عرض مصدر الدولة الأموية في الأندلس

{{ص.م بلد سابق
|الاسم_المحلي       = خِلَافَةُ قُرطُبَة - إِمَارَةُ قُرطُبَة 
|الاسم_الشائع       = الدولة الأمويَّة في الأندلس
|خريطة             = CordobanCaliphate1000.png
|تسمية الخريطة     = الدولة الأمويَّة في الأندلس (باللون الأخضر)، سنة [[1000]]م.
|القارة            = [[أوروبا]]
|تسمية وصلة العلم  = <small>راية بني أُميَّة</small>
|نظام الحكم        = خلافة وِراثيَّة
|لقب الحاكم        = [[أمير|الأمير]] - [[أمير المؤمنين]] 
|الحاكم1           = [[عبد الرحمن الداخل|عبد الرحمٰن الداخل]]<br /><small>(أوَّل الأُمراء الأُمويين)</small>  
|فترة الحاكم1      = [[744]] - [[788]]
|الحاكم2           = [[عبد الرحمن الناصر لدين الله|عبد الرحمٰن الناصر لدين الله]]<br /><small>(أوَّل الخُلفاء)</small> 
|فترة الحاكم2      = [[929]] - [[961]]
|الحاكم3           = [[هشام المعتد بالله|هشام المُعتد بالله]]<br /><small>(آخر الخُلفاء)</small>
|فترة الحاكم3      = [[1027]] - [[1031]]
|الدين             = [[الإسلام]] (الديانة الرسمَّية).<br /> <small>على المذهب [[عبد الرحمن الأوزاعي|الأوزاعي]] ثُمَّ [[مالكية|المالكي]]<ref name="تاريخ بيروت">{{استشهاد بكتاب |الأخير=شبارو |الأول=عصام محمد |عنوان=تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين |سنة=[[1987]] |ناشر=دار مصباح الفكر |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |صفحة=51 }}</ref><br /> ديانات أُخرى: [[المسيحية|المسيحيَّة]]، و[[اليهودية|اليهوديَّة]]</small>
|مساحة كم2         = 600000
|العملة            = [[دينار|الدينار]] و[[درهم|الدرهم]]
|العاصمة           = [[قرطبة|قُرطُبة]]
|اللغة             = [[اللغة العربية|العربيَّة]] (اللغة الرسميَّة)<br /> <small>لُغات أُخرى: [[اللغة المستعربية|المُستعربيَّة]]، [[لغات أمازيغية|البربريَّة]]، [[عبرية توراتية (لغة)|العبرانيَّة]]</small>
|سنة البداية       = [[756]]
|سنة النهاية       = [[1031]]
|لغة رسمية         = لا 
|بلد سابق1         = الدولة الأموية
|علم بلد سابق1     = Umayyad Flag.svg
|بلد لاحق1          = ملوك الطوائف
|علم بلد لاحق1      = Reinos de Taifas en 1080-ar.png
|صورة علم          = [[ملف:Umayyad Flag.svg|حدود|150بك|مركز]]
|
|اليوم = {{قائمة مخفية
|title = 7 دول ومُكتنف
|1 =          {{علم|جبل طارق}}
|2 =          {{علم|المغرب}}
|3 =          {{علم|الجزائر}}
|4 =          {{علم|البرتغال}}
|5 =          {{علم|إسبانيا}}
|6 =          {{علم|فرنسا}}
|7 =          {{علم|أندورا}}
}}
}}
'''ٱلدَّوْلَةُ ٱلأُمَوِيّة في ٱلأنْدَلُسِ''' إمارة إسلامية أسسها [[عبد الرحمن الداخل|عبد الرحمن بن معاوية الأموي]] عام [[138 هـ|138هـ]]/ [[756]]<nowiki/>م في [[الأندلس]] وأجزاءٍ من شمال أفريقيا، وكانت عاصمتها [[قرطبة]]، وقد تحولت إلى خلافة بإعلان [[عبد الرحمن الناصر لدين الله]] نفسَه، في ذي الحجة [[316 هـ|316هـ]]/ يناير [[929]]م '''خليفةَ قرطبةَ،''' بدلًا من لقبه السابق '''أمير قرطبة'''،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|رسائل ابن حزم2|1987|p=63}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=198}}</ref> وهو اللقب الذي حمله الأمراء الأمويون منذ أن استقلَّ [[عبد الرحمن الداخل]] بالأندلس. تأسست هذه الدولة نتيجة سقوط [[الدولة الأموية]] في [[المشرق العربي|المشرق]] على يد [[الدولة العباسية|بني العبَّاس]]، الذين أخذوا، بعدَ قيام دولتهم، بمُلاحقة [[بنو أمية|بني أمية]] وقتلهم، ولذلك فرَّ الكثير منهم بعيدًا، محاولين النجاة بأنفسهم. وقد كان من بين هؤلاء [[عبد الرحمن الداخل]]، الذي فرَّ إلى [[الأندلس]]، وأعلنَ استقلاله بها.<ref>{{استشهاد ويب | الأخير = السرجاني | الأول =راغب | مؤلف-وصلة = راغب السرجاني | مسار = http://www.islamstory.com/عهد_الولاة_في_الأندلس | عنوان = قصة الإسلام | عمل = عهد الولاة - قصة الأندلس | تاريخ الوصول =18 يوليو 2011| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20160305173544/http://islamstory.com/عهد_الولاة_في_الأندلس | تاريخ أرشيف = 5 مارس 2016}}</ref> وقد تمكَّن الأمويون من البقاء بهذه الطريقة؛ فأسسوا دولتهم الجديدة في [[الأندلس]]، وظلُّوا يحكمونَها زهاء ثلاثة قرون. عُرف عبدُ الرحمٰن بن مُعاوية باسم «عبدُ الرحمٰن الدَّاخل»، كونه «دخل» (أي هاجر) إلى [[الأندلس|الأندلُس]]، ومُنذُ أن تسلَّم الحُكم حتَّى دخل المُسلمون في الأندلُس في عهدٍ جديدٍ قائمٍ على أُسسٍ سياسيَّة بعيدةٍ عن العُنصُريَّة والقَبليَّة، من واقع تحجيم نُفوذ زُعماء القبائل، وإحلال سُلطة الدولة، مُمَثَّلَةً في الأمير، محل سُلطة القبائل، وبدأت الأندلُس تسير في طريق اكتساب الحضارة.<ref name="طقوش">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد سهيل طقوش|طقّوش، مُحمَّد سُهيل]]|عنوان= تاريخ المُسلمين في الأندلُس: 91 - 897هـ \ 710 - 1492م|طبعة= الثالثة|صفحة= 146|سنة= [[1431 هـ|1431هـ]] - [[2010]]م |ناشر= دار النفائس|ردمك= 9789953184128|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref>

أضحى الأندلُس بلدًا إسلاميًّا مُستقلًّا عن [[الدولة العباسية|الخِلافة العبَّاسيَّة]] في [[المشرق العربي|المشرق]]، بعد أن كان خاضعًا لِمركز الخِلافة في العهد الأُموي، ولم تُحاول الدَّولة العبَّاسيَّة جِدِّيًّا ضمَّه إلى حظيرتها. ويبدو أنَّ انفصاله النهائي عنها لم يُشكِّل خطرًا حقيقيًّا مُباشرًا على كيانها، بالإضافة إلى أنَّهُ استمرَّ في حمل الرسالة الإسلاميَّةِ، ولا يدعو ذلك بالضرورة للمُواجهة المُباشرة، غير أنَّهُ جرت مُحاولات عابرة، قام بها العبَّاسيُّون لضمِّه إلى حظيرة الخِلافة، لكنَّها لم تُحقق شيئًا.<ref name="طقوش"/> تميزت الدولة الأموية في الأندلس بنشاط تِجاري وثقافي وعِمراني ملحوظ، حتى أصبحت [[قرطبة]] أكثرَ مدن العالم اتساعًا بحلول عام [[323 هـ|323هـ]]/[[935]]م،<ref group="la">[https://www.thoughtco.com/largest-cities-throughout-history-4068071 Geography at about.com] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160818124242/http://geography.about.com/library/weekly/aa011201a.htm |date=18 أغسطس 2016}}</ref> كما شهدت تشييد الكثير من روائع العِمارة الإسلامية في الأندلس، ومنها [[كاتدرائية قرطبة وجامعها|الجامع الكبير في قرطبة]]. كما شهدت فترة حكم الأمويين نهضة في التعليم العام، جعلت عامة الشعب يجيدون القراءة والكتابة في الوقت الذي كان فيه عِلْيَةُ القوم في أوروبا لا يستطيعون ذلك.<ref name="عنان507">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=507}}</ref> وبسبب الاستمرار في الاتجاه الذي أرساه [[عبد الرحمن الداخل]]، خطت الدولة الأموية في الأندلس خطوات واسعة في التقدم والرقي والازدهار الحضاري، ونافست [[قرطبة]] [[بغداد]] عاصمة الدولة العبَّاسيَّة و[[القسطنطينية|القُسطنطينيَّة]] عاصمة [[الإمبراطورية البيزنطية|الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة]]. وقد أسهم العُلماء الأندلُسيُّون على اختلاف خلفيَّاتهم العرقيَّة والدينيَّة في تقدُّم مُختلف أنواع العُلوم، في العالمين الإسلامي والمسيحي، ومن هؤلاء على سبيل المِثال: [[جابر بن أفلح]] في [[حساب المثلثات|علم المُثلثات]]، و[[إبراهيم بن يحيى الزرقالي]] في [[علم الفلك]]، و[[الزهراوي|أبو القاسم الزهراوي]] في [[جراحة|الجراحة]]، و[[ابن زهر|ابن زُهر]] في [[صيدلة|الصيدلة]]، وغيرهم.

تحوَّلت الدولة الأموية في الأندلس من نظام الإمارة إلى نظام الخلافة على يد عبدِ الرحمٰنِ النَّاصرِ لدينِ اللهِ كما أُسلف، فخرج بِعمله هذا عن الأصل النظري [[أهل السنة والجماعة|للمذهب السُنِّي]] للخِلافة، القائل بأنَّ الخِلافة كمُؤسسة دينيَّة ودُنيويَّة لا يُمكن أن تتجزَّأ، حسب المفاهيم السَّائدة في ذلك الوقت، إلَّا أنه وضع هذا العمل في موضع [[اجتهاد (إسلام)|الاجتهاد]]، فأجاز الفُقهاء والعُلماء السُّنَّة بِتعدُّد الخِلافة في حال وُجود مصلحة عامَّة للمُسلمين، واعترفوا بِشرعيَّة وُجود إمامين يتولَّيان حُكم المُسلمين في وقتٍ واحد، شرط أن تكون المسافة بينهما كبيرة حتَّى لا يحصل التصادم بينهما.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد سهيل طقوش|طقّوش، مُحمَّد سُهيل]]|عنوان= تاريخ المُسلمين في الأندلُس: 91 - 897هـ \ 710 - 1492م|طبعة= الثالثة|صفحة= 317|سنة= [[1431 هـ|1431هـ]] - [[2010]]م |ناشر= دار النفائس|ردمك= 9789953184128|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> ومن الأسباب الواقعيَّة التي دفعت عبد الرحمٰن النَّاصر إلى إعلان الخِلافة، ضَعفُ الدولة العبَّاسيَّة، وانحدار سُمعتها إلى الحضيض، بالإضافة إلى إعلان الإمام [[عبيد الله المهدي|عُبيد الله المهدي الفاطمي]] قيام [[الدولة الفاطمية|خِلافة الفاطميين]] في [[إفريقية]]، ورُبما كانت هذه الحادثة أكثر إلحاحًا من تراجُع نُفوذ الخِلافة العبَّاسيَّة في المشرق، للإقدام على هذه الخُطوة من جانب عبد الرحمٰن النَّاصر، لاسيَّما أنَّ الفاطميين كانوا قد أعلنوا الخِلافة على أساسٍ [[إسماعيلية|شيعيٍّ إسماعيليٍّ]]، وهو ما مثَّل تهديدًا عسكريًّا ودينيًّا للأُمويين بصفةٍ خاصَّة، وللأندلُس بصفةٍ عامَّة.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=التحديات الداخليَّة والخارجيَّة التي واجهت الأندلُس خلال الفترة (300-366 هـ / 912-976 م)|الأول=انتصار مُحمَّد صالح|الأخير=الدُليمي|ناشر=[[جامعة الموصل]]|سنة=[[2005]]| ref =التحديات الداخلية والخارجية التي واجهت الأندلس|صفحة=117}}</ref>

وقد استمرت الدولة الأموية في الأندلس رسميًّا حتى عام [[422 هـ|422هـ]]/ [[1031]]م؛ حيث سقطت الخلافة، وتفككت إلى عدد من [[ملوك الطوائف|الممالك]]، بعد [[فتنة الأندلس|حرب أهلية]] بين الأمراء الأمويين، الذين تنازعوا الخلافة فيما بينهم، مما أدى بعد سنوات من الاقتتال، إلى تفكك الخلافة إلى عدد من الممالك المستقلة.

== التاريخ ==
=== تأسيس الدولة ===
{{مفصلة|تاريخ الأندلس|الفتح الإسلامي للأندلس}}
[[ملف:Califato de Córdoba - 1000-ar.png|تصغير|250بك|يمين|حدود الدولة الأموية عام 390 هـ، في أواخر عهد [[المنصور بن أبي عامر|الحاجب المنصور]].]]
نجح المسلمون في مدِّ دولتهم إلى الأندلس، عندما عبر [[طارق بن زياد]]، أحد قادة [[موسى بن نصير]] والي الأمويين على [[إفريقية|أفريقية]] عام [[92 هـ|92هـ]]، بجيش قوامه سبعة آلاف مقاتل،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الأثير ج4| Ref =الكامل|2008|p=273}}</ref> واستطاع هذا الجيش، بعد أن زاده موسى بن نصير خمسة آلاف مقاتل، أن يهزم ملك القوط الغربيين [[لذريق|رودريك]] في [[معركة وادي لكة]]، والسيطرة في غضون عامين على معظم شبه الجزيرة الأيبيرية، ثم تحولت جيوش المسلمين شرقًا، و[[الفتح الإسلامي للغال|توغلت في بلاد الغال]] حتى وصلت إلى حدود مدينة [[ليون]] الحالية.<ref name="المختصر"/> استمرت محاولات المسلمين في التوسع في بلاد الغال في عهد الولاة [[السمح بن مالك الخولاني|السمح بن مالك الخولاني،]] و[[عنبسة بن سحيم الكلبي|عنبسة بن سحيم الكلبي،]] و[[عبد الرحمن الغافقي]]، وقد حققت تلك المحاولات بعض النجاحات، ثم توقفت التوسعات بعد هزيمة المسلمين في [[معركة بلاط الشهداء]].<ref name="عهد الولاة">[http://www.islamstory.com/عهد_الولاة_في_الأندلس قصة الإسلام - قصة الأندلس - عهد الولاة] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160305173544/http://islamstory.com/عهد_الولاة_في_الأندلس |date=5 مارس 2016}}</ref> وقد ظلت الأندلس منذ [[الفتح الإسلامي للأندلس|الفتح]] مجرد [[ولاية الأندلس|ولاية تابعة]] لولاية [[إفريقية|أفريقية،]] إحدى ولايات [[الدولة الأموية]] في [[دمشق|دمشق،]] حتى سقطت الدولة الأموية على أيدي [[الدولة العباسية|العباسيين]] عام 132هـ، وقد حرَص العباسيون على ملاحقة الأمويين، وتقتيلهم في كافة أرجاء دولتهم،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مؤلف مجهول| Ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس|1989|p=50-51}}</ref> مما جعل الأشخاص الباقين من [[بنو أمية (قبيلة)|بني أمية]] يتخفون، أو يفرون من العباسيين. وكان من بين الفارين أمير أموي يدعى [[عبد الرحمن الداخل|عبدَ الرحمن بنَ معاويةَ بن هشام]]، الذي فر إلى أفريقية؛ حيث أخوالُه من [[أمازيغ|بربر]] [[نفزة (توضيح)|نفزة]].<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مؤلف مجهول| Ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس|1989|p=56}}</ref> كان الأندلس في تلك الفترة تسوده حالة من عدم الاستقرار، فترة شهدت تعاقب الولاة، وصراعات بين العرب [[مضر|المضرية]] والعرب [[قحطان (توضيح)|اليمانية]] من جهة، وبين العرب و[[أمازيغ|البربر]] من جهة أخرى.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الأثير ج5| Ref =الكامل|2008|p=121-126}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|السامرائي وذنون ومطلوب| Ref =تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس|2000|p=90}}</ref>

لقد استغل عبد الرحمن بن معاوية الأحداث الداخلية في الأندلس؛ فبدأ بمراسلة أتباع وموالي الأمويين في الأندلس عن طريق مولاه بدر،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=40}}</ref> وقد نجحت المراسلات بين عبد الرحمن بن معاوية وموالي الأمويين في الأندلس في التمهيد لدخول عبد الرحمن الأندلسَ، كما نجحوا في استمالة بربر الأندلس واليمانيين إلى جانب عبد الرحمن بن معاوية،<ref name="الداخل">[http://www.islamstory.com/عبد_الرحمن_الداخل_صقر_قريش قصة الإسلام - عبد الرحمن الداخل صقر قريش] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20161013111151/http://islamstory.com:80/عبد_الرحمن_الداخل_صقر_قريش |date=13 أكتوبر 2016}}</ref> الذي عبر إلى [[المنكب (إسبانيا)|ثغر المنكب]] في ربيع الآخر 138هـ،<ref name="أخبار72">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مؤلف مجهول| Ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس|1989|p=72}}</ref> وبعد شهور تمكن جيش عبد الرحمن من هزيمة آخِرِ ولاة الأندلس [[يوسف بن عبد الرحمن الفهري]] في [[موقعة المصارة]] في ذي الحجة 138هـ،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مؤلف مجهول| Ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس|1989|p=80-83}}</ref> ليدخل بذلك عبد الرحمن بن معاوية [[قرطبة]]، لتتأسس بذلك إمارته المستقلة في الأندلس.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|السامرائي وذنون ومطلوب| Ref =تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس|2000|p=101}}</ref>

قضى عبد الرحمن الداخل سنوات حكمه في تثبيت أركان دولته، والقضاء على الثورات الداخلية التي اندلعت في كافة أرجاء الأندلس، كما عمل عبد الرحمن الداخل على تأسيس جيش قوي، والاهتمام بالتعمير والتعليم والقضاء، ليترك الأندلس لخلفائه من بعده ولاية مستقرة.<ref name="الداخل"/> وبعد وفاة عبد الرحمن الداخل، نجح ابنه [[هشام بن عبد الرحمن الداخل|هشام الرضا]]، وحفيده [[الحكم بن هشام|الحكم الربضي]] في الحفاظ على وحدة أراضي الدولة، كما نجحا في التصدي لمحاولات الممالك المسيحية في الشمال للتوسع جنوبًا، ورغم ذلك النجاح الخارجي على الصعيد العسكري، كادت الدولة تسقط على إثر ثورة بعض [[وقعة الربض|أهل قرطبة]] على الحكم بن هشام، إلا أنه نجح في القضاء على تلك الثورة الداخلية.<ref name="عذاري76">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=76-77}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الأبار| Ref =الحلة السيراء|1985|p=44}}</ref> وقد نتج عن حالة الاستقرار السياسي، أن ازدهرت حركات الآداب والعلوم والعمارة والفن في الأندلس، في عهد [[عبد الرحمن الأوسط|عبد الرحمن بن الحكم]]، لتبلغ الأندلس في عهده مرحلة متقدمة من المدنية، وأصبحت مركزًا حضاريًا كبيرًا في غرب العالم الإسلامي، كما تطورت الدولة أيضًا عسكريًّا؛ فنجحت في التصدي لمحاولات [[نورمان|النورمان]] لغزو موانئ الأندلس بحرًا عام 230هـ.<ref name="المختصر">[http://www.islamstory.com/مختصر_قصة_الأندلس#_ftnref25 قصة الإسلام - مختصر قصة الأندلس] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160604102014/http://islamstory.com/مختصر_قصة_الأندلس |date=4 يونيو 2016}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=87-88}}</ref>

=== كبوة الدولة ===
تلى تلك المرحلة مرحلة من الاضطراب في عهد [[محمد بن عبد الرحمن]] وولديه [[المنذر بن محمد|المنذر]] و[[عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن|عبد الله]]، نتج عن ذلك تعرض الإمارة لعدد من الثورات الداخلية من [[مولدون (الأندلس)|المولدين]] والمستعربين والبربر وبعض القبائل العربية، والتي نجحت في تأسيس إماراتهم شبه المستقلة، التي كانت لا تخضع لسلطة الدولة إلا بالاسم، وهم: [[بنو قسي]]،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|العذري| Ref =نصوص عن الأندلس|-|p=29-35}}</ref> و[[بنو تجيب]]، و[[محمد بن عبد الملك الطويل]]،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|العذري| Ref =نصوص عن الأندلس|-|p=64-65}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=143-133}}</ref> و[[عبد الرحمن بن مروان الجليقي]]<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=101-105}}</ref> في الشمال، وأخطرهم [[عمر بن حفصون]]، الذي تمرد على الدولة في الجنوب.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مرسي الشيخ| Ref =دولة الفرنجة|1981|p=103-106}}</ref> إضافة إلى الهجمات الخارجية من ال[[نورمان]] والممالك المسيحية في الشمال، في محاولة استعادة الأراضي التي دخلت تحت الحكم الإسلامي.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=96-97}}</ref> وفي ظل حالة التمرد الداخلية، والهجمات الخارجية ضعفت سلطة الدولة على أراضيها، حتى انحسرت سلطة الأمير عبد الله بن محمد فقط على [[قرطبة]] وأحوازها.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=344}}</ref>

=== عصر القوة ===
[[ملف:Busto de Almanzor en Calatañazor.JPG|تصغير|250بك|[[المنصور بن أبي عامر|الحاجب المنصور]] في عهد حجابته وصلت الدولة الأموية في الأندلس إلى أقصى امتداد لها.]]
مع تولى الأمير [[عبد الرحمن الناصر لدين الله|عبد الرحمن بن محمد]] الحكم عام 300هـ، استعادت البلاد وحدتها السياسية وقوتها العسكرية وهيبتها، بعد أن خاض حروبًا طويلة استطاع من خلالها استعادة السيطرة على البلاد تحت السلطة المركزية في قرطبة، بل وامتدت سلطة الأمويين إلى أجزاءٍ من شمال [[المغرب|المغرب الأقصى،]] الذي تسابق أمراؤه في الدخول في ولاء الأمويين.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=425-426}}</ref> وأمام خطر نشأة [[الدولة الفاطمية]] في شمال أفريقية، أعلن عبد الرحمن بن محمد في عام 316هـ/ 929م نفسه خليفة على الأندلس، وتلقب بالناصر لدين الله،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|رسائل ابن حزم ج2|1987|p=63}}</ref> ليقوي مركزه الديني في مواجهة الدولة الفاطمية في شمال أفريقية.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مرسي الشيخ| Ref =دولة الفرنجة|1981|p=113-114}}</ref> ولمواجهة هذا الخطر حصّن الناصر الموانئ الجنوبية للأندلس، وضم موانئ المغرب المواجهة للأندلس في [[مليلة]] و[[سبتة]] و[[طنجة]]، إضافة إلى دعم البربر المعادين للفاطميين في المغرب ماديًا وعسكريًا، وفي الوقت نفسه، استطاع عبد الرحمن الناصر لدين الله التصدي لأطماع الممالك المسيحية في الشمال.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=185-189}}</ref>
[[ملف:الأندلس في عام 931.png|تصغير|يمين|الوضع في عصر عبد الرحمن الناصر لدين الله.]]
عرفت البلاد أوجها الثقافي في عهد ابنه [[الحكم المستنصر بالله|الحكم]] الذي واصل سياسات أبيه، وكان عهده عهد ثقافة وعمران.<ref name="عنان506">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=506}}</ref><ref name="المقري395">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج1| Ref =نفح الطيب|1968|p=395}}</ref> إلا أن الحكم المستنصر بالله أخطأ حين اختار ابنه الوحيد الطفل [[هشام المؤيد بالله]] لولاية عهده؛ حيث استغل بعض رجال الدولة كالحاجب [[جعفر بن عثمان المصحفي|جعفر بن عثمان المصحفي،]] وصاحب الشرطة [[المنصور بن أبي عامر|محمد بن أبي عامر،]] صغر سنه وعدم قدرته على الحكم في سنه الصغيرة، ففرضوا على الخلافة وصاية أم الخليفة [[صبح البشكنجية (أورورا)|صبح البشكنجية]]، واستأثروا هم بكل السلطات،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=517-520}}</ref> ثم انفرد محمد بن أبي عامر بكل السلطات، بعد أن تخلص من كل شركائه في الحكم؛ الواحد تلو الآخر،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=268-269}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=537-539}}</ref> وحجر على الخليفة الطفل، لتبقى بذلك السلطة الاسمية فقط للخليفة،<ref name="عذاري278">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=278}}</ref> وليكون الحكم الفعلي لابن أبي عامر، الذي تلقب بعد ذلك بالحاجب المنصور.<ref name="عذاري279">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=279}}</ref>

استطاع الحاجب المنصور أن يؤسس دولة داخل الدولة، حتى إن بعض المؤرخين سماها '''الدولة العامرية،''' وقد تميزت تلك الفترة بوجود تطور اجتماعي جديد؛ حيث سيطر البربر على المناصب القيادية في الجيش، وكثر عددُهم، واختفت القيادة العربية من الجيوش،<ref name="دوزي157">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دوزي ج2| Ref =دوزي|1994|p=157}}</ref> وقد استمرت سيطرة العامريين على الحكم طوال عهد الخليفة [[هشام المؤيد بالله]]؛ حيث خلف [[عبد الملك المظفر بالله|الحاجب المظفر]] أباه المنصور عام 392هـ في كافة سلطاته ومناصبه، ثم خلفه أخوه [[عبد الرحمن شنجول|شنجول]] بعد وفاته عام 399هـ، وقد تولى شنجول ولاية العهد ولم يمض شهر على توليه الحجابة؛ حيث أُجبِر الخليفة على ذلك.<ref name="عنان625">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=625}}</ref>

=== نهاية الدولة ===
أثارت سيطرة العامريين على الحكم حنق الأمويين في الأندلس؛ حيث رأوا في ذلك اغتصابا لحقهم في حكم الأندلس، وعلى إثر ذلك استطاع أحد أمرائهم، ويدعَى [[محمد المهدي بالله|محمدَ بنَ هشامٍ]] أن يدير انقلابًا في جمادى الأولى، 399هـ، على حكم المؤيد وشنجول، ويطيح بهما من سُدَّة الحكم، ويعلن نفسه الخليفة الجديد.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=632-634}}</ref> وقد حرَص المهدي بالله على التنكيل بالعامريين والبربر الذين كانوا عماد جيش الحاجب المنصور، مما دعا الفتيان العامريين إلى الفرار إلى شرق الأندلس، وتأسيس إمارة في تلك الأرجاء، بينما التف البربر حول أمير أموي آخر، يُدعَى [[سليمان المستعين بالله|سليمانَ بنَ الحكمِ،]] الذي ثار على المهدي بالله، ونجح في اقتلاعه من منصبه، وإعلان نفسه خليفة في ربيع الأول، 400هـ،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=646-647}}</ref> لتدخل الأندلس [[فتنة الأندلس|فترة من القلاقل،]] تصارع فيها [[أمويو الأندلس|الأمويون]] والبربر و[[بنو حمود|الحموديون]] على حكم الأندلس.<ref name="دوزي190">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دوزي ج2| Ref =دوزي|1994|p=190-191}}</ref> وقد استمر الصراع حتى عام 422هـ؛ حيث سقطت الدولة الأموية في الأندلس نهائيًا، وتفتَّتَتْ إلى دويلات صغيرة، عُرفت تاريخيًا [[ملوك الطوائف|بدول الطوائف]].<ref name="دوزي223">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دوزي ج2| Ref =دوزي|1994|p=223}}</ref>

== نظام الحكم ==
[[ملف:Jardin alcazar cordoue.jpg|تصغير|250بك|جانب من حديقة [[قصر قرطبة]] مقر أمراء بني أمية في الأندلس، حتى أن نقل الخليفة [[عبد الرحمن الناصر لدين الله|عبد الرحمن الناصر]] مقر الحكم إلى [[الزهراء (مدينة)|مدينة الزهراء]].]]
كان الأمير أو الخليفة يأتي على رأس النظام الحاكم في عهد الدولة الأموية في الأندلس، والذي كان يتولى الحكم وفق نظام حكم وراثي يتولى فيه ولي العهد الحكم بوصية من الأمير أو الخليفة الراحل،<ref name="أخبار131">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مؤلف مجهول| Ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس|1989|p=131}} بيعة محمد بن عبد الرحمن</ref> ولم تكن البيعة مشترطة على أن تكون للابن الأكبر؛ حيث كان الأمراء يوصون بمن يرون أنه الأصلح من أبنائهم للحكم، كتولية عبد الرحمن الداخل لابنه [[هشام بن عبد الرحمن الداخل|هشام]] متجاوزًا ابنَه الأكبر [[سليمان بن عبد الرحمن|سليمان]]،<ref name="عذاري61">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=61}} بيعة هشام بن الداخل</ref> وتقديم الحكم الربضي لابنه [[عبد الرحمن الأوسط|عبد الرحمن]] على ابنه الأكبر هشام،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن حزم (الجمهرة)| Ref =جمهرة أنساب العرب|1982|p=98}}</ref> بل كانوا أحيانًا يتجاوزونها للتوصية بولاية الحفيد؛ كما فعل الأمير عبد الله بن محمد بالتوصية لولاية حفيده عبد الرحمن بن محمد.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=373}} بيعة عبد الرحمن الناصر</ref> وكانت البيعة تتم في القصر؛ حيث يجلس الحاكم على سرير الملك، ويدخل عليه الأمراء من بني أمية، ويستمعون لكتاب البيعة، ثم يتقدمون ببيعتهم للحاكم الجديد، ويلي بيعة أمراء بني أمية، بيعة الوزراء وأصحاب المناصب من كبار رجال الدولة، وتسمى المراسم السابقة بالبيعة الخاصة،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|سالم الخلف| Ref =نظم الحكم|1980|p=133-137}}</ref> ثم ينيب الحاكم من يأخد البيعة العامة من سائر الناس، ويرسل بكتاب البيعة للكور والثغور.<ref name="عذاري158">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان|1980|p=158}} بيعة عبد الرحمن الناصر</ref>

كانت سلطة الأمير أو الخليفة [[ملكية مطلقة|مطلقة؛]] يولّي ويعزل دون أن يعارضه أحد، ويأتي من بعد الأمير أو الخليفة في هرم السلطة «الحاجب»، وهو شخص يعادل منصبه منصب [[رئيس الوزراء]] اليوم، ويُفرَش له فراشٌ أعلى من فُرُش الوزراء، وأدنى من سرير الأمير أو الخليفة في قاعة الحكم.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|سالم الخلف| Ref =نظم الحكم|1980|p=417}}</ref> إضافة إلى عدد من الوزراء، يتولون عددًا من المناصب الوزارية؛ كمنصب كبير الخاص، وأصحاب خطط الخيل والكتابة العليا، والمظالم والشؤون المالية، والشرطة العليا والشرطة الصغرى، وخطة القضاء والمواريث والحسبة.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=685}}</ref> أما إداريًا، فقد كانت الأندلس مقسمة إلى مجموعة من الكور التي تتبعها مدن لكل منها أحوازها، ويتولى إدارة تلك الكور عمال يعينهم الأمير أو الخليفة، ويتبع هؤلاء عمال المدن الذين تقع على عواتقهم مسؤولية إدارة المدن وأحوازها.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مؤنس| Ref =فجر الأندلس|2002|p=571-572}}</ref>

== العلاقات الخارجية ==
منذ نشأة الدولة الأموية في الأندلس وهي في حالة صراع متواصل مع جيرانها من الممالك المسيحية في الشمال والشرق من أجل فرض السيطرة أحيانًا، وأحيانًا أخرى من أجل البقاء؛ ففي سنوات الدولة الأموية في الأندلس الأولى، تعرض [[الثغر الأعلى]] للغزو من قبل [[شارلمان]] عام 161هـ/ 778م، إلا أن أهل [[سرقسطة]] استطاعوا إفشال هجومه،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|زيتون| Ref =المسلمون في المغرب والأندلس|1990|p=264}}</ref> ثم ما لبث أن تعرض جيش شارلمان لهزيمة ساحقة أثناء انسحابه إلى فرنسا عبر [[معركة ممر رونسفال|ممر رونسفال]].<ref group="la">{{استشهاد ويب|مؤلف= David Koeller |مسار=http://www.thenagain.info/WebChron/WestEurope/CharleSpain.html |عنوان=Charlemagne Invades Spain |تاريخ الوصول=2013-5-1| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180811161259/http://www.thenagain.info:80/WebChron/WestEurope/CharleSpain.html | تاريخ أرشيف = 11 أغسطس 2018}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=176}}</ref> ولم يكن ذلك هو التهديد الوحيد الذي تعرضت له الأندلس في تلك الفترة؛ فمنذ عهد هشام الرضا تعرضت حدود الأندلس الشمالية لتحرشات من قبل مملكتي [[مملكة أستورياس|أستورياس]] و[[مملكة نبرة|نافارا]] الوليدتين،<ref group="la">{{استشهاد بكتاب|الأخير=Martínez Díez|الأول=Gonzalo|عنوان=El Condado de Castilla (711-1038): La historia frente a la leyenda|مسار=https://books.google.com/books?id=KgiDVZfBipwC&pg=PA113|تاريخ الوصول=18 July 2012|سنة=2005|ناشر=Marcial Pons Historia|ردمك=978-84-95379-94-8|صفحات=112|المجلد=2|مكان=Valladolid|لغة=Spanish| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20140103094826/http://books.google.com/books?id=KgiDVZfBipwC&pg=PA113 | تاريخ أرشيف = 3 يناير 2014}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=64-65}}</ref> وإضافة إلى تلك الهجمات البرية، تعرضت الأندلس للغزو البحري عام 230هـ من قبل [[نورمان|النورمان]] الذين احتلوا لشبونة و[[قادس]] و[[شذونة]] و[[إشبيلية]]، إلى أن هزمهم جيش أرسله عبد الرحمن الأوسط، بقيادة [[عيسى بن شهيد]] و[[نصر الخصي]]، فأجلوهم عن الأندلس بعد 42 يومًا من نزولهم الأندلس.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=87-88}}</ref> ومع دخول الأندلس عصر القوة، منذ عهد عبد الرحمن الناصر، وحتى عهد سيطرة [[عبد الملك المظفر بالله|الحاجب المظفر]] على الدولة، أصبحت اليد العليا عسكريًا في شبه الجزيرة الأيبيرية للأمويين الذين نجحوا، في عهد سيطرة الحاجب المنصور، في إعادة حدود الدولة الأموية إلى ما وراء [[نهر دويرة]]، وهي الأراضي التي كان الأمويون قد فقدوها في فترة كبوة الدولة، التي انشغل فيها الأمراء بمواجهة الثورات الداخلية.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=573}}</ref> ورغم ذلك سرعان ما انهارت تلك السيطرة، بعد أن دخلت الأندلس فترة [[فتنة الأندلس|الفتنة]] التي استغلتها الممالك المسيحية في الشمال للتوسع على حساب الأمويين، بل وسلَّم بعضهم بعض الحصون والأراضي طواعية للأمراء المسيحيين ثمنًا لمشاركتهم إلى جانبهم في تلك المرحلة من الاقتتال الداخلي.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=651}}</ref>

أجبرت تلك الحالة من التهديد الدائم لحدود الدولة الأمويين على الاهتمام بالناحية العسكرية؛ فقد حرص الأمراء منذ عهد عبد الرحمن الداخل على التخلص من غلبة النظام القبلي على تركيبة الجيش الأندلسي، فحرَصوا على اقتناء [[صقالبة (الأندلس)|العبيد الصقالبة]] والاستكثار منهم؛ فقد ذكر [[أحمد المقري التلمساني|المقري]] أن حرس الأمير الحكم الربضي الخاص بلغ خمسة آلاف صقلبي،<ref name="المقري341">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج1| Ref =نفح الطيب|1968|p=341}}</ref> وقد شكل هؤلاء الجند الصقالبة نواة الجيش الأموي النظامي،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|سالم الخلف| Ref =نظم الحكم|1980|p=489}}</ref> إلا أن هؤلاء الصقالبة مع مرور الزمن أصبح لهم قوتهم داخل البلاط، وأصبحوا يتدخلون في شؤون الدولة، مما دعا الحاجب المنصور، حين أصبحت السلطة بيده أن يقصيهم تدريجيًا من المناصب، مع استبدالهم بعناصر من البربر، ويضيفهم إلى [[ديوان الجند]] النظاميين،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|سالم الخلف| Ref =نظم الحكم|1980|p=497}}</ref> هذا بالإضافة إلى المرتزقة والعبيد السود.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|نعنعي|1986|p=464}}</ref> وقد استدعت تلك الحالة أيضًا الاهتمام بالتسليح؛ فأنشؤوا قواعد بناء السفن في [[طركونة]] و[[طرطوشة]] و[[قرطاجنة (إسبانيا)|قرطاجنة]]<ref name="عنان200">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=200}}</ref> و[[إشبيلية|إشبيلية،]]<ref name="القوطية82">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن القوطية| Ref =تاريخ افتتاح الأندلس|1989|p=82}}</ref> واهتموا ببناء الحصون والأسوار،<ref name="عذاري124">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=124}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=311}}</ref> كما نشطت الصناعات الحربية التي تُمدّ جيشه بالأسلحة،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|نعنعي|1986|p=464-465}}</ref> حتى ذاع صيت بعض المدن ك[[طليطلة|طليطلة،]] كمراكزَ لصناعة الأسلحة.<ref name="بشتاوي"/>

شهدت فترات القوة في عهد الدولة الأموية في الأندلس حركة رواج دبلوماسي بين الأندلس وبعض جيرانها، بل وعدد من القوى العظمى في تلك الفترة التي حرصت على خطب ود حكام الأندلس في تلك الفترة؛ فبعد أن فشل شارلمان في غزوه لشرق الأندلس، انعقدت معاهدة سلام وصداقة بين عبد الرحمن الداخل وشارلمان،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج1| Ref =نفح الطيب|1968|p=330-331}}</ref> وفي عام 225هـ؛ استقبل بلاط الأمير عبد الرحمن الأوسط سفارة أرسلها الإمبراطور البيزنطي [[ثيوفيلوس]] محملة بالهدايا، والتي ردها حين بعث سفيره [[يحيى الغزال]] بالهدايا إلى [[القسطنطينية]] للإمبراطور.<ref name="المقري346">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج3| Ref =نفح الطيب|1968|p=346}}</ref> بالإضافة إلى سفارة أخرى استقبلها عبد الرحمن الأوسط من قبل [[هوريك الأول]] ملك النورمان لطلب الصلح بعد غزو النورمان لغرب الأندلس، والتي ردها عبد الرحمن أيضًا ببعثه سفيرَه يحيى الغزال إلى بلاط هوريك.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن دحية| Ref =المطرب من أشعار أهل المغرب||p=138-146}}</ref> كما استقبل عبد الرحمن الناصر لدين الله في عهده سفارات [[قسطنطين السابع|قسطنطين السابع قيصر القسطنطينية،]]<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|أزهار الرياض ج2|1940|p=259}}</ref> و[[بيتر الأول إمبراطور بلغاريا|بطرس الأول إمبراطور بلغاريا،]] و[[لويس الرابع (توضيح)|لويس الرابع]] ملك [[فرنسا|فرنسا،]]<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=456}}</ref> و[[يوحنا الثاني عشر|البابا يوحنا الثاني عشر]] بابا [[الفاتيكان|الفاتيكان،]]<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|نعنعي|1986|p=376}}</ref> و[[أوتو الأول]] إمبراطور [[الإمبراطورية الرومانية المقدسة]]، والتي بادلها الناصر بسفرائه،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|نعنعي|1986|p=374-376}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=456-458}}</ref> كما استقبل الحكم المستنصر بالله سفارات صداقة من [[يوحنا زيمسكي]] قيصر بيزنطة، و[[أوتو الثاني (إمبراطور روماني مقدس)|أوتو الثاني إمبراطور الألمان]].<ref name="عنان491">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=491}}</ref> ولم يقتصر استقبال بلاط الأمويين على سفارات المودة فقط؛ فقد سار بعض ملوك الجوار [[تودا النافارية|كتودا النافارية]] وابنها [[غارسيا سانشيز الأول ملك نافارا|غارسيا سانشيز الأول ملك نافارا،]] وحفيدها [[سانشو الأول ملك ليون|سانشو الأول ملك ليون،]]<ref group="la">[https://books.google.com/books?id=hWAKAQAAIAAJ&q=full+honors Cantera Burgos 1966, p. 363] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20140103114902/http://books.google.com/books?id=hWAKAQAAIAAJ&q=full+honors |date=03 يناير 2014}}</ref><ref group="la">[https://books.google.com/books?id=5X1pAAAAMAAJ&q=recibidos+pompa Vallvé Bermejo 1992, p. 177] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20140103093509/http://books.google.com/books?id=5X1pAAAAMAAJ&q=recibidos+pompa |date=03 يناير 2014}}</ref><ref group="la">[https://books.google.com/books?id=zR9pAAAAMAAJ&q=958+nobles Hajji 1970, p. 75] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20140103115052/http://books.google.com/books?id=zR9pAAAAMAAJ&q=958+nobles |date=03 يناير 2014}}</ref> و[[إلبيرا راميريز]] عمة الملك [[راميرو الثالث ملك ليون|راميرو الثالث ملك ليون،]]<ref name="عنان490">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=490}}</ref> و[[برمودو الثاني ملك ليون|برمودو الثاني ملك ليون،]] و[[سانشو الثاني ملك نافارا]]،<ref name="عنان583">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=583}}</ref> إلى قرطبة بأنفسهم؛ إما لطلب الصلح، وإما لطلب معاونة الأمويين لهم في التغلب على منافسيهم على العرش.

== المظاهر الاجتماعية ==
=== الدين ===
[[ملف:Spain Andalusia Cordoba BW 2015-10-27 13-54-14.jpg|تصغير|250بك|يمين|جامع قرطبة الذي حوله الإسبان إلى كاتدرائية بعد استيلائهم على مدينة قرطبة عام 1236 م، يعد أحد أبرز أشكال العمارة الدينية في الأندلس.]]
اتصف أهل الأندلس بالتدين والمحافظة على الشعائر الدينية إلا قليلا منهم،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=137}}</ref> وقد انتشر بينهم في البداية مذهب [[عبد الرحمن الأوزاعي|الأوزاعي]]<ref name="الدغلي30">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الدغلي| Ref =الحياة الاجتماعية|1984|p=30}}</ref> الذي كان منتشرًا بين أهل الشام، والذي دخل الأندلس وساد فيها منذ [[الفتح الإسلامي للأندلس|الفتح]]، إلى أن رحل جماعة من فقهاء الأندلس؛ منهم [[زياد بن عبد الرحمن|زياد بن عبد الرحمن اللخمي،]] و[[عيسى بن دينار|عيسى بن دينار،]] و[[يحيى بن يحيى الليثي|يحيى بن يحيى الليثي،]] و[[عبد الملك بن حبيب السلمي]]<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=691-692}}</ref> إلى المشرق، ثم عادوا من الشرق في عهد الأمير هشام بن عبد الرحمن [[مالكية|بمذهب مالك]]، ونشروه حتى انتقلت [[فتوى|الفتوى]] من مذهب الأوزاعي إلى مذهب مالك في عهد الأمير الحكم بن هشام.<ref name="الدغلي30"/> وفي عهد الأمير محمد بن عبد الرحمن، أدخل القاسم بن محمد بن سيّار [[شافعية|المذهب الشافعي]] إلى الأندلس، والذي بذل تلاميذه، وأبرزهم [[بقي بن مخلد|بَقِيّ بن مَخْلَد]] جهدًا لنشره،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|بالينثيا| Ref =تاريخ الفكر|1955|p=431-433}}</ref> إلا أنه لم يلق قبولًا في الأندلس.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=145-146}}</ref>

إلا أن مذهبًا آخر وجد سبيله إلى الأندلس أيضًا في عهد محمد بن عبد الرحمن، على يد [[عبد الله بن قاسم القيسي]]،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|بالينثيا| Ref =تاريخ الفكر|1955|p=439}}</ref> ولقي استحسان الكثير من الأندلسيين، ألا وهو [[ظاهرية|المذهب الظاهري]] الذي اشتهر من أئمته في الأندلس [[المنذر بن سعيد البلوطي]] و[[ابن حزم الأندلسي|ابن حزم]].<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=157-158}}</ref> ومن الفرق الإسلامية الأخرى، كانت هناك محاولات في عهد عبد الرحمن الناصر لنشر [[الشيعة|المذهب الشيعي]]، إلا أن الأمويين قاوموا تلك المحاولات خوفًا من تغلغل نفوذ أعدائهم الفاطميين شيعيي المذهب إلى الأندلس، لذا فقد باءت تلك المحاولات بالفشل.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=174}}</ref> كما كانت هناك أيضًا محاولات لنشر مذهب [[المعتزلة]] على يد عدد من أتباعه، وأبرزهم [[ابن مسرة]]،<ref name="الموسوعة">[https://www.arab-ency.com/?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=9477&m=1 الموسوعة العربية - ابن مسرَّة (محمد بن عبد الله)] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160310222417/http://arab-ency.com/index.php?func=display_term&id=9477&m=1&module=pnencyclopedia |date=10 مارس 2016}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-10-13|bot=JarBot}}</ref> إلا أنه أيضًا لم يلق قبولًا، لميل أهل الأندلس في تلك الفترة للمذاهب التي تعتمد على النصوص كالمالكية، لا [[قياس (إسلام)|القياس العقلي]] كالمعتزلة،<ref name="الدغلي31">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الدغلي| Ref =الحياة الاجتماعية|1984|p=31}}</ref> لذا، ولنفس السبب، اهتم الأندلسيون بعلم [[الحديث النبوي|الحديث]]، وبرز منهم عدد من المحدّثين الذين كانت لهم رحلاتهم إلى المشرق لطلب علم الحديث ونشره في الأندلس؛ [[ابن وضاح|كمحمد بن وضاح،]] و[[قاسم بن أصبغ|قاسم بن أصبغ،]] ومحمد بن عبد الملك بن أيمن.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|بالينثيا| Ref =تاريخ الفكر|1955|p=394-395}}</ref> ولم يهمل الأندلسيون في تلك الفترة [[القرآن]] و[[علوم القرآن|علومه]]؛ فنبغ منهم في [[قراءة (القرآن)|علم القراءات]] [[أبو العباس الأقليشي|أبو العباس الأقليشي،]]<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن بشكوال| Ref =الصلة|1989|p=66}}</ref> و[[أبو عمرو الداني]].<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن بشكوال| Ref =الصلة|1989|p=593}}</ref> وفي [[علم التفسير|التفسير]] برع منهم [[بقي بن مخلد|بَقِيّ بن مَخْلَد]] الذي كان له تفسيرٌ للقرآن، قال عنه ابن حزم: {{اقتباس مضمن|إنه لم يُؤلَّف في الإسلام تفسيرٌ مثلُه، لا [[تفسير الطبري|تفسير محمد بن جرير الطبري]] ولا غيره}}.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|رسائل ابن حزم ج2|1987|p=178}}</ref>

أما عن [[مسيحيون|المسيحيين]] و[[يهود|اليهود]]، فبمعاملة خاصة مكنتهم من حرية الدين والمعتقد، حتى إن قضاياهم كان لهم حق الفصل بها بموافقة من السلطة الإسلامية العليا؛ فكان يسمح بتطبيق شرائعهم على يد قضاتهم الذين كانوا يُعرَفون بقضاة النصارى أو قضاة العجم، وتحت مسؤولية رئيس طائفتهم، الذي كان يحمل لقب «القومس».<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=126-134}}</ref> أما الخلافات التي كانت تقع بينهم وبين المسلمين، فكانت تعرض على القضاء الإسلامي،<ref name="شحلان"/> فكثرت لذلك كنائسهم في كل الأندلس، ما بين القرنين الثامن والثاني عشر، سواء أكان ذلك في المدن الكبرى أم كان في المدن الصغرى. ومن أشهر كنائسهم أيام الخلافة: الكنيسة العظمى بقرطبة، ومن أشهر الأديرة الواقعة في أطراف المدينة: دير أرملاط.<ref group="la">[[إفاريست ليفي بروفنسال|Lévi- Provençal]], Histoire de L’Espagne musulmane، Paris، 1950، T. 3 PP 72-74</ref> ولم تهدم الكنائس في الأندلس، إلا في حالات خاصة؛ كأن تكون الكنيسة معقلًا للثورة على السلطة، فقد هدمت بعض الكنائس خلال ثورة ابن حفصون. كما كانت الأناجيل أيضًا شائعة؛ يطالعها المسيحي وغير المسيحي، وقد أفاد منها ابن حزم في كتابه «[[الفصل في الملل والأهواء والنحل]]»؛ حيث ذكر أنه كان يصاحب رجال الكنيسة ويجادلهم. كما ظلت سلطة اليهود، ومقاليد أمورهم الدينية الخاصة بهم بين أيديهم؛ فقد جرت العادة على تعيين السلطة لمن يتولى رئاستهم والذي كان يعرف بـ «الناجد» أو «الحاخام»، كما كان يتولى قضاءهم بينهم شيخ اليهود؛ فيما يخص أمورهم الخاصة وتشريعهم، ويكون هذا الشيخ نفسه هو الواسطة بينهم وبين السلطة المدنية. وقد تمتع اليهود، في ظل هذه الحرية، بالسماح لهم ببناء دور عبادتهم في أحيائهم الخاصة، وكذلك بين السكان المسلمين.<ref name="شحلان">[https://www.attarikh-alarabi.ma/Html/ADAD1partie11.htm#_ftn1 مكونات المجتمع الأندلسي ومكانة أهل الذمة فيه] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160324192913/http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/ADAD1partie11.htm |date=24 مارس 2016}}</ref> وقد أتاحت تلك الحرية الفكرية لأبناء الأندلس من غير المسلمين الفرصة في التعمق في دراساتهم الدينية؛ فأسس [[حسداي بن شبروط|حسداي بن شبروط،]] الطبيب الخاص بالخليفة عبد الرحمن الناصر، مدرسة للدراسات التلمودية في قرطبة، كما وضع [[يحيى بن حيوج الفاسي|ابن حيوج]] الأسس الأولى لعلم النحو العبري.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|بالينثيا| Ref =تاريخ الفكر|1955|p=488-489}}</ref>

=== عناصر المجتمع ===
كان المجتمع الأندلسي خليطًا من أجناس مختلفة، امتزجت في بوتقة المجتمع الأندلسي، لتتكون منها الشخصية الأندلسية المستقلة. وقد كانت عناصر المجتمع الأندلسي كالتالي:
# '''[[عرب|العرب]]''': دخل العرب إلى الأندلس في موجات متعاقبة، إلا أن أبرزها كان ما يسمى بطالعة موسى، وهم الجند الغازون الذين دخلوا الأندلس بصحبة [[موسى بن نصير]] عام 93هـ، والذين كانوا من العرب [[قيس عيلان|القيسية]] و[[قحطانيون|اليمانية]]، والذين انتشروا في الأندلس؛ فسكنت القيسية في نواحي الجنوب، وتوزعت اليمانية بين المناطق الشمالية والشمالية الغربية.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مؤنس| Ref =فجر الأندلس|2002|p=400}}</ref> كان أبرز الهجرات العربية التالية طالعة [[بلج بن بشر القشيري]]، وهم الجند الذين بعثهم الخليفة [[هشام بن عبد الملك]] إلى المغرب للقضاء على ثورة البربر هناك، ثم استعان بهم [[عبد الملك بن قطن الفهري]] والي الأندلس عام 122هـ للقضاء على ثورة البربر في شمال الأندلس، واستقروا بها،<ref name="البيان30">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=30}}</ref> وقد كان معظمهم من القيسيين، ودخلوا بعد فترة وجيزة في صراع مع عبد الملك بن قطن واليمانية، وخلعوه وسيطروا على قرطبة، إلى أن وزعهم [[أبو الخطار الكلبي]] على كور الأندلس؛ فأسكنهم [[جيان (مدينة)|جيان]] و[[باجة (البرتغال)|باجة]] و[[أكشونبة]] وبعض نواحي [[تدمير]] و[[شذونة]] و[[الجزيرة الخضراء (إسبانيا)|الجزيرة]] و[[إشبيلية]] و[[لبلة]] و[[رية]] و[[إلبيرة]].<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الأبار ج1| Ref =الحلة السيراء|1985|p=61-62}}</ref> وقد غلبت النزعة القبلية على عرب الأندلس، فشكلوا النواة [[أرستقراطية|الارستقراطية]] و[[برجوازية|البرجوازية]] بالمدن؛<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=19}}</ref> فتقلدوا مراتب الوزارة والكتابة والقضاء والشرطة والحسبة وبيت المال وضرب السكة. أما عامتهم فقد احترفوا الزراعة ونسج الحرير والغزل والنسيج والتجارة فيهما، وبيع العطر والشمع والفاكهة والخضر والخبز.<ref name="شحلان"/>
# '''[[أمازيغ|البربر]]''': كان البربر يمثلون معظم الجيش الفاتح للأندلس مع [[طارق بن زياد]]،<ref name="عذاري6">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=6}}</ref> ونظرًا لقرب مساكنهم من الأندلس، توالت هجراتهم إليها، وذلك بعد أن علموا بنجاح الفتح،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مؤنس| Ref =فجر الأندلس|2002|p=420}}</ref> وخاصة من قبائل [[زناتة (توضيح)|زناتة]].<ref name="شحلان"/> وبعد أن انتهج العامريون سياسة تقريب البربر، والاعتماد عليهم كعماد للجيش بدلًا من العرب والصقالبة، هاجرت جموع كبيرة من البربر إلى الأندلس، خاصة من بطون [[صنهاجة]]، ولعبوا دورًا كبيرًا في فترة الفتنة. وقد اختار البربر النزول في المناطق الجبلية في الأندلس في الجنوب والوسط والغرب، لتقاربها مع طبيعة بلادهم.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مؤنس| Ref =فجر الأندلس|2002|p=429}}</ref> وقد امتهن من سكن المدن منهم الحرف اليدوية والصيد والسقاية والبناء، فيما امتهن سكان البوادي جلب البقر والسمن والزيت والعسل والصوف والدجاج والفواكه والفحم والخشب، وبيعها في المدن.<ref name="شحلان"/>
# '''[[موالي|الموالي]]''' و'''[[صقالبة (الأندلس)|الصقالبة]]''': لعب الموالي دورًا كبيرًا في تأسيس الدولة الأموية في الأندلس، بما قدموه من دعم لعبد الرحمن الداخل عند دخوله الأندلس،<ref name="الداخل"/> وقد أصبح تأثير الموالي مؤثرًا منذ أن دخل ألفا مولى من أصل عشرة آلاف رجل إلى الأندلس في طالعة بلج،<ref name="القوطية40">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن القوطية| Ref =تاريخ افتتاح الأندلس|1989|p=40}}</ref> وقد اعتمد عليهم الأمويون في بداية دولتهم في الأندلس،<ref name="الحلة375">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الأبار ج2| Ref =الحلة السيراء|1985|p=375}}</ref> وظلت أسر منهم تستأثر بالمناصب لدى الأمراء والخلفاء؛ [[بنو جهور|كبني جهور،]] وبني أبي عبدة. أما الصقالبة فهم الخدم، والمماليك الذين جلبهم النخاسون الجرمان واليهود من أسرى حروب [[جرمان|الجرمان]] مع [[سلاف|الصقالبة]]، وباعوهم في الأندلس. وقد كثر عدد الصقالبة أيام الخلافة؛ حيث كانوا يستخدمون كخدم وجنود،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=50-54}}</ref> وصار لهم تأثير كبير، خصوصًا أنهم كانوا في خدمة أصحاب القرار، وقادة الجيوش، وكانت لهم مؤامراتهم داخل القصور؛ كمحاولة فائق وجؤذر كبيري صقالبة قصر الخلافة بعد وفاة الحكم المستنصر بالله لتنحية وليّ عهده [[هشام المؤيد بالله]]، وتولية أخيه المغيرة بن عبد الرحمن الناصر لدين الله، التي نجح الحاجب [[جعفر بن عثمان المصحفي|جعفر المصحفي]] بمعاونة محمد بن أبي عامر في إفشالهم،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=517-518}}</ref> واستخدموا أحيانًا في قمع الثوارت؛ [[وقعة الربض|كثورة أهل الربض]] في عهد الحكم الربضي.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=76-77}}</ref> وإلى جانب الخدمة في القصور، اشتغل الموالي والصقالبة في الحياكة والنسيج، وسبك الحديد، وصنع آلات الحرب، والصباغة والنجارة، وتجارة النعال والجلاليب واللحم، وضرب الطبول، والقيام بالمساجد والأذان، ورصد الوقت، ودفن الموتى وحفر القبور، وحراسة الأسواق ليلًا، وحراسة الفنادق، وحمل السلع من بلد إلى بلد.<ref name="شحلان"/>
# '''[[مستعربون|المستعربون]]''': هم [[مسيحيون|المسيحيون]] الذين بقُوا على دينهم بعد فتح الأندلس، وعاشوا في كنف دولة المسلمين؛ كان المسلمون يسمونهم بعجم الأندلس،<ref name="القوطية31">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن القوطية| Ref =تاريخ افتتاح الأندلس|1989|p=31}}</ref> إلا أنه، ومنذ القرن الحادي عشر الميلادي، أطلق عليهم لقب "المستعربون"، وهو لقب استخدمه مسيحيو الممالك الشمالية، لتمييز هؤلاء المسيحيين الذين تأثروا بالمسلمين ثقافةً ولغةً وأسلوب حياة؛ فكانت لهم طقوسهم الدينية الخاصة، ورجال دين خاصون بهم، بل وكانوا يستخدمون [[اللغة المستعربية|لغة]] خاصة بهم؛<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مؤنس| Ref =فجر الأندلس|2002|p=461}}</ref> ظلت تستخدم كلغة منطوقة حتى القرن الرابع عشر.<ref group="la">[https://www.britannica.com/topic/Mozarabic-language Mozarabic language] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20141018034054/http://www.britannica.com/EBchecked/topic/395442/Mozarabic-language |date=18 أكتوبر 2014}}</ref> وخلال فترة الحكم الأموي، استخدمهم الأمويون في إدارة بعض شؤون البلاد الاقتصادية وتنظيم الدولة. أما عوامهم فقد امتهنوا الزراعة، وتربية الماشية، وقطع الأخشاب، وصناعة الفحم، وصيد الأسماك، وصناعة السفن وآلاتها.<ref name="مولد تلقائيا1">[https://www.attarikh-alarabi.ma/Html/ADAD1partie11.htm#_ftn1 مكونات المجتمع الأندلسي ومكانة أهل الذمة فيه – أحمد شحلان] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160324192913/http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/ADAD1partie11.htm |date=24 مارس 2016}}</ref>
# '''[[مولدون (الأندلس)|المولدون]]''': هم سكان الأندلس الأصليون، الذين اعتنقوا الإسلام، وأبناء العرب والبربر من أمهات إسبانيات.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=41}}</ref> لم يكن هناك فرق بين وضعهم العام ووضع العرب والبربر المسلمين في الأصل،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مؤنس| Ref =فجر الأندلس|2002|p=464}}</ref> بل وبرزت منهم بيوتات كانت لها مكانتها السياسية؛ [[بنو قسي|كبني قسي،]] وبني الطويل في الثغر الأعلى، وكان منهم العلماء؛ كابن القوطية.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=43}}</ref> إلا أن قطاعًا منهم كان له نزعاته العصبية ضد العرب، وكانوا يثورون على سلطة الدولة في فترات ضعفها؛ [[عمر بن حفصون|كابن حفصون،]] و[[عبد الرحمن بن مروان الجليقي|ابن مروان الجليقي]].<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=44}}</ref> وقد امتهنت تلك الطائفة الزراعة والتجارة، واستخدمهم الأمويون في بعض المناصب الإدارية.<ref name="شحلان"/>
# '''[[يهود|اليهود]]''': عاش اليهود في العديد من المدن كقرطبة وإشبيلية ولسيانة وغرناطة وطليطلة وقلعة حماد وسرقسطة وطركونة وطرطوشة. وامتهنوا الخياطة والصباغة والحجامة والدلالة في الأسواق، وصناعة الصابون، وتجارة الحلي والأصواف والكتان وآلات الطرب،<ref name="شحلان"/> وتجارة العبيد والحرير والتوابل.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=48}}</ref>

=== الأدب ===
[[ملف:MonAlhakenII01.jpg|تصغير|250بك|[[الحكم المستنصر بالله]] اهتم بالأدب واقتناء الكتب، حتى احتوت مكتبته على 400 ألف مجلد.]]
لم يقتصر اهتمام الأندلسيين على العلوم الدينية فقط؛ فقد اهتموا بالعديد من ألوان الأدب كالشعر والنثر وعلوم اللغة، والتاريخ وكتب السير والتراجم، وقد برزت أسماء كثيرة في تلك الفنون في عهد الدولة الأموية في الأندلس؛ ففي فن الكتابة الأدبية لمع [[ابن عبد ربه]] وكتابه «[[العقد الفريد]]»، الذي كان بمثابة موسوعة ثقافية تبين أحوال الحضارة الإسلامية في عصره،<ref name="خليل">[https://www.arab-ency.com/?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=7692&m=1 ابن عبد ربه] لؤي خليل الموسوعة العربية {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20171226021226/http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=7692&m=1 |date=26 ديسمبر 2017}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-10-13|bot=JarBot}}</ref> وقد تناول فيه السياسة وفنون الحرب، والنوادر وفضائل العرب، والخطب و[[الحديث النبوي|الحديث]] و[[اللغة العربية|اللغة،]] والتاريخ والشعر وطبائع البشر، وألوان الملابس والطعام.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|بالينثيا| Ref =تاريخ الفكر|1955|p=169-172}}</ref> وبرز أيضًا [[ابن شهيد]]؛ صاحب «رسالة التوابع والزوابع»، ذات الإطار الخيالي الخصب.<ref>[https://www.alitthad.com/paper.php?name=News&file=article&sid=79932 ثقافة وفن: السرد الحلمي في رسالة التوابع والزوابع] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160306005619/http://alitthad.com/paper.php?file=article&name=news&sid=79932 |date=06 مارس 2016}}</ref> وفي فن [[خطابة|الخطابة]] ذي التأثير الديني والسياسي،<ref name="الأندلس">[https://www.alandilus.com/cms/adab.shtml الأدب الأندلسي] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160313215145/http://alandilus.com/cms/adab.shtml |date=13 مارس 2016}}</ref> برع [[المنذر بن سعيد البلوطي|المنذر بن سعيد البلوطي،]] الذي كان لخطبته التي ارتجلها أمام سفارة قيصر بيزنطة إلى الخليفة عبد الرحمن الناصر عام 336هـ، أثرها في ظهوره على الساحة الأندلسية كفقيه وخطيب مفوّه.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=454-455}}</ref> وفي علوم اللغة والنحو، بعد أن دخل جودي بن عثمان الموروري بكتب [[الكسائي]]، اهتم الأندلسيون بعلم النحو،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|بالينثيا| Ref =تاريخ الفكر|1955|p=185}}</ref> كما كان لانتقال [[أبو علي القالي|أبي علي القالي]] من [[العراق]] للأندلس دوره في ذيوع علوم اللغة وأشعار الشرق في الأندلس.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|زكريا عناني| Ref =تاريخ الأدب|1999|p=42}}</ref> وقد ألف الأندلسيون كتبًا في علوم اللغة، بل وخاضوا في مواضيع لم يسبقهم إليها أحد ككتاب «تصاريف الأفعال» [[ابن القوطية|لابن القوطية،]] وهو أول كتاب يتناول الأفعال الثلاثية والرباعية.<ref name="الزركلي">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الزركلي ج6|2002|p=311-312}}</ref>
[[ملف:Mosque of Cristo de la Luz.jpg|تصغير|300بك|يمين|مسجد الباب المردوم في [[طليطلة]] أحد نماذج العمارة الدينية في تلك الحقبة.]]
أما الشعر فقد كان أثر الشرق واضحًا فيه؛ حيث تأثر شعر الأندلس بشعراء الشرق، فظهر أثر شعراء الزهد [[أبو العتاهية|كأبي العتاهية]] على أشعار [[ابن أبي زمنين|ابن أبي زمنين،]] و[[ابن عبد ربه|ابن عبد ربه،]] و[[أبو بكر الزبيدي|أبي بكر الزبيدي،]] وغيرهم، وشعراء الغزل والمديح والفخر وال[[حماسة (شعر)|حماسة]]؛ [[أبو نواس|كأبي نُوَاس،]] و[[أبو تمام|أبي تمَّام،]] و[[ابن الرومي|ابن الرومي،]] و[[أبو الطيب المتنبي|المتنبي]]، و[[عبد الله بن المعتز|ابن المعتز]]؛ فقد ظهر أثرهم جليًّا في شعر [[يحيى الغزال]]، و[[ابن دراج القسطلي|ابن دراج القسطلي،]] و[[ابن هانئ]]. وقد ظل الشعر الأندلسي بلا إبداع، محاكيًا شعرَ الشرق، وغير مصقول،<ref name="إحسان 2">[https://islamport.com/d/3/adb/1/144/802.html إحسان عباس - تاريخ الأدب الأندلسي (عصر سيادة قرطبة) ج2] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160130225337/http://islamport.com/d/3/adb/1/144/802.html |date=30 يناير 2016}}</ref> فقيرًا من الناحية الذهنية التفكيرية، مكبلاً بقيود الجوانب الشكلية الجامدة.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|بالينثيا| Ref =تاريخ الفكر|1955|p=42}}</ref> ولم تتفوق الأندلس على الشرق في ألوان الأدب إلا في فن '''[[توشيح (توضيح)|المُوَشَّحات]]،''' الذي ابتكره مقدم بن معافى القبري،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج7| Ref =نفح الطيب|1968|p=6}}</ref> والذي أصبح بحلول القرن الرابع الهجري أشهر أشكال الأدب في الأندلس، كما أن هذا الفن يعتبر فنًّا أندلسيًّا خالصا،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|زكريا عناني| Ref =تاريخ الأدب|1999|p=167}}</ref> ويعد ابن عبد ربه، و[[عبادة بن ماء السماء|عبادة بن ماء السماء،]] و[[يوسف بن هارون الرمادي|يوسف بن هارون الرمادي،]] أشهرَ مُوَشِّحِي عصر الدولة الأموية في الأندلس.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|زكريا عناني| Ref =تاريخ الأدب|1999|p=169-170}}</ref>

وقد كان للأندلسيين أيضًا إسهاماتهم التاريخية، التي اهتمت بالتأريخ للأندلس منذ الفتح، والتي تطورت من النقل التاريخي، الذي يفيض فيه اللون الأسطوري كتاريخ عيسى بن أحمد الرازي، وتاريخ عبد الملك بن حبيب السلمي، إلى أن انتقل إلى الإحكام والدقة؛ ككتابي «تاريخ افتتاح الأندلس» لابن القوطية، و«تقويم قرطبة» [[عريب بن سعيد القرطبي|لعريب بن سعيد القرطبي]].<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|بالينثيا| Ref =تاريخ الفكر|1955|p=193}}</ref> وقد اهتم الأندلسيون أيضًا بتدوين [[سيرة ذاتية|السير والتراجم،]] التي تناولت تصنيفاتٍ مختلفةً للتراجم؛ ككتاب «تاريخ علماء الأندلس» [[ابن الفرضي|لابن الفرضي،]]<ref name="مولد تلقائيا2">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|الزركلي ج4|2002|p=121}}</ref> وكتاب «قضاة قرطبة» ل[[محمد بن الحارث الخشني|محمد بن حارث الخشني]].<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|بالينثيا| Ref =تاريخ الفكر|1955|p=266}}</ref>

ولم يكن الأمراء والخلفاء بعيدين عن هذا الجو الأدبي؛ فإنَّ الأمير عبد الرحمن بن الحكم، الذي كان شغوفًا بجمع الكتب، قد اهتم بنقل الثقافة من المشرق إلى قرطبة؛ فأرسل شاعره ووزيره [[عباس بن ناصح الجزيري]] إلى المشرق، للبحث عن الكتب القيمة واستنساخها، وهي النواة التي تكونت منها بعد ذلك مكتبةُ قرطبة،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=281-282}}</ref> وقد شاركه في هذه الهواية الخليفة عبد الرحمن الناصر،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=462}}</ref> وابنه [[الحكم المستنصر بالله]]؛ فقد وصل عدد الكتب في مكتبته إلى 400,000 كتاب،<ref name="المقري395"/> بل واهتم الحكم أيضًا باستجلاب العلماء ورواة [[الحديث النبوي|الحديث]] من الأقطار، وكان يحضر مجالسهم ويروي عنهم.<ref name="الحلة201">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الأبار ج1| Ref =الحلة السيراء|1985|p=201}}</ref> ولم يقتصر دور [[أمويو الأندلس|أمويي الأندلس]] على رعاية الأدب؛ فقد أدلى أفراد منهم بدلائهم في هذا الفن، فكان منهم الشعراء؛ كيعقوب وبشر ابني الأمير عبد الرحمن بن الحكم،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الأبار ج1| Ref =الحلة السيراء|1985|p=124-126}}</ref> وأبي عبد الملك مروان بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن الناصر المعروف بالطليق، الذي قال عنه ابن حزم: {{اقتباس مضمن|أبو عبد الملك هذا في بني أمية [[عبد الله بن المعتز|كابن المعتز]] في بني العباس، مَلَاحة شعر وحُسن تشبيه.}}<ref name="الحلة221">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الأبار ج1| Ref =الحلة السيراء|1985|p=221}}</ref>، وكان منهم اللغويون؛ كالمنذر بن عبد الرحمن، وهو من نسل المنذر بن عبد الرحمن الداخل، الذي وصفه ابن حزم بأنه كان إمامًا في [[علم النحو]]،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن حزم1| Ref =جمهرة أنساب العرب|1982|p=95}}</ref> وعبد العزيز بن الحكم بن أحمد بن الأمير محمد بن عبد الرحمن، الذي كان عالمًا بالنحو وغريب اللغة.<ref name="الفرضي279">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الفرضي ج1| Ref =تاريخ علماء الأندلس|1966|p=279}}</ref> وكان منهم أيضا المؤرخون؛ كمعاوية بن هشام بن محمد، المعروف بابن الشبانسي، الذي كان له كتابان؛ أحدهما في نسب [[علي بن أبي طالب|العلويين،]] والآخر في أخبار الدولة الأموية في الأندلس،<ref name="المقتبس262">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن حيان القرطبي| Ref =المقتبس من أنباء أهل الأندلس|1994|p=262}}</ref> وكذلك عبد الله بن عبد الرحمن الناصر لدين الله، الذي كان له كتاب «العليل والقتيل في أخبار ولد [[العباس بن عبد المطلب|العباس]]».<ref name="الحلة206">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن الأبار ج1| Ref =الحلة السيراء|1985|p=206}}</ref>

=== العمارة ===
[[ملف:Salon Rico 1.jpg|300بك|تصغير|يمين|جزء من قاعة احتفالية في مدينة الزهراء بنيت في عهد عبد الرحمن الناصر لدين الله.]]
{{تاريخ الأندلس}}
اهتم الأمويون بالعمارة في الأندلس؛ فبنوا [[قلعة|القصبات]] و[[حصن|الحصون]]، والأسوار والأبواب، وأسسوا المدن. كما اهتموا ببناء المساجد والقصور، والحمامات والقباب، والقناطر المائية التي زينوها بالزخارف والنقوش. وقد استفاد الأندلسيون مما حملوه معهم من فن [[عمارة إسلامية|العمارة الإسلامية]] من الشرق، ومزجوه مع ما وجدوه في الأندلس من [[عمارة رومانية]] و[[عمارة قوطية|قوطية]]، فأنتجوا خليطًا متميزًا ميّز فن العمارة الأندلسي، وجعله فنًّا مستقلًّا، له خصائصه التي تميزه.<ref name="ظهر302">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|أمين ج3| Ref =ظهر الإسلام|2009|p=302}}</ref> ورغم مرور نحو ألف عام، منذ سقوط الدولة الأموية في الأندلس، مازال هناك العديد من الآثار الخالدة، التي تشهد على عظمة فن العمارة الأندلسي في عصر الدولة الأموية في الأندلس. ويعد [[كاتدرائية قرطبة وجامعها|الجامع الكبير في قرطبة]] دُرّة العمارة الدينية في عهد الدولة الأموية في الأندلس؛ فما زال خالدًا ليشهد على عظمة الفن الأندلسي في تلك الفترة. هذا الجامع أنشأه عبد الرحمن الداخل سنة 170هـ/ 786م محل كنيسة [[قوط غربيون|قوطية]]، وأراده عبد الرحمن الداخل أن يكون أعظم مساجد الأندلس وأفخمها؛<ref name="عنان20">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان الآثار الأندلسية| Ref =الآثار الأندلسية|1997|p=20}}</ref> فأنفق الداخل 80 ألف دينار على بنائه، واشترى أرضًا من مسيحيي قرطبة بمئة ألف دينار ليضمها إلى الجامع، إلا أنه مات قبل أن يكتمل بناؤه؛ فقد اكتمل بناؤه في عهد ابنه هشام الرضا.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج1| Ref =نفح الطيب|1968|p=545-546}}</ref> وقد تمت توسعة الجامع عدة مرات؛ أولاها في عهد عبد الرحمن الأوسط، وقد تمت هذه التوسعة في عهد ابنه محمد بن عبد الرحمن.<ref name="القوطية88">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن القوطية| Ref =تاريخ افتتاح الأندلس|1989|p=88}}</ref> كما قام الأمير المنذر بن محمد بترميم ما وهَى من بنائه،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج1| Ref =نفح الطيب|1968|p=561}}</ref> وأضاف الحكم المستنصر بالله إليه زيادة، لما ضاق المسجد بأهل قرطبة في عهده،<ref name="عذاري234">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=234}}</ref> وكذلك فعل محمد بن أبي عامر،<ref name="عذاري287">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=287}}</ref> حتى بلغ عدد سواريه 1,417 سارية، وثُرَيَّاتُه 280 ثُريّة، وأبوابه 21 بابًا.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج1| Ref =نفح الطيب|1968|p=549-550}}</ref> وبلغ طوله 180م، وعرضه 135م، بارتفاع 12م.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان الآثار الأندلسية| Ref =الآثار الأندلسية|1997|p=22}}</ref> وقد استُوحِيَ بناء هذا الجامع من تصميم [[الجامع الأموي (دمشق)|الجامع الأموي في دمشق]]،<ref group="la">The Literature of Al-Andalus (The Cambridge History of Arabic Literature). New Ed ed. New York: Cambridge University Press, 161.</ref> وكان يربطه بقصر الخلافة ممرُّ مسقوفٌ، لوصول الأمير إلى الجامع مباشرة بعيدًا عن أعين العامة.<ref name="عنان20"/> وقد أضيف الجامع إلى [[موقع تراث عالمي|مواقع التراث العالمي]] عام 1984م.<ref>[https://whc.unesco.org/en/list/313 Historic Centre of Cordoba] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170914004448/http://whc.unesco.org/en/list/313 |date=14 سبتمبر 2017}}</ref> ومن آثار العمارة الدينية أيضًا؛ مسجد [[إشبيلية]] الذي بني في عهد عبد الرحمن بن الحكم، عام 214هـ/ 830م.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان الآثار الأندلسية| Ref =الآثار الأندلسية|1997|p=47}}</ref>

وقد تعرض هذا المسجد لبعض الأضرار، نتيجة غزو النورمان لإشبيلية عام 230هـ/ 844م، كما تأثر بزلزال عام 472هـ/ 1079م، وبعد سقوط المدينة في يد الإسبان عام 1246م، تم تحويله إلى كنيسة، وفي عام 1671م تم هدمه وبناء كنيسة جديدة في مكانه، ولم يبق منه إلا أجزاءٌ من صحن المسجد ومئذنته،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=219}}</ref> وباب المسجد الرئيسي، الذي يبلغ طوله 10 أمتار، وعرضه 5 أمتار، ويعرف الآن بباب الغفران {{إسبانية|Puerta del Perdón}}.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان الآثار الأندلسية| Ref =الآثار الأندلسية|1997|p=49}}</ref> ومن الآثار المعمارية الباقية أيضًا [[مسجد باب المردوم]] [[طليطلة|بطليطلة،]] الذي بناه قاضي طليطلة أحمد بن حديدي عام 390هـ/ 999م، وقد تحول المسجد أيضًا إلى كنيسة «Cristo de la Luz»،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان الآثار الأندلسية| Ref =الآثار الأندلسية|1997|p=88-89}}</ref> وذلك بعد أن استولى ألفونسو السادس ملك قشتالة على المدينة عام 1085م.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=221}}</ref> وكذلك أجزاءٌ من المسجد الجامع في مدينة الزهراء، الذي بناه عبد الرحمن الناصر لدين الله عام 329هـ/ 941م، والذي لاتزال أطلاله باقية إلى الآن.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان الآثار الأندلسية| Ref =الآثار الأندلسية|1997|p=36}}</ref><ref group="la">Barrucand, Marianne & Bednorz, Achim, ''Moorish Architecture in Andalusia'', Taschen, 2002, p. 61</ref>

وكما اهتم الأمويون بالعمارة الدينية، اهتموا أيضًا بالعمارة المدنية؛ فقد اعتنوا ببناء القصور، كقصور [[قصر قرطبة|الخلافة]] والرصافة والمؤنس في قرطبة،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|السيد سالم| Ref =دراسات في التراث|1977|p=96}}</ref> وشيّدوا المدن لتكون مراكز للحكم والإدارة؛ [[الزهراء (مدينة)|كالزهراء]] التي أسسها عبد الرحمن الناصر لدين الله عام 325هـ/ 936م، و'''الزاهرة''' التي بناها محمد بن أبي عامر عام 368هـ/ 978م<ref name="عذاري298">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=298}}</ref> و[[مرسية]] التي بناها عبد الرحمن بن الحكم، لتكون قاعدة لكورة [[تدمير]].<ref name="عذاري82">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=82}}</ref> وقد بلغت الزهراء، التي كانت مقرًّا لحكم الأمويين لأربعين عامًا في عهدي عبد الرحمن الناصر لدين الله وابنه الحكم المستنصر بالله، شأوًا عظيمًا؛ فضمت الزهراء قاعاتِ احتفالٍ ومساجدَ، ودورًا حكوميةً، وحدائق ودارًا لسك العملة، وورشًا للعمال، وثكناتٍ ومساكنَ للجند وحماماتٍ، كما تم إمدادها بالمياه عبر قنوات.<ref group="la">{{استشهاد بكتاب|الأخير=Ruggles|الأول=D. Fairchild|عنوان=Islamic Gardens and Landscapes|مسار= https://archive.org/details/islamicgardensla0000rugg|ناشر=University of Pennsylvania Press|سنة=2008|صفحات=[https://archive.org/details/islamicgardensla0000rugg/page/152 152]–153|ردمك=0812240251|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20220531010719/https://archive.org/details/islamicgardensla0000rugg|تاريخ أرشيف=2022-05-31}}</ref> وقد امتدت العمارة في مباني قرطبة والزهراء والزاهرة حتى اتصلت، فكان يُمشى فيها لعشرة أميال على ضوء السُرُج.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج3| Ref =نفح الطيب|1968|p=216}}</ref>

=== الموسيقى ===
كان فن الغناء في الأندلس في بداية عهد الدولة الأموية محصورًا في لونين، إما على نسق الغناء الشعبي الذي كان منتشرًا قبل الفتح الإسلامي، وإما على نهج الحداء العربي الذي نقله العرب الداخلون إلى الأندلس،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=268}}</ref> ثم انتشر الغناء في الأندلس وتنوع بعد دخول المغنِّين المشرقيين بألوان الغناء المختلفة، التي كانت منتشرة في [[العراق]] و[[الحجاز]]؛<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=267}}</ref> كزرقون وعلون في عهد الحكم الربضي،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج3| Ref =نفح الطيب|1968|p=130}}</ref> و[[زرياب]] في عهد عبد الرحمن الأوسط،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج3| Ref =نفح الطيب|1968|p=}}</ref> وهو الأمير الذي كان مولعًا بالغناء،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج1| Ref =نفح الطيب|1968|p=350}}</ref> حتى إنه كان يبعث إلى المشرق من يشتري له الجواري اللاتي اشتهرن بالغناء، بل وخصص لهن مكانًا في قصره عُرف [[دار المدنيات|بدار المدنيات]].<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج3| Ref =نفح الطيب|1968|p=140}}</ref>

نجح زرياب في توظيف فنه ليتواءم مع الأشعار والموشحات والأزجال الأندلسية،<ref group="la">{{استشهاد|عنوان=The Literature of Al-Andalus|مؤلف=Menocal, María Rosa, Raymond P. Scheindlin, Michael Anthony Sells (eds.)|ناشر=Cambridge University Press|سنة=2000}}</ref><ref group="la">Salma Khadra Jayyusi and Manuela Marin (1994), ''The Legacy of Muslim Spain'', p. 117, Brill Publishers, ISBN 90-04-09599-3</ref> كما كان لإدخاله وترًا خامسًا على [[عود (توضيح)|العود]]،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=275}}</ref> دوره في نشأة [[قيثارة|الغيتار]] الإسباني.<ref group="la">{{استشهاد|الأخير=van Sertima|الأول=Ivan|مؤلف-وصلة=|سنة=1992|عنوان=The Golden Age of the Moor|صفحة=[https://archive.org/details/goldenageofmoor00vans/page/17 17]|ناشر=Transaction Publishers|isbn=1560005815|مسار=https://archive.org/details/goldenageofmoor00vans/page/17| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200120115928/https://archive.org/details/goldenageofmoor00vans/page/17 | تاريخ أرشيف = 20 يناير 2020}}</ref> كما لعبت موسيقى الأندلس دورًا في نقل الآلات الموسيقية الشرقية للغرب؛ [[كمان|كالكمان]] الذي تطور من [[ربابة|الربابة]]، ويظهر ذلك من المصطلحات الموسيقية ذات الأصول العربية، التي اكتسبتها الموسيقى الغربية؛ ككلمات «adufe» من [[دف|الدف]]، «alboka» من [[بوق|البوق]]، «anafil» من [[نفير|النفير]]، «atabal» من [[طبلة|الطبل]]، «atambal» من الطنبل.<ref group="la">{{Harvard citation|Farmer|1978|p=137}}</ref>

== العلوم ==
[[ملف:Al-Zahrawi Portrait.jpg|160بك|تصغير|أبو القاسم الزهراوي أحد أبرز علماء تلك الحقبة.]]
كان اهتمام الأندلسيين [[فلسفة|بالفلسفة]] في عهد الدولة الأموية في الأندلس ضعيفًا، لما كانوا عليه من ميل ديني للمذاهب الفقهية التي تعتمد على النصوص، بل وكانوا يرمون من يشتغل بالفلسفة [[زندقة|بالزندقة]].<ref name="ظهر302"/> ورغم هذا الجو القاتل لهذا العلم ظهر في هذا العهد واحدٌ من الفلاسفة اللامعين؛ [[ابن مسرة]]، الذي رحل إلى المشرق، واختلط بالمشتغلين بالفلسفة في الشرق وتأثر بهم، وعاد إلى الأندلس ناشرًا فكره، لكنه لم يسلم من اتهام الفقهاء له ولأتباعه بالزندقة، مما دفع الخليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله لملاحقة أتباعه للقضاء على مذهبه.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|عنان دولة الإسلام ج1| Ref =دولة الإسلام|1997|p=432-433}}</ref> ورغم ذلك، لم يمنع هذا التضييق على الفلسفة والفلاسفة الخليفةَ الحكم المستنصر بالله، الشغوف باقتناء الكتب، أن يجمع عددًا من كتب الفلسفة في مكتبته،<ref name="البشري309">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|البشري| Ref =الحياة العلمية|1997|p=309}}</ref> وعلى الرغم من ذلك، وما إن استقر الأمر للحاجب المنصور، استخرجها وأحرق بعضها وأتلف البعض، ليكتسب بذلك تقدير العلماء والعامة من المتدينين.<ref name="عذاري292">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=292}}</ref>

وأما الطب فكان أكثرَ العلوم المدنية التي أولاها الأندلسيون اهتمامهم؛ فاشتغلوا أولًا بدراسة الكتب القديمة، [[المقالات الخمس|ككتاب ديسقوريدوس،]] الذي تداول منه الأندلسيون نسخًا بترجمة [[اصطفن بن بسيل|أسطفان بن باسيل]] المشرقية، ثم أهديت منه نسخة [[اللغة اليونانية|باليونانية]] للخليفة الناصر، فأعيد ترجمتها في قرطبة، وتم تعريب ما صعب على المشرقيين ترجمته من أسماء النباتات التي ورد ذكرها باسمها اليوناني في ترجمة ابن باسيل. ولم يتوقف الأندلسيون عند ذلك، بل كانت لهم تعليقاتهم على تلك الكتب القديمة؛ كتعليقات [[ابن جلجل]] على كتب ديسقوريدوس،<ref name="أصيبعة">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن أبي أصيبعة ج2| Ref =عيون الأنباء|1882|p=47-48}}</ref> وتعليقات [[الزهراوي]] على كتب القدماء ومعارضاته لبعض آرائهم.<ref group="la">Abū Al-Qāsim Khalaf Ibn ʾabbās Al-Zahrāwī. Albucasis on Surgery and Instruments. Berkeley: University of California Press, 1973. (10, 14 & 90)</ref> وقد تجاوزت شهرة الأطباء الأندلسيين الحدود في زمانهم؛ فكانت الملوك تفد إلى قرطبة لتستطبّ على أيدي أطباء الأندلس.<ref name="البشري353">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|البشري| Ref =الحياة العلمية|1997|p=353}}</ref> ولم تقتصر شهرة أطباء الأندلس على زمانهم فقط؛ فقد ظل كتاب [[التصريف لمن عجز عن التأليف]] [[الزهراوي|لأبي القاسم الزهراوي]] الملقّب ب: (أبو الجراحة الحديثة)،<ref group="la">{{استشهاد|الأخير=Ahmad|الأول=Z. (St Thomas' Hospital)|عنوان=Al-Zahrawi - The Father of Surgery|صحيفة=ANZ Journal of Surgery|سنة=2007|المجلد=77|العدد=Suppl. 1|doi=10.1111/j.1445-2197.2007.04130_8.x|صفحات=A83}}</ref> الذي ضم وصفًا ورسومًا لمائتي جهاز جراحي اخترعهم الزهراوي،<ref group="la">{{استشهاد بكتاب|الأخير=Holmes-Walker|الأول=Anthony|عنوان=Life-enhancing plastics : plastics and other materials in medical applications|سنة=2004|ناشر=Imperial College Press|مكان=London|ردمك=1-86094-462-0|صفحة=176}}</ref><ref group="la">Khaled al-Hadidi (1978), "The Role of Muslem Scholars in Oto-rhino-Laryngology", ''The Egyptian Journal of O.R.L.'' '''4''' (1), p. 1-15. (cf. [https://muslimheritage.com/topics/default.cfm?ArticleID=674 Ear, Nose and Throat Medical Practice in Muslim Heritage], Foundation for Science Technology and Civilization.) {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20131029203142/http://muslimheritage.com/topics/default.cfm?ArticleID=674 |date=29 أكتوبر 2013}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-08-02|bot=JarBot}}</ref> يستخدم كمرجع أساسي في [[جراحة|الجراحة]] في [[أوروبا]] [[العصور الوسطى]]،<ref group="la">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|مظهر|2002|p=80}}</ref> كما ترجم [[ألبيرتوس ماغنوس]] بعض أعمال ابن جلجل إلى الغرب.<ref group="la">{{استشهاد بموسوعة | الأخير = Vernet | الأول = J. | عنوان= Ibn Juljul, Sulaymān Ibn Ḥasan |  موسوعة = Complete Dictionary of Scientific Biography | ناشر = Encyclopedia.com | سنة النشر الأصلية=1970-80 | سنة = 2008| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20160304103708/http://www.encyclopedia.com/doc/1G2-2830902231.html|مسار=https://www.encyclopedia.com/science/dictionaries-thesauruses-pictures-and-press-releases/ibn-juljul-sulayman-ibn-h| تاريخ أرشيف = 4 مارس 2016}}</ref>

وفي علمَي الرياضيات والفلك، درس الأندلسيون علم الفلك، ونبغ منهم في هذا المجال أيضًا [[مسلمة المجريطي|مسلمة المجريطي،]] الذي اهتم بدراسة كتب [[بطليموس|بطليموس،]] وحسّن ترجمة [[المجسطي]]، وطوّر جداول [[محمد بن موسى الخوارزمي|الخوارزمي]] الفلكية، وقدّم تقنيَّات في علمي [[مساحة (علم)|المساحة]] و[[تثليث (تقنية)|التثليث،]]<ref group="la">{{استشهاد بكتاب| عنوان = Introduction to the History of Science | الأخير = Sarton | الأول = George |مؤلف-وصلة = جورج سارتون | المجلد = 1(part 2) | صفحات = 668–9 | ناشر = Carnegie Institution of Washington | سنة = 1927}}</ref> إضافة إلى تلميذَيه ابن السمح القرطبي و[[ابن الصفار]]، اللذين ألفا زيجًا فلكيًا.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|البشري| Ref =الحياة العلمية|1997|p=365-366}}</ref> أما الكيمياء، فقد خرج بها الأندلسيون من دائرة [[خيمياء|الخيمياء]] إلى الكيمياء العلم الذي يقوم على المراقبة والتجريب، ولعل أبرز إنجازاتهم في مجال الكيمياء استنباط [[عباس بن فرناس]]، الذي اشتهر بمحاولته للطيران،<ref group="la">{{استشهاد بحلقة |مسار=https://www.uh.edu/engines/epi1910.htm |عنوان='Abbas Ibn Firnas |المؤلفون=John H. Lienhard |سلسلة=The Engines of Our Ingenuity |etwork=NPR |محطة=KUHF-FM Houston |تاريخ=2004 |العدد=1910 |تاريخ الوصول=2009-08-31| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190511073637/http://www.uh.edu/engines/epi1910.htm | تاريخ أرشيف = 11 مايو 2019}}</ref><ref group="la">Lynn Townsend White, Jr. (Spring, 1961). "Eilmer of Malmesbury, an Eleventh Century Aviator: A Case Study of Technological Innovation, Its Context and Tradition", ''Technology and Culture'' '''2''' (2), p. 97-111 [100f.]</ref> والذي استنبط طريقة لكيفية صناعة الزجاج من الأحجار، عن طريق معالجتها كيميائيًّا،<ref group="la">Lynn Townsend White, Jr. (Spring, 1961). "Eilmer of Malmesbury, an Eleventh Century Aviator: A Case Study of Technological Innovation, Its Context and Tradition", ''Technology and Culture'' '''2''' (2), p. 97-111 [100]: {{تصريح|"Ibn Firnas was a polymath: a physician, a rather bad poet, the first to make glass from stones (quartz), a student of music, and inventor of some sort of metronome."}}</ref><ref name="المقري374">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج3| Ref =نفح الطيب|1968|p=374}}</ref> والمجريطي الذي أجرى التجارب على [[أكسيد الزئبق الثنائي]]، ونجح في فصل الذهب عن الفضة.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|البشري| Ref =الحياة العلمية|1997|p=381}}</ref>

== النشاط الاقتصادي ==
[[ملف:Hisham II of Córdoba Dinar 94227.jpg|تصغير|250بك|يمين|دينار ذهبي ضُرب في عهد الخليفة [[هشام المؤيد بالله]] عام 396 هـ.]]
تنوع النشاط الاقتصادي في الأندلس في عهد الدولة الأموية في الأندلس بين زراعة وصناعة وتجارة؛ فقد اهتم المسلمون في عهد الدولة الأموية في الأندلس بالزراعة، فأصلحوا وسائل الري ونظّموها، وبنوا السدود وشقوا القنوات، وأقاموا الجسور والقناطر،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=343}}</ref> واستغلوا المياه المنحدرة من الجبال، وحفروا لها أحواضًا لتجميعها،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=344}}</ref> واستخدموا بعد ذلك [[ناعور|السواقي]] التي كانت تتراوح أقطارها بين 20-30م لرفع الماء منها،<ref name="حتاملة1"/> واستخدموا الثيران في تقليب الأرض وإعدادها للزراعة.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=345}}</ref> وبرعوا أيضًا في تنسيق الحدائق، وأدخلوا إلى أوروبا نباتات لم تكن معروفة لدى الأوروبيين؛ [[أرز|كالأَرُزّ،]] و[[قصب السكر]] و[[زيتون|الزيتون]] و[[مشمش|المشمش]] و[[قطن|القطن]] و[[فستق|الفستق]]. وإلى جانب تلك النباتات زرعوا [[عنب|العنب]] و[[تين شائع|التين]]، و[[رمان|الرمان]] و[[لوز|اللوز]]، و[[جوز|الجوز]] و[[بندق|البندق،]] و[[صنوبر|الصنوبر]] و[[كمثرى|الكمثرى،]] و[[دراق|الدراق]] و[[سفرجل|السفرجل،]] و[[توت (توضيح)|التوت]] و[[تفاح|التفاح،]] و[[نخلة|النخيل]] و[[كتان|الكتان،]] و[[قمح|القمح]] و[[شعير|الشعير]].<ref name="حتاملة1">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|حتاملة| Ref =حتاملة|2000|p=1029-1042}}</ref>

وفي النشاط الصناعي، عرفت الأندلس في تلك الفترة الصناعات الغذائية؛ كتجفيف الحبوب والفواكه،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج1| Ref =نفح الطيب|1968|p=197}} ذكر المقري في حديثه عن [[سرقسطة]] أنه: {{اقتباس مضمن|لا يتسوّس فيها شيء من الطعام ولا يعفن، ويوجد فيها القمح من مئة سنة، والعنب المعلّق من ستة أعوام، والفول والحمص من عشرين سنة.}}</ref> وصناعة [[نبيذ|النبيذ]] ومعاصر الزيتون،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|حتاملة| Ref =حتاملة|2000|p=1044}}</ref> وصناعة المنسوجات والصباغة، والصناعات المعدنية، والزجاج والفخار المُذهب والفسيفساء،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج1| Ref =نفح الطيب|1968|p=201-202}}</ref> والدباغة،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج1| Ref =نفح الطيب|1968|p=159}}</ref> والسجاد<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=350}}</ref> و[[سكر|السكر]] والورق والتحف المعدنية.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=354-356}}</ref> وقد اشتهرت الأندلس أيضًا بصناعة الملابس من الكتان والحرير، والتي كانت تصل إلى مصر ومكة و[[اليمن]].<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|حتاملة| Ref =حتاملة|2000|p=1045}}</ref> كما استخرج الأندلسيون الحديد،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|المقري ج1| Ref =نفح الطيب|1968|p=162}}</ref> والذهب والفضة، والرصاص والزئبق، كما استخدموا الرخام بألوانه المتعددة.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|حتاملة| Ref =حتاملة|2000|p=1047-1050}}</ref>

أما التجارة، فقد راجت التجارة الداخلية والخارجية في الأندلس لسيطرتهم على الحوض الغربي للبحر المتوسط؛ فكانت موانئ الأندلس تعج بالنشاط والحركة، وقد ذكر [[ابن حوقل]] أن بعض المنتجات الأندلسية كالملابس المطرزة والأصواف والأصبغ والحرير والورق والملابس الكتانية والتين المجفف والخزف المُذهب والأسلحة، كانت تصدر إلى مصر و[[خراسان (توضيح)|خراسان]] وغيرهما،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=360}}</ref> كما كان للدينار القرطبي قوته الاقتصادية في كل الأندلس، وبعض بلدان أوروبا، منذ أمر عبد الرحمن الداخل بسكّه؛ فكانت المبادلات التجارية تتم بالدينار العربي، ودينار بيزنطة، ودينار [[بلاد الغال|غالة]] الذي سكّه [[شارلمان]]؛<ref name="بشتاوي">[https://www.creativityinwriting.com/arabic/research8.htm صنعة الكلام - اقتصاد الأندلس: الزراعة والصناعة والتجارة - عادل بشتاوي] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20131016093410/http://www.creativityinwriting.com/arabic/research8.htm |date=16 أكتوبر 2013}}</ref> بل ظلت الممالك المسيحية في الشمال تتعامل بالنقود العربية والفرنسية لفترة طويلة من الزمن.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=362}}</ref> لقد تنوعت مصادر دخل الدولة الأموية في الأندلس من الزراعة والصناعة، والتجارة والموارد الطبيعية، إضافة إلى ما كانت تفرضه الدولة من [[خراج (ضريبة)|خراج]] على الأراضي، و[[جزية]] على [[أهل الذمة|الذميين]]، وغنائم الحروب، و[[ضريبة|الضرائب]] المفروضة،<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=365}}</ref> والرسوم المفروضة على البضائع التي تمر على موانئ الأندلس.<ref name="يا بيروت2">[https://www.yabeyrouth.com/pages/index2554.htm يا بيروت - الدور الاقتصادي في الأندلس] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20140927102516/http://www.yabeyrouth.com/pages/index2554.htm |date=27 سبتمبر 2014}} {{وصلة مكسورة|تاريخ=2020-08-02|bot=JarBot}}</ref><ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|دويدار| Ref =المجتمع الأندلسي|1994|p=371}}</ref> وقد بلغت الدولة ذروة نشاطها الاقتصادي في عهد الخليفة عبد الرحمن الناصر؛ حيث يلغت جباية الأندلس من الكور والقرى خمسة ملايين وأربعمائة وثمانين ألف [[دينار]]، ومن ضريبة الأسواق سبعمائة وخمسةً وستين ألف دينار، بالإضافة إلى ما كان يدخل خزائن الدولة من أخماس الأغنام.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|ابن عذاري ج2| Ref =البيان المغرب|1980|p=231-232}}</ref>

== شجرة نسب حكام بني أمية في الأندلس ==
{{بنو أمية في الأندلس}}

== انظر أيضًا ==
* [[التسلسل الزمني لتاريخ الأندلس]]
* [[رسالة جورج الثاني إلى خليفة الأندلس]]
* [[ملوك الطوائف]]

== مصادر ==
=== باللغة العربية ===
{{مراجع}}

=== بلغاتٍ أجنبية ===
{{مراجع|مجموعة="la"|2|محاذاة=نعم}}

== مراجع ==
<div class="reflist4" style="height: 300px; overflow: auto; padding:12px">
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|الأول=أبو العباس أحمد بن محمد|الأخير=ابن عذاري|ناشر=دار الثقافة، بيروت|سنة=1980|مؤلف-وصلة=ابن عذاري| ref =البيان}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=رسائل ابن حزم الأندلسي - الجزء الأول والثاني|الأول=علي|الأخير=ابن حزم|ناشر=المؤسسة العربية للدراسات والنشر - تحقيق [[إحسان عباس]]|سنة=1987|مؤلف-وصلة=علي بن حزم الأندلسي| ref =رسائل ابن حزم الأندلسي}}
* {{استشهاد بكتاب|مؤلف= ابن الأثير |مؤلف-وصلة= ابن الأثير الجزري |سنة= 2008 |عنوان= [[الكامل في التاريخ]] |ناشر= دار التوفيقية للطباعة| ref =الكامل}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=أخبار مجموعة في فتح الأندلس|الأول=تحقيق: [[إبراهيم الإبياري]]|الأخير=مؤلف مجهول|ناشر=دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت|سنة=1989|ردمك=977-1876-09-0| ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس}}
* {{استشهاد بكتاب |الأخير=السامرائي|الأول=خليل إبراهيم وآخرون |عنوان= تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس|مسار=https://archive.org/details/tarikhalarabwaha0000unse|سنة=2000 |ناشر=دار الكتاب الجديد المتحدة |ردمك=9959-29-015-8 |ref= تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=الحلة السيراء|الأول=ابن الأبّار|الأخير=القضاعي|ناشر=دار المعارف، القاهرة|سنة=1997|ردمك=977-02-1451-5|مؤلف-وصلة=ابن الأبار القضاعي| ref =الحلة السيراء، الجزء الأول}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=نصوص عن الأندلس من كتاب ترصيع الأخبار وتنويع الآثار، والبستان في غرائب البلدان والمسالك إلى جميع الممالك|الأول=أحمد بن عمر بن أنس|الأخير=العذري|ناشر=منشورات معهد الدراسات الأسلامية في مدريد|سنة=-| ref =نصوص عن الأندلس}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=دولة الفرنجة وعلاقتها بالأمويين في الأندلس حتى أواخر القرن العاشر الميلادي 755م-976م (138هـ-366هـ)|الأول=محمد محمد مرسي|الأخير=الشيخ|ناشر=مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية|سنة=1981| ref =دولة الفرنجة}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=[[نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب]]|الأول=أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد|الأخير=المقري|ناشر=دار صادر، بيروت|سنة=1988|مؤلف-وصلة=أحمد بن محمد المقري| ref =نفح الطيب}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=المسلمون في الأندلس - الجزء الثاني|الأول=رينهارت|الأخير=دوزي|ناشر=الهيئة العامة المصرية للكتاب، القاهرة|سنة=1994|ردمك=977-01-3796-0|مؤلف-وصلة=رينهارت دوزي| ref =دوزي}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|الأول=محمد عبد الله|الأخير=عنان|ناشر=مكتبة الخانجي، القاهرة|سنة=1997|مؤلف-وصلة=محمد عبد الله عنان| ref =دولة الإسلام في الأندلس}} {{ردمك|9775050824}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=نظم حكم الأمويين ورسومهم في الأندلس|الأول=سالم بن عبد الله|الأخير=الخلف|ناشر=الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة|سنة=1997|ردمك=9960-02-310-9| ref =نظم الحكم}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=جمهرة أنساب العرب|الأول=علي|الأخير=ابن حزم|ناشر=دار المعارف، القاهرة|سنة=1982|مؤلف-وصلة=علي بن حزم الأندلسي| ref =جمهرة أنساب العرب}} {{ردمك|9770200722}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=المجتمع الأندلسي في العصر الأموي|الأول=حسن يوسف|الأخير=دويدار|ناشر=مطبعة الحسين الإسلامية، القاهرة|سنة=1994| ref =المجتمع الأندلسي}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=الحياة الاجتماعية في الأندلس وأثرها في الأدب العربي وفي الأدب الأندلسي|الأول=محمد سعيد|الأخير=الدغلي|ناشر=دار أسامة|سنة=1994| ref =الحياة الاجتماعية}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=تاريخ الفكر الأندلسي|الأول=أنخل جونثالث، ترجمة [[حسين مؤنس]]|الأخير=بالنثيا|ناشر=مكتبة الثقافة الدينية|سنة=1955| ref =تاريخ الفكر}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=الصلة|الأول=أبو القاسم خلف بن عبد الملك|الأخير=ابن بشكوال|ناشر=دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت|سنة=1989|ردمك=977-1876-19-8|مؤلف-وصلة=ابن بشكوال| ref =الصلة}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=تاريخ الأدب الأندلسي|الأول=محمد زكريا|الأخير=عناني|ناشر=دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية|سنة=1999|مؤلف-وصلة=محمد زكريا عناني| ref =تاريخ الأدب}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=الأعلام|الأول=خير الدين|الأخير=الزركلي|ناشر=دار العلم للملايين، بيروت|سنة=2002|مؤلف-وصلة=خير الدين الزركلي| ref =الزركلي}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=تاريخ علماء الأندلس|الأول=أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف|الأخير=ابن الفرضي|ناشر=الدار المصرية للتأليف والترجمة|سنة=1966|مؤلف-وصلة=ابن الفرضي| ref =تاريخ علماء الأندلس}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=المقتبس من أنباء أهل الأندلس|الأول=ابن حيان|الأخير=القرطبي|ناشر=وزارة الأوقاف المصرية، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي|سنة=1995|ردمك=977-205-073-0|مؤلف-وصلة=ابن حيان القرطبي| ref =المقتبس من أنباء أهل الأندلس}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=ظهر الإسلام، الجزء الثالث|الأول=أحمد|الأخير=أمين|ناشر=شركة نوابغ الفكر، القاهرة|سنة=2009|ردمك=978-977-6305-62-5|مؤلف-وصلة=أحمد أمين| ref =ظهر الإسلام}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان= الآثار الأندلسية الباقية في إسبانيا والبرتغال|الأول=محمد عبد الله|الأخير=عنان|ناشر=مكتبة الخانجي، القاهرة|سنة=1997|ردمك=977-5046-33-5|مؤلف-وصلة=محمد عبد الله عنان| ref =الآثار الأندلسية}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان= دراسات في التراث|الأول=السيد عبد العزيز|الأخير=سالم|ناشر=عالم الفكر، المجلد الثامن، العدد الأول، وزارة الإعلام، الكويت|سنة=1997| ref =دراسات في التراث}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان= الحياة العلمية في عصر الخلافة في الأندلس|الأول=سعد عبد الله صالح|الأخير=البشري|ناشر=[[معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي]]، جامعة أم القرى، مكة المكرمة|سنة=1997|ردمك=9960-03-014-8| ref =الحياة العلمية}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=عيون الأنباء في طبقات الأطباء|الأول=موفق الدين أبي العباس أحمد بن القاسم السعدي الخزرجي|الأخير=ابن أبي أصيبعة|ناشر=المطبعة الوهابية|سنة=1882|مؤلف-وصلة=ابن أبي أصيبعة| ref =عيون الأنباء}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=الحضارة الإسلامية أساس التقدم العلمي الحديث|الأول=جلال|الأخير=مظهر|ناشر=مركز كتب الشرق الأوسط، القاهرة|سنة=1969| ref =مظهر}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=الأندلس التاريخ والحضارة والمحنة|الأول=محمد عبده|الأخير=حتاملة|ناشر=مطابع الدستور التجارية، عمان، الأردن|سنة=2000| ref =حتاملة}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=المسلمون في المغرب والأندلس|الأول=محمد محمد|الأخير=زيتون|سنة=1990| ref =المسلمون في المغرب والأندلس}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=تاريخ الدولة الأموية في الأندلس – التاريخ السياسي|الأول=عبد المجيد|الأخير=نعنعي|ناشر=دار النهضة العربية، بيروت|سنة=1986}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=المطرب من أشعار أهل المغرب|الأول=أبو الخطاب عمر بن حسن|الأخير=ابن دحية الكلبي|ناشر=دار العلم للجميع، بيروت|مؤلف-وصلة=ابن دحية الكلبي| ref =المطرب من أشعار أهل المغرب}}
* {{استشهاد بكتاب|عنوان=أزهار الرياض في أخبار عياض|الأول=أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد|الأخير=المقري|ناشر=المعهد الخليفي للأبحاث المغربية، بيت المغرب، القاهرة|سنة=1940|مؤلف-وصلة=أحمد بن محمد المقري}}
</div>

== وصلات خارجية ==
{{روابط شقيقة|commons=Caliphate of Córdoba}}
* [https://www.yabeyrouth.com/6619-تاريخ-الدولة-الأندلسية موقع يا بيروت: تاريخ الدولة الأندلسية.] بِقلم: أ.د. [[حسان حلاق]].
* [https://midan.aljazeera.net/intellect/history/2017/8/8/دماء-في-قرطبة-كيف-سقطت-الخلافة-الأموية دماء في قرطبة.. كيف سقطت الخلافة الأموية؟] بِقلم: مُحمَّد شعبان أيُّوب.
* [https://www.turkpress.co/node/56399 تُرك پرس: سُنن الله في سقوط الأندلس]. بِقلم: مُحمَّد عبد العظيم.
{{شريط سفلي الخلفاء الأمويون}}
{{الدول التاريخية الإسلامية}}
{{شجرة خلفاء أمويين}}
{{الممالك الإسبانية}}
{{العصور الوسطى الأوروبية حسب المنطقة}}
{{إمبراطوريات}}
{{مواضيع المغرب}}
{{تاريخ الإسلام}}
{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات|الأندلس|الإسلام|التاريخ الإسلامي|الدولة الأموية}}
{{شريط محتوى متميز|مختارة|النسخة=12321663|التاريخ=2 أبريل 2014}}
{{لا لربط البوابات المعادل}}

[[تصنيف:الدولة الأموية في الأندلس| ]]
[[تصنيف:أمويون]]
[[تصنيف:الدولة الأموية]]
[[تصنيف:الأندلس في القرن 11]]
[[تصنيف:انحلالات القرن 11 في الأندلس]]
[[تصنيف:انحلالات سنة 1031 في أوروبا]]
[[تصنيف:تأسيسات القرن 10 في الأندلس]]
[[تصنيف:تأسيسات سنة 929]]
[[تصنيف:تاريخ قرطبة]]
[[تصنيف:دول إسلامية سابقة في أوروبا]]
[[تصنيف:دول عربية سابقة]]
[[تصنيف:دول وأقاليم انحلت في 1031]]
[[تصنيف:دول وأقاليم أسست في عقد 920]]
[[تصنيف:سقوط الأندلس]]
[[تصنيف:سلالات حاكمة عربية]]
[[تصنيف:سلالات حاكمة مسلمة]]
[[تصنيف:غرب الأندلس]]
[[تصنيف:ممالك عربية]]