mountain - Flickr - Al Jazeera English.jpg|تصغير|[[جبل عرفة|جبل عرفات]]، المعروف أيضًا باسم جبل الرحمة، مع عمود من الرخام الأبيض يشير إلى المكان الذي ألقى فيه محمد {{صلى الله عليه وسلم}} [[خطبة حجة الوداع|خطبة الوداع]].]]
في شهر [[ذو القعدة|ذي القعدة]] سنة [[10 هـ]] عزم محمد على أداء مناسك [[الحج في الإسلام|الحج]]، بعد أن مكث في [[المدينة المنورة]] 9 سنوات لم يحج فيها أبدًا. فأذّن في الناس أنه خارج، فقدم [[المدينة المنورة|المدينة]] بشرٌ كثيرٌ كلّهم يلتمس أن يأتم بمحمد.<ref name="ابن حبان-الوداع">السيرة النبوية، [[ابن حبان]]، ص384.</ref> فكانت '''[[حجة الوداع]]''' أو '''حجّة البلاغ''' أو '''حجّة الإسلام'''،<ref name="ابن هشام-الوداع"/> لأنه ودّع الناس فيها ولم يحجّ بعدها، ولأنه ذكر لهم ما يحلّ وما يحرم وقال لهم {{اقتباس مضمن|هل بلغت؟}}،<ref name="الحلبية-الوداع">السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج3، ص307-340، دار المعرفة، بيروت.</ref> ولأنه لم يحج من [[المدينة المنورة|المدينة]] غيرها، ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها.<ref name="ابن كثير-الوداع">السيرة النبوية، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، ج4، ص211-413، دار المعرفة، بيروت، ط1971.</ref> وفي يوم السبت [[25 ذو القعدة]]<ref name="فتح الباري-الوداع">[[فتح الباري|فتح الباري شرح صحيح البخاري]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج8، ص104، دار المعرفة، بيروت، ط1959.</ref> سنة [[10 هـ]] خرج محمد على [[جمل|ناقته]] «[[القصواء]]» إلى [[مكة]] للحج،<ref name="حديث حجة الوداع">رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]] عن جابر بن عبد الله، رقم:1218.</ref> وخرج معه حوالي 100,000 من المسلمين من الرجال والنساء، واستعمل على المدينة [[أبو دجانة|أبا دُجانة]].<ref name="ابن هشام-الوداع">السيرة النبوية، ابن هشام، ج6، ص5-12، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فلما وصل [[ذا الحليفة]] [[إحرام|أحرم]] هناك وصلى [[صلاة العصر|العصر]] ثم أكمل مسيره ملبيًا {{اقتباس مضمن|لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك}}.<ref name="الحلبية-الوداع"/>

دخل محمد [[مكة]] ضحى يوم الأحد [[4 ذو الحجة]]،<ref name="فتح الباري-الوداع"/> من الثنية العليا، ودخل [[المسجد الحرام]] صبحًا من «باب عبد مناف» المعروف الآن بـ «باب السلام»،<ref name="ابن حبان-الوداع"/> ولما أبصر [[الكعبة]] قال {{اقتباس مضمن|اللهم زِد هذا البيتَ تشريفًا وتعظيمًا ومهابةً وبرًا، وزِد مَن شَرَّفه وكرَّمه ممن [[الحج في الإسلام|حجّه]] أو [[عمرة|اعتمره]] تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًا}}.<ref>[[مسند الشافعي]]، [[محمد بن إدريس الشافعي]]، ص125، رقم: 585، دار الكتب العلمية، بيروت.</ref> ثم دخل [[المسجد الحرام|المسجد]] فبدأ [[الحجر الأسود|بالحجر الأسود]] فاستلمه وبكى، ثم طاف [[الكعبة|بالبيت]] سبعًا، ثم صلّى ركعتين عند [[مقام إبراهيم]]،<ref name="الخضري-الوداع">نور اليقين في سيرة سيّد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص190-192، دار المعرفة، ط2004.</ref> ثم دخل [[زمزم]] فنزع له دلو فشرب منه ثم مجّ فيه ثم أفرغها في زمزم.<ref name="الحلبية-الوداع"/> ثم سعى بين [[الصفا والمروة]] سبعًا.<ref name="الخضري-الوداع"/> وفي [[8 ذو الحجة]] توجه إلى [[منى]] فبات فيها.<ref name="الخضري-الوداع"/> وفي [[9 ذو الحجة]] توجه إلى [[جبل عرفة|عرفة]] فصلى فيها الظهر والعصر جمع تقديم، ثم خطب فيهم «خُطبة الوداع»، جاء فيها:<ref name="حديث حجة الوداع"/>
{{اقتباس خاص|إنّ دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيّ موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعةٌ. فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنّ بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربًا غير مبرّح. ولهنّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله وأنتم تُسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأدّيت ونصحت. فقال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات}}
وفي ذلك الموقف على [[جبل عرفة]]،<ref>في [[صحيح مسلم]]، حديث رقم 3017: قال [[عمر بن الخطاب]] «نزلت ليلة جمع ونحن مع رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} بعرفات».</ref> نزلت الآية القرآنية {{قرآن|المائدة|3|من كلمة=اليوم أكملت|إلى كلمة=دينا}}،<ref name="ابن كثير-الوداع"/> بينما يؤمن [[الشيعة]] أنّ هذه الآية نزلت في [[عيد الغدير|يوم غدير خم]] في معرض الحديث عن فضائل [[علي بن أبي طالب]].

== وفاته ==
{{أيضا|الحجرة النبوية}}
[[ملف:Mescidi nebevi.JPG|تصغير|يسار|[[المسجد النبوي]]، حيث يقع قبر النبي محمد في المبنى ذي [[القبة الخضراء]]]]
[[ملف:Mrs Aisha room.jpg|تصغير|يمين|شباك [[الحجرة النبوية (المسجد النبوي)|الحجرة النبوية]] في [[المسجد النبوي]] حيث دُفن النبي محمد، و[[أبو بكر الصديق|أبو بكر]]، و[[عمر بن الخطاب|عُمر]].]]
[[ملف:Abu Baker Khawkha.jpg|تصغير|"[[خوخة أبي بكر (المسجد النبوي)|خوخة أبي بكر]]" في [[المسجد النبوي]].]]
[[ملف:Central nave - Hagia Sophia (8291196158).jpg|يمين|تصغير|تزين هنا رصائع مصممة بالخط العربي بأسماء [[الله (إسلام)|الله]]، ومحمد و[[الخلفاء الراشدون|الخلفاء الراشدين]]، داخل العديد من المساجد العثمانية مثل [[آيا صوفيا]].]]
[[ملف:Raouda.JPG|[[الروضة (المسجد النبوي)|الروضة الشريفة]] في [[المسجد النبوي]].|يمين|تصغير]]
كان أوّل ما أُعلم به النبي محمد باقتراب أجله ما أُنزل عليه في [[فتح مكة]]،<ref name="الأنوار-الوفاة">[[الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية]]، [[يوسف النبهاني]]، ص575-595، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> من [[سورة النصر]]: {{قرآن|النصر|1}}.<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن [[عبد الله بن عباس]]، ج5، ص72، وصححه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]].</ref> وفقاً لتفسير [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]] حين سأله عمر بن الخطاب عن سورة النصر ''ما تقولُ يا ابنَ عباسٍ؟'' فقال ابن عباس ''أخبرَ [اللهُ] نبيَّه {{عليه الصلاة والسلام}} بحضورِ أجلِه''، فقال : { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ } فتح مكة { وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا } ''فذلك علامةُ موتِك''''، فقال له عمر ''ما أعْلَمُ منها إلَّا ما تَقُولُ''.<ref>{{استشهاد ويب
| مسار = https://dorar.net/hadith/search?q=%22%D9%85%D8%A7+%D8%A3%D8%B9%D9%84%D9%85+%D9%85%D9%86%D9%87%D8%A7+%D8%A5%D9%84%D8%A7+%D9%85%D8%A7+%D8%AA%D9%82%D9%88%D9%84%22&st=a&xclude=&fillopts=on
| عنوان = الدرر السنية - الموسوعة الحديثية
| موقع = dorar.net
| تاريخ الوصول = 2020-12-24
| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20201224172228/https://dorar.net/hadith/search?q="ما+أعلم+منها+إلا+ما+تقول"&st=a&xclude=&fillopts=on | تاريخ أرشيف = 24 ديسمبر 2020 }}</ref><ref>{{استشهاد ويب
| مسار = http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura110-aya3.html
| عنوان = القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة النصر - الآية 3
| موقع = quran.ksu.edu.sa
| تاريخ الوصول = 2020-12-24
| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200601011722/http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura110-aya3.html | تاريخ أرشيف = 1 يونيو 2020 }}</ref><ref>{{استشهاد ويب
| مسار = https://dorar.net/hadith/search?q=%22%D9%81%D8%B0%D9%84%D9%83+%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A9%D9%8F+%D9%85%D9%88%D8%AA%D9%90%D9%83%22&st=a&xclude=&fillopts=on
| عنوان = الدرر السنية - الموسوعة الحديثية
| موقع = dorar.net
| تاريخ الوصول = 2020-12-24
| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20201225033143/https://dorar.net/hadith/search?q="فذلك+علامةُ+موتِك"&st=a&xclude=&fillopts=on | تاريخ أرشيف = 25 ديسمبر 2020 }}</ref> وكان ابتداءُ مرضه الذي تُوفي فيه أواخر شهر [[صفر (شهر)|صفر]] سنة [[11 هـ]] بعد أن أمر [[أسامة بن زيد]] بالمسير إلى أرض [[فلسطين]]، لمحاربة [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]]،<ref name="ابن هشام-الوفاة">السيرة النبوية، ابن هشام، ج6، ص55-93، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فاستبطأ الناس في الخروج لوجع محمد. وكان أول ما ابتدئ به من وجعه أنه خرج إلى [[البقيع]] ليلاً فاستغفر لهم ثم رجع إلى أهله، فلما أصبح ابتدئ وجعه، وكان [[صداع]] الرأس مع [[حمى|حمّى]]،<ref name="الأنوار-الوفاة"/> ويُروى أنّ سبب مرضه كان السمّ الذي دُسّ له في طعام وهو في [[خيبر]]،<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عائشة بنت أبي بكر]]، رقم: 4428.</ref> وكان من شدّة وجعه أن كان يُغمى عليه في اليوم الواحد مرات عديدة.<ref>السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، [[علي الصلابي]]، ج4، ص281.</ref> حتى دعا نساءه يستأذنهن في أن يُمرّض في بيت [[عائشة بنت أبي بكر]]، فانتقل إلى بيتها يمشي بين [[الفضل بن العباس]] و[[علي بن أبي طالب]].<ref name="ابن هشام-الوفاة"/>

وفي أحد الأيام خرج محمد على أصحابه عاصبًا رأسه، حتى جلس على المنبر فقال {{اقتباس مضمن|عبدٌ خيّره الله بين أن يؤتيَه زهرةَ الدنيا وبين ما عنده، فاختارَ ما عنده}}، ففهم [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] وبكى وقال {{اقتباس مضمن|فديناك بآبائنا وأمّهاتنا}}، فقال محمد {{اقتباس مضمن|إنّ أمنّ الناس عليّ في ماله وصحبته [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]]، ولو كنت متخذًا خليلاً، لاتخذتُ أبا بكرٍ خليلاً، ولكن إخوة [[الإسلام]]. لا تبقينَّ في [[المسجد النبوي|المسجد]] خوخة إلا [[خوخة أبي بكر (المسجد النبوي)|خوخة أبي بكر]]}}،<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، عن [[أبو سعيد الخدري|أبي سعيد الخدري]]، رقم: 2382.</ref>{{ملا|في [[لسان العرب]] [[ابن منظور|لابن منظور]]، ج3، ص14: «الخوخة: بابٌ صغير كالنافذة الكبيرة تكون بين بيتين يُنصب عليها باب».}} ثم خطب فيهم مرات عديدة دعا فيها إلى إنفاذ جيش [[أسامة بن زيد]]، وأوصى المسلمين [[الأنصار|بالأنصار]] خيرًا.<ref name="الروض-الوفاة">[[الروض الأنف]]، [[أبو القاسم السهيلي|السهيلي]]، ج4، ص432-447.</ref> ولما ثقُل عليه المرض، أمر [[أبو بكر الصديق|أبا بكر]] أن يصلي بالناس، وعاد جيش [[أسامة بن زيد]] إلى المدينة بعد أن عسكر خارجها منتظرًا ماذا يحلّ بمحمد.<ref name="الروض-الوفاة"/> وقبل وفاته بستة أيام تجمع عنده عدد من [[الصحابة]] فقال لهم وهو يبكي {{اقتباس مضمن|مرحبًا بكم وحيّاكم الله، حفظكم الله، آواكم الله، نصركم الله، رفعكم الله، هداكم الله، رزقكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، وأستخلفه عليكم}}.<ref>رواه الهيثمي في مجمع الزوائد، عن [[عبد الله بن مسعود]]، ج9، ص27.</ref> وكانت عامة وصيته حين حضره الموت {{اقتباس مضمن|[[الصلاة في الإسلام|الصلاة]]، وما ملكت أيمانكم}}.<ref>شرح [[صحيح البخاري]]، [[ابن الملقن]]، ج21، ص645.</ref>
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«لما قُبض رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} أظلمت [[المدينة المنورة|المدينة]]<br /> حتى لم ينظر بعضنا إلى بعض، وكان أحدنا<br /> يبسط يده فلا يراها أو لا يبصرها وما فرغنا<br /> من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا»<ref>[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، ج5، ص240.</ref>|المصدر='' [[أنس بن مالك]]''}}
ولما كان يوم الإثنين الذي توفي فيه، بعد 13 يومًا على مرضه،<ref name="الأنوار-الوفاة"/> خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح ففرحوا به، ثم رجع فاضطجع في حجر [[عائشة بنت أبي بكر]]، فتُوفي وهو يقول {{اقتباس مضمن|بل الرفيق الأعلى من [[جنة|الجنة]]}}، وكان ذلك ضحى يوم [[الاثنين|الإثنين]] [[ربيع الأول]] سنة [[11 هـ]]،<ref name="الروض-الوفاة"/> الموافق [[8 يونيو]] سنة [[632]]م وقد تّم له 63 سنة.<ref name="ابن سعد-وفاته">الطبقات الكبرى، ابن سعد، ج2، ص308، دار صادر، بيروت.</ref> فلما توفي قام [[عمر بن الخطاب]]، فقال {{اقتباس مضمن|والله ما مات رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، وليبعثنه الله فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم}}،<ref name="البخاري-الوفاة">رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عائشة بنت أبي بكر]]، رقم: 3667.</ref> وجاء [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] مسرعًا فكشف عن وجهه وقبّله، وقال {{اقتباس مضمن|بأبي أنت وأمّي، طبتَ حيًا وميّتًا}}، ثم خرج وخطب بالنّاس قائلاً {{اقتباس مضمن|ألا من كان يعبد محمدًا {{صلى الله عليه وسلم}}، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت}}، وقرأ {{قرآن|آل عمران|144}}.<ref name="البخاري-الوفاة"/> قيل {{اقتباس مضمن|فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] يومئذ}}.<ref name="ابن هشام-الوفاة"/> وقالت ابنته [[فاطمة الزهراء]] {{اقتباس مضمن|يا أبتاه، أجاب ربا دعاه. يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه، إلى [[جبريل]] ننعاه}}.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 4462.</ref>

ثم أقبل الناس يوم الثلاثاء على [[غسل الميت (إسلام)|تجهيز]] محمد، فقام [[علي بن أبي طالب]] و[[العباس بن عبد المطلب|العباس بن عبدالمطلب]] و[[الفضل بن العباس]] وقثم بن العباس و[[أسامة بن زيد]] و[[شقران مولى النبي محمد|شقران مولى محمد]]، بتغسيله وعليه ثيابه.<ref>رواه [[أبو داود]] في [[سنن أبي داود|سننه]]، عن [[عائشة بنت أبي بكر]]، رقم: 3141.</ref> ثم قام [[الصحابة]] برفع فراش محمد الذي توفي عليه في [[الحجرة النبوية (المسجد النبوي)|بيت عائشة]]، فحفر [[أبو طلحة الأنصاري]] له [[قبر]]ًا تحته. ثم دخل الناس يصلون عليه أرسالاً، دخل الرجال، ثم النساء، ثم الصبيان، ولم يؤم الناس أحد. ثم أنزله القبرَ [[علي بن أبي طالب|عليّ]] و[[العباس بن عبد المطلب|العباس]] وولداه الفضل وقُثَم، ورشّ قبره [[بلال بن رباح|بلال]] بالماء، ورُفع قبره عن الأرض قدر شبر،<ref name="نور اليقين-الوفاة">نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص205، دار المعرفة، بيروت، ط2004.</ref> وكان ذلك في جوف الليل من ليلة الأربعاء.<ref name="ابن هشام-الوفاة"/>
{{صورة عريضة|Madina Haram at evening .jpg|800px|[[المسجد النبوي]] في [[المدينة المنورة]]، مع [[القبة الخضراء]] فوق قبر النبي محمد {{صلى الله عليه وسلم}} في الوسط.}}

== بعد وفاته ==
{{مفصلة|حادثة السقيفة|الخلفاء الراشدون}}
[[ملف:Map of expansion of Caliphate.svg|تصغير|يمين|توسع رقعة إنتشار [[الإسلام]]، [[622]]م–[[750]]م.
{{مؤشر لوني|#a1584e| النبي محمد {{صلى الله عليه وسلم}},  [[622]]م–[[632]]م.}}
{{مؤشر لوني|#ef9070| [[الخلافة الراشدة]]، [[632]]م–[[661]]م.}}
{{مؤشر لوني|#fad07d| [[الدولة الأموية|الخلافة الأموية]]، [[661]]م–[[750]]م.}}]]
[[ملف:يامحمداه.gif|تصغير|يسار|{{اقتباس مضمن|'''يَا مُحمّدَاه'''}} شعار المسلمين في [[معركة اليمامة]] بقيادة [[خالد بن الوليد]] بعد أن ارتدّ [[بنو حنيفة]] عن [[الإسلام]] عقب وفاة النبي محمد، وادّعى [[مسيلمة الكذاب|مسيلمة بن حبيب]] النبوة.<ref>
[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، تحقيق: علي شيري، ج6، ص357، دار إحياء التراث العربي، ط1988.</ref>]]
بعد وفاة محمد اختلف أتباعه على هوية الشخص الذي سيخلفه في الحكم،<ref name="الرحيق-الوفاة">[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]، [[مباركفوري (توضيح)|المباركفوري]]، ص457-470.</ref> حيث اجتمع جماعة من المسلمين في [[سقيفة بني ساعدة]] فرشح [[سعد بن عبادة]] نفسه وأيده في ذلك [[الأنصار]]،<ref name="ابن هشام-ساعدة">السيرة النبوية، ابن هشام، ج6، ص77-83، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> في حين رشح [[عمر بن الخطاب]] [[أبو بكر الصديق|أبا بكر]] مؤكدًا على أحقية [[المهاجرون|المهاجرين]] في الخلافة. ولقي هذا الترشيح تأييد المسلمين ممن كانوا في السقيفة.<ref name="الروض-ساعدة">[[الروض الأنف]]، [[أبو القاسم السهيلي|السهيلي]]، ج4، ص448-461.</ref> في حين تأخرت بيعة من كان من [[الصحابة]] بصحبة [[علي بن أبي طالب]] والذي كانوا منشغلين بتجهيز جثمان محمد ودفنه، فتأخرت بيعتهم يومًا واحدًا<ref name="البداية-ساعدة"/> عتبًا على [[أبو بكر الصديق|أبي بكر]] لعدم أخذ المشورة منهم،<ref name="البداية-ساعدة">[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]، تحقيق: علي شيري، ج5، ص270، دار إحياء التراث العربي، ط1988.</ref> بينما يرى [[الشيعة]] أن عليًا ومن معه قد بايعوا أبا بكر مجبَرين، لما يرونه أن عليًا كان أحق من أبي بكر بالخلافة.<ref>[http://www.shiaweb.org/books/jaish_alsahaba/pa19.html '''شبكة الشيعة العالمية:''' أجوبة مسائل جيش الصحابة - الشيخ علي الكوراني العاملي] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160315045244/http://www.shiaweb.org/books/jaish_alsahaba/pa19.html |date=15 مارس 2016}}</ref> نشأ من تلك الحادثة الخلاف التاريخي بين طائفتي [[أهل السنة والجماعة|السنة]] و[[الشيعة]].

بعد استقرار الأمر لأبي بكر في المدينة، عمل على حماية المدينة ومحاربة بعض القبائل التي [[ردة (توضيح)|ارتدت]] عن [[الإسلام]] ومنعت [[زكاة|الزكاة]]،<ref name="البوطي-الردة"/> وبعض ممن اعتبرهم المسلمون مدعي النبوة، فيما عرف تاريخيًا '''[[حروب الردة|بحروب الردّة]]'''، مثل [[معركة اليمامة]] لقتال [[بنو حنيفة|بني حنيفة]] والذي ادّعى فيهم [[مسيلمة الكذاب|مسيلمة بن حبيب]] النبوة.<ref>السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص509، دار المعرفة.</ref> كما أرسل [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] جيش [[أسامة بن زيد]] لمحاربة [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]] رغم اعتراض البعض لصغر سن قائدها ولانتشار [[ردة (توضيح)|الردة]] في بعض الصفوف.<ref name="البوطي-الردة">فقه السيرة النبوية، [[محمد سعيد رمضان البوطي]]، ص511-513، دار الفكر، ط1991.</ref> ثم سار [[أسامة بن زيد|أسامة]] فكان لا يمرّ بقبيلة انتشر فيها الارتداد إلا أرجعها إلى [[الإسلام]]. ولما وصل أسامة إلى بلاد [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]] قاتلوهم وانتصر المسلمون.<ref name="البوطي-الردة"/> كما عمل [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] على توسيع نفوذ الدولة بإرسال قوات عسكرية إلى مختلف المناطق.<ref name="سيرة ابن كثير-الردة">السيرة النبوية، ابن كثير، ج1، ص430.</ref>

== معجزاته ==
{{مفصلة|معجزات النبي محمد}}
يؤمن [[مسلم|المسلمون]] جميعًا بأن المعجزة الكبرى للنبي محمد والتي تحدّى بها الناس هي [[القرآن]]. بجانب معجزات حسيّة كثيرة ثابتة في [[القرآن]] و[[حديث صحيح|الأحاديث الصحيحة]] [[تواتر (توضيح)|المتواترة]]، وهناك مؤلفات أهتمت بجمع [[معجزة (دين)|معجزات]] النبي محمد {{صلى الله عليه وسلم}} كـ"[[دلائل النبوة للبيهقي]]"، و[[البداية والنهاية]]" ل[[ابن كثير الدمشقي|بن كثير]] و"الصحيح المسند من دلائل النبوة" للشيخ [[مقبل بن هادي الوادعي]]،<ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://islamqa.info/ar/answers/291379/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%B9%D9%86-%D8%B4%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%AF%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%84%D9%85-%D9%8A%D9%88%D9%8A%D8%AF-%D9%86%D8%A8%D9%8A%D9%87-%D8%A8%D9%85%D8%B9%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%AA-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D9%86|عنوان=الجواب عن شبهة أن القرآن يدل على أن الله لم يؤيد نبيه بمعجزات غير القرآن - الإسلام سؤال وجواب<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-02-26|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200809210636/https://islamqa.info/ar/answers/291379/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%B9%D9%86-%D8%B4%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%AF%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%84%D9%85-%D9%8A%D9%88%D9%8A%D8%AF-%D9%86%D8%A8%D9%8A%D9%87-%D8%A8%D9%85%D8%B9%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%AA-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D9%86|تاريخ أرشيف=2020-08-09}}</ref>

=== انشقاق القمر ===
{{مفصلة|انشقاق القمر}}
[[ملف:Rima Ariadaeus-1.jpg|تصغير|يسار|صورة لأخدود وُجد على سطح [[القمر]] أُخدت من قبل [[طاقم]] [[أبولو 10]]،<ref>[https://apod.nasa.gov/apod/ap021029.html '''موقع ناسا:''' علم الفلك - صورة اليوم: الأخدود القمري] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20171230124906/https://apod.nasa.gov/apod/ap021029.html |date=30 ديسمبر 2017}}</ref> ويعتقد علماء المسلمين بأنه نتيجة معجزة [[انشقاق القمر]].<ref>[http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-8.htm '''صيد الفوائد:''' المعجزات الحسية للرسول صلى الله عليه وسلم] تاريخ الوصول [[19 يوليو]] [[2011]]. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170725120118/http://www.saaid.net:80/Doat/mongiz/15-8.htm |date=25 يوليو 2017}}</ref>|198x198بك]]
أجمع [[مسلم|المسلمون]] على وقوع معجزة [[انشقاق القمر]] لأجل النبي محمد،<ref name="الأنوار-القمر">[[الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية]]، [[يوسف النبهاني]]، ص270-272، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> كإحدى المعجزات الباهرات،<ref name="ابن كثير-القمر"/> وكان ذلك قبل الهجرة إلى [[المدينة المنورة]].<ref name="ابن كثير-القمر">[http://www.amayno.biz/modules/pages/Mediarapchleuh/killa/html-54-1-1.html تفسير ابن كثير، سورة القمر] تاريخ الوصول [[2 يوليو]] [[2011]]. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20181001054654/http://ww17.amayno.biz/modules/pages/Mediarapchleuh/killa/html-54-1-1.html |date=1 أكتوبر 2018}}</ref> قال [[عبد الله بن مسعود]] {{اقتباس مضمن|انشق [[القمر]] على عهد رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} فرقتين؛ فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{اقتباس مضمن|اشهدوا}}. وقال المشركون: هذا سحرٌ سحركم ابن أبي كبشة، ولكن انظروا إلى من يقدم من السفّار فسلوهم، فقدِموا فسَألوهم فقالوا: رأيناه قد انشق}}.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عبد الله بن مسعود]]، رقم: 4864.</ref><ref>موافقة الخبر الخبر، [[ابن حجر العسقلاني]]، عن [[عبد الله بن مسعود]]، ج1، ص203، وقال: صحيح.</ref> وفي ذلك نزلت الآيات التالية من [[القرآن]] {{قرآن|القمر|1|إلى آية=3}}.<ref name="ابن كثير-القمر"/>
[[ملف:Mohammed Splits the Moon.jpg|تصغير|"محمد يشق القمر"، رسم توضيحي في [[فالنامه]]، وهو كتاب نبوات فارسي.<ref name="مولد تلقائيا7">{{استشهاد ويب|مسار=https://web.archive.org/web/20110823140052/http://www.mayalords.org:80/restfldr/persia.html|عنوان=persia<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-12-08}}</ref>]]
وقد سجلت [[حضارة المايا]] [[انشقاق القمر|إنشقاق القمر]] لديهم في [[9 فبراير]]/[[شباط]] [[623]]م، فقد ورد في [[مخطوطة مدريد (المايا)|مخطوطة مدريد]] حول [[كوبان (مدينة أثرية)|كوبان]] إحدى أشهر مدن [[حضارة المايا]] في العصر الحديث من ([[300]] إلى [[العصر الحديث|900م]]) رجل ينظر إلى [[انشقاق القمر|قمر منقسم]] بحروف رسومية صغيرة في السجل العلوي للصفحات 91-92.<ref name="مولد تلقائيا7" /> وقد تمكن الإنسان في [[القرن 7|القرن السابع]] من تسجيل تغيير كاسح وواسع للتقويم في [[كوبان (مدينة أثرية)|كوبان]] و[[الصين]] و[[بابل]]،<ref>Thompson, J. Eric (1963) Maya Hieroglyphic Writing: An Introduction Norman, Oklahoma: University of Oklahoma Press. p. 231.</ref><ref name="مولد تلقائيا4">{{استشهاد ويب|مسار=https://web.archive.org/web/20111028081146/http://www.mayalords.org/restfldr/persia.html|عنوان=persia<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-11-15}}</ref> وقد تغير تقويم [[بلاد فارس]] كذلك في [[623]]م حيث أصبح أول سنة في التقويم الفارسي تبدأ من هذا [[تقويم ميلادي|العام الميلادي]].<ref name="مولد تلقائيا7" /><ref name="مولد تلقائيا9">{{استشهاد ويب|مسار= https://rattibha.com/thread/1127155585231872000|عنوان=رتبها<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-12-11|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20220912152534/https://rattibha.com/thread/1127155585231872000|تاريخ أرشيف=2022-09-12}}</ref><ref name="مولد تلقائيا8">{{استشهاد ويب|مسار= https://books.google.com.eg/books?id=AEv6DwAAQBAJ&pg=PA43&lpg=PA43&dq=There+is+a+Persian+manuscript+illumination+which+shows+a+similar+white+mountain+(in+the+background)+and+a+mountain+covered+with+flowers+and+fruit+(as+veggies),+and+a+weird+gash+in+the+earth+behind+a+man+who+is+looking+at+a+split+faced+moon+similar+to+those+found+in+the+Madrid+Codex+on+the+top+register+of+pages+91-92+and+93.+1&source=bl&ots=O7TX2L4q66&sig=ACfU3U3fF4kkd9EW7ANmbIExl2jU_Yj2VA&hl=ar&sa=X&ved=2ahUKEwjRlNTk0f6CAxX1X_EDHdGqAEsQ6AF6BAgPEAM|عنوان=كيف عرفت أنه نبي؟<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-12-08|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20231208013400/https://books.google.com.eg/books?id=AEv6DwAAQBAJ&pg=PA43&lpg=PA43&dq=There+is+a+Persian+manuscript+illumination+which+shows+a+similar+white+mountain+%28in+the+background%29+and+a+mountain+covered+with+flowers+and+fruit+%28as+veggies%29,+and+a+weird+gash+in+the+earth+behind+a+man+who+is+looking+at+a+split+faced+moon+similar+to+those+found+in+the+Madrid+Codex+on+the+top+register+of+pages+91-92+and+93.+1&source=bl&ots=O7TX2L4q66&sig=ACfU3U3fF4kkd9EW7ANmbIExl2jU_Yj2VA&hl=ar&sa=X&ved=2ahUKEwjRlNTk0f6CAxX1X_EDHdGqAEsQ6AF6BAgPEAM|تاريخ أرشيف=2023-12-08}}</ref> وهناك مخطوطة فارسية تتضمن صورة بها رجل يشير إلى وجه [[القمر|قمر]] منقسم في السماء، ونفس الحدث مسجل في [[مخطوطة مدريد (المايا)|مخطوطة مدريد]] صفحات 91-92 و93.<ref name="مولد تلقائيا7" /><ref name="مولد تلقائيا8" /> كما تذكر الوثائق التاريخية أن ملكا من [[مليبار|مالابارا]] جنوب [[الهند]] يُلقب بـ "شيرمان بيورمال" رأى [[انشقاق القمر|إنشقاق القمر]] في الأفق، و كأنه في حلم والمفسرون و المنجمون لم يعطوة تفسيرا مقنعا،<ref>A Social History Of India</ref> حتى اتوا تجارا عرب كانوا متمسكين دينيا رَوَوْا له قصة [[انشقاق القمر|إنشقاق القمر]] فقال الملك فعلا انا شاهدت القمر، وأقنعوه بالذهاب ل[[مكة]] وأعتنق [[الإسلام]]، وهذا الملك ذهب إلى [[مكة]] وتوفي في طريق العودة وتلك القصة تم توثيقها في عدة كتب موجودة في [[مكتب الهند]]
ب[[لندن]]،<ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://www.reddit.com/r/exmuslim/comments/uuhqx/sup_guys_do_you_remember_the_legend_about_the/|عنوان=Sup guys, do you remember the legend about the Indian king who saw the moon split, and that his 'event' was documented in some book in some Indian Office in London? Well, last...<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-12-11|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230601123709/https://www.reddit.com/r/exmuslim/comments/uuhqx/sup_guys_do_you_remember_the_legend_about_the/|تاريخ أرشيف=2023-06-01}}</ref> كما ذكرت المصادر الإسلامية نفس القصة.<ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://timesofindia.indiatimes.com/india/trade-not-invasion-brought-islam-to-india/articleshow/2144414.cms|عنوان='Trade, not invasion brought Islam to India'<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-12-11|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230630161328/https://timesofindia.indiatimes.com/india/Trade-not-invasion-brought-Islam-to-India/articleshow/2144414.cms|تاريخ أرشيف=2023-06-30}}</ref> أتباع الملك بنوا له مسجد بإسمة "شيرمان" بعد وفاتة وهو في طريق العودة، وهذا المسجد للآن موجود في [https://en.wikipedia.org/wiki/Kodungallur كودونغالور] ب[[كيرلا|ولاية كيرلا]] الهندية.<ref name="مولد تلقائيا9" /> ويرجع تاريخ بنائه إلي 629م أي بعد [[انشقاق القمر|إنشقاق القمر]] بخمس سنوات.<ref name="مولد تلقائيا9" /> كما هناك دليل في التقليد الصيني وهو عيد إنشقاق القمر والدراسات تقول ان هذا التقليد يعود إلى [[سلالة تانغ الحاكمة|سلالة تانغ]] (618 – 907) وقد مهرجانًا وطنيًا معترفًا به رسميًا.<ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://thenanyan.com/2017/09/25/midautumn-festival-101/|عنوان=Chinese Holidays 101: Mid-Autumn Festival<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-12-11|لغة=en|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230401004712/https://thenanyan.com/2017/09/25/midautumn-festival-101/|تاريخ أرشيف=2023-04-01}}</ref><ref name="مولد تلقائيا10">{{استشهاد ويب|مسار= http://english.www.gov.cn/news/2014/10/06/content_281474992818335.htm|عنوان=History and Origin of Mid-autumn Festival<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-12-11|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20220125054453/http://english.www.gov.cn/news/2014/10/06/content_281474992818335.htm|تاريخ أرشيف=2022-01-25}}</ref><ref name="مولد تلقائيا10" /><ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://www.chinahighlights.com/festivals/mid-autumn-festival-history-origin.htm|عنوان=What is the origin of Mid-Autumn Festival? A brief history<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-12-11|لغة=en|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230929040516/https://www.chinahighlights.com/festivals/mid-autumn-festival-history-origin.htm|تاريخ أرشيف=2023-09-29}}</ref><ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://www.chinaculturetour.com/culture/mid-autumn-festival.htm|عنوان=Chinese Mid-Autumn Festival<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-12-11|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20220910221053/https://www.chinaculturetour.com/culture/mid-autumn-festival.htm|تاريخ أرشيف=2022-09-10}}</ref> والتاريخ قريب جدا من حادثة [[انشقاق القمر|إنشقاق القمر]].

=== الإسراء والمعراج ===
{{مفصلة|الإسراء والمعراج}}
[[ملف:Dome of the Rock, from Governor's House, Francis Bedford 1862.jpg|تصغير|[[المسجد الأقصى]] في [[القدس]]، المعروف أيضًا باسم الحرم الشريف أو [[المسجد الأقصى|جبل الهيكل]]، يأخذ اسمه من "المسجد الأقصى" الموصوف في [[سورة الإسراء]]، حيث سافر محمد في رحلته الليلية.|198x198بك]]
يؤمن [[مسلم|المسلمون]] أنه في عام [[621]]م، حدث [[الإسراء والمعراج]]، وهي رحلة ليلية معجزة يقال إنها حدثت مع الملك [[جبريل]]. في بداية الرحلة، سافر من مكة على [[البراق (دابة)|البراق]] إلى "[[المسجد الأقصى|المسجد الأقصي]]". في وقت لاحق، أثناء المعراج، طاف محمد {{صلى الله عليه وسلم}} في الجنة والنار، كما رأي [[جبريل]] علي هيئته الحقيقية عند [[سدرة المنتهى]]،<ref>{{استشهاد ويب|صحيفة=www.islamweb.net|لغة=ar|عنوان=المرات التي رأى الرسول فيها جبريل|تاريخ الوصول=2023-10-08|تاريخ أرشيف=20 أكتوبر 2023|مسار =https://www.islamweb.net/ar/fatwa/28819/المرات-التي-رأى-الرسول-فيها-جبريل|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20231020144458/https://www.islamweb.net/ar/fatwa/28819/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%B1%D8%A3%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%88%D9%84-%D9%81%D9%8A%D9%87%D8%A7-%D8%AC%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%84}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20190312231526/http://www.islamweb.net:80/ar/fatwa/28819/المرات-التي-رأى-الرسول-فيها-جبريل|date=2019-03-12}}</ref><ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://islamqa.info/ar/answers/131510/%D8%B1%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-%D8%B5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85-%D9%84%D8%AC%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85|عنوان=رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام - الإسلام سؤال وجواب<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-02-26|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230123071647/https://islamqa.info/ar/answers/131510/%D8%B1%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-%D8%B5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85-%D9%84%D8%AC%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85|تاريخ أرشيف=2023-01-23}}</ref> وتحدث مع الأنبياء السابقين، [[آدم]] و[[إبراهيم]] و[[يوسف]] و[[إدريس]] و[[موسى]] و[[هارون]] و[[عيسى بن مريم|عيسى]].<ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://alseerahalnabaweyah.com/r/%D8%AA%D8%B1%D8%AA%D9%8A%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%AC|عنوان=ترتيب الأنبياء في رحلة الإسراء والمعراج - السيرة النبوية<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-02-23|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230224003546/https://alseerahalnabaweyah.com/r/%D8%AA%D8%B1%D8%AA%D9%8A%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%AC|تاريخ أرشيف=2023-02-24}}</ref>

=== إخباره عن الغيب ===
[[ملف:Hagia Sophia - Muhammad's prophecy.jpg|تصغير|يمين|نبوءة النبي محمد حول [[فتح القسطنطينية]]، منقوشة على إحدى بوابات [[آيا صوفيا]]: «لتفتحنّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش».|205x205بك]]
من ذلك إخباره يوم [[غزوة بدر]] بمصارع [[قريش]]، فلم يحد أحد منهم مصرعه الذي عيّنه،<ref name="المحب الطبري-معجزاته"/> وإخباره عن [[الحسن بن علي|الحسن بن علي بن أبي طالب]] أن الله سيُصلح به بين فئتين من المسلمين.<ref>المطالب العالية، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج4، ص262.</ref> وإخباره أن ابنته [[فاطمة الزهراء|فاطمة]] أول أهله لحوقًا به بعد موته،<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]] عن [[عائشة بنت أبي بكر]]، رقم: 2450.</ref> وإخباره بشأن كتاب [[حاطب بن أبي بلتعة]] إلى أهل [[مكة]] يخبرهم بنية المسلمين [[فتح مكة|بفتح مكة]]،<ref name="الشفا-الغيب"/> ومن ذلك إخباره عن فتح [[القسطنطينية]]، ومن ذلك ما قاله [[حذيفة بن اليمان]] {{اقتباس مضمن|قام فينا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} مقامًا فما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه حفظه من حفظه ونسيه من نسيه.. والله ما ترك رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلاثمئة فصاعدًا إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه وقبيلته}}.<ref name="الشفا-الغيب">[[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]، [[القاضي عياض]]، ج1، ص249-258، دار الفكر، بيروت، ط1988.</ref>

=== نبوع الماء من بين أصابعه ===
[[ملف:Raouda.JPG|تصغير|يسار|[[الحجرة النبوية (المسجد النبوي)|الحجرة النبوية]] والتي كُتب حولها [[الحجرة النبوية (المسجد النبوي)#قصيدة الحجرة النبوية|قصيدة]] تبقّى منها أبيات تشير لمعجزة نبوع الماء: {{اقتباس مضمن|'''يَا مَن تفجّرتِ الأنهَارُ نابعةً''' ** '''مِن أُصبَعيهِ فَرَوَى الجَيشَ بالمدَدِ'''}}.|211x211بك]]
تروي كتب [[الحديث النبوي|الحديث]] والسيرة وقوع معجزة نبوع الماء من بين أصابع النبي محمد ولم تكن لأحد قبله، والتي قد تكررت في عدة مواطن،<ref name="الخصائص-الماء1">الخصائص الكبرى، [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، ج1، ص412، دار الكتب العلمية، بيروت.</ref> حتى عدّ فقهاء المسلمين أن ذلك الماء أشرف أنواع المياه.<ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=85&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=19&ayano=0&surano=0&bookhad=0 مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، محمد بن محمد بن عبد الرحمن (الحطاب)] تاريخ الوصول [[2 يوليو]] [[2011]]. {{استشهاد ويب |مسار=http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=19&ID=85 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=2 يوليو 2011 |تاريخ أرشيف=4 نوفمبر 2011 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20111104015349/http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=19&ID=85 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref> يروي [[أنس بن مالك]] أحد تلك الحوادث قائلاً {{اقتباس مضمن|رأيت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} وحانت [[صلاة العصر]]، فالتمس [[وضوء|الوضوء]] فلم يجدوه، فأتي رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} بوضوء، فوضع رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يده في ذلك الإناء، فأمر الناس أن يتوضؤوا منه، فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس  من عند آخرهم، أي: حتَّى تَوَضَّأَ الناسُ جميعًا}}.<ref>[https://www.dorar.net/hadith/sharh/125948 الدرر السنية - الموسوعة الحديثة] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200414151245/https://www.dorar.net/hadith/sharh/125948 |date=14 أبريل 2020}}</ref><ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 3573.</ref><ref name="الخصائص-الماء">الخصائص الكبرى، [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، ج2، ص62-71، دار الكتب العلمية، بيروت.</ref>

=== حديثه مع الحيوانات والجمادات ===
من ذلك سماع صوت تسبيح الحصى في كفه،<ref>[[تفسير ابن كثير]]، عن [[أبو ذر الغفاري|أبي ذر الغفاري]]، ج5، ص76.</ref> وتكليم الذراع من الشاة التي سُمَّت بأنها مسمومة،<ref name="المحب الطبري-معجزاته">خلاصة سير سيد البشر، المحبّ الطبري، ص107-107، تحقيق: طلال بن جميل الرفاعي، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط1997.</ref> وتسليم الشجر والحجر عليه قبل أن يُبعث،<ref>يروي [[أبو عيسى محمد الترمذي|الترمذي]] في [[سنن الترمذي|سننه]]، رقم: 3626، عن [[علي بن أبي طالب]] «كنت مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}} [[مكة|بمكة]]، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: "السّلام عليك يا رسول الله"»</ref> ومشي الشجر له، إذ يروي [[عمر بن الخطاب]] فيقول {{اقتباس مضمن|أَمَر النبي {{صلى الله عليه وسلم}} فنادى شجرة من قِبل عَقبة أهل المدينة، فأقبلت تخدّ الأرض (تمشي مسرعة) حتى انتهت إليه فسلّمت عليه، ثم أمرها فرجعت إلى موضعها}}.<ref>دلائل النبوة، [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]]، عن [[عمر بن الخطاب]]، ج6، ص138، رقم: 2260.</ref> ومنها حنين الجذع الذي كان يخطب عليه حين اتخذ المنبر، فاحتضنه وكلّمه، وقال {{اقتباس مضمن|لو لم أحتضنه لحنّ إلى [[نهاية الزمان|يوم القيامة]]}}.<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن [[عبد الله بن عباس]]، ج4، ص128، قال عنه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]]: إسناده صحيح.</ref> أما معجزاته مع الحيوانات، فمن ذلك قصة البعير الذي اشتكا لمحمد كثرة العمل وقلة العلف،<ref>تخريج مشكاة المصابيح، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج5، ص346.</ref> و[[جمل|الجمل]] الذي بكى حين رأى محمدًا وشكا إليه أن صاحبه يجيعه،<ref>رواه [[أبو داود]]، في [[سنن أبي داود|سننه]]، عن عبد الله بن جعفر، رقم: 2549.</ref> و[[جمل]] آخر يُقبِل على محمد ويخرّ ساجدًا بين يديه بعد أن استصعب على صاحبه.<ref>الزواجر، [[ابن حجر الهيتمي]]، عن [[أنس بن مالك]]، ج2، ص41.</ref>

=== إبراءه المرضى وذوي العاهات ===
من ذلك ما رُوي يوم [[غزوة أحد|أحد]] من ردّه عين [[الصحابة|الصحابي]] قتادة بن النعمان إلى مكانها بعد أن سالت حدقته على وجنته حتى عادت إلى حالها فكانت أحسن عينيه،<ref>دلائل النبوة، [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]]، عن عاصم بن عمر بن قتادة، ج3، ص276، رقم: 1110.</ref> ونفثه في عين [[علي بن أبي طالب]] وقت [[غزوة خيبر]] عندما كان أرمد لا يكاد يبصر.<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن عمرو بن ميمون، ج5، ص25، قال عنه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]]: إسناده صحيح.</ref> وخبر [[عثمان بن حنيف]] أنّ رجلاً ضريرًا جاء محمدًا يريد كشف بصره، فعلّمه أن يقول {{اقتباس مضمن|اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد {{صلى الله عليه وسلم}} نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضيها لي، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي}}،<ref>دلائل النبوة، [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]]، عن [[عثمان بن حنيف]]، ج6، ص325، رقم: 2415، وقال عنه: إسناده صحيح.</ref> فأصبح ذلك الرجل بصيرًا.

=== حماية الملائكة له ===
عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد {{صلى الله عليه وسلم}} وجهه بين أظهركم؟ (أي هل يصلي جهارةً أمامكم)، فقيل:
نعم. فقال: و[[اللات]] و[[العزى]] لئِن رأيته يفعل ذلك لأطَأنَّ على رقبته أو لأعَفِرَنَّ وجهه في التراب. فأتى الرسول محمد {{صلى الله عليه وسلم}} وهو يصلي لِيَطأ على رقبته، فما فاجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه، وأخذ يقي وجهه بيديه، فقيل له: ما لك؟ قال: إن بيني وبينهُ خندقاً من نار وهَولاً وأجنحة ‍‍‍!!!. فقال الرسول {{صلى الله عليه وسلم}}: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضوا. (ومعنى عضوا عضوا أي الملائكة تأخذه عظمة عظمة) وأنزل [[الله]] في [[القرآن]]: .{{قرآن|العلق|6|إلى آية=19}}

=== نزول المطر وحبسه ===
عن [[عبد الله بن عباس]] رضي الله عنهما أنه قيل ل<nowiki/>[[عمر بن الخطاب]]، حدثنا عن شأن ساعة العسرة، فقال عمر: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد (أي قلة نزول المطر)، فزلنا منزلاً وأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى أن كان أحدنا ليذهب فيلتمس الرجل فلا يجده حتى يظن أن رقبته ستنقطع، حتى أن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه (أي روثه وفضلاته) فيشربه، ثم يجعل ما بقي على كبده، فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله، إن الله قد عودك في الدعاء خيرًا، فادع الله لنا
فقال صلى الله عليه وسلم: أو تحب ذلك؟
قال: نعم، فرفع يديه نحو السماء
فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأطلت ثم سكبت فملأوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر -<ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://www.islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=1673&bk_no=48&flag=1|عنوان=إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة براءة - قوله تعالى لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار - الجزء رقم8<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-02-23|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20220925150713/https://www.islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&flag=1&bk_no=48&ID=1673|تاريخ أرشيف=2022-09-25}}</ref><ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://tafsir.app/althaalabi/9/118|عنوان=الباحث القرآني<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-02-23|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230224001507/https://tafsir.app/althaalabi/9/118|تاريخ أرشيف=2023-02-24}}</ref><ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://tafsir.app/tabari/9/117|عنوان=الباحث القرآني<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-02-23|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230224001648/https://tafsir.app/tabari/9/117|تاريخ أرشيف=2023-02-24}}</ref>

=== الفرس الضعيف يسبق ويدر الأموال الطائلة ===
عن جعيل الأشجعي رضي الله عنه قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، وأنا على فرس لي عجفاء ضعيفة، قال: فكنت في أُخريات الناس، فلحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: سر يا صاحب الفرس
فقلت: يا رسول الله، عجفاء ضعيفة
قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مخفقة معه فضربها بها وقال: اللهم بارك له
قال: فلقد رأيتني أمسك برأسها أن تقدم الناس، ولقد بعت من بطنها باثني عشر ألفًا
رواه البخاري في التاريخ، والنسائي في السنن الكبرى، والبيهقي في الدلائل.<ref>http://shiaonlinelibrary.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/3598_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D8%A8%D9%86-%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%AC-%D9%A6/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9_180 {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20220123171726/http://shiaonlinelibrary.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/3598_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D8%A8%D9%86-%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%AC-%D9%A6/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9_180|date=2022-01-23}}</ref><ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://www.alsiraj.net/miracle/html/page50.html|عنوان=موقع السراج - معجزات النبي صلى الله عليه و سلم - الفرس الضعيف يسبق ويدر الأموال الطائلة<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-02-23|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20191207200532/http://www.alsiraj.net:80/miracle/html/page50.html|تاريخ أرشيف=2019-12-07}}</ref>

=== القرآن ===
{{مفصلة|القرآن|الإعجاز العلمي في القرآن}}
[[ملف:Uthman Koran-RZ.jpg|تصغير|يسار|[[مصحف عثمان|المصحف العثماني]]، أقدم نسخة من [[القرآن]].]]
بحسب اعتقاد المسلمين، فإنَّ [[القرآن]] هو معجزة النبي محمد الخالدة التي لم يستطع أحد على مر العصور أن يأتي بمثله بالرغم من تحدّيه بذلك،<ref name="الخصائص-القرآن">الخصائص الكبرى، [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، ج1، ص192-195، دار الكتب العلمية، بيروت.</ref> حيث ورد في القرآن {{قرآن|الإسراء|88}}. ويتمثل [[إعجاز القرآن]] بشكل أساسي في بلاغته وفصاحته، فكان الإعجاز اللغوي هو أول وأهم أسباب [[إعجاز القرآن]]، والذي يشمل عدة أوجه، منها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته، ومنها صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام [[عرب|العرب]] ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له.<ref name="الخصائص-القرآن"/> ومن وجوه الإعجاز الأخرى ما انطوى عليه من الأخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد، وما أنبأ به من أخبار القرون الماضية والشرائع السالفة.<ref name="الخصائص-القرآن"/> وحديثًا ظهر تيار يعتقد بوجود [[الإعجاز العلمي في القرآن|إعجاز علمي في القرآن]]، حيث تفسر بعض الآيات على أنها تثبت نظريات علمية لم يكتشفها العالم إلا بعد فترة طويلة جدًا من ظهور [[القرآن]].<ref>[http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=644 '''موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة:''' الإعجاز العلمي للقرآن الكريم بين القبول والمعارضة] تاريخ الوصول [[2 يوليو]] [[2011]].{{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20150406032945/http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=644 |date=6 أبريل 2015}}</ref>

=== السنة ===
{{مفصلة|السنة النبوية|الإعجاز العلمي في السنة النبوية}}
تُعَدُّ الإشارات العلمية الواردة في [[الحديث النبوي|السنة النبوية]] من أبرز الدلائل على أن محمدًا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} هو خاتم الأنبياء والمرسلين؛ لأن سبقه العلمي من قبل ألف وأربعمئة سنة، وفي بيئة بدائية لا تملك مفاتيح العلم والمعرفة، بالإضافة إلى أميّته يقطع الطريق أمام القائلين بأن محمدًا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قد تلقَّى هذا العلم من بحيرا، أو [[ورقة بن نوفل]]، أو من غيرهم، كما أنه يُثبت بما لا يدع مجالاً للشكِّ أن المصدر الوحيد الذي اصطفى منه محمد رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} تعاليمه هو الله جلَّ في علاه.<ref name="الإعجاز العلمي في السنة النبوية - موقع قصة الإسلام">[http://islamstory.com/ar/الإعجاز-العلمي-في-السنة-عصعصالنبوية الإعجاز العلمي في السنة النبوية - موقع قصة الإسلام] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170109210128/http://islamstory.com:80/ar/الإعجاز-العلمي-في-السنة-عصعصالنبوية |date=9 يناير 2017}}</ref>

وللتعامل مع قضية [[الإعجاز العلمي في السنة النبوية]] ضوابط يجب أن تراعى؛ منها: اختيار [[الحديث النبوي|الأحاديث]] المحتوية على إشارات إلى الكون ومكوناته وظواهره، والتثبُّت من معرفة درجة الحديث، واستبعاد كل الأحاديث الموضوعة، وكذلك جمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد؛<ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://www.kaheel7.com/ar/index.php/2012-12-04-18-32-28/1232-2013-04-29-19-54-18|عنوان=روائع الإعجاز العلمي في السنة النبوية.. رسالة للمشككين<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-02-26|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20221127124429/https://www.kaheel7.com/ar/index.php/2012-12-04-18-32-28/1232-2013-04-29-19-54-18|تاريخ أرشيف=2022-11-27}}</ref> لأن بعضها يفسر بعض، وفهم النص أو النصوص النبوية وفق دلالات الألفاظ في [[اللغة العربية]]، ووفق قواعدها، وفهم النص النبوي في ضوء سياقه وملابساته، وفهمه في نور [[القرآن|القرآن الكريم]]؛ لأن أحاديث رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} شارحة لكتاب [[الله]]، ومبيِّنة لدلالات آياته.. كما أنه ينبغي ألاَّ يُؤَوَّل حديث لرسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} لإثبات نظرية علمية تحتمل الشكَّ والصواب، ولكن يجب التعامل فقط مع الحقائق العلمية الثابتة.<ref name="مولد تلقائيا1">[http://islamstory.com/ar/الإعجاز-العلمي-في-السنة-النبوية الإعجاز العلمي في السنة النبوية - موقع قصة الإسلام] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20161216112930/http://islamstory.com:80/ar/الإعجاز-العلمي-في-السنة-النبوية |date=16 ديسمبر 2016}}</ref>

== حياته الشخصية ==
=== زوجاته ===
{{مفصلة|أمهات المؤمنين}}
[[ملف:أمهات المؤمنين 2.png|تصغير|يمين|زوجات النبي محمد والمعروفات بأمهات المؤمنين.]]
[[ملف:Mohmmed, Ahl Albit and Alrasheden.svg|306x306px|تصغير|مخطط لأولاد الرسول العربي محمد، أولاد الخلفاء الراشدين وأولاد الحسن والحسين وأزواجهم.]]
زوجات محمد يُعرفن في [[الإسلام]] [[أمهات المؤمنين|بأمهات المؤمنين]]، وقد اختُلف في عدد زوجات النبي اللاتي دَخَل بهنّ على قولين؛ أنهنّ إثنتا عشر أو إحدى عشر،<ref name="ألفية-زوجات">[[ألفية السيرة النبوية]]، [[عبد الرحيم العراقي]]، ص 132.</ref> وسبب الاختلاف هو في [[مارية القبطية]]، هل هي زوجة له أم [[ملك اليمين|ملك يمين]]. فالمتَّفق عليه من زوجاته إحدى عشرة. [[قريش|القرشيات]] منهنّ ست، هن: [[خديجة بنت خويلد]]، و[[سودة بنت زمعة]]، و[[عائشة بنت أبي بكر]]، و[[حفصة بنت عمر|حفصة بنت عمر بن الخطاب]]، و[[أم سلمة]]، و[[أم حبيبة]].والعربيات من غير [[قريش]] أربع، هن: [[زينب بنت جحش]]، و[[جويرية بنت الحارث]]، و[[زينب بنت خزيمة]]، و[[ميمونة بنت الحارث]]. وواحدة من غير [[عرب|العرب]] وهي [[صفية بنت حيي بن أخطب|صفية بنت حيي]] من [[بنو إسرائيل|بني إسرائيل]]. وتبقى [[مارية القبطية]] وهي من [[مصر]]. وتوفِّيت اثنتان من زوجات النبي محمد حال حياته، وهما [[خديجة بنت خويلد]] و[[زينب بنت خزيمة]]، وتُوفي هو عن تسع نسوة.<ref name="ألفية-زوجات"/>
==== أسباب تعدد زوجات النبي ====
اعترض بعض [[مسيحيون|المسيحيين]] الذين يكتبون سيرة النبي بتعدد زوجاته وزعموا بأنه كان شهوانياً ولكن كما ورد في [[سيرة (توضيح)|سيرة]] الرسول، كان له مقاصد آخر كتقوية الصلة مع أصحابه وكبار قومه بواسطة [[مصاهرة|المصاهرة]] لأن ذلك كان مما يساعده للدفاع ونشر الدعوة إلى [[الإسلام]]، كما أنقذ بعض النساء من تعذيب عائلتهن عن طريق الزواج.<ref>[ الأحمد: حكمة تعدد الزوجات لرسول الله صلى الله عليه وسلم] {{مراجعة مرجع|تاريخ=أغسطس 2020}}</ref>

=== أولاده ===
{{مفصلة|أهل البيت}}
كان لمحمد من الأولاد ثلاثة بنين وأربع بنات، جميعهم من زوجته [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] إلا [[إبراهيم بن محمد|إبراهيم]] فهو من [[مارية القبطية|مارية]]، وكل أولاده ماتوا في حياته إلا [[فاطمة الزهراء|فاطمة]] فإنها توفيت بعده.<ref>[https://islamqa.info/ar/answers/23294/عدد-ابناء-وبنات-النبي-صلى-الله-عليه-وسلم عدد أبناء وبنات النبي، الإسلام سؤال وجواب] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20130619230024/http://www.islamqa.com/ar/ref/23294 |date=19 يونيو 2013}}</ref> وأولاده '''البنين''' هم: [[القاسم بن محمد|القاسم]] (وبه يُكنّى، توفي وعمره عامان)<ref name="ألفية-أشخاص"/> و[[عبد الله بن محمد|عبد الله]] (الطّيّب الطاهر) و[[إبراهيم بن محمد|إبراهيم]] (عاش في [[المدينة المنورة|المدينة]] سنة ونصف)،<ref name="ألفية-أشخاص"/> وأما '''البنات''' فهنّ: [[زينب بنت محمد|زينب]] و[[رقية بنت محمد|رقية]] و[[أم كلثوم بنت محمد|أم كلثوم]] و[[فاطمة الزهراء|فاطمة]]. أما زينب فقد تزوجها ابن خالتها [[أبو العاص بن الربيع]] قبل الهجرة، وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما [[عثمان بن عفان]] الواحدة بعد الأخرى، وأما فاطمة فتزوجها [[علي بن أبي طالب]] بين [[غزوة بدر|بدر]] و[[غزوة أحد|أحد]]،<ref name="الرحيق-بيته"/> وليس في بناته من كانت لها ذرية إلا ما كان من ذرية فاطمة،<ref name="ألفية-أشخاص"/> فكان لها [[الحسن بن علي|الحسن]] و[[الحسين بن علي|الحسين]] و[[زينب بنت علي|زينب]] و[[أم كلثوم بنت علي|أم كلثوم]].

=== مواليه وخدامه ===
امتلك محمد عددًا من '''الموالي'''، منهم: [[زيد بن حارثة]] الكلبي (وكان قد تبنّاه قبل [[الإسلام]] قبل إلغاء التبني) وابنه [[أسامة بن زيد|أسامة]]، و[[ثوبان مولى النبي محمد|ثوبان بن بجدد]] وأبو هند، وأبو لبابة، و[[أبو رافع]].<ref name="ألفية-أشخاص"/> ومن '''الإماء''' امتلك [[مارية القبطية]] (على خلاف في أنه هل أعتقها فتزوجها أم لا)، و[[ريحانة بنت زيد]] (إحدى سبايا [[بنو قريظة|بني قريظة]]).<ref name="الرحيق-بيته">الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركي، ص471-472.</ref> وأما '''خدامه'''، فكان ألزمهم خدمة للنبي محمد [[أنس بن مالك]] الخزرجي، وكان يخدمه أيضًا [[بلال بن رباح]] الحبشي، و[[عبد الله بن مسعود]] الهذلي، و[[أبو ذر الغفاري]] الكناني، وغيرهم.<ref name="ألفية-أشخاص"/>

=== أسماؤه ===
{{مفصلة|أسماء النبي محمد}}
[[ملف:Prophet Mohamad Names.jpg|تصغير|يسار|245بك|أسماء النبي محمد مكتوبة على طول الجدار [[قبلة|القبلي]] في [[المسجد النبوي]].]]
ورد في [[التراث الإسلامي]] أنه كان لمحمد عدّة أسماء، فكان يقول عن نفسه {{اقتباس مضمن|إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب}}،<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[جبير بن مطعم]]، رقم: 4896.</ref> وقال أيضًا {{اقتباس مضمن|أنا نبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملحمة}}.<ref>نظرية العقد، [[ابن تيمية]]، ص37.</ref> وقد اختلف علماء الدين الإسلامي في أسماء كثيرة أخرى، فجعلها بعضهم كعدد [[أسماء الله الحسنى]] تسعة وتسعين اسمًا، وعدّ منها [[الجزولي (توضيح)|الجزولي]] في «[[دلائل الخيرات]]» 200 اسم، وأوصلها [[ابن دحية الكلبي|ابن دحية]] إلى 300 اسم. وقد كان من أهم أسباب الخلاف أن بعضهم رأى كل وصف وُصف به النبي في [[القرآن]] من أسمائه. في حين قال آخرون إن هذه أوصاف وليست أسماء أعلام.<ref>قال [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]] في تنوير الحوالك شرح [[موطأ الإمام مالك|موطأ مالك]]، ج1، ص27: «وأكثرها صفات».</ref> قال [[يحيى بن شرف النووي|النووي]]: «بعض هذه المذكورات صفات، فإطلاق الأسماء عليها إنما هو مجاز».<ref>تهذيب الأسماء واللغات، [[يحيى بن شرف النووي|النووي]]، ج1، ص49.</ref>

=== صفته الشكلية ===
{{مفصلة|وصف النبي محمد}}
{{صور متتابعة
 | رصف     = left
 | ذيل     = '''يمين:''' يُعتقد أن الأثر الموجود على الحجر هو أثر كف النبي محمد نفسه، وهو موجود [[مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي|بمسجد إبراهيم الدسوقي]] [[دسوق|بمدينة دسوق]] [[مصر|المصرية]]. <br /> '''يسار:''' رسم على البلاط لأثر قدم النبي محمد والذي تركه على "الصخرة" التي عرج منها إلى السماء في رحلة [[الإسراء والمعراج]]، يعود تاريخها للعام 1706، وهي محفوظة الآن في متحف بيناكي للفن الإسلامي في [[أثينا]] في [[اليونان]].<ref>[http://www.ceramopolis.com/?p=547 '''موقع سيراموبلس:''' أثر قدم النبي محمد] تاريخ الوصول [[26 يونيو]] [[2011]]. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160324134945/http://www.ceramopolis.com/?p=547 |date=24 مارس 2016}}</ref> حيث يعتقد بعض المسلمون بأن قدمه تترك أثرًا دائمًا أينما جاب.<ref>[https://time.com/time/specials/packages/article/0,28804,1983194_1983193_1983196,00.html '''تايم:''' أهم 10 آثار دينية - أثر قدم النبي محمد] تاريخ الوصول [[9 يوليو]] [[2011]]. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20130817115328/http://www.time.com/time/specials/packages/article/0,28804,1983194_1983193_1983196,00.html |date=17 أغسطس 2013}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-10-13|bot=JarBot}}</ref> 
 | صورة1   = Mark-Prophet-Mohammed-Saint El-DesoukiMosque.jpg
 | عرض1    = 120
 | صورة2   = Benaki-Islamic-Iznik-Tile-Prophet.jpg
 | عرض2    = 120
}}
جمع المسلمون ما توارثوه عن [[الصحابة]] من وصف خلقة نبيّهم في كتب كثيرة عرفت [[علم الشمائل المحمدية|بكتب الشمائل]]، وأشهر هذه الكتب هو «[[الشمائل المحمدية (كتاب)|الشمائل المحمدية]]»، [[أبو عيسى محمد الترمذي|للترمذي]]. حيث ذكر فيه أحاديث كثيرة في وصفه، وكان مما جاء فيه مفرقًا:<ref>الشمائل المحمدية، تأليف: الحافظ الترمذي، ص2-14.</ref>
* '''جسمه''': كان فخمًا مفخمًا،<ref name="وصف هند"/> مربوعًا ليس بالطويل ولا بالقصير، وكان إلى الطول أقرب،<ref name="وصف أبو هريرة"/> ولم يكن يماشي أحدًا إلا طاله. وقد كان أزهر اللون،<ref name="وصف هند"/> ليس بالأبيض الأمهق، ولا بالأسمر.<ref name="وصف أنس">رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]] عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 3547.</ref>
* '''رأسه وشعره''': كان ضخم الرأس، عظيم الهامة، شديد سواد الشعر،<ref name="وصف أبو هريرة"/> ولم يكن شعره شديد الجعودة ولا مرسل، بل كان فيه تثن قليل.<ref name="وصف علي">رواه [[ابن عبد البر]] في كتابه الاستذكار عن [[علي بن أبي طالب]]، ج7، ص336.</ref> وقد كان كثّ اللحية، تُوفي وليس في رأسه ولحيته 20 شعرة بيضاء،<ref name="وصف أنس"/>
* '''ذراعاه ويداه''': كان طويل الذراعين كثيرا الشعر، رحب الراحة غليظ الكفين والقدمين،<ref name="وصف علي"/> طويل الأطراف، ضخم المفاصل.
* '''إبطاه''': كان أبيض الإبطين، وهي من علامات نبوته بحسب المسلمين.
* '''منكباه وصدره وبطنه''': كان منكباه واسعين، كثيري الشعر، وكذا أعالي الصدر. وكان عاري الثديين والبطن، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، طويل المسربة موصول ما بين اللبة (النقرة التي فوق الصدر) والسرة بشعر يجري كالخيط.
* '''خاتم النبوة''': هي غُدّة حمراء مثل بيضة الحمامة،<ref>رواه الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد عن [[سلمان الفارسي]]، ج9، ص343.</ref> أو مثل الهلال، فيها شعرات مجتمعات كانت بين كتفيه. وهي من علامات نبوته بحسب المسلمين.
* '''وجهه وجبينه''': كان مستو الوجه سهل الخدين،<ref name="وصف أبو هريرة"/> ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، وكان واسع الجبين<ref name="وصف هند">رواه [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]] في كتابه الجامع الصغير عن [[هند بن أبي هالة]]، رقم:6493.</ref> مستويًا.
* '''عيناه وحاجباه''': كان طويل شِق العينين،<ref name="وصف جابر"/> شديد سواد العينين،<ref name="وصف علي"/> في بياضها حمرة، وكانت عيناه واسعتين ذات أهداب طويلة كثيرة. وكان حاجباه قويين مقوَّسين، متّصلين اتصالاً خفيفًا، بينهما عرق يدرّه الغضب.
* '''أنفه''': كان أنفه مستقيمًا، أقنى (طويلاً في وسطه بعض ارتفاع)، مع دقة في أرنبته (طرف الأنف).
* '''فمه وأسنانه''': كان واسع الفم،<ref name="وصف جابر">رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]] عن [[جابر بن سمرة]]، رقم:2339.</ref> في أسنانه رقة وتحدد، يقول واصفه «إذا تكلّم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه».
* '''قدماه''': كان ضخم القدمين، يطأ الأرض بقدمه كلها ليس لها أخمص (الجزء المرتفع عن الأرض من القدم)،<ref name="وصف أبو هريرة">رواه [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]] في [[البداية والنهاية]] عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]]، ج6، ص21.</ref> وكان منهوس العقبين (قليل لحم العَقِب).<ref name="وصف جابر"/>

=== مقتنياته وآثاره ===
{{أيضا|مقتنايات النبي محمد|الآثار المقدسة (الباب العالي)|البردة الشريفة|نعل النبي محمد}}
[[ملف:Sacred Relics Train.jpg|تصغير|يسار|قطار الأمانات المقدسة الذي حمل أثار للنبي محمد لتركيا أثناء [[الحرب العالمية الأولى]].]]
[[ملف:4025 Istanbul - Topkapi - Sbirciando da finestra sala reliquie - Foto G. Dall'Orto 27-5-2006.jpg|تصغير|يمين|الغرفة التي تحوي [[البردة النبوية|بردة النبي محمد]]، في [[قصر طوب قابي|متحف الباب العالي]] في [[تركيا]].]]
[[ملف:Prophet Mohammad's Sandal example.jpg|تصغير|يمين|رسم يبيّن شكل [[نعل النبي محمد]] كما رجّحه الإمام [[أحمد المقري التلمساني|المقري]] في كتابه [[فتح المتعال في مدح النعال]]]]
كان من عادة النبي محمد تسمية دوابّه وسلاحه ومتاعه،<ref name="الإحياء-مقتنياته"/> فكان اسم رايته «العقاب»، واسم سيفه الذي يشهد به الحروب «ذو الفقار»، وكان له سيوف غيره مثل «الرسوب» و«القضيب»، وكانت قبضة سيفه محلاة بالفضة، وكان اسم قوسه «الكتوم». واسم ناقته «[[القصواء]]»، واسم بغلته «دُلدُل»، واسم حماره «يعفور»، واسم شاته التي يشرب لبنها «عينة». وكان له مطهرة من فخار [[وضوء|يتوضأ]] فيها ويشرب منها، فيرسل الناس أولادهم الصغار فيدخلون عليه فإذا وجدوا في المطهرة ماء شربوا منه ومسحوا على وجوههم وأجسادهم يبتغون بذلك [[تبرك|البركة]].<ref name="الإحياء-مقتنياته">[[إحياء علوم الدين]]، [[أبو حامد الغزالي]]، ج2، ص376، دار المعرفة، بيروت.</ref> وقد احتفظ المسلمون ببعض هذه المقتنيات عبر التاريخ، فكانت في [[مصر]] في مسجد أثر النبي في [[جنوب القاهرة]]. وقد ظلّت هناك حتى وقت [[معركة الريدانية|الفتح العثماني]] عام [[1517]]م حين دخل [[القاهرة]] السلطان [[الدولة العثمانية|العثماني]] [[سليم الأول]] فأخذ معه كل أثر النبي إلى [[إسطنبول]]، وبقيت هناك محفوظة إلى الآن في [[قصر طوب قابي|متحف الباب العالي]].

=== جانب من حياته ===
يروي صحابته عنه أنه كان أحلم الناس وأشجع الناس وأعدل الناس وأعف الناس وأسخى الناس، لا يبيت عنده [[دينار]] ولا [[درهم]]، وكان يخصف النعل ويرقع الثوب،<ref>صححه [[محمد ناصر الدين الألباني|الألباني]] في تخريج مشكاة المصابيح، رقم: 5759.</ref> وما عاب مضجعًا، إن فرشوا له اضطجع وإن لم يُفرَش له اضطجع على الأرض، يمزح ولا يقول إلا حقًا، يضحك من غير قهقهة. وكان لا يثبت بصره في وجه أحد، وكان يقبل الهدية ويكافيء عليها، ولا يأكل الصدقة، يجيب الوليمة، ويعود مرضى مساكين المسلمين وضعفائهم، ويجالسهم ويؤاكلهم، ويتبع جنائزهم، ولا يصلي عليهم أحد غيره،<ref>رواه الوادعي في الصحيح المسند، رقم: 1476، وصححه.</ref> وكان يمشي وحده بين أعدائه بلا حارس، يقبل معذرة المعتذر إليه. وما شَتَم أحدًا من المؤمنين، وكان لا يصارح أحدًا بما يكرهه، وما ضرب شيئًا قط بيده، ولا امرأةً، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله،<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، رقم: 2328.</ref> وما انتقم من شيء صُنع إليه قط إلا أن تُنتَهك حرمة الله، وما خُيّر بين أمرين قطّ إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون فيه إثم أو قطيعة رحم.
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«خدمت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} عشر سنين، فما قال<br /> لي لشيء فعلتُه، "لم فعلتَه؟"، ولا لشيء لم أفعله،<br /> "ألا فعلته؟"، وكان بعض أهله إذا عتبني على شيء<br /> يقول "دعوه فلو قُضي شيء لكان"»<ref>صححه [[ابن تيمية]] في درء التعارض، ج8، ص420.</ref>|المصدر='' [[أنس بن مالك]]''}}
وكان أبعد الناس غضبًا وأسرعهم رضًا. وكان يبدأ من لقيه بالسلام، وكان يمرّ على الصبيان فيسلم عليهم، وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله، وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعًا ويمسك بيديه عليهما شبه الحبوة، وما رُؤي قطّ مادًا رجليه بين أصحابه إلا أن يكون المكان واسعاً لا ضيق فيه، وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة، ولم تكن تُرفَع في مجلسه الأصوات، وكان لا يدعوه أحد من أصحابه وغيرهم إلا قال «لبيك»، ولا يُسأل شيئًا إلا أعطاه، وكان يجلس بين أصحابه مختلطًا بهم كأنه أحدهم، وكان أصحابه لا يقومون له لما عرفوا من كراهته لذلك، وكان أكثر الناس تبسمًا وضحكًا في وجوه أصحابه.<ref name="الإحياء-حياته"/> وكان يأكل مما يليه ويأكل بأصابعه الثلاث وربما استعان بالرابعة، وكان أحب الفواكه إليه البطيخ والعنب، وكان أكثر طعامه [[ماء|الماء]] و[[تمر|التمر]]، وكان أحب الطعام إليه اللحم، وكان يحب من الشاة الذراع، وكان لا يأكل [[ثوم|الثوم]] ولا [[بصل|البصل]]، وما عاب طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، رقم: 5409.</ref> وكان يلعق أصابعه من الطعام حتى تحمرّ، وكان يشرب في ثلاث دفعات وله فيها ثلاث تسميات وفي أواخرها ثلاث تحميدات، وكان في بيته لا يسألهم طعامًا ولا يتشهاه عليهم إن أطعموه أكل وما أعطوه قبل وما سقوه شرب.<ref name="الإحياء-حياته"/> وكان يعصب الحجر على بطنه مرة من الجوع. كان يتكلم بجوامع الكلم لا فضول ولا تقصير، وكان جهير الصوت، لا يتكلم في غير حاجة ولا يقول المنكر، ولا يقول في الرضا والغضب إلا الحق، ويكنّي عما اضطره الكلام إليه مما يكره.<ref name="الإحياء-حياته">[[إحياء علوم الدين]]، [[أبو حامد الغزالي]]، ج2، ص488-519، دار الفجر للتراث، ط1999.</ref>

== وجهات النظر حول محمد ==
{{مفصلة|انتقاد شخصية محمد بن عبد الله}}
=== وجهة نظر المسلمين ===
{{مفصلة|2 = تبرك|3 = توسل|4 = المولد النبوي|5 = مديح نبوي|6 = الصلاة على النبي}}
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد<br /> [[نهاية الزمان|يوم القيامة]] ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع<br /> [[نهاية الزمان|يوم القيامة]] ولا فخر، وأنا أول من يحرك حِلَق [[جنة|الجنة]]<br /> فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر،<br /> وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر»<ref>رواه [[أبو عيسى محمد الترمذي|الترمذي]] في [[سنن الترمذي|سننه]]، عن [[عبد الله بن عباس]]، رقم: 3616.</ref>|المصدر='' محمد بن عبد الله''}}
بحسب تعاليم [[الإسلام]] فإنّ محمدًا هو أشرف المخلوقات وسيّد البشر جميعًا،<ref name="الفتاوى الحديثية1">الفتاوى الحديثية، [[ابن حجر الهيتمي]]، ص346-349، تحقيق: أحمد عناية، دار التقوى، ط2008.</ref><ref>قال النبي محمد «أنا سيّد ولد [[آدم]] [[نهاية الزمان|يوم القيامة]]»، رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]]، رقم: 2278.</ref> وأنه آخر الأنبياء والمرسلين، وأن الإيمان به وتصديق نبوّته واجب على المسلمين لا يتم إيمانٌ إلا به ولا يصحّ [[الإسلام|إسلامٌ]] إلا معه،<ref name="الشفا1">[[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]، [[القاضي عياض]]، ج2، ص3، دار الكتب العلمية، ط2006.</ref> وأن طاعته وامتثال أمره واجب عليهم، باعتبارها من طاعة الله، وأنه مجمع الآداب كلّها،<ref>مجموعة رسائل الإمام الغزالي - روضة الطالبين وعمدة السالكين، [[أبو حامد الغزالي]]، ص107، المكتبة الوقفية.</ref> والأسوة الحسنة التي ينبغي على كل إنسان التأسي بها،<ref>في [[القرآن]] {{قرآن|الأحزاب|21}}.</ref> وأنه باب الله الأعظم ووسيلته الكبرى التي لا يصل بدونه أحد إلى الله، يقول [[الجنيد البغدادي|الجنيد]] {{اقتباس مضمن|الطرق كلها مسدودة على الخلق، إلا على مَن اقتفى أثر الرسول {{صلى الله عليه وسلم}} واتَّبع سُنَّته ولزمَ طريقته؛ فإن طُرُقَ الخيرات كلها مفتوحة عليه}}.<ref>حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصبهاني، ج10، ص257، دار الكتاب العربي، ط1984.</ref> وقد توعّد [[الإسلام]] المسلمين بالخذلان والعذاب على من خالف أمره وبدّل سنّته.<ref>في [[القرآن]] {{قرآن|النور|63}}.</ref> ويعتبر [[الإسلام]] الاحتكامَ إليه والرضى بحكمه شرطًا للإيمان.<ref>[https://www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=7&tSoraNo=4&tAyahNo=65&tDisplay=yes&Page=1&Size=1&LanguageId=1 '''موقع التفسير:''' تفسير ابن كثير] تاريخ الوصول [[4 يوليو]] [[2011]]. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150412015753/http://www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=7&tSoraNo=4&tAyahNo=65&tDisplay=yes&Page=1&Size=1&LanguageId=1 |date=12 أبريل 2015}}</ref><ref>في [[القرآن]] {{قرآن|النساء|65}}.</ref> وقد أجمع المسلمون على حرمة أذيّته، وقتل منتقصيه وسابّه من المسلمين تصريحًا كان أو تعريضًا.<ref name="روضة الطالبين-مكانته"/> وكذلك أجمعوا على عصمته من [[شيطان|الشيطان]] وكفايته منه في كل أحواله،<ref name="روضة الطالبين-مكانته">مجموعة رسائل الإمام الغزالي - روضة الطالبين وعمدة السالكين، [[أبو حامد الغزالي]]، ص145-146، المكتبة الوقفية.</ref> وأنه إنسان كامل من كلِّ النواحي، منزَّه عن كلِّ عيبٍ أو نقصٍ، وأنه أُعطي الحسن والجمال كلّه.<ref name="الإنسان الكامل">محمد {{صلى الله عليه وسلم}} الإنسان الكامل، [[محمد علوي المالكي]]، ص8-19، ط1990.</ref> قال [[البوصيري]] في [[قصيدة البردة (البوصيري)|قصيدة البردة]]:
{{أبيات|
'''فـهْـوَ الـذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه'''\\'''ثـمَّ اصْـطَفَاهُ حَبيباً بارِىءُ النَّسَمِ'''
'''مُـنَـزَّهٌ عَـنْ شَرِيكٍ في محاسِنِهِ'''\\'''فَـجَـوْهَرُ الحُسْنِ فيه غيرُ مُنْقَسِمِ'''}}
[[ملف:Al-Kawakib-al-durriyah-Page-0006.jpg|تصغير|200بك|يسار|[[قصيدة البردة (البوصيري)|قصيدة البردة]] والتي اعتبرها كثير من المسلمين أنها أشهر قصيدة في [[مديح نبوي|المديح النبوي]]،<ref>البلسم المريح من شفاء القلب الجريح، عمر عبد الله كامل، ص7.</ref><ref>[[قصيدة البردة (البوصيري)|بردة البوصيري ـ دراسة تاريخية]]، [[محمد خالد ثابت]]، ص12-13، المقطم للنشر والتوزيع، القاهرة، ط2006.</ref> وقيل إنها أشهر قصيدة في الشعر العربي بين العامة والخاصة،<ref>[http://www.hasad.net/stations/3152-المدائح-النبوية.html '''صحيفة حصاد الإلكترونية:''' المدائح النبوية] تاريخ الوصول [[4 يوليو]] [[2011]].{{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20120527165951/http://www.hasad.net:80/stations/3152-المدائح-النبوية.html |date=27 مايو 2012}}</ref> كتبها [[البوصيري]] في أوائل القرن 7 الهجري الموافق القرن 11 الميلادي.]]

وقد وردت نصوص في كتب [[الحديث النبوي|الحديث]] تفيد بأنه كان يَرى من خلفه كما يرى من أمامه،<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، رقم: 418.</ref> وأنه يرى في الليل كما يرى بالنهار،<ref name="الأنوار-مكانته"/> وأنه لم يكن له ظلّ، وأنه أُعطي مفاتيح خزائن الأرض، وأن كل سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إلا سببه ونسبه،<ref>رواه [[شمس الدين الذهبي|الذهبي]]، في المهذب، ج5، ص2632، وقال عنه: إسناده صالح.</ref> وأنه [[شفاعة|يشفع]] للمسلمين [[نهاية الزمان|يوم القيامة]] في إدخالهم [[جنة|الجنة]]،<ref name="الأنوار-مكانته">الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص310-322، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> وأنه حيّ في قبره،<ref>قال النبي محمد «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون»، رواه [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، في الجامع الصغير، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 3089، وحسّنه. ورواه [[محمد ناصر الدين الألباني|الألباني]] في السلسلة الصحيحة، رقم: 621 وقال عنه: إسناده قوي.</ref> يردّ السّلام على من يسلّم عليه،<ref>قال النبي محمد «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام» رواه [[يحيى بن شرف النووي|النووي]] في المجموع، ج8، ص272، وصححه. وقال عنه [[ابن تيمية]] في اقتضاء الصراط المستقيم: على شرط [[مسلم بن الحجاج|مسلم]].</ref> وأن أعمال المسلمين تُعرض عليه فيستغفر لسيئها ويستحسن حسنها،<ref>قال النبي محمد «حياتي خير لكم وموتي خير لكم، تُعرض علي أعمالكم فما كان من حسن حمدت الله عليه وما كان من سيئ استغفرت الله لكم»، رواه [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]، في الخصائص الكبرى، عن [[عبد الله بن مسعود]]، ج2، ص281، وصححه. وقال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح.</ref> وأن [[الصلاة في الإسلام|الصلاة]] في [[المسجد النبوي|مسجده]] تعدل 1000 صلاة،<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]] عن [[أبو هريرة]]، رقم: 1190.</ref> وقد اعتبر عدد من علماء [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] زيارةَ قبره من أقرب القُرُبات إلى الله،<ref>[[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]، [[القاضي عياض]]، ج2، ص74.</ref><ref>قال [[يحيى بن شرف النووي|النووي]] في المجموع، ج8، ص204: «واعلم أن زيارة قبر رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} من أهم القربات وأنجح المساعي».</ref><ref>قال [[ابن قدامة|ابن قدامة المقدسي]] في [[كتاب المغني|المغني]]، ج3، ص599، دار الفكر، ط1984: «ويستحب زيارة قبل النبي {{صلى الله عليه وسلم}} لما روى [[الدارقطني]] بإسناده عن ابن عمر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي"».</ref> وأن قبره هو أفضل بقعة على الأرض [[إجماع (فقه)|بالإجماع]] كما نقله [[القاضي عياض]]،<ref>قال [[القاضي عياض]] في [[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]، ج2، ص58، دار الكتب العلمية، ط2006: «ولا خلاف أن موضع قبره أفضل بقاع الأرض». قال [[يحيى بن شرف النووي|النووي]] في المجموع شرح المهذب، ج8، ص476: «إنا حكينا أن [[القاضي عياض]] نقل الإجماع على أن موضع قبر النبي {{صلى الله عليه وسلم}} أفضل الأرض وأن الخلاف إنما هو فيما سواه، ولم أرَ لأصحابنا تعرّضَا لما نقله».</ref><ref>قال [[ابن عابدين الدمشقي|ابن عابدين]] في رد المحتار، ج9، ص169: «فما ضمّ أعضاءه الشريفة فهو أفضل بقاع الأرض بالإجماع».</ref><ref>قال [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]] في الحاوي للفتاوى، ج1، ص289، تحقيق: عبد اللطيف حسن عبد الرحمن، دار الكتب العلمية، ط2000: «فالآيات والأحاديث دلت على أن [[الكعبة|البيت]] هو المقصود الأعظم وهو أشرف من [[جبل عرفة|عرفة]] وسائر البقاع إلا القبر الشريف النبوي».</ref> ويعتقد بعض المسلمين بأن الله قد خلق العالم كله من أجله.<ref>قال [[ابن تيمية]] في مجموع الفتاوى، ج11، ص96، دار الوفاء، ط2005: «محمد {{صلى الله عليه وسلم}} سيد ولد آدم، وأفضل الخلق وأكرمهم عليه، ومن هنا قال من قال: إن الله خلق من أجله العالم أو أنه لولا هو لما خلق عرشًا ولا كرسيًا ولا سماءً ولا أرضًا ولا شمسًا ولا قمرًا».</ref> وكذلك انتشر بين المسلمين [[توسل (إسلام)|التوسل به]] في [[دعاء|دعائهم]]، معتقدين أن ذلك أرجى لاستجابة دعائهم من الله لما لمحمد من جاه ومكانة عند الله،<ref name="مفاهيم-توسل">مفاهيم يجب أن تُصحح، [[محمد علوي المالكي]]، ص123-133.، ط2005.</ref> وبعض هذه الأقوال رفضها علماء [[السلفية]]، حيث ينكر [[ابن تيمية]] و[[ابن عبد البر]] الإجماع الذي حكاه [[القاضي عياض]] في فضل قبر النبي على سائر البقاع وينحصر اعتقادهم في أن القبر قد شرف بمقام النبي،<ref>{{استشهاد ويب|مسار=https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=2172&idfrom=3474&idto=3475&flag=0&bk_no=22&ayano=0&surano=0&bookhad=0|عنوان=الكتب  - مجموع فتاوى ابن تيمية - الفقه - الزيارة - مسألة هل تفضل الإقامة في الشام على غيره من البلاد- الجزء رقم21|موقع=www.islamweb.net| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180929200409/http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3474&idto=3475&bk_no=22&ID=2172 | تاريخ أرشيف = 29 سبتمبر 2018}}</ref><ref>[نيل الأوطار » كتاب المناسك » أبواب ما يجتنبه المحرم وما يباح له » باب تفضيل مكة على سائر البلاد.]</ref> كما لا يرون جواز تخصيص قبر النبي بالزيارة مستندين لأقوال [[مالك بن أنس|للإمام مالك]] وعدد من علماء [[مالكية|المالكية]] و[[شافعية|الشافعية]] و[[حنابلة|الحنابلة]] على حرمة السفر لزيارة القبور.<ref>[https://www.dorar.net/article/281/حكم-السفر-لزيارة-قبر-النبي-صلى-الله-عليه-وسلم حكم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم علوي بن عبد القادر السَّقَّاف.] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170702184303/http://www.dorar.net:80/art/281 |date=02 يوليو 2017}}</ref> فيما يرى [[عبد العزيز بن باز|ابن باز]] القول بأن الله خلق الخليقة لأجل النبي من أقوال العامة وهو كلام باطل فاسد لا أساس له، وأن الله ما خلق الخليقة إلا لأجل عبادته.<ref>[https://binbaz.org.sa/fatwas/30339/الزعم-بان-الدنيا-بما-فيها-خلقت-من-اجل-الرسول-صلى-الله-عليه-وسلم الزعم بأن الدنيا بما فيها خلقت من أجل الرسول صلى الله عليه وسلم.] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150412190012/http://www.binbaz.org.sa/mat/4761 |date=12 أبريل 2015}}</ref>
[[ملف:Khalili Collection Islamic Art cal 0463.jpg|تصغير|[[حلية شريفة]]: اقتباس من القرآن من سورة البقرة، الآية 20، «إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» متكررة خمس مرات بترتيب دائري، في عمل فني يتوسطه اسم النبي «محمد»، وهي تعود لبدايات القرن العشرين.]]
ويعتبر [[الإسلام]] محبّةَ محمدٍ أصلاً من أصول [[الإسلام]]، وأحدَ شروط صحة الإيمان، وأن المسلمَ لا يبلغُ كمالَ الإيمانِ حتى يحبّ محمدًا أكثر من أي شيء آخر، يقول عن نفسه {{اقتباس مضمن|لا يؤمن أحدكم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه من والده وولده والنَّاس أجمعين}}.<ref>رواه [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 15.</ref> لذلك أحبه [[الصحابة|أصحابه]] والمسلمون حبًا شديدًا، حتى سُئل [[علي بن أبي طالب]] يومًا عن حبّهم لمحمد فقال {{اقتباس مضمن|كان والله أحبَّ إلينا من أموالنا وأولادنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظَّمأ}}،<ref name="الشفا2">[[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]، [[القاضي عياض]]، ج2، ص15-17، دار الكتب العلمية، ط2006.</ref> ولما احتضر [[بلال بن رباح]] أخذ يقول وهو يموت {{اقتباس مضمن|واطرباه، غدًا ألقى الأحبّة، محمدًا وحزبه}}، وكان أصحابه بعد موته لا يذكرونه إلا خشعوا واقشعرت جلودهم وبكوا، حبًا وشوقًا له.<ref name="الشفا2"/> وكان يقول محمد عن محبة أتباعه له من بعده {{اقتباس مضمن|من أشدّ أمّتي لي حُبًا، ناسٌ يكونون بعدي، يودّ أحدهم لو رآني بأهله وماله}}.<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، رقم: 2832.</ref>
[[ملف:Prophet Mohammad Mihrab.jpg|تصغير|يمين|200بك|محراب النبي محمد الذي كان يصلي فيه في [[المسجد النبوي]]، والذي يتدافع المسلمون عنده حرصًا منهم على الصلاة فيه.]]
[[ملف:Al-Masjid AL-Nabawi Door.jpg|تصغير|يسار|200بك|اسم النبي محمد منقوشًا على جميع بوابات [[المسجد النبوي]].]]
ثم إن المسلمين قد دأبوا على تعظيم محمد وإجلاله وإكرامه وتوقيره اتباعًا لأوامر [[الإسلام]]،<ref>في [[القرآن]] {{قرآن|الفتح|8|إلى آية=9}}.</ref> فكانوا في حياته لا ينادونه باسمه مجردًا،<ref name="روضة الطالبين-مكانته"/><ref>في [[القرآن]] {{قرآن|النور|29}}.</ref> ولا يرفعون أصواتهم فوق صوته،<ref>في {{قرآن|الحجرات|2}}.</ref> وكانوا في مجلسه كأنما على رؤوسهم الطير من الهيبة.<ref>رواه [[يحيى بن شرف النووي|النووي]] في الخلاصة، ج2، ص921.</ref> وكان من مظاهر تعظيمهم له أن كانوا [[تبرك|يتبركون]] به وبآثاره،{{ملا|في أسرار الآثار النبوية، لعماد الدين الحسيني، ص5: «التبرّك اصطلاحًا هو طلب الحصول على الخير والبركة على وجه السبب».}} فكانوا يتبركون بفضل ماء وضوءه، وبعرقه، وبثيابه، وآنيته، وبمسّ جسده، وبموضع قدمه<ref name="مفاهيم-التبرك">مفاهيم يجب أن تُصحح، [[محمد علوي المالكي]]، ص232-257.، ط2005.</ref> وبماء جبّته، وبشعراته، وكانوا يستشفون بها من المرض.<ref>[[صحيح البخاري]]، رقم: 5896.</ref><ref name="أسرار">أسرار الآثار النبوية، عماد الدين جميل حليم الحسيني، ص6، دار المشاريع، ط2007.</ref> وكان [[خالد بن الوليد]] يحتفظ بشعرات للنبي محمد في مقدمة قلنسوته،<ref>سير أعلام النبلاء، [[شمس الدين الذهبي|الذهبي]]، ج2، ص402-410، دار البيان الحديثة.</ref> وكانت [[أسماء بنت أبي بكر]] تحتفظ بجبّته بعد موته وتقول {{اقتباس مضمن|كان النبي {{صلى الله عليه وسلم}} يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يُستشفى بها}}.<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]] عن عبد الله بن كيسان، رقم: 2069.</ref> وكان [[عبد الله بن عمر بن الخطاب|عبد الله بن عمر]] يتتبع الأماكن التي كان يصلي بها النبي محمد، فيصلي فيها.<ref>[[صحيح البخاري]]، رقم: 483.</ref><ref>[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=331&idfrom=918&idto=921&flag=0&bk_no=52&ayano=0&surano=0&bookhad=0 فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني] تاريخ الوصول [[12 يوليو]] [[2011]]. {{استشهاد ويب |مسار=http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=918&idto=921&bk_no=52&ID=331 |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=12 يوليو 2011 |تاريخ أرشيف=29 سبتمبر 2018 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20180929195605/http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=918&idto=921&bk_no=52&ID=331 |حالة المسار=bot: unknown }}</ref>

ويُكثر المسلمون من تسمية أبناءهم باسم {{اقتباس مضمن|محمد}}، إذ تشير الإحصائيات بأن اسم {{اقتباس مضمن|محمد}} هو الاسم الأكثر شيوعًا في العالم،<ref>[http://women.timesonline.co.uk/tol/life_and_style/women/families/book_of_names/article1183264.ece '''ذا تايمز:''' محمد.. الاسم الأكثر شعبية في العالم؟] تاريخ الوصول [[4 يوليو]] [[2011]]. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20110809105725/http://women.timesonline.co.uk/tol/life_and_style/women/families/book_of_names/article1183264.ece |date=09 أغسطس 2011}}</ref> وأكثر الأسماء للمواليد الجدد في [[المملكة المتحدة|بريطانيا]] سنة [[2009]].<ref>[https://www.telegraph.co.uk/news/religion/6194354/Mohammed-is-most-popular-name-for-baby-boys-in-London.html '''تيليغراف:''' محمد هو الاسم الأكثر شعبية بالنسبة للأطفال الذكور في لندن] تاريخ الوصول [[4 يوليو]] [[2011]]. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20180121065009/http://www.telegraph.co.uk/news/religion/6194354/Mohammed-is-most-popular-name-for-baby-boys-in-London.html |date=21 يناير 2018}}</ref> وقد اعتاد معظم المسلمين في كل البلاد الإسلامية منذ القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي، على الاحتفال [[المولد النبوي|بمولد محمد]]،<ref>حسن المقصد في عمل المولد، [[جلال الدين السيوطي]]، ص5.</ref> فيقيمون مجالسَ لسماع سيرته، و[[الصلاة على النبي|الصلاة والسلام عليه]]، وسماع [[مديح نبوي|المدائح في حقه]]، وذلك في كل أوقات العام وعند كل فرصة يقع فيها فرح أو سرور، ويزداد ذلك في شهر مولده [[ربيع الأول]]، وفي يوم مولده وهو الإثنين،<ref name="حول المولد1">حول المولد النبوي الشريف، [[محمد علوي المالكي]]، ص11-12، دار جوامع الكلم، ط1997.</ref> فيما ينكر أتباع [[السلفية]] مثل هذه الاحتفالات باعتبارها [[بدعة]] دخيلة على [[الإسلام]]. وكذلك انتشر بين المسلمين لون من ألوان [[شعر عربي|الشعر العربي]] الخاص بمدح محمد وذكر خصائصه وفضائله ونظم سيرته، ما عُرف [[مديح نبوي|بالمديح النبوي]]، حيث يُرجع الباحثون نشأته في حياة محمد، إذ كان يمدحه أصحابه مثل [[حسان بن ثابت]] و[[كعب بن زهير]]،<ref name="الرياض-المدائح"/> ولكنه ازدهر مع الشعراء المتأخرين وخاصة مع [[البوصيري]] في القرن السابع الهجري بقصيدته [[قصيدة البردة (البوصيري)|البردة]]،<ref>المدائح النبوية في الأدب العربي، زكي مبارك، ص17، منشورات المكتبة العصرية، صيدا بيروت، ط1935.</ref> والتي تُعد من أهم قصائد المديح، وأكثرها انتشارًا،<ref name="الرياض-المدائح">[http://www.alriyadh.com/10950 '''صحيفة الرياض:''' المدائح النبوية.. خيوط نورانية تصل ماضي الأدب العربي بحاضره] تاريخ الوصول [[13 يوليو]] [[2011]]. {{استشهاد ويب |مسار=http://www.alriyadh.com/2005/01/24/article10950.html |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=13 يوليو 2011 |تاريخ أرشيف=29 مارس 2014 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20140329105703/http://www.alriyadh.com/2005/01/24/article10950.html |حالة المسار=bot: unknown }}</ref> وقد ازدادت شهرتها إلى أن صار الناس يتدارسونها في البيوت والمساجد كالقرآن.<ref>المنح المكية في شرح الهمزية للبوصيري، [[ابن حجر الهيتمي]]، ج1، ص106.</ref> ويعمل المسلمون على تمييز اسم محمد عند حديثهم عنه، فعادة ما يُشار إليه «رسول الله» أو «سيّدنا محمد» أو «النبي»، ويتبعون اسمه [[الصلاة على النبي|بالصلاة والسلام عليه]] بقولهم «عليه الصلاة والسلام» أو «صلّى الله عليه وسلّم» أو «صلى الله عليه وآله وسلم» وغيرها من الصلوات الأخرى، اتباعًا لأمر قرآني بالصلاة عليه فضلاً عن وجود أحاديث تحثّ على ذلك وتحذّر من تركها،<ref>قال النبي محمد «من صلى عليّ صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى عليّ فليقلّ عبد من ذلك أو ليكثر» رواه [[الدمياطي]]، في المتجر الرابح، رقم: 246، وقال عنه: حسن.</ref> قال {{اقتباس مضمن|أولى الناس بي [[نهاية الزمان|يوم القيامة]] أكثرهم عليّ صلاة}}.<ref>رواه [[أبو عيسى محمد الترمذي|الترمذي]] في [[سنن الترمذي|سننه]]، رقم: 484، وقال عنه: حسن غريب.</ref>

يؤمن المسلمون أن محمد هو خاتم الأنبياء؛ لذلك يعتقدون بورود اسمه بشكل صريح أو بالإشارة إليه في عدة مواضع في [[الكتاب المقدس]] بعهديه [[العهد القديم|القديم]] و[[العهد الجديد|الجديد]]، يعتقد علماء المسلمين أن اسمه قد ذُكر في [[سفر نشيد الأنشاد|سفر نشيد الإنشاد]] الإصحاح الخامس عدد 16 حيث ورد في النسخة الأصلية بالعبرية النص التالي:<<חִכּוֹ, מַמְתַקִּים, וְכֻלּוֹ, מַחֲמַדִּים; זֶה דוֹדִי וְזֶה רֵעִי, בְּנוֹת יְרוּשָׁלִָם>> <ref>[http://www.mechon-mamre.org/p/pt/pt3005.htm النسخة الاصاليه بالعبريه ] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170228154547/http://mechon-mamre.org/p/pt/pt3005.htm |date=28 فبراير 2017}}</ref>، وبحسب [[لسانيات|علماء اللغويات]] فإن كلمة מַחֲמַדִּ بالعبرية تعني حلاوة أو مسرّات،<ref>name="HessWenham1998">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=Richard S. Hess|مؤلف2=Gordon J. Wenham|عنوان=Make the Old Testament Live: From Curriculum to Classroom|مسار=https://books.google.com/books?id=J2IaCV-fon4C&pg=PA139|تاريخ الوصول=4 April 2013|سنة=1998|ناشر=Wm. B. Eerdmans Publishing|الرقم المعياري=978-0-8028-4427-9| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20160610052916/https://books.google.com/books?id=J2IaCV-fon4C&pg=PA139 | تاريخ أرشيف = 10 يونيو 2016}}</ref> بينما يعتبر علماء المسلمين أن الكلمة تعني محمد، كما يرى علماء المسلمين أنه صفاته ذُكرت في [[سفر إشعيا]] الإصحاح 21 عدد 13: <<وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ، يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ.>> <ref>[https://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?book=29&chapter=21 سفر إشعياء 21 ] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20180114183703/https://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?book=29&chapter=21 |date=14 يناير 2018}}</ref><br />كما يفسر علماء المسلمين أن سفر إشعيا الأصحاح 29 عدد 12 قد ذكر أن النبي محمد كان أُمياً لا يعرف القراءة، وهذا النص بالعبري <<וְנִתַּן הַסֵּפֶר, עַל אֲשֶׁר לֹא-יָדַע סֵפֶר לֵאמֹר—קְרָא נָא-זֶה; וְאָמַר, לֹא יָדַעְתִּי סֵפֶר>><ref>[http://www.mechon-mamre.org/p/pt/pt1029.htm النسخة الأصلية بالعبريه] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20161221051125/http://www.mechon-mamre.org/p/pt/pt1029.htm |date=21 ديسمبر 2016}}</ref> والترجمة: <<ثمَ تُناوِلونَهُ لِمَنْ لا يَعرِفُ القِراءةَ وتقولونَ لَه: «اقرأْ هذا». فيُجيبُ: «لا أعرِفُ القِراءةَ».>>

=== وجهة نظر الوثنيين العرب ===
اختلفت آراء الوثنيين العرب في محمد فكانوا يمدحونه قبل إعلان النبوة بسبب صدقه وأمانته كما مدح بعضهم [[القرآن]] مثل [[الوليد بن المغيرة]] فقال في وصفه {{اقتباس مضمن|لا هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وما يقول هذا بشر.}} بينما اتهمه آخرون بأنه ساحر وكاهن ومجنون وكذاب وشاعر وغير ذلك من الاتهامات.<ref>https://www.alukah.net/sharia/0/95690/%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-%D8%B5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%87%D8%A7%D9%86%D8%A9/ {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20221031140955/https://www.alukah.net/sharia/0/95690/%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-%D8%B5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%87%D8%A7%D9%86%D8%A9/|date=2022-10-31}}</ref><ref>{{استشهاد ويب|مسار= http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura69-aya41.html|عنوان=القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الحاقة - الآية 41<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-03-09|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20220812025753/https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura69-aya41.html|تاريخ أرشيف=2022-08-12}}</ref>

وقد اتهموا [[القرآن]] بأنه أساطير الأولين {{اقتباس مضمن|وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}} أو أنه قول [[شيطان]] {{اقتباس مضمن|وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ}}.<ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://www.islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&idfrom=3569&idto=3569&bk_no=50&ID=3595|عنوان=إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الفرقان - القول في تأويل قوله تعالى " وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا "- الجزء رقم19<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-07-08|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20210927041650/https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&idfrom=3569&idto=3569&bk_no=50&ID=3595|تاريخ أرشيف=2021-09-27}}</ref>

=== وجهة نظر اليهودية ===
{{مفصلة|النظرة اليهودية لمحمد}}
يوجد تقليد في [[اليهودية]] يعترف بوجود أنبياء غير يهود أرسلهم الله من أجل هداية شعوبهم للتوحيد، ومنهم مثلاً [[بلعام بن باعوراء|بلعام]] و[[أيوب]] الذين لم يكونا من العبرانيين. وقد اختلفت وجهات نظر كبار علماء الدين [[يهود|اليهود]] في محمد بدرجة كبيرة، فرأى [[حاخام|الحبر]] [[يهود اليمن|اليهودي اليمني]] [[يعقوب بن نثنائيل|نثنائيل بن الفيومي]] في كتابه «بستان العقول» أن الله قد يرسل أنبياء لا تتفق رسالتهم مع المعتقدات التي أتى بها الأنبياء [[يهود|اليهود]]. ويعتبر [[يعقوب بن نثنائيل|الفيومي]] محمد نبياً صادقاً ووصفه ب"الصالح"،<ref>كتاب بستان العقول، ص38.
</ref> غير أن رسالته موجهة إلى [[عرب|العرب]] بشكل خاص وليست [[يهود|لليهود]] وذلك لتعارضها مع [[التوراة]].<ref>The Bustan al-Ukul, by Nathanael ibn al-Fayyumi, edited and translated by David Levine, Columbia University Oriental Studies Vol. VI, p. 105</ref><ref>''Gan ha-Sekhalim'', ed. Kafih (Jerusalem, 1984), ch. 6.</ref> غير أنه من الملاحظ أن نظرة [[يعقوب بن نثنائيل|الفيومي]] لم تلق قبولاً واسعاً بين [[يهود|اليهود]] في عصره؛ لكون محمد أعلن عمومية رسالته لجميع البشر بما فيها [[يهود|اليهود]] أنفسهم.<ref>Abraham's children: Jews, Christians, and Muslims in conversation, by Norman Solomon, Richard Harries, Tim Winter, T&T Clark Int'l, 2006, ISBN 0-567-08161-3, p. 137 ''Netanel's work was virtually unknown beyond his native Yemen until modern times, so had little influence on later Jewish thought''</ref>

ويرى [[موسى بن ميمون]] أهم اللاهوتيين اليهود في [[العصور الوسطى]] أن محمدا قد انتقى بعض التعاليم [[اليهودية]] في رسالته وأضاف إليها عبادات أخرى. ويرى ميمون أن محمداً كان نبياً كاذباً ويعتبر ادعاءه النبوة غير ذي مصداقية لأنه يخالف التقليد التوراتي اليهودي.<ref>[https://www.aishdas.org/student/navi.htm Prophet: True or False?], Gil Student {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20161116234400/http://www.aishdas.org:80/student/navi.htm |date=16 نوفمبر 2016}}</ref> كما يرى أن كون الرسول أمياً يمنعه من الوصول لمرتبة الأنبياء.<ref>[https://www.myjewishlearning.com/article/jewish-views-on-islam/ Jewish Views on Islam], Marc B. Shapiro {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150318060224/http://myjewishlearning.com/beliefs/Issues/Jews_and_Non-Jews/Attitudes_Toward_Non-Jews/Islam.shtml |date=18 مارس 2015}}</ref>

=== وجهة نظر المسيحية ===
{{مفصلة|نظرات مسيحية إلى محمد في العصور الوسطى}}
يعتبر [[يوحنا الدمشقي]] ([[676]]-[[749]]م) أول من أعطى رأيًا مسيحيًا عنه، ففي كتابه «ينبوع الحكمة» اعتبره نبيًا كاذبًا تأثر ب[[هرطقة|الهرطقة]] [[آريوسية|الآريوسية]] بعد لقائه بالراهب [[بحيرى]] واستعمل القرآن لتغطية آثامه، واعتبر أن الراهب [[نسطورية|النسطوري]] "بحيرى" ساعد محمد على كتابة [[القرآن]] وكذلك حال [[ورقة بن نوفل]]، نافيًا مصدره الإلهي وقدسيته، واعتبر أن المشابهة بينه وبين نصوص [[الكتاب المقدس]] إنما هي مشابهة ضحلة بما قلَّتْ قيمته من أسفار العهدين القديم والجديد، وفي كتابه "[[هرطقة|الهراطقة]]" أعتبر [[الإسلام]] فرقة من [[المسيحية]] [[هرطقة|المهرطقة]]، وسرد [[يوحنا الدمشقي|الدمشقي]] قائمة مائة هرطقة ظهرت بين القرن الأول والقرن السابع، ونال [[الإسلام]] الترتيب مئة في تصنيف الدمشقي. دعم [[يوحنا الدمشقي|الدمشقي]] أطروحة حول الآثار [[المسيحية]] و[[الكتاب المقدس|الكتابية]] في [[القرآن]].
<ref>Klaus Hock، Der Islam im Spiegel westlicher Theologie، S: 99، 101، 112. Deutschland 1989.</ref>
<ref>[http://orthodoxinfo.com/general/stjohn_islam.aspx St. John of Damascus’s Critique of Islam], Orthodox Christian Information Centre {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170706091527/http://orthodoxinfo.com:80/general/stjohn_islam.aspx |date=06 يوليو 2017}}</ref> وتعتبر أعماله هي الأساس الذي اعتمد عليه اللاهوتيون الغربيون في انتقاد الإسلام. وفي القرن التاسع قد كتب عالم مسيحي لاتيني يُدعي ألفاروس [[القرطبي]] سيرة حول محمد،<ref>"Muhammad." Encyclopædia Britannica. 2007. Encyclopædia Britannica Online. 10 Jan. 2007,</ref> وأعلن فيها أنه [[المسيح الدجال]].<ref name="مولد تلقائيا6">Kenneth Meyer Setton (July 1, 1992). "[http://books.google.com/books?vid=ISBN0871692015&id=hk4LAAAAIAAJ&printsec=titlepage Western Hostility to Islam and Prophecies of Turkish Doom]". DIANE Publishing. pg 4-15 {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20231003172709/http://books.google.com/books?vid=ISBN0871692015&id=hk4LAAAAIAAJ&printsec=titlepage|date=2023-10-03}}</ref> وفي وقت لاحق من القرن الثاني عشر اعتبر بطرس الملقب ب"المحترم" أن محمداً هو السابق [[المسيح الدجال|للمسيح الدجال]] والمحضر له وأنه خليفة [[آريوس]]،<ref name="مولد تلقائيا6" /> وقد أمر بترجمة [[القرآن]] إلى [[اللغة اللاتينية|اللاتينية]]، وبجمع معلومات عن محمد من أجل أن يقوم علماء [[المسيحية]] بتفنيد [[الإسلام]].<ref>{{استشهاد ويب|مسار=https://web.archive.org/web/20200126131857/https://academic.eb.com/|عنوان=Britannica Academic<!-- عنوان مولد بالبوت -->|تاريخ الوصول=2023-12-06}}</ref>

أعتقد علماء [[العصور الوسطى|القرون الوسطى]] في [[غرب|الغرب]] ورجال الكنيسة بأن [[الإسلام]] من اختراع محمد والذي بدوره كان يوحى إليه من [[شيطان|الشيطان]] لتدمير [[المسيحية]] وخطة الله في [[الخلاص]]. وكثيرًا ما كان الدعاة [[مسيحيون|المسيحيون]] في الغرب يظهرون صورة سلبية لمحمّد، ويعطونه تفسيراً مختلفاً عن التفسير الإسلامي، يقومون بتدريسه ونشره.<ref name="meyer1">Kenneth Meyer Setton (July 1, 1992). "[http://books.google.com/books?vid=ISBN0871692015&id=hk4LAAAAIAAJ&printsec=titlepage Western Hostility to Islam and Prophecies of Turkish Doom]". DIANE Publishing. ISBN 0-87169-201-5. pg 1-5 {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160527141730/https://books.google.com/books?vid=ISBN0871692015&id=hk4LAAAAIAAJ&printsec=titlepage|date=27 مايو 2016}}</ref> فعلى سبيل المثال ومن أجل إظهار أن النبي كان "ضد المسيح" الذي ذُكر في [[رؤيا يوحنا|سفر الرؤيا]]، جرى التأكيد على أنه قد مات في سنة [[666]] ([[عدد الوحش|رقم الوحش]] في المعتقدات الغربية) وليس في سنة 632. وفي قصة أخرى مبنية على الرقم "666" كان يعتقد أن المسلمين سيحكمون في الأرض بعدد ذلك من السنين.<ref name="meyer2"/> وكتعبير عن رفضهم لفكرة الإسلام، قاموا بتحريف اسمه من محمد إلى "[[مهاوند]] (Mahound)"، «الشيطان المتجسد».<ref>Reeves (2003), p.3</ref>

غير أن النظرة المشرقية لمحمد اتسمت بانفتاح أكبر، فعندما سأل [[الدولة العباسية|الخليفة العباسي]] [[أبو عبد الله محمد المهدي|المهدي]] بطريرك [[كنيسة المشرق]] [[طيموثاوس الأول|طيماثيوس الأول]] عن رأيه في محمد، أجاب:«كان يمشي على خُطى الأنبياء».<ref>[http://books.google.com/books?id=E6SIe0ommuYC&pg=PA169 Modern Western Christian theological understandings of Muslims since the Second Vatican council], Mahmut Aydin {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150407235003/http://books.google.com/books?id=E6SIe0ommuYC&pg=PA169 |date=07 أبريل 2015}}</ref> كما أثنى [[طيموثاوس الأول|طيماثيوس]] على محمد لكونه «أعدل شعبه عن عبادة الأوثان إلى معرفة الله الواحد».<ref>{{استشهاد بكتاب|الأخير=Jenkins|الأول=Philip|عنوان=The Lost History of Christianity: The Thousand-Year Golden Age of the Church in the Middle East, Africa, and Asia--and How It Died|سنة=2009|ناشر=HarperCollins|الرقم المعياري=9780061472817|صفحة=185|مسار= http://books.google.nl/books?id=HROUhIrWepYC|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20150402145027/http://books.google.nl/books?id=HROUhIrWepYC|تاريخ أرشيف=2015-04-02}}</ref> غير أن الصدامات اللاحقة مع المسلمين في [[الأندلس]] و[[فلسطين]] أدت إلى ظهور تيار مغالي في انتقاد [[الإسلام]] واشتد هذا التيار بعد حروب [[أوروبا|الأوروبيين]] مع [[الدولة العثمانية|العثمانيين]] خاصة لدى المصلحين [[بروتستانتية|البروتستانت]]؛ فقارن [[مارتن لوثر]] محمدًا [[بابوية كاثوليكية|ببابا روما]] من حيث السوء ووصفه {{اقتباس مضمن|بالابن البكر للشيطان}}.<ref>[https://www.ccel.org/ccel/schaff/hcc4.i.iii.x.html Christian Polemics against Mohammedanism.], Christian Classics Ethereal Library {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160304203800/http://www.ccel.org/ccel/schaff/hcc4.i.iii.x.html |date=04 مارس 2016}}</ref>

وصف [[اللاهوت الدفاعي|الدفاعيون]] الكاثوليك محمدًا في مطلع القرن العشرين على أنه مصلح اجتماعي، غير أن رسالته انطلقت من فهم خاطئ [[اليهودية|لليهودية]] و[[المسيحية]]. وأشاد «[[هيلاير بيلو|هيلير بيلوك]]» أحد أبرز الدفاعيين الكاثوليك في مطلع القرن العشرين برسالة الرسول التي وضعت مكانة خاصة للمسيح وأمه [[مريم بنت عمران|مريم]]، غير أنه اعتبر أنه لم يأت بديانة جديدة بل رأى أن الإسلام [[هرطقة]] يهودية/مسيحية دمجت بها بعض من ديانات العرب.<ref>[https://www.catholic.com/thisrock/2003/0305clas.asp The Great and Enduring Heresy of Mohammed], [[هيلاير بيلو]] {{وصلة مكسورة|date= يوليو 2017 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20100420103225/http://www.catholic.com:80/thisrock/2003/0305clas.asp |date=20 أبريل 2010}}</ref> ومنذ انعقاد [[المجمع الفاتيكاني الثاني]] ظهرت أصوات داخل [[الكنيسة الرومانية الكاثوليكية|الكنيسة الكاثوليكية]] تدعو للاعتراف بنبوة محمد في ظل التقاليد المسيحية وذلك لخلق فرصة أكبر للحوار مع [[الإسلام]]. ويشبه [[وليام مونتغمري واط|مونتغمري وات]] محمد بأنبياء العبرانيين في كتابه «حقيقة دينية لعصرنا»:<ref>[http://books.google.com/books?id=E6SIe0ommuYC&pg=PA173 Modern Western Christian theological understandings of Muslims since the Second Vatican council], Mahmut Aydin {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150409035901/http://books.google.com/books?id=E6SIe0ommuYC&pg=PA173 |date=09 أبريل 2015}}</ref>
{{اقتباس|كان محمد نبيًا يمكن مشابهته بأنبياء [[العهد القديم]]، على أن وظيفته اختلفت قليلًا. فبينما انتقد هؤلاء حياد العبرانيين عن ديانتهم، كان على محمد أن يجلب معرفة الله لأشخاص لم يكن لهم سابقًا علم بها. فبهذا المنطلق تشبه وظيفته وظيفة [[موسى]] حيث تم بواسطتهما نقل شريعة إلهية لشعبيهما.}}

=== وجهة نظر الغرب ===
تقول الناقدة والباحثة السورية «[[رنا قباني]]» أنه خلال [[العصور الوسطى|القرون الوسطى]] لم تكن الحرب بين [[أوروبا]] و[[الإسلام]] عسكرية منحصرة في [[تركيا]] أو [[إسبانيا]]، بل كانت حربًا ثقافية أيضًا، فالغرب دأب منذ [[القرن 12|القرن الثاني عشر]] على اختبار [[الإسلام]] ليس كحضارة بل كقوة غازية،<ref name="أساطير1">أساطير أوروبا عن الشرق: لفّق تسد، رنا قباني، ص35-39، دار طلاس، دمشق، ط1994.</ref> فأدّى ذلك بالإضافة إلى انتشار الجهل وغياب الدقة في [[ترجمة|الترجمة]] واختلاق الأساطير والميل نحو المثير - كما تبرر قباني - إلى إنتاج موروث أدبي معاد للإسلام كان أحد أوجهه الاعتقاد بكون النبي محمد «عدو [[يسوع|للمسيح]]»،<ref>أساطير أوروبا عن الشرق: لفّق تسد، رنا قباني، ص19، دار طلاس، دمشق، ط1994.</ref> وتصويره بطريقة مُسفة تحمل في ثناياها مقدارًا كبيرًا من الإمعان في الأسطورة، وتعزيز لنظرية العداوة.<ref name="أساطير1"/> حتى أنّ «[[جيرالد الويلزي]]» أحد أوائل الإنكليز الذين كتبوا حول [[الإسلام]]، قال بأنه ثمّة خطة إسلامية للقضاء على [[المسيحية]].<ref name="أساطير1"/>

مع عصر التنوير في [[القرن 17|القرن السابع عشر]] وظهور العلاقات التجارية المميزة بين [[أوروبا]] و[[الدولة العثمانية]]، وما رافقها من زيارات لأوروبيين أو تجار إلى مدن الشرق أخذت الصورة عن [[الإسلام]] والنبي تتغير، وأخذت أوروبا تنتج موروثًا جديدًا، قال «[[فكتور هوغو|فيكتور هوغو]]» عام [[1829]] {{اقتباس مضمن|إنّ الدراسات عن الشرق تمضي قدمًا، وبينما كنا في السابق إغريقيي الهوى أصبحنا استشراقيين}}،<ref name="أساطير2"/> وهذه «الدراسات عن الشرق» التي عاصرت ميلاد الحركة العلمية والنقدية في أوروبا أنصفت النبي محمد، فقد قال عنه الشاعر الفرنسي [[ألفونس دو لامارتين|ألفونس دي لامارتين]] {{اقتباس مضمن|أترون أن محمدًا كان صاحب خداع وتدليس، وصاحب باطل وكذب؟! كلا. بعدما وعينا تاريخه، ودرسنا حياته، فإنَّ الخداع والتدليس والباطل والإفك، كل تلك الصفات هي ألصق بمن وصف محمدًا بها}}.<ref name="الغربيين">[http://www.islamstory.com/شهادة-المنصفين-من-الغربيين-على-صدق-نبوة-الرسول#_ftn13 شهادة المنصفين من الغربيين على صدق نبوة الرسول]، تاريخ الوصول [[19 يوليو]] [[2011]]. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160411112948/http://islamstory.com/شهادة-المنصفين-من-الغربيين-على-صدق-نبوة-الرسول |date=11 أبريل 2016}}</ref> وقال عنه المؤرّخ الإسكتلندي [[وليم موير]] {{اقتباس مضمن|امتاز محمد بوضوح كلامه، ويسر دينه، وأنه أتم من الأعمال ما أدهش الألباب، لم يشهد التاريخ مصلحًا أيقظ النفوس، وأحيا الأخلاق الحسنة، ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل محمد}}.<ref name="الغربيين"/><ref>حياة محمد، وليم موير، ص31.</ref> اعتبره الكاتب [[يهود|اليهودي]] [[مايكل هارت]] أعظم الشخصيّات أثرًا في تاريخ الإنسانية كلّها باعتباره «الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحًا مطلقًا على المستوى الديني والدنيوي».<ref>[[الخالدون المئة (كتاب)|الخالدون المئة]]، [[مايكل هارت]]، ترجمة: [[أنيس منصور]]، ص13، المكتب المصري الحديث.</ref> وهذا لا ينفي أن بضعًا من البحّاثة الأوروبيين ظل محتفظًا وبنسب متفاوتة بصورة القرون الوسطى التقليدية، غير أن أهميتها وتأثيرها على الشارع العام أخذ بالانحسار.<ref name="أساطير2">أساطير أوروبا عن الشرق: لفّق تسد، رنا قباني، ص107، دار طلاس، دمشق، ط1994.</ref> واستمرّ ذلك خلال [[القرن 20|القرن العشرين]]، إلا أنه وفي أعقاب [[هجمات 11 سبتمبر|هجمات الحادي عشر من سبتمبر]] تصاعدت موجة [[رهاب الإسلام|خوف من الإسلام]] بسبب الخلط بين تصرفات المتطرفين الإسلاميين ورسالة [[الإسلام]] بشكل عام.<ref>[http://www.alyaumonline.com/News/art/8574.html?print&output_type=rss&output_type=rss&output_type=rss&output_type=rss '''موقع اليوم:''' الغرب والإسلام فوبيا، رؤية المفكرين]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]]. {{استشهاد ويب |مسار=http://www.alyaum.com/News/art/8574.html?print&output_type=rss&output_type=rss&output_type=rss&output_type=rss |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=17 سبتمبر 2020 |تاريخ أرشيف=17 سبتمبر 2020 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20200917095025/http://www.alyaum.com/News/art/8574.html?print&output_type=rss&output_type=rss&output_type=rss&output_type=rss |حالة المسار=bot: unknown }}</ref><ref>[https://www.aljazeera.net/nr/exeres/6ec17fc7-6961-4e7b-b452-889186d3b3b3.htm '''الجزيرة نت:''' المسلمون الأميركيون وآثار أحداث سبتمبر]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]]. {{استشهاد ويب |مسار=http://www.aljazeera.net/NR/exeres/6EC17FC7-6961-4E7B-B452-889186D3B3B3.htm |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=20 يوليو 2011 |تاريخ أرشيف=19 أكتوبر 2008 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20081019075329/http://www.aljazeera.net/NR/exeres/6EC17FC7-6961-4E7B-B452-889186D3B3B3.htm |حالة المسار=bot: unknown }} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-10-13|bot=JarBot}}</ref> فظهر فئات من الغرب يُرجعون سبب العنف الموجود في [[العالم الإسلامي]] إلى تعاليم محمد، فأنتجوا أعمالاً ينتقدون فيها محمدًا مثل كتاب نبي الخراب، و[[فتنة (فيلم)|فيلم فتنة]]، و[[الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد في صحيفة يولاندس بوستن|الرسوم الكاريكاتورية في صحيفة يولاندس بوستن]].

=== وجهات نظر أخرى ===
* [[البابية]] و[[البهائية]] و[[الجماعة الأحمدية|الأحمدية]] تعتبر محمدًا أحد الأنبياء والرسل، لكنه ليس آخرهم، فهناك من بعده حسب رأيهم [[علي محمد الشيرازي|الباب]] و[[بهاء الله|البهاء]] و[[غلام أحمد القادياني]].<ref name="الأحمدية">[https://www.islamahmadiyya.net/show_page.asp?content_key=12&article_id=46&content_key=12&article_id=46#362 '''موقع الأحمدية:''' خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]]. {{وصلة مكسورة|date= يوليو 2017 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160330111907/http://islamahmadiyya.net/show_page.asp?content_key=12&article_id=46 |date=30 مارس 2016}}</ref><ref>[https://www.bahai.org/ar/beliefs/ '''الجامعة البهائية العالمية:''' من تعاليم الدين البهائي]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]]. {{استشهاد ويب |مسار=http://info.bahai.org/arabic/teachings.html |عنوان=نسخة مؤرشفة |تاريخ الوصول=20 يوليو 2011 |تاريخ أرشيف=9 أبريل 2015 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20150409142709/http://info.bahai.org/arabic/teachings.html |حالة المسار=bot: unknown }}</ref><ref>[http://www.islamstory.com/البابية_فرقة_ضالة#_ftn5 '''قصة الإسلام:''' البابية]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]]. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160305222237/http://islamstory.com/البابية_فرقة_ضالة |date=5 مارس 2016}}</ref>
* في ديانة [[ثيليما|الثيليما]] يعد محمد أحد قديسي «الكنيسة المعرفية الكاثوليكية».
* يعده [[الغورو ناناك|ناناك]] مؤسس الديانة [[السيخية]] أحد رسل [[براهما|البراهما]] (إله الخلق في [[الهندوسية]]).<ref>Peter Teed (1992), p.424</ref>
* كما تعتبره [[كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة]] من الإصلاحيين، مثله مثل [[كونفوشيوس]]، وكذلك الفلاسفة مثل [[سقراط]] و[[أفلاطون]] وغيرهم، وسيأخذون الجزاء عند الله على ضوء القيم الأخلاقية التي أعطيت لهم، ولدعوتهم للتنوير وتحقيق مستوى أعلى من التفاهم بين الناس.<ref>[https://www.churchofjesuschrist.org/portal/site/LDSOrg/menuitem.b12f9d18fae655bb69095bd3e44916a0/?lang=eng&_r=1&hideNav=1&locale=0&sourceId=bbaba1615ac0c010VgnVCM1000004d82620a____&vgnextoid=2354fccf2b7db010VgnVCM1000004d82620aRCRD A Latter-day Saint Perspective on Muhammad - James A. Toronto]، تاريخ الوصول [[19 نوفمبر]] [[2007]]. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200324224338/https://www.churchofjesuschrist.org/portal/site/LDSOrg/menuitem.b12f9d18fae655bb69095bd3e44916a0/?lang=eng&_r=1&hideNav=1&locale=0&sourceId=bbaba1615ac0c010VgnVCM1000004d82620a____&vgnextoid=2354fccf2b7db010VgnVCM1000004d82620aRCRD |date=24 مارس 2020}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-10-13|bot=JarBot}}</ref>

== مقالات ذات صلة ==
{{أعمدة متعددة|100%}}
* [[القرآن]]
* [[الحديث النبوي]]
* [[الحديث القدسي]]
* [[صحيح البخاري]]
* [[صحيح مسلم]]
* [[المولد النبوي]]
* [[مديح نبوي|المديح النبوي]]
* [[التوحيد في الإسلام|توحيد]]
{{فاصل أعمدة متعددة}}
* [[حنيفية]]
* [[الإسلام]]
* [[أركان الإسلام]]
* [[أسماء الله الحسنى]]
* [[الكعبة]]
* [[النبوة في الإسلام|قائمة الأنبياء]]
* [[رسائل النبي محمد|رسائل محمد]]
* [[غزوات الرسول محمد|غزوات الرسول]]
{{فاصل أعمدة متعددة}}
* [[الخلافة الراشدة]]
* [[الدولة الأموية|الخلافة الأموية]]
* [[الدولة العباسية|الخلافة العباسية]]
* [[الدولة العثمانية|الخلافة العثمانية]]
* [[الطب النبوي]]
* [[السيرة المتشرعة]]
* [[مكة]]
* [[المدينة المنورة]]
{{فاصل أعمدة متعددة}}
* [[أبو بكر الصديق]]
* [[عمر بن الخطاب]]
* [[عثمان بن عفان]]
* [[علي بن أبي طالب]]
* [[أبو هريرة]]
* [[خالد بن الوليد]]
* [[طلحة بن عبيد الله]]
* [[الصحابة]]
{{نهاية أعمدة متعددة}}

== الملاحظات ==
{{ملاحظات}}

== المراجع ==
{{مراجع}}

== وصلات خارجية ==
{{روابط شقيقة|commons=Muhammad}}
* {{روابط فنية}}
;مواقع إنترنت
* [https://web.archive.org/web/20201002131658/https://rasoulallah.net/ موقع نصرة رسول الله].
* [http://www.nabialrahma.com موقع نبي الرحمة].
* [http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=460 اعرف نبيك {{صلى الله عليه وسلم}}][[:ملف:Mohamed peace be upon him.svg|<nowiki/>]].
* [https://web.archive.org/web/20190814142000/http://www.aqaed.info/ahlulbait/01/index.html رسول الله]
* [http://www.3dmekanlar.com/ar/birthplace-of-prophet-muhammad.html '''أماكن ثلاثية الأبعاد:''' موقع ولادة خاتم المرسلين بمكة - جولة افتراضية].

;مدائح
* {{يوتيوب|W-78oMM7yjA|قصيدة البردة، بصوت المنشد مسعود كرتس}}، [[اللغة العربية|بالعربية]].
* {{يوتيوب|JL-QFRgLjBE|نشيد يا إمام الرسل، الإخوة أبو شعر}}، [[اللغة العربية|بالعربية]].
* {{يوتيوب|s3AFNTkIRCo|مديح "ومدحت بطيبة طه" للمنشد المعتصم بالله العسلي}}، [[اللغة العربية|بالعربية]].
* {{يوتيوب|JztKUCBDK3A|نشيد المعلّم، محمد، بصوت المنشد سامي يوسف}}، [[اللغة العربية|بالعربية]] و[[اللغة الإنجليزية|الإنجليزية]].
* {{يوتيوب|s400_-stBPE|نشيد اللهم صلّي على محمد}}، [[اللغة التركية|بالتركية]].
* {{يوتيوب|pZAgZdHmqiM|نشيد أحمد محمد صلّى الله عليه وسلّم}}، [[اللغة البوسنوية|بالبوسنية]].

;كتب
{{بداية-عمو}}
{{عمو-3}}
* كتاب «السيرة النبوية» ل[[ابن إسحاق]] [https://web.archive.org/web/20100524122456/http://www.shamela.ws/old_site/open.php?cat=26&book=563 <small>(نسخة إلكترونية)</small>]
* كتاب «[[السيرة النبوية لابن هشام|سيرة ابن هشام]]» [https://web.archive.org/web/20190714214724/http://shamela.ws/index.php/book/23833 <small>(نسخة إلكترونية)</small>].
* كتاب «[[الروض الأنف]]» [[أبو القاسم السهيلي|للسهلي]] [https://web.archive.org/web/20200202090135/http://shamela.ws/index.php/book/6864 <small>(نسخة إلكترونية)</small>].
* كتاب «الدرر في اختصار المغازي والسير» ل[[ابن عبد البر]] [https://web.archive.org/web/20190919051222/http://shamela.ws/index.php/book/10695 <small>(نسخة إلكترونية)</small>].
{{عمو-3}}
* كتاب «[[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]» [[القاضي عياض|للقاضي عياض]] [https://web.archive.org/web/20200806102552/https://shamela.ws/index.php/book/23645 <small>(نسخة إلكترونية)</small>].
* كتاب «قاعدة تتضمن ذكر ملابس النبي وسلاحه ودوابه» ل[[ابن تيمية]] [https://web.archive.org/web/20200807131819/https://shamela.ws/index.php/book/22648 <small>(نسخة إلكترونية)</small>].
* كتاب «الطب النبوي» ل[[ابن قيم الجوزية|ابن القيم]] [https://web.archive.org/web/20191009043421/http://shamela.ws/index.php/book/23649 <small>(نسخة إلكترونية)</small>].
* كتاب «[[زاد المعاد في هدي خير العباد]]» ل[[ابن قيم الجوزية|ابن القيم]] [http://www.shamela.ws/index.php/book/21713 <small>(نسخة إلكترونية)</small>].
{{عمو-3}}
* كتاب «[[السيرة النبوية لابن كثير|السيرة النبوية]]» ل[[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]] [https://web.archive.org/web/20190714050937/http://shamela.ws/index.php/book/930 <small>(نسخة إلكترونية)</small>].
* كتاب «[[ألفية السيرة النبوية]]» ل[[عبد الرحيم العراقي]] [http://www.shamela.ws/index.php/book/23660 <small>(نسخة إلكترونية)</small>].
* كتاب «[[نور اليقين في سيرة سيد المرسلين]]» لمحمد الخضري [https://web.archive.org/web/20191201191304/http://shamela.ws/index.php/book/23692 <small>(نسخة إلكترونية)</small>].
* كتاب «[[الرحيق المختوم (كتاب)|الرحيق المختوم]]» [[صفي الرحمن المباركفوري|للمباركفوري]] [https://web.archive.org/web/20190714054612/http://shamela.ws/index.php/book/9820 <small>(نسخة إلكترونية)</small>].
{{نهاية-عمو}}
{{بداية صندوق}}
{{s-hou}}
{{صندوق تعاقب
|سبقه = [[عيسى بن مريم|عيسى]]
|العنوان = [[النبوة في الإسلام|الأنبياء في الإسلام]]
|الأعوام = '''محمد'''
|تبعه = --
}}
{{نهاية صندوق}}
{{شريط سفلي محمد}}
{{شجرة نسب علي بن أبي طالب}}
{{الفلسفة الاجتماعية والسياسية}}
{{أولاد الرسول}}
{{غزوات الرسول}}
{{سرايا الرسول}}
{{معجزات الرسول محمد}}
{{المعصومون}}
{{صحابة}}
{{مواضيع الإسلام}}
{{نسب محمد بن عبد الله}}
{{شريط سفلي شجرة نسب الرسول محمد}}
{{شخصيات وأسماء مذكورة في القرآن}}
{{أولو العزم}}
{{ديانات إبراهيمية}}
{{شريط سفلي فاطمة}}
{{تاريخ الإسلام}}

{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات|أعلام|الإسلام|السياسة|الشرق الأوسط|العالم الإسلامي|القرآن|المدينة المنورة|محمد|مكة}}
{{شريط محتوى متميز|مختارة|التاريخ=30 نوفمبر 2011|النسخة=7819960}}
{{لا للتصنيف المعادل}}
{{لا لربط البوابات المعادل}}

[[تصنيف:محمد| ]]
[[تصنيف:أشخاص تبناهم أقرباء]]
[[تصنيف:أشخاص تعرضوا لمحاولة اغتيال]]
[[تصنيف:أشخاص من مكة]]
[[تصنيف:أصحاب الكساء]]
[[تصنيف:أنبياء ورسل عرب]]
[[تصنيف:المدينة المنورة]]
[[تصنيف:المعصومون]]
[[تصنيف:الإسلام]]
[[تصنيف:حكام القرن 7]]
[[تصنيف:سياسيون عرب]]
[[تصنيف:عرب في القرن 7]]
[[تصنيف:قادة دينيون إسلاميون في القرن 7]]
[[تصنيف:مسلمون عرب]]
[[تصنيف:مواليد 52 ق هـ]]
[[تصنيف:مواليد 53 ق هـ]]
[[تصنيف:مواليد 571]]
[[تصنيف:مواليد عقد 570]]
[[تصنيف:مواليد في مكة]]
[[تصنيف:وفيات 11 هـ]]
[[تصنيف:وفيات 632]]
[[تصنيف:وفيات في المدينة المنورة]]